الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدَّاخِلِ تشْهَدُ بنِتَاجٍ، أو بشراءٍ، أو غَنِيمةٍ، أو إرْثٍ، أو هِبَةٍ من مالكٍ، أو قَطِيعَةٍ من الإِمَامِ، أو سَببٍ (32) من أسْبَابِ المِلْكِ، ففى أيِّهما تُقَدَّمُ؟ رِوَايتان، ذكَرْنَاهُما. وإن ادَّعَى أحَدُهما أنَّه اشْتَراها من الآخَرِ، قُضِىَ له بها؛ لأنَّ بَيِّنَةَ الابْتِياعِ شَهِدَتْ بأمْرٍ حادِثٍ، خَفِىَ على الْبَيِّنَةِ الأُخْرَى، فَقُدِّمَتْ عليها، كتَقْدِيمِ بَيِّنَةِ الجَرْحِ على بَيِّنَةِ (33) التَّعْدِيلِ.
1936 - مسألة؛ قال: (وَلَوْ كَانَتِ الدَّابَّةُ فِى أَيْديهمَا، فَأَقَامَ أحَدُهُما البَيِّنَةَ أنَّهَا لَهُ، وَأقَامَ الآخرُ الْبَيِّنَةَ أنَّهَا لَهُ، نُتِجَتْ فِى مِلْكِه، سَقَطَتِ الْبَيِّنَتَانِ، وَكَانَا كَمَنْ لا بَيِّنَةَ لَهُمَا، وَكَانَتِ اليَمِينُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ فِى النِّصْفِ المَحْكُومِ لَهُ بِهِ)
وجملتُه أنَّه إِذَا تَنازَعَ رجلانِ فى عَيْنٍ فى أيْدِيِهما، فادَّعَى كُلُّ واحِدٍ منهما أنَّها مِلْكُه دُونَ صَاحِبِه، ولم تكُنْ لهما بَيِّنَةٌ، حلَفَ كُلُّ واحِدٍ منهما لصَاحِبِه، وجُعِلَتْ بينهما نِصْفَيْن. لا نَعْلَمُ فى هذا خِلافًا؛ لأنَّ يَدَ كلِّ واحِدٍ منهما على نِصْفِها، والقَوْلُ قولُ صَاحِبِ اليَدِ مع يَمِينِه. وإِنْ نَكَلَا جَمِيعًا عن اليَمِينِ، فهى بينهما أيضًا؛ لأنَّ كُلَّ واحِدٍ منهما يَسْتَحِقُّ ما فى يَد الآخَرِ بنُكُولِه. وإِنْ نَكَلَ أحَدُهما، وحلَف الآخَرُ، قُضِىَ له بجَمِيعِها؛ لأنَّه يَسْتَحِقُّ ما فى يَده بيَمِينِه، وما فى يَدِ صاحبه، إمَّا بنُكُولِه، وإمَّا بيَمِينِه التى رُدَّتْ عليه عندَ نُكُولِ صَاحِبِه. وإِنْ كانَتْ لأَحَدِهما بَيِّنَةٌ دُونَ الآخَرِ، حُكِمَ له بها. لا نَعْلَمُ فى هذا خِلافًا. وإِنْ أقامَ كُلُّ واحِدٍ منهما بَيِّنَةً، وتَسَاوتَا، تعارَضَتِ البيِّنَتَانِ، وقُسِمَتِ العَيْنُ بينَهما نِصْفيْن. وبهذا قال الشَّافِعِىُّ، وأبو ثَوْرٍ، وأصْحَابُ الرَّأْىِ؛ لما رَوَى أبو موسى، رَضِىَ اللَّه عنه، أَنَّ رَجُلَيْن اخْتَصَما إلى رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم فى بعيرٍ، [فأقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ منهما شَاهِدَيْن، فقَضَى رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم](1) بالبَعيرِ بينهما نِصْفَيْن، رَوَاه أبو دَاود (2). ولأنَّ كُلَّ
(32) فى الأصل: "بسبب".
(33)
سقط من: الأصل، أ، ب.
(1)
سقط من: ب. نقل نظر.
(2)
فى: باب الرجلين يدعيان شيئا وليست بينهما بينة، من كتاب الأقضية. سنن أبى داود 2/ 278.
