الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1974 - مسألة؛ قال: (ومَنْ أَنْكَرَ التَّدْبِيرَ، لَمْ يُحْكَمْ عَلَيْهِ إِلَّا بِشَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ، أَوْ شَاهِدٍ ويَمِينِ الْعَبْدِ)
وجملتُه أَنَّ العَبْدَ إذا ادَّعَى على سَيِّدِه أنَّه دَبَّرَه، فدَعْواه صَحِيحةٌ؛ لأَنَّه يَدَّعِى اسْتِحقاقَ العِتْقِ. ويحْتَمِلُ أَنْ لا تَصِحَّ الدَّعْوَى؛ لأنَّ السَّيِّدَ إذا أنْكَرَ التَّدْبِيرَ كان بمَنْزلةِ إنْكارِ الوَصِيَّةِ، وإنكارُ الوَصِيَّةِ رُجُوعٌ عنها، فى أحدِ الوَجْهَيْنِ، فيكونُ إنْكارُ التَّدْبِيرِ رُجُوعًا عنه، والرُّجوعُ عنه يُبْطِلُه، فى [إحْدَى الرِّوايتَين](1)، فتَبْطُلُ الدَّعْوَى. والصَّحِيحُ أَنَّ الدَّعْوَى صَحِيحةٌ؛ لأنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ الرُّجُوعَ عن التَّدْبِيرِ لا يُبْطِلُه، ولو أبْطَلَه، فما ثَبَتَ كَوْنُ الإِنْكارِ رُجُوعًا، ولو ثَبَتَ ذلك، فلا يتَعَيَّنُ الإِنْكارُ جَوابًا للدَّعْوَى، فإنَّه يجوزُ أَنْ يكونَ جَوابُها إقْرارًا. فإذا ثبَت هذا، فإِنَّ السَّيِّدَ إن أقَرَّ، فلا كلامَ، وإِنْ أنْكَر ولم تكُنْ للعبدِ بَيِّنَةٌ، فالقولُ قَولُ المُنْكِرِ مع يَمِينِه؛ لأنَّ الأَصْلَ عَدَمُه، وإن كانت للعبدِ بَيِّنَةٌ، حُكِمَ بها، ويُقْبَلُ فيه شاهِدَان عَدْلان، بلا خِلافٍ. وإن لم يكُنْ له إِلَّا شاهِدٌ واحِدٌ، وقال: أنا أحْلِفُ معه. أو شاهدٌ وامْرأتان، ففيه رِوَايتان؛ إحْداهما، لا يُحْكَمُ به. وهو مذهبُ الشَّافِعىِّ؛ لأنَّ الثَّابتَ به الحُرِّيَّةُ، وكمالُ الأحْكامِ، وهذا ليس بمالٍ، ولا المَقْصُودُ منه المالُ، ويَطَّلِعُ عليه الرِّجالُ فى غالبِ الأحْوالِ، فأشْبَهَ النِّكاحَ والطَّلَاقَ. والثانية، يَثْبُتُ بذلك؛ لأَنَّه لَفْظٌ يَزُولُ به مِلْكُه عن مَمْلُوكِه، فأشْبَهَ البَيْعَ. وهذا أجْوَدُ؛ لأنَّ البَيِّنَةَ إنَّما تُرادُ لإِثْباتِ الحُكْمِ على المَشْهُودِ عليه، وهى (2) فى حَقِّه إزالةُ مِلْكِه عن مالِه، فثَبَتَ بهذا. وإن حَصَلَ به غَرَضٌ آخَرُ للمَشْهودِ له، فلا يَمْنَعُ ذلك مِن ثُبُوتِه بهذه البَيِّنَةِ، ولأنَّ العِتْقَ ممَّا يُتَشَوَّفُ إليه، ويُبْنَى (3) على التَّغْلِيبِ والسِّرايَةِ، فيَنْبَغِى أن يُسَهَّلَ طَرِيقُ (4) إثْباتِه، وإِنْ كان الاختلافُ بينَ العبدِ (5) ووَرَثةِ السَّيِّدِ بعدَ مَوْتِه، فهو كما لو كان الخلافُ مع السَّيِّدِ، إِلَّا أَنَّ الدَّعْوَى صَحِيحةٌ، بغير خلافٍ؛ لأنَّهم لا يَمْلِكُونَ الرُّجُوعَ،
(1) فى ب، م:"أحد الوجهين".
