الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَعْيِينَه، كما لو أعْتَقَ الجميعَ فى مَرَضِه ولم يخْرُجُوا من الثُّلثِ، وكما لو أعْتَقَ مُعَيَّنًا ثمَّ نَسِيَه، والطَّلَاقُ كمَسْأَلَتِنا. فأمَّا إِنْ مات المُعْتِقُ ولمْ يُعَيِّن، فالحُكْمُ عندَنا لا يخْتلِفُ، وليس للوَرَثةِ التَّعْيِينُ، بل يُخْرَجُ المُعْتَقُ (7) بالقُرْعةِ. وقد نَصَّ الشافعىُّ على هذا إذا قالوا: لا نَدْرِى أيَّهم أعْتَقَ. وقال أبو حنيفةَ: لهم التَّعْيِينُ؛ لأنَّهم يَقُومُونَ مَقامَ مَوْرُوثِهم. وقد سَبَقَ الكلامُ فى العِتْقِ (8).
فصل
(9): ولو أَعْتَقَ إحْدَى إمائِه، ثمَّ وَطِئَ إحْداهُنَّ، لم يتَعَيَّنِ الرِّقُّ فيها. وبهذا قال أبو حنيفةَ. وقال الشَّافعىُّ: يتَعَيَّنُ الرِّقُّ فيها. لأنَّ الحُرِّيَّةَ عندَه تتَعَيَّنُ بتَعْيينِه، ووَطْؤُه دليلٌ على تَعْيينِه. وقد سَبَقَ الكلامُ على هذا الأَصْلِ. ولأنَّ المُعْتَقةَ واحدةٌ، فلم تتَعَيَّنْ بالوطءِ، كما لو أعْتَقَ واحِدةً ثمَّ نَسِيَها.
فصل: وإِنْ (10) أعْتَقَ واحدًا بعَيْنِه، ونَسِيَه، فقياسُ قولِ أحمدَ، أَنْ يَعْتِقَ أحَدُهم بالقُرْعَةِ. وهذا قولُ اللَّيْثِ. وقال الشَّافعىُّ: يَقِفُ الأَمْرُ حتَّى يَذْكُرَ، فإنْ مات قبلَ أن يتَبَيَّنَ، أقْرَعَ الورَثَةُ (11) بينَهم. وقال ابنُ وَهْبٍ: يَعْتِقُونَ كُلُّهم. وقال مالكٌ: إِنْ أعْتَقَ عَبْدًا له ومات، ولم يُبَيِّنْ (12)، فكانوا ثلاثةً، عَتَقَ منهم بقَدْرِ ثُلثِهِم، وإن كانوا أربعةً، عَتَقَ منهم بقَدْرِ رُبع قِيمَتِهم. وعلى هذا، فيُقْرَعُ بينَهم، فإن خَرَجَتِ القُرْعةُ على مَنْ قِيمَتُه أقَلُّ من الرُّبعِ أُعِيدَتِ القُرْعةُ حتَّى تَكْمُلَ. وقال أصْحابُ الرَّأْىِ: إن قال الشُّهودُ: نَشْهَدُ أَنَّ فُلانًا أَعْتَقَ أحَدَ عَبِيدِه، ولم يُسَمِّ. عَتَقَ ثُلثُ كلِّ واحدٍ منهم، وسَعَى فى باقِيه، أو رُبعُ كلِّ واحدٍ منهم إِنْ كانوا أرْبَعةً، وإن قالوا: نَشْهَدُ أن فُلانًا أعْتَقَ بعضَ عبِيدِه، ونَسِيناه. فشهادَتُهم باطِلَةٌ. ونحوُ هذا قولُ الشَّعْبِىِّ، والأوْزاعِىِّ، ولم يَذْكُرَا ما ذكَرَه أصْحابُ الرَّأْىِ فى الشّهادةِ. ولَنا، أَنَّ مُسْتَحِقَّ العِتْقِ غيرُ مُعَيَّنٍ (13)، فأشْبَهَ ما لو أعْتَقَ جَمِيعَهم فى
(7) فى أ: "العتق".
(8)
فى ب، م:"المعتق".
(9)
سقط من: الأصل.
(10)
فى ب: "ولو". وفى م: "وإذا".
(11)
سقط من: أ.