كما أخرجه النسائى، فى: باب فى من لم تكن له بينة، من كتاب الأقضية. المجتبى 8/ 217. والبيهقى، فى: باب المتداعيين يتنازعان. . .، من كتاب الدعوى والبينات. السنن الكبرى 10/ 254.
واحِدٍ منهما دَاخِلٌ فى نِصْفِ العَيْنِ، خَارِجٌ عن (3) نِصْفِها، فتُقدَّمُ بَيِّنَةُ كلِّ وَاحِدٍ منهما فيما فى يَده عندَ مَنْ يُقَدِّمُ بَيِّنَةَ الدَّاخِلِ، وفيما فى يَد صَاحِبِه عندَ مَنْ يُقَدِّمُ بَيِّنَةِ الخَارِجِ، فيسْتَوِيان على كُلِّ وَاحِدٍ من القَولَيْن. وذَكَرَ أبو الخَطَّاب فيها، رِوَايَةً أُخْرَى، أنَّه يُقْرَعُ بينهما، فمَنْ خرَجَتْ قُرْعَتُه (4)، حلفَ أنَّها له (5)، لا حَقَّ للآخَرِ فيها، وكانتِ العَيْنُ (6) له، كما لو كَانتْ فى يَد غيْرِهما. والأَوَّلُ أصَحُّ؛ للخَبرِ والمَعْنَى. واخْتلَفَتِ الرِّوَايةِ، هل يحْلِفُ كُلُّ واحِدٍ منهما على النِّصْفِ المَحْكُوم له به، أو يكونُ له من غيرِ يَمين؟ فرُوِىَ أنَّه يَحْلِفُ، وهذا (7) الذى (5) ذَكَرَ (8) الْخِرَقِىُّ؛ لأنَّ البَيِّنَتَيْنِ لمَّا لم تَعَارَضَتَا من غيرِ ترْجِيحٍ، وجَبَ إسْقَاطُهما (9)، كالخَبَرَيْن إذا تَعَارَضَا وتَسَاوَيا، وإذا سَقَطَا صارَ المُخْتَلِفَان كمَنْ لا بَيِّنَةَ لهما، ويحْلِفُ كلُّ واحِدٍ منهما على النِّصْفِ المَحْكُومِ له به. وهذا أحَدُ قَوْلَى الشَّافِعِىِّ؛ بِناءً على أَنَّ اليَمِينَ تَجِبُ على الدَّاخِلِ مع بَيِّنَتِه، وكُلُّ واحِدٍ منهما دَاخِلٌ فى نِصْفِها، فيُحْكَمُ له به ببيِّنَتِه، ويحْلِفُ معها، فى أحَدِ القَوليْن. والرِّوَايَةُ الأُخْرَى، أَنَّ العيْنَ تُقْسَمُ بينَهما من غيرِ يَمِينٍ. وهو قَوْلُ مالِكٍ، وأبى حنيفة، وأحدُ قَوْلَى الشَّافِعِىّ. وهو أصَحُّ، للخَبَرِ والمَعْنَى الذى ذَكَرْناه. ولا يَصِحُّ قياسُ هَاتَيْن البَيِّنَتَيْن على الخَبَرَيْن المُتَسَاوِيَيْن؛ لأنَّ كُلَّ بَيِّنَةٍ رَاجِحَةٌ فى نِصْفِ العَيْن، على كُلِّ وَاحِدٍ من القَوْلَيْن. وقد ذَكَرْنا أَنَّ البَيِّنَةَ الرَّاجِحَةَ يُحْكَمُ بها من غيرِ حَاجَةٍ إلى يَمِينٍ. فأمَّا إِنْ شَهِدَتْ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْن بأنَّ العَيْنَ لهذا، وشَهِدَتِ الأُخْرَى بأنَّها (10) لهذا الآخَرِ، نُتِجَتْ فى مِلْكِه، فقد ذَكَرْنَا فى التَّرْجِيحِ بهذا رِوَايَتَيْن؛ إحْداهما، لا تَرْجُحُ به (11). وهو اخْتِيارُ الْخِرَقِىِّ؛
(3) فى الأصل، أ:"فى".
(4)
فى ب: "له القرعة".
(5)
سقط من: أ، ب، م.
(6)
فى م: "اليمين".
(7)
فى أ: "وهو".
(8)
فى م: "ذكره".
(9)
فى م: "إسقاطها".
(10)
فى م: "أنها".
(11)
فى الأصل: "ترجيح".