الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإن لم يَكُنْ له وَارِثٌ مِن نَسَبِه، فهو لِلَّذى أدَّى إليه بالوَلَاءِ. وإِنْ قُلْنا: لا يَصِحُّ القَبْضُ. فما أخَذَه القابِضُ بينَه وبينَ شَرِيكِه، ولا تَعْتِقُ حِصّته مِن المُكاتَبِ؛ لأَنَّه لم يَسْتَوْفِ عِوَضَه، ولغيرِ القابضِ مُطالَبةُ القابضِ بنَصِيبِه ممَّا قَبَضَه، كما لو قَبَضَ (37) بغيرِ إذْنِه، سَواءً. وإن لم يَرْجِعْ غيرُ القابض بنَصِيبِه، حتى أدَّى المكاتبُ إليه كِتابَتَه، صَحَّ، وعَتَقَ عليهما جميعًا. وإن مات العبدُ قبلَ اسْتِيفاءِ الآخَرِ حَقَه، فقد مات عَبْدًا، ويَسْتَوْفِى الذى لم يَقْيضْ من كَسْبِه بقَدْرِ ما أخَذَ (38) صاحِبُه، والباقى بينَهما. قال أحمدُ، فى رِوايةِ ابنِ منصورٍ، فى عَبْدٍ بين رَجُلَيْنِ كاتَباهُ، فأدَّى إلى أحَدِهما كِتابَتَه، ثم مات وهو يَسْعَى للآخَرِ، لمن مِيرَاثُه؟ قال أحمدُ: كلُّ ما كَسَبَ العبدُ فى كِتابَتِه، فهو بينَهما، ويَرْجِعُ هذا على الآخَرِ بنَصِيبِه ممَّا أخَذَ (39)، ومِيراثُه بينَهما. قال ابنُ منصورٍ: قال إسحاقُ بن راهُويَه كما قال.
فصل:
وإن عَجَزَ مُكاتَبُهما، فلهما الفَسْخُ والإمضاءُ، فإن فَسَخَا جَمِيعًا، أو أمْضَيَا الكِتابةَ، جاز ما اتَّفَقا عليه، وإن فَسَخَ أحَدُهما، وأمْضَى الآخرُ، جاز، وعاد نِصْفُه رَقِيقًا قِنًّا، ونِصْفُه مُكاتَبًا. وقال القاضى: تَنْفَسِخُ الكِتابةُ فى جَمِيعهِ. وهو مذهبُ [مالكٍ، و](40) الشافعىِّ؛ لأنَّ الكِتابةَ لو بَقِيَتْ فى نِصْفِه، لَعادَ نصفُ (41) الذى فَسَخَ الكتابةَ إليه ناقِصًا. ولَنا، أنَّها كِتابة فى مِلْكِ أحَدِهما، فلم تَنْفَسِخْ بفَسْخِ الآخَرِ، كما لو انْفَرَدَ بكِتابَتِه، ولأنَّهما عَقْدانِ مُنْفَرِدانِ (42)، فلم يَنْفَسِخْ أحَدُهما بفَسْخِ الآخَرِ، كالبَيْعِ، وما حَصَلَ مِن النَّقْصِ لا يَمْنَعُ؛ لأَنَّه إنَّما حَصَلَ ضِمْنًا لتَصَرُّفِ الشَّرِيكِ فى نَصِيبِه، فلم يَمْنَعْ، كإعْتاقِ الشَّرِيكِ، ولأنَّ مِن أصْلِنا أنَّه تَصِحُّ مُكاتَبَةُ أحَدِهما نَصِيبَه،
(37) فى ب، م:"قبضه".
(38)
فى ب، م:"أخذه".
(39)
فى أ: "أخذه".
(40)
سقط من: أ، ب، م.
(41)
فى أ، ب، م:"ملك".
(42)
فى ب، م:"مفردان".
