الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولا ضَررَ في قِسْمَتِه، أُجْبرَ المُمْتنِعُ على القِسْمةِ، وتُفْرَدُ بعضُ المساكنِ عن بعضٍ وإن كثُرتِ المَساكنُ. وإن كان بينهما دارَان، أو خانَان، أو أكْثَرُ، فطلبَ أحدُهما أن يَجْمعَ نَصِيبَه في إحْدَى الدَّارَيْن، أو أحدِ الخانَيْن، ويَجْعَلَ الباقىَ نَصِيبًا، لم يُجْبَرِ المُمْتنِعُ. وبهذا قال الشافعيُّ. وقال أبو يوسفَ، ومحمدٌ: إذا رأى الحاكمُ ذلك، فله فِعْلُه، سَواءٌ تقاربَتا أو تفرَّقَتا؛ لأنَّه أنْفَعُ وأعْدَلُ. وقال مالكٌ: إن كانَتا مُتجاوِرَتيْنِ، أُجْبِرَ المُمْتنِعُ من ذلك عليه؛ لأنَّ المُتجاوِرتَيْنِ