‌1939 - مسألة؛ قال: (ولو مات رجل، وخلف ولدين مسلما وكافرا، فادعى المسلم أن أباه مات مسلما، وادعى الكافر أن أباه مات كافرا، فالقول قول الكافر مع يمينه؛ لأن المسلم ب - المغني لابن قدامة - ت التركي - جـ ١٤

ثَبَتَ الإِقْرَارُ، فإنْ حَلَفَ مع شاهِدِه (73) على القضَاءِ، ثَبَتَ، وإِلَّا حَلفَ المُقَرُّ له أنَّه لم يَقْضِه، ويثْبُتُ (74) له الألْفُ. وإِنْ شَهِدَ أحدُهما أنَّ له عليه ألْفًا، وشَهِدَ الآخَرُ أنَّه قَضَاهُ ألفًا، لم (75) تَثْبُتْ عليه الألْفُ؛ لأنَّ شاهِدَ القَضاءِ لم يَشْهَدْ بألْفٍ عليه، وإنَّما تَضَمَّنَتْ شَهادَتُه أنَّها كانت عليه، والشَّهادَةُ لا تُقْبَلُ إلا صَرِيحَةً، بخِلافِ المسْألَةِ الأُولَى؛ فإِنَّ البَيِّنَةَ أثبَتَتْ الألفَ بشهَادَتِها الصَّرِيحةِ بها. ولو ادَّعَى أنَّه أقْرَضَه ألفًا، فقال: لا يَسْتحِقُّ علىَّ شيْئًا. فأقامَ بَيِّنَةً بالقَرْضِ، وأقام المُدَّعَى عليه بَيِّنَةً أنَّه قَضاهُ ألفًا، ولم يُعْرَفِ التَّارِيخُ، بَرِى بالقَضاءِ؛ لأنَّه لم يثْبُتْ عديه إلا ألفٌ وَاحِدٌ، ولا يكونُ القَضاءُ إِلَّا لما عليه، فلهذا جُعِلَ القَضاءُ للألفِ الثَّابتَةِ (76). وإِنْ قال: ما أقرَضْتَنِى (77). ثم أقَامَ بَيَنةً بالقَضاءِ، لم تُقْبَلْ بَيِّنَتُه [فى أنَّه قضَاهُ القَرْضَ](78)؛ لأنَّه بإنْكَارِه القَرْضَ تعَيَّن صَرْفُها إلى قَضاءِ غيرِه. ولو لم يُنْكِرِ القَرْضَ، إِلَّا أَنَّ بَيِّنَةَ القَضاءِ كانت مُؤَرَّخَة بتَارِيخٍ سَابِقٍ على القَرْضِ، لم يجُزْ صَرْفُها إلى قَضَاءِ القَرْضِ؛ لأنَّه لا يُقْضَى القَرْضُ قبلَ وُجُودِه.

‌

‌1939 - مسألة؛ قال: (وَلَوْ مَاتَ رَجُلٌ، وَخَلفَ وَلَدَيْنِ مُسْلِمًا وَكَافِرًا، فَادَّعَى المُسْلِمُ أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ مُسْلِمًا، وَادَّعَى الْكَافِرُ أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ كَافِرًا، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْكَافِرِ مَعَ يَمينِه؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ ب

اعْتِرَافِهِ بأُخُوَّةِ الْكَافِرِ، مُعْتَرِفٌ (1) أَنَّ (2) أَبَاهُ كانَ كَافِرًا، مُدَّعٍ (3) لإِسْلَامِهِ. وَإِنْ لَمْ يَعْتَرِفَ بِأُخُوَّةِ الْكَافِرِ، وَلَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ بِأُخُوَّتِهِ، كَانَ الْمِيْرَاثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ؛ لِتَسَاوِى أيْدِيهِمَا)

وجملتُه أنَّه إذا مات رجلٌ، لا يُعْرَفُ دِينُه، وخَلَّفَ تَركِةً وابْنَيْن، يَعْتَرِفان أنَّه أبُوهما،