(12)
فى الأصل: "يتبين".
(13)
فى م: "مبين".
مَرَضِ مَوْتِه، فإنْ أُقْرِعَ بينَهم، فخرَجتِ القُرْعةُ لواحدٍ، ثمَّ قال المُعْتِقُ: ذَكَرْتُ أَنَّ المُعْتَقَ (14) غيرُه. ففيه وَجْهان؛ أحدهما، يُرَدُّ الأوّلُ إلى الرِّقِّ، ويَعْتِقُ الذى عَيَّنَه؛ لأَنَّه تبَيَّنَ له المُعْتَقُ، فَانْعَتَقَ (15) دونَ غيرِه، كما لو لم يُقْرَعْ. والثانى، يَعْتِقانِ معًا. وهو قولُ اللَّيْثِ، ومُقْتَضَى قولِ ابنِ حامدٍ؛ لأنَّ الأَوَّلَ ثَبَتَتِ الحُرِّيَّةُ فيه بالقُرْعةِ، فلا تزولُ، كسائرِ الأحْرارِ، ولأنَّ قولَ المُعْتِقِ: ذكَرْتُ مَنْ كنتُ نَسِيتُه. يتَضَمَّنُ إقْرارًا عليه بحُرِّيَّةِ مَنْ ذكَره، وإقْرارًا على غيرِه، فقُبِلَ إقْرارُه على نَفْسِه، ولم يُقْبَلْ على غيرِه. وأمَّا إذا لم يُقْرَعْ، فإنَّه يُقْبَلُ قولُه، فيَعْتِقُ مَنْ عَيَّنَهَ، ويَرِقُ غيرُه، فإذا قال: أعْتَقْتُ هذا. عَتَقَ، ورَقَّ الباقُونَ، وإن قال: أعْتَقْتُ هذا، لا بل هذا. عَتَقَا (16) جميعًا؛ لأَنَّه أقَرَّ بعِتْقِ الأوَّلِ فلَزِمَه، ثمَّ أقَرَّ بعِتْقِ الثَّانى فلَزِمَه، ولم يُقْبَلْ رُجوعُه عن إقْرارِه الأوَّل. وكذلك الحكمُ فى إقْرارِ الوَارِثِ.
1959 -
مسألة؛ قال: (وَإِذَا مَلَك نِصْفَ عَبْدٍ، فدَبَّرَه أو أَعْتَقَه فِى مَرَضِ مَوْتِهِ، فعَتَقَ (1) بِمَوْتِهِ، وكَانَ ثُلُثُ مَالِهِ يَفِى بقِيمَةِ نِصْفِهِ (2) الَّذِى لِشَرِيكِهِ، أُعْطِىَ، وَكَانَ كُلُّهُ حُرًّا. فِى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. والأُخْرَى، لَا يَعْتِقُ إِلَّا حِصَّتُهُ وإِنْ حَمَلَ ثُلُثُ مَالِهِ (3) قِيمَةَ حِصَّةِ شَرِيكِهِ)
وجملتُه أنَّه إذا مَلَكَ شِقْصًا من عَبْدٍ، فأعْتَقَه فى مَرَضِ موتِه، أو دَبَّرَه، أو وَصَّى بعِتْقِه، ثم مات، ولم يَفِ ثُلثُ مالِه بقِيمَةِ نَصِيب الشَّرِيكِ، لم يَعْتِقْ إِلَّا نَصِيبُه. بلا خِلافٍ نَعْلَمُه بينَ أهلِ العلمِ، إِلَّا قولًا شاذًّا، أو قولَ مَنْ يَرَى السِّعَايةَ؛ وذلك أنَّه ليس له مِنْ مالِه إِلَّا الثُّلثُ الذى اسْتَغْرَقَتْه قِيمةُ الشِّقْصِ (4)، فيَبْقَى مُعْسِرًا، بمَنْزِلةِ مَنْ أعْتَقَ فى صِحَّتِه شِقْصًا
(14) فى الأصل: "العتق".
(15)
سقط من: ب. وفى م: "فعتق".
(16)
فى الأصل، ب، م:"عتق".
(1)
فى أ: "فيعتق". وفى ب: "يعتق".
(2)
فى أ، ب، م:"النصف".
(3)
سقط من: أ.
(4)
فى الأصل: "البعض".