الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل:
وإِنْ وَطِئَ الابنُ جارِيَةَ أبيهِ أو أُمِّهِ، فهو زَانٍ، يَلْزَمُه الحَدُّ إذا كان عالمًا بالتَّحْريِم، ولا تَصِيرُ أُمَّ ولَدٍ له، ويَلْزَمُه مَهْرُها، وولدُه يَعْتِقُ على جَدِّه؛ لأَنَّه ابنُ ابْنِه، إذا قُلْنا: إِنَّ ولدَه من الزِّنَى يَعْتِقُ على أبِيه. وتَحْرُمُ الجارِيَةُ على الأبِ على التَّأْبِيدِ. ولا تجِبُ (29) قِيمَتُها على الابنِ، لأنَّه لم يُخْرِجْها عن مِلْكِه، ولم يَمْنَعْه بَيْعَها، ولا التَّصَرَّفَ فيها بغيرِ الاسْتِمتاعِ. فإِنَّ اسْتَوْلَدَها الأبُ بعدَ ذلك، ققد فَعَلَ مُحَرَّمًا، ولا حَدَّ عليه؛ لأَنَّه وطْءٌ صادَفَ مِلْكًا، وتَصِيرُ أُمَّ ولَدٍ له؛ لأَنَّه اسْتَوْلَدَ مَمْلوكَتَه، فأشْبَهَ ما لو وَطِئَ أمَتَه المَرْهُونَةَ.
فصل: وإِنْ زَوَّجَ أمَتَه، ثمَّ وَطِئَها، فقد فَعَلَ مُحَرَّمًا، ولا حَدَّ عليه؛ لأنَّها مَمْلوكَتُه، ويُعَزَّرُ. قال أحمدُ، رَضِىَ اللَّهُ عنه: يُجْلَدُ، ولا يُرْجَمُ. يعنى أنَّه يُعَزَّرُ بالجَلْدِ؛ لأَنَّه لو وَجَبَ [عليه الحَدُّ، لَوَجَبَ](30) الرَّجْمُ إذا كان مُحْصَنًا. فإِن أَوْلَدَها، صارَتْ أُمَّ ولدِه، لأَنَّه اسْتَوْلَدَ مَمْلُوكَتَه، وتَعْتِقُ بمَوْتِه، وولدُه حُرٌّ، وما وَلَدَت بعدَ ذلك من الزَّوْجِ، فحُكْمُه حكمُ أُمِّه.
فصل: ولو مَلَكَ رجُلٌ أُمَّهُ مِن الرَّضاعِ، أو أُخْتَه، أو ابْنَتَه، لم يَحِلَّ له وَطَؤُها. فإنْ وَطِئَها، فلا حَدَّ عليه. فى أَصَحِّ الرِّوايَتَيْن؛ لأنَّها مَمْلوكَتُه، ويُعَزَّرُ. فإِنَّ وَلَدَتْ، فالوَلَدُ حُرٌّ، ونَسَبُه لاحِقٌ به، وهى أُمُّ وَلَدِه. وكذلك لو مَلَكَ أَمَةً مَجُوسِيَّةً، أو وَثَنِيَّةً، فاسْتَوْلَدَها، أو مَلَكَ الكافِرُ أمَةً (31) مُسْلِمَةً فاسْتَوْلَدَها، فلا حَدَّ عليه، ويُعَزَّرُ، ويَلْحَقُه نَسَبُ ولَدِه، وتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ له، تَعْتِقُ بمَوْتِه؛ لما ذَكَرْنا. وكذلك لو وَطِئَ أمَتَه المَرْهُونَةَ، أو وَطِئَ رَبُّ المالِ أَمَةً مِن مالِ المُضارَبَةِ فأوْلَدَها، صارَتْ له بذلك أُمَّ ولدٍ، وخرجتْ من الرَّهْنِ والمُضارَبَةِ، وعليه قِيمَتُها للمُرْتَهِنِ، تُجْعَلُ مَكانَها رَهْنًا، أو تَوْفِيَةً عن دَيْنِ الرَّهْنِ، وتَنْفَسِخُ المُضارَبَةُ فيها. وإِنْ كان فيها ربحٌ، جُعِلَ الرِّبْحُ فى مالِ المُضارَبَةِ. واللَّهُ أعلمُ.
(29) فى م زيادة: "بسبب".
(30)
سقط من: الأصل. نقل نظر.
(31)
سقط من: ب.
