الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فعَتَقَتْ، وكان له ما بَقِىَ من مِيراثِه. وإِنْ لم يَبْقَ شىءٌ، فلا شىءَ له. وإِنْ كانتْ أكثرَ مِن نَصِيبِه، عَتَقَ منها قَدْرُ نَصِيبِه، وبَاقِيها رَقِيقٌ لسائِرِ الوَرَثَةِ، إِلَّا على قولِ مَنْ قال: إنَّه إذا وَرِثَ سَهْمًا ممَّنْ يَعْتِقُ عليه، سَرَى العِتْقُ إلى باقِيه. وإِنْ لم يكُنْ لها وَلَدٌ مِن سَيِّدِها، وَرِثَها ووَرِثَتْه (32)، كسائِرِ رَقِيقِه.
2013 - مسألة؛ قال: (وَإِذَا أَصَابَ الْأَمَةَ، وَهِىَ فِى مِلْكِ غَيْرِهِ، بِنِكَاحٍ، فحَمَلَتْ مِنْهُ، ثمَّ مَلَكَهَا حَامِلًا، عَتَقَ الْجَنِينُ، وكَانَ لَهُ بَيْعُهَا)
وجملتُه أَنَّه إذا تَزَوَّجَ أَمَةَ غيرِه، فأوْلَدَها، أو أحْبَلَها، ثمَّ مَلَكَها بشِرَاءٍ، أو غيرِه، لم تَصِرْ أُمَّ ولدٍ له بذلك، سَواءٌ مَلَكَها حامِلًا فوَلَدَت فى مِلْكِه، أو مَلَكَها بَعْدَ وِلادَتِها. وبهذا قال الشافِعِىُّ، رَضِىَ اللَّهُ عنه؛ لأَنَّها عَلِقَت منه بمَمْلوكٍ، فلم يثْبُتْ لها حكمُ الاسْتِيلادِ، كما لو زَنَى بها، ثمَّ اشْتَراها، ولأَنَّ الأَصْلَ الرِّقُّ، وإنَّما خُولِفَ هذا الأَصْلُ فيما إذا حَمَلَت منه فى مِلْكِه، بقَوْلِ الصَّحابَةِ، رَضِىَ اللَّهُ عنهم، ففيما عَداهُ يَبْقَى على الأَصْلِ. ونَقَلَ القاضى ابن أبى موسى، عن أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أنَّها تصيرُ أُمَّ ولدٍ فى الحالَيْنِ. وهو قولُ الحسنِ، وأبى حنيفةَ؛ لأَنَّها أُمُّ وَلَدِه، وهو مالِكٌ لها، فيثْبُتُ (1) لها حُكْمُ الاسْتِيلادِ، كما لو حَمَلَتْ فى مِلْكِه. ولم أَجِدْ هذه الرِّوايةَ عن أحمدَ، فيما إذا مَلَكَها بعدَ وِلادَتِها، إنَّما نُقِلَ عنه التَّوقّفُ عنها، فى رِوايَةِ مُهَنَّا، فقال: لا أقولُ فيها شيئًا. وصرَّحَ فى رِوَايةِ جَماعَةٍ سِواهُ، بجَوازِ بَيْعِها، فقال: لا أَرَى بَأْسًا أَنْ يَبِيعَها، إنَّما الحسنُ وَحْدَه قال: إنَّها أمُّ ولَدٍ. وقال: أكثرُ ما سَمِعْنا فيه مِن التَّابِعين يقولون: لا تكونُ أُمَّ ولدٍ حتَّى تَلِدَ عندَه وهو يَمْلِكُها. فإنْ كان (2) عَبِيدةُ السَّلْمانِىُّ يقولُ: نَبيعُها. وشُرَيْحٌ، وإبراهيمُ، وعامِرٌ، والشَّعْبِىُّ. وأمَّا إذا مَلَكَها حامِلًا، فظاهِرُ كلامِ أَحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أنَّها تصِيرُ أُمَّ ولدٍ. وهو مذهبُ مالِكٍ، رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ؛ لأنَّها وَلَدَت منه فى مِلْكِه، فأشْبَهَ ما لو أَحْبَلَها فى مِلْكِه، وقد صَرَّحَ أحمدُ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، فى رِوايَةِ إسْحَاقَ بنِ منصورٍ، أنَّها لا
(32) سقط من: م.
(1)
فى ب، م:"فثبت".
(2)
سقط من: م.