فإذا لم يُمْنَعِ العَقْدُ فى ابْتِدائِه، فلَأن لا (43) يَبْطُلَ فى دَوَامِه أوْلَى، ولأنَّ (44) ضَرَرَه حَصَلَ بعَقْدِه وفَسْخِه، فلا يُزالُ (45) بفَسْخِ عقدِ (44) غيرِه، ولأنَّ فى فَسْخِ الكِتابةِ ضَرَرًا بالمُكاتَبِ وسَيِّدِه، وليس دَفْعُ الضَّرَرِ عن الشَّرِيكِ الذى [فَسَخَ، بِأَوْلَى من دَفْعِ الضَّرَر عن الذى لم يَفْسَخْ، بل دَفْعُ الضَّرَر عن الذى](46) لم يَفْسَخْ أوْلَى، لوُجُوهٍ ثلاثةٍ؛ أحدها، أَنَّ ضَرَرَ الذى فسَخَ حَصَلَ ضِمْنًا، لبَقاءِ عَقْدِ شَرِيكِه فى مِلْكِ نَفْسِه، وضَرَرُ شَرِيكه بِزوالِ (45) عَقْدِه، وفسْخِ تَصَرُّفِه فى مِلْكِه. والثانى، أَنَّ ضَرَرَ الذى فَسَخَ لم يَعْتَبِرْه الشَّرْعُ فى مَوْضِع، ولا أصْلَ لما ذكَرُوه من الحُكْمِ، ولا يُعْرَفُ له نَظِيرٌ، فيكون بمَنْزِلةِ المَصْلحةِ المُرْسَلَةِ، التى وقَعَ الإِجْماعُ على اطِّراحِها، وضَرَرُ شَرِيكِه بفَسْخِ عَقْدِه مُعْتَبَرٌ فى سائِرِ عُقُودِه؛ مِن بَيْعِه، وهِبَتِه، ورَهْنِه، وغيرِ ذلك، فيكونُ أوْلَى. الثالث، أَنَّ ضَرَرَ الفَسْخِ يتَعَدَّى إلى المُكاتَبِ، فيكونُ ضَرَرًا باثْنَيْنِ، وضَرَرَ الفاسخِ لا يتَعَدَّاه، ثم لو قُدِّرَ تَساوِى الضَّرَرَيْنِ، لَوَجَبَ إبْقاءُ الحُكْمِ على ما كان لم عليه، ولا يجوزُ إحْداثُ الفَسْخِ من غيرِ دليلٍ راجِحٍ.
1992 -
مسألة؛ قال: (وَإِذَا عَتَقَ (1) المُكَاتَبُ، اسْتَقْبَلَ بِمَا فِى يَدهِ مِنَ الْمَالِ حَوْلًا، ثُمَّ زَكَّاهُ، إِنْ كَان نِصَابًا (2))
وجملتُه أَنَّ المُكاتَبَ لا زَكاةَ عليه. بلا خِلافٍ نَعْلَمُه. فإذا عَتَقَ، صارَ مِن أهْلِ الزَّكاةِ حِينَئذٍ، فيَبْتَدِئُ حَوْلُ الزكاةِ مِن يومَ عَتَقَ، فإذا تَمَّ الحَوْلُ، وجَبَتِ الزَّكاةُ إِنْ كان نِصَابًا، وإن لم يكُنْ نِصابًا، فلا شىءَ فيه، ويَصِيرُ هذا كالكافرِ إذا أسْلَمَ، وفى يَدِه مالٌ زَكَوِىٌّ يَبْلُغُ نِصابًا، فإنَّه يَسْتَقْبِلُ به حَوْلًا مِن حينَ أسْلَمَ؛ لأَنَّه صار حِينَئذٍ مِن أهلِ الزَّكاةِ، وكذلك
(43) سقط من: م.
(44)
فى ب: "وليس".
(45)
فى ب، م:"يزول".
(46)
سقط من: ب. نقل نظر.
(1)
فى الأصل: "أعتق".
(2)
فى الأصل، أ، ب:"منصبا".