2014 -
مسألة؛ قال: (وَإِذَا عَلِقَتْ مِنْهُ بِحُرٍّ فِى مِلْكِهِ، فَوَضَعَتْ بَعْضَ ما يَتَبَيَّنُ (1) فِيهِ خلْقُ الإِنْسانِ، كَانَتْ لَهُ بِذَلِكَ أُمَّ وَلَدٍ)
ذكرَ الْخِرَقِىُّ لمَصِيرِها أُمَّ ولَدٍ شُروطًا ثلاثَةً؛ أحدُها، أَنْ تَعْلَقَ منه بحُرٍّ. فأمَّا إِنْ علِقَتْ منه بمَمْلُوكٍ، ويُتَصَوَّرُ ذلك فى المِلْكِ فى (2) مَوْضِعيَن؛ أحدُهما، فى العبدِ إذا مَلَّكَه سَيِّدُه، وقُلْنا: إنَّه يَمْلِكُ. فإنَّه إذا وَطِئَ أمَتَه واسْتَوْلَدَها، فوَلَدُه مَمْلوكٌ، ولا تَصِيرُ الأمَةُ أُمَّ وَلَدٍ يثْبُتُ لها حكمُ الاسْتيلادِ بذلك، وسَواءٌ أذِنَ له سَيِّدُه فى التَّسَرِّى بها أو لم يَأْذَن له. والثانِى، إذا اسْتَوْلَدَ المُكاتَبُ أَمَتَه، فإِنَّ ولدَه مَمْلوك له، وأمَّا الأمَةُ، فإنَّه لا تَثْبُتُ لها أحكامُ أُمِّ الولدِ فى العِتْقِ بمَوْتِه فى الحالَيْنِ (3)؛ لأَنَّ المُكاتَبَ ليس بحُرٍّ، وولدُه منها ليس بحُرٍّ، فأَوْلَى أَنْ لا تَتَحَرَّرَ هى. ومتى عجَزَ المُكاتَبُ، وعادَ إلى الرِّقِّ، أو ماتَ قبلَ أداءِ كِتابَتِه، فهى أمَةٌ قِنٌّ، كأَمةِ العبدِ القِنِّ. وهل يَمْلِكُ المُكاتَبُ بَيْعَها، والتَّصَرُّفَ فيها؟ فيه اخْتلافٌ، ذكرَ القاضى فى مَوْضِعٍ، أنَّه لا يثْبُتُ فيها شىءٌ من أحْكامِ الاسْتِيلادِ، ولا تَصِيرُ أُمَّ ولدٍ بحالٍ. وهذا أحدُ قَوْلَىِ الشافِعِىِّ؛ لأَنَّها عَلِقَت بمَمْلوكٍ فى مِلْكٍ غيرِ تامٍّ، فلم يثبُتْ لها (4) شىءٌ من أحْكامِ الاسْتِيلادِ، كأَمَةِ العبدِ القِنِّ. وظاهِرُ الذهبِ أنَّها مَوْقُوفَةٌ، لا يَمْلِكُ بَيْعَها، ولا نَقْلَ المِلْكِ فيها، فإنْ عتقَ، صارَتْ له أُمَّ ولدٍ، تَعْتِقُ بمَوْتِه، فيثْبُتُ لها من حُرْمَةِ الاسْتِيلادِ، ما يثبُتُ لوَلَدِها من حُرْمَةِ الحُرِّيَّةِ. وقد نَصَّ أحمدُ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، على مَنْعِ بَيْعِها، ومَفْهومُ كَلامِ الْخِرَقِىِّ، يَحْتَمِلُ الوَجْهَيْن جميعًا. الشرطُ الثانِى، أَنْ تَعْلَقَ منه فى مِلْكِه، سَواءٌ كان [من وَطْءٍ](5) مُباحٍ أم مُحرَّمٍ، مثل الوَطْءِ فى الحَيْضِ، أو النِّفاسِ، أو الصَّوْمِ، أو الإِحْرامِ، أو الظِّهارِ، أو غيرِه. فأمَّا إِنْ علقَتْ منه فى غيرِ مِلْكِه، لم تصِرْ بذلك أُمَّ ولدٍ، سَواءٌ عَلِقَتْ منه بمَمْلُوكٍ، أو غُرَّ من أمَةٍ، وَتَزَوَّجَها على أنَّها حُرَّةٌ فاسْتَوْلَدَها، أو اشْتَرَى جارِيَةً فاسْتَوْلَدَها، فبانَتْ مُسْتَحَقَّةً، فإِنَّ الولدَ حُرٌّ، ولا تَصِيرُ
(1) فى ب، م:"يستبين".
(2)
سقط من: ب، م.
(3)
فى أ، ب، م:"الحال".
(4)
فى الأصل: "بها لهذا".
(5)
فى أ، ب:"بوطء".