تكونُ أُمَّ ولدٍ، حتَّى تُحْدِثَ عندَه حَمْلًا. ورَوَى عنه ابنُه صالحٌ، قال: سألتُ أبى عن الرجلِ يَنْكِحُ الأَمَةَ، فتَلِدُ منه، ثمَّ يَبْتاعُها. قال؛ لا تكونُ أُمَّ ولدٍ له. قُلْتُ: فإِنْ اسْتَبْرَأَهَا، وهى حامِلٌ منه. قال: إذا كان الوَطْءُ يَزِيدُ فى الولدِ، وكان يطَؤُها بعدَ (3) ما اشتَرَاها، وهى حامِلٌ منه (4)، كانتْ أُمَّ ولدٍ له. قال ابنُ حامِد: إِنْ وَطِئَها فى ابْتداءِ حَمْلِها، أو تَوَسُّطِه، [صارتْ له] (5) بذلك أُمَّ ولدٍ له؛ لأَنَّ الماءَ يَزِيدُ فى سَمْعِ الولدِ وبَصَرِه. وقال القاضى: إِنْ مَلَكَها حامِلًا، فلم يَطَأْها حتَّى وَضَعَت، لم تَصِرْ أُمَّ ولدٍ (6)، وإِنْ وَطِئَها حالَ حَمْلِها، نَظَرْنا؛ فإنْ كان بعدَ أَنْ كَمَلَ الولدُ، وصارَ له خَمْسَةُ أَشْهُرٍ، لم تَصِرْ بذلك (7) أُمَّ ولدٍ. وإِنْ (8) وَطِئَها قبل ذلك، صارَتْ له بذلك أُمَّ ولدٍ؛ لأنَّ عمرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، قال: أَبَعْدَما اخْتَلَطَتْ دِماؤُكُم ودماؤُهُنَّ، ولُحومُكُم ولُحومُهنَّ، بعْتُمُوهُن (9)! فعلَّلَ بالمُخالَطَةِ، والمُخالَطَةُ ههُنا حاصِلَةٌ؛ لأنَّ الماءَ يَزيدُ فى الولدِ، ولأنَّ لحُرِّيَّةِ البَعْضِ أثَرًا فى تَحْريرِ الجميعِ، بدليلِ ما إذا أعْتَقَ أحَدُ الشَّرِيكَيْن نَصِيبَه من العبدِ. وقال أبو الخَطَّاب: إِنْ وَطِئَها بعدَ الشِّراءِ، فهى أمُّ ولدٍ. وكلامُ الْخِرَقِىِّ يَقْتَضِى أنَّها لا تكونُ أُمَّ ولدٍ، إِلَّا أَنْ تحْبَلَ منه فى مِلْكِه. وهو الذى نَصَّ عليه أحمدُ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، فى روايةِ إسحاقَ بنِ منصورٍ، فقال: لا تكونُ أُمَّ ولدٍ حَتّى تُحْدِثَ عندَه حَمْلًا؛ لأَنَّها لم تَعْلَقْ منه بحُرٍّ، فلم يثْبُتْ لها حكمُ الاسْتيلادِ، كما لو زَنَى بها ثم اشْتراها. يحقِّقُ هذا، أَنَّ حَمْلَها منه ممَّا أفادَ الحُرِّيَّةَ لولَدِه، فلَأَنْ لا يُفيدَها الحُرِّيَّةَ أوْلَى. ويفارِقُ هذا ما إذا حَمَلَت منه فى مِلْكِه؛ فإِنَّ الولدَ حُرٌّ، فيَتَحَرَّرُ بتَحْرِيرِه. وما ذَكَرُوه مِن زيادَةِ الولدِ بالوَطْءِ، غيرُ مُتَيَقَّنِ؛ فإِنَّ هذا الولدَ يحتملُ أنَّه زادَ، ويَحْتَمِلُ أنَّه لم يَزِدْ، فلا يثْبُتُ الحكمُ بالشَّكِّ، ولو ثَبَتَ أنَّه
(3) فى ب زيادة: "ذلك".
(4)
سقط من: الأصل، ب.
(5)
فى م: "كانت".
(6)
فى م زيادة: "له".
(7)
فى م: "به".
(8)
فى م زيادة: "كان".
(9)
أخرجه عبد الرزاق، فى: باب ما يعتقها السقط، من كتاب الطلاق. المصنف 7/ 296، 297. وسعيد بن منصور، فى: باب ما جاء فى أمهات الأولاد، من كتاب الطلاق. السنن 2/ 61.