الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاضى أنَّه يَجْرِى مَجْرَى (8) ما إذا زَوَّجَ الوَلِيَّانِ فأشْكَلَ الأوَّلُ منهما، فيَقْتَضِى (9) هذا أَنْ يُفْسَخَ البَيْعانِ، كما يُفْسَخ النِّكاحان. وعلى قولِ أبى بكرٍ، لا حاجَةَ إلى الفَسْخِ؛ ولأنَّ النِّكاحَ إنَّما احْتِيجَ إلى فَسْخِه من أجْلِ المَرْأَةِ؛ فإنَّها مَنْكُوحَةٌ نِكاحًا صحيحًا، لواحِدٍ منهما يَقينًا، فلا يزُولُ إِلَّا بفَسْخٍ، وفى مسألتِنا لم يَثْبُتْ تَعَيُّنُ البَيْعِ فى واحِدٍ بعَيْنِه، فلم يَفْتَقِرْ إلى فَسْخٍ.
فصل:
وإذا كاتَبَ عبيدًا له، صَفْقَةً واحِدَةً، بعِوَضٍ واحِدٍ، مثل أَنْ يُكاتِبَ ثلاثةَ أعْبُدٍ له بأَلْفٍ، صَحَّ، فى قولِ أكثرِ أهلِ العلمِ، منهم، عَطاءٌ، وسليمانُ بنُ موسى، وأبو حنيفةَ، ومالِكٌ، والحسنُ بن صالحٍ، وإسْحاقُ. وهو المَنْصوصُ عن الشافِعِىِّ، رَضِىَ اللَّهُ عنه. وقال بعضُ أصحابِه: فيه قولٌ آخَرُ، لا يَصِحُّ، ولأنَّ العَقْدَ مع ثلاثةٍ، كعقودٍ ثلاثةٍ، وعِوَضُ كُلّ منهم مَجْهولٌ، فلم يصِحَّ، كما لو باعَ كُل واحِدٍ منهم لواحِدٍ صَفْقَة واحِدَةً، بعِوَضٍ واحِدٍ. ولَنا، أَنَّ جملةَ العِوَضِ مَعْلُومَةٌ، وإنَّما جُهِلَ تَفْصِيلُه (10)، فلم تَمْنَعْ (11) صِحَّةَ العَقْدِ، كما لو باعَهُم لواحِدٍ. وعلى قولِ مَنْ قال: إنَّ العِوَضَ يكونُ بينَهم على السَّواءِ. فقد عُلِمَ أيضًا تَفْصِيلُ العِوَضِ، وعلى كُلِّ واحِدٍ منهم ثُلثٌ، وكذا يقولُ فيما لو باعَهم لِثلاثةٍ. إذا ثَبَتَ هذا، فإِنَّ كُلَّ واحِدٍ منهم مُكاتَبٌ بحِصَّتِه من الأَلْفِ، ويُقْسَمُ بينَهم على قَدْرِ قِيمَتِهم حينَ العَقْدِ؛ لأَنَّه حينَ المُعاوَضةِ، وزوالِ سُلْطانِ السَّيِّدِ عنهم، فإذا أدَّاهُ، عَتَقَ. هذا (12) قولُ عَطاءٍ، وسليمانَ بن موسى، والحسنِ بنِ صالِحٍ، والشافِعِىِّ، وإسحاقَ. وقال أبو بكرٍ عبدُ العزيز: يَتَوَجَّهُ لأبى عبد اللَّه قَولٌ آخرُ، أَنَّ العِوَضَ بينَهم على عَدَدِ رءُوسِهم، فيَتَساوون فيه؛ لأَنَّه أُضِيفَ إليهم إضافةً واحِدَةً، فكان بينَهم بالسَّوِيَّةِ، كما لو أقرَّ لهم بشىءٍ. ولَنا، أَنَّ هذا عِوَضٌ، فيُقَسَّطُ (13) على المُعَوِّضِ، كما لو اشْتَرَى شِقْصًا وسَيْفًا، وكما لو اشْتَرَى عَبِيدًا. فرَدَّ واحدًا منهم بعَيْبٍ، أو أتْلَفَ
(8) سقط من: الأصل.
(9)
فى الأصل: "فيفضى".
(10)
فى م: "تفصيلها".
(11)
سقط من: ب.
(12)
فى أ، ب:"وهذا".
(13)
فى الأصل: "فيسقط".