الأَمَةُ أُمَّ وَلَدٍ فى هذه المواضِعٍ بحالٍ. وفيه وَجْهٌ آخَرُ، أَنَّه إِنْ مَلَكَها بعدَ ذلك، صارَتْ أُمَّ ولدٍ. وقد ذَكَرْنا (6) الخِلاف فى ذلك، فى المسألةِ التى قبلَ هذه. والمقْصودُ بذكْرِ هذه الشُّروطِ ههُنا، ثُبوتُ الحُكْمِ عندَ اجْتِماعِها، وأمَّا انْتِفاؤُه عندَ انْتِفائِها، فيُذْكَرُ فى مسائِلَ مُفْرَدَةٍ لها. الشرطُ الثالِثُ، أَنْ تَضَعَ ما يَتَبَيَّنُ فيه شىءٌ من خَلْق الإِنْسانِ؛ من رَأْس، أو يَدٍ، أو رِجْلٍ، أو تَخْطيطٍ، سَواءٌ وضَعَتْه حَيًّا أو مَيِّتًا، وسَواءٌ أَسْقَطَتْه، أو كان تامًّا. قال عمرُ بنُ الخَطَّابِ، رَضِىَ اللَّهُ عنه: إذا وَلَدَتِ الأَمَةُ من سَيِّدِها، فقد عَتَقَتْ وإِنْ كان سَقْطًا (7)، وروَى الأَثْرَمُ، بإسْنادِه عن ابنِ عمرَ، أنَّه قال: أعْتَقَها ولدُها، وإِنْ كان (8) سَقْطًا. قال الأَثْرَمُ: قلتُ لأبِى عبدِ اللَّهِ: أُمُّ الولدِ، إذا أسْقَطَتْ، لا تَعْتِقُ؟ فقال: إذا تَبَيَّنَ فيه يَدٌ، أو رِجْلٌ، أو شىءٌ من خَلْقِه، فقد عَتَقَتْ. وهذا قولُ الحسنِ، والشافِعِىِّ. وقال الشَّعْبِىُّ: إذا تَلَبَّثَ (9) فى الخَلْقِ الرَّابِعِ، فكان مُخَلَّقًا، انْقَضت به عِدَّةُ الحُرَّةِ، واُعْتِقَتْ به الأمَةُ. ولا أعْلَمُ فى هذا خِلافًا بينَ مَنْ قال بثُبوتِ حكمِ الاسْتِيلادِ. فأمَّا إِنْ أَلْقَتْ نُطْفَةً، أو عَلَقَةً، لم يثْبُتْ به شىءٌ من أحْكامِ الولادَةِ؛ لأنَّ ذلك ليس بولدٍ. ورَوَى يُوسفُ بنُ موسى، أَنَّ أبا عبد اللَّه قيل له: ما تقولُ فى الأَمَةِ إذا أَلْقَتْ مُضْغَةً أو عَلَقَةً؟ قال: تَعْتِقُ. وهذا قولُ إبراهيمَ النَّخَعِىِّ. وإِنْ وَضَعَت مُضْغَة لم يظْهَرْ فيها شىءٌ من خَلْقِ الآدَمِىِّ، فشَهِدَ ثِقاتٌ مِن القَوابِلِ، أَنَّ فيها صُورَةً خَفِيَّةً، تعَلَّقَتْ بها الأحْكَامُ؛ لأَنَّهُنَّ اطَّلَعْنَ على الصُّورَةِ التى خَفِيَتْ على غَيْرِهِنَّ. وإِنْ لم يَشْهَدْن بذلك، لكنْ عُلِمَ أنَّه مُبْتَدَأُ خَلْقِ آدَمِىٍّ؛ إمَّا بشَهادَتِهِنَّ، أو غيرِ ذلك، ففيه رِوايَتان، إحداهُما، لا تَصِيرُ به الأمَةُ أُمَّ ولدٍ، ولا تَنْقَضِى به عِدَّةُ الحُرَّةِ، ولا يجبُ على الضَّارِبِ المُتْلِفِ له الغُرَّةُ، ولا الكفَّارَةُ. وهذا ظاهِرُ كلامِ الْخِرَقِىِّ، والشَّافِعِىِّ، وظاهِرُ ما نَقَلَه الأَثْرَمُ عن أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، وظاهِرُ قَوْلِ (10) الحسنِ، والشَّعْبِىِّ، وسائِرِ مَنْ اشْتَرَطَ أَنْ يَتَبَيَّن شىءٌ فيه من (11) خَلْقِ
(6) فى أ، ب:"ذكر".
(7)
أخرجه البيهقى، فى: باب الرجل يطأ أمته بالملك فتلد له، من كتاب عتق أمهات الأولاد. السنن الكبرى 10/ 346. وسعيد، فى: باب ما جاء فى أمهات الأولاد، من كتاب الطلاق. السنن 2/ 61.
(8)
فى م زيادة: "ولدها".
(9)
فى الأصل: "انكس".
(10)
فى ب، م:"كلام".
(11)
سقط من: ب، م.