أحدُهما مُسْلمٌ، والآخَرُ كَافِرٌ، فادَّعَى كلُّ واحِدٍ منهما أنَّه مات على دِينِه، وأنَّ المِيرَاثَ له دونَ أخِيهِ، فالمِيراثُ للكافِرِ؛ لأنَّ دَعْوَى المُسْلِمِ لا تَخْلُو من أَنْ يَدَّعِىَ كَوْنَ المَيِّتِ مُسْلِمًا أصْلِيًّا، فيجبَ كونُ أوْلَادِه مُسْلِمِين، ويكونَ أخُوهُ الكَافِرُ مُرْتَدًّا، وهذا خِلافُ الظَّاهِرِ، فإِنَّ المُرْتَدَّ لا يُقَرُّ على رِدَّتِه فى دَارِ الإِسْلَامِ. أو يقولَ: إِنَّ إبَاه كان كَافِرًا، فأسْلَمَ قبلَ مَوْتِه. فهو مُعْتَرِفٌ بأنَّ الأصْلَ ما قالَه أخُوهُ، مُدَّعٍ زَوَالَه وانْتِقالَه، والأصْلُ بَقَاءُ ما كان عليه (4) على ما كان، حتى يثْبُتَ زَوَالُه. وهذا معنى قَوْلِ الخِرَقِى: إِنَّ المسْلِمَ باعْتِرَافِه بأخُوَّةِ الكَافِرِ مُعْتَرِفٌ أن أبَاه كان كَافِرًا، مُدَّعٍ (5) لإِسْلَامِه. وذكر ابن أبى موسى، عن أحمدَ، رِوَايَةً أُخْرَى، أنَّهما فى الدَّعْوَى سَواءٌ، فالمِيرَاثُ بينهما نِصْفَيْن، كما لو تَنازَعَ اثْنان عَيْنًا فى أيْدِيهما. ويَحْتَمِلُ أَنْ يكونَ المِيرَاثُ للمُسْلِمِ منهما. وهو قوْلُ أبى حنِيفةَ؛ لأنَّ الدَّارَ دارُ الإِسلامِ، يُحْكَمُ بإسْلامِ لَقِيطِها، ويَثْبُتُ للميِّتِ (6) فيها، إذا لم يُعْرَفْ [أصْلُ دِينِه](7)، حُكْمُ الإِسلامِ؛ فى الصَّلاةِ عليه، ودَفْنِه، وتَكْفِينِه من الوَقْفِ الموْقُوفِ على أكْفَانِ مَوْتَى المسلمين، ولأنَّ هذا حُكْمُه حُكْمُ (8) المسلمين فى تَغْسِيلِه، والصَّلاةِ عليه، ودَفْنِه فى مَقَابِرِ المُسْلِمين، وسائِرِ أحْكَامِه، فكذلك فى مِيراثِه، ولأنَّ الإِسْلامَ يعْلُو ولا يُعْلَى عليه (6)، ويجوزُ أَنْ يكونَ أخُوه الكافِرُ مُرْتدًّا، لم تَثْبُتْ عند الحَاكِمِ رِدَّتُه، ولم يَنْتَهِ إلى الإِمامِ خبرُه، وظُهورُ الإِسلامِ بِناءً على هذا أكثرُ من ظُهورِ الكُفْرِ بِناءً على كُفْرِ أبيهِ، ولهذا جَعَلَ الشَّرْعُ أحْكَامَه أحْكامَ المسلمين، فيما عَدَا المُتَنَازَعَ فيه. وقال القاضى: قياسُ المذهِبِ أنَّا نَنْظُرُ؛ فإنْ كانتِ التَّرِكَةُ فى أيْديهما، قُسِمَتْ بينهما نِصْفَيْن، وإِنْ لم تكُنْ فى أيْدِيهما، قُرِعَ (9) بينهما، فمنْ قَرَعَ صَاحِبَه، حَلَفَ، واسْتَحَقَّ، كما قُلْنا فيما إذا تَدَاعَيا عَيْنًا. ويقْتَضِى كَلامُه، أنَّها إذا كانت فى يَد أحَدِهما، فهى له مع يَمِينِه. وهذا لا يَصْلُحُ (10)؛ لأنَّ كُلَّ واحِدٍ منهما يعْتَرِفُ أَنَّ هذه التّركَةَ تَركِةُ هذا المَيِّتِ، وأنَّه إنّما