(2)
فى أ، ب:"وهو".
(3)
فى الأصل: "وينبنى".
(4)
فى الأصل: "طرق".
(5)
فى م: "العبيد".
وأيْمانُهم على نَفْىِ العِلْمِ؛ لأنَّ الخلافَ فى فِعْلِ مَوْرُوثِهم، وأيْمانُهُم على نَفْىِ فِعْلِه، وتجبُ اليَمِينُ على كلِّ واحدٍ من الوَرَثةِ، ومَن نَكَلَ منه، عَتَقَ نَصِيبُه، ولم يَسْرِ إلى باقِيه. وكذلك إِنْ أقَرَّ؛ لأنَّ إعْتاقَه بفِعْلِ المَوْرُوثِ، لا بفِعْلِ المُقِرِّ، ولا النَّاكِلِ.
1975 -
مسألة؛ قال: (وَإِذَا دَبَّرَ عَبْدهُ، وَمَاتَ (1)، ولَهُ مَالٌ غَائِبٌ، أَوْ (2) دَيْنٌ فِى ذِمَّةِ مُوسِرٍ أَوْ مُعْسِرٍ، عَتَقَ مِنَ المُدَبَّرِ ثُلُثُهُ، وكُلَّمَا اقْتُضِىَ مِنْ دَيْنِهِ شَىْءٌ، أَوْ حَضَرَ مِنْ مَالِهِ الْغَائِبِ شَىْءٌ، عَتَقَ مِنَ الْمُدَبَّرِ مِقْدَارُ ثُلُثِهِ كذلك، حَتَّى (3) يَعْتِقَ [كُلُّهُ مِنَ الثُّلُثِ](4))
وجملتُه (5) أَنَّ السَّيِّدَ إذا دَبَّرَ عبدَه، ومات، وله مالٌ سِوَاه يَفِى بثُلثَىْ مالِه، إِلَّا أنَّه غائبٌ، أو دَيْنٌ فى ذِمَّةِ إنْسانٍ، لم يَعْتِقْ جميعُ العَبْدِ؛ لجَوازِ أن يَتْلَفَ الغائِبُ، أو يتَعَذّرَ اسْتِيفاءُ الدَّيْنِ، فيكونَ العبدُ جَمِيعَ التَّرِكةِ، وهو شَرِيكُ الوَرَثةِ فيها، له ثُلثُها، ولهم ثُلثاها، فلا يجوزُ أن يَحْصُلَ على جَمِيعِها، ولكِنَّه يَنْجُزُ (6) عِتْقُ ثُلثِه، ويَبْقَى ثُلثاه مَوْقُوفًا (7)؛ لأنَّ ثُلثَه حُرٌّ على كلِّ حالٍ؛ لأنَّ أسْوأَ الأحْوالِ أَنْ لا يَحْصُلَ من سائرِ المالِ شىءٌ، فيكونَ العبدُ جَمِيعَ التَّرِكةِ، فيَعْتِقَ ثُلثُه، كما لو لم يكُنْ له مالٌ سِواهُ، [وكلَّما اقْتُضِىَ](8) من الدَّيْنِ شىءٌ، أو حَضَرَ من الغائبِ شىءٌ، عَتَقَ من المُدَبَّرِ قَدْرُ ثُلثِه، فإذا كانت قِيمَتُه مائةً، وقَدِمَ من (9) الغائِبِ مائةٌ، عَتَقَ ثُلثُه الثانى، فإذا قَدِمَتْ مائةٌ أُخْرَى، عَتَقَ ثُلثُه الباقى. وإن بَقِىَ له دَيْنٌ بعدَ ذلك، أو مالٌ غائبٌ، لم يُؤثِّرْ بَقاؤُة؛ لأنَّ الحاصِلَ من المالِ يُخْرِجُ المُدَبَّرَ كلَّه من
(1) سقط من: الأصل، أ، ب.
(2)
فى ب زيادة: "له".
(3)
فى م: "متى". تحريف.
(4)
فى م: "الثلث حتى كله".
(5)
فى م: "وجملة ذلك".
(6)
فى أ، ب، م:"يتنجز".
(7)
فى م: "موقوفين".
(8)
فى الأصل: "وما أقضى".
(9)
سقط من: الأصل.