أحدَهم، ورَدَّ الآخَرَ. ويُخالِفُ الإِقْرارَ؛ فإنَّه ليس بعِوَضٍ. إذا ثَبَتَ هذا، فأيُّهم أدَّى حِصَّتَه، عَتَقَ. وهذا قولُ الشافِعِىِّ. وقال ابنُ أبى موسى: لا يَعْتِقُ واحدٌ منهم حتى يُؤَدِّىَ جميعَ الكتابةِ. وحُكِىَ ذلك عن أبِى بكرٍ. وهو قولُ مالِكٍ. وحُكِىَ عنه، أنَّه إذا امْتَنَعَ أحَدُهم عن الكَسْبِ (14) مع القُدْرَةِ عليه، أجْبَرَهُ (15) عليه الباقُون. واحْتَجُّوا بأنَّ الكِتابةَ واحِدَةٌ؛ بدليلِ أنَّه لا يَصِحُّ مِن كُلِّ واحِدٍ منهم الكتابةُ بقَدْرِ حِصَّتِه دُونَ الباقِين، ولا يحْصُلُ العِتْقُ إِلَّا بأداءِ جميعِ الكِتابةِ، كما لو كان المُكاتَبُ واحِدًا. وقال أبو حنيفةَ: إِنْ لم يقُلْ لهم السَّيِّدُ: إِنْ أَدَّيْتُم عَتَقْتُم: [فأيُّهم أدَّى حِصَّتَهَ (16)، عَتَقَ. وإِنْ أدَّى جَمِيعَها، عَتَقُوا كُلُّهم، ولم يرْجِعْ على صَاحِبَيْه بشىءٍ. وإِنْ قال لهم: إِنْ أَدَّيْتُم، عَتَقْتُم](17). لم يَعْتِقْ واحِدٌ منهم حتى تُؤَدَّى الكتابةُ كُلُّها، ويكونَ بعضُهم حَمِيلًا عن بعضٍ، ويأخُذُ أيُّهم شاءَ بالمالِ، وأيُّهم أدَّاها عَتَقُوا كُلُّهم، ويَرْجِعُ (18) على صاحِبَيْه بحِصَّتِهما. ولَنا، أنَّه عَقْدُ مُعاوَضَةٍ مع ثلاثةٍ، فيَبْرأُ (19) كُلُّ واحِدٍ منهم بأداءِ حِصَّتِه، كما لو اشْتَرَوْا عبدًا، وكما لو لم يَقُلْ لهم: إِنْ أدَّيْتُم عَتَقْتُم. على قَولِ (20) أبى حنيفةَ، فإِنَّ قَولَه ذلك لا يُؤثِّرُ؛ لأنَّ اسْتِحْقاقَ العِتْقِ بأداءِ العِوَضِ، لا بهذا القَوْلِ، بدَلِيلِ أنَّه يَعْتِقُ (21) بالأداءِ بدونِ هذا القَوْلِ، ولم يَثْبُتْ كَونُ هذا القولِ مانِعًا مِن العِتْقِ، ولا نُسَلِّمُ أَنَّ هذا العَقْدَ كتابةٌ واحِدَةٌ؛ فإِنَّ العَقْدَ مع جماعةٍ عُقودٌ، بدليلِ البَيْعِ، ولا يَصِحُّ القِياسُ على كتابةِ الواحِدِ؛ لأنَّ ما قَدَّرَه فى مُقابَلَةِ عِتْقِه، وههُنا فى مُقابَلَةِ عِتْقِه ما يَخُصُّه، فافْتَرَقا. إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّه إِنْ شَرَطَ عليهم فى العَقْدِ، أَنَّ كُلَّ واحِدٍ منهم ضامِنٌ عن الباقِين، فالشَّرْطُ فاسِدٌ، والعَقْدُ صَحِيحٌ. وقال أبو الخَطَّاب: فى الشَّرطِ رِوايَةٌ أُخْرَى، أنَّه صَحِيحٌ. وخَرَّجَه ابنُ حامِد وَجْهًا، بِناءً على الرِّوايَتَيْن فى ضَمانِ الحُرِّ (22) لمالِ الكتابةِ. وقال الشافِعِىُّ، رَضِىَ اللَّهُ عنه: العَقْدُ
(14) فى ب: "المكسب".
(15)
فى أ، ب، م:"أجبر".
(16)
فى أ: "بحصته".
(17)
سقط من: ب. نقل نظر.
(18)
فى م: "ورجع".
(19)
فى م: "فاعتبر".
(20)
سقط من: الأصل، أ، ب.
(21)
فى ب: "عتق".
(22)
سقط من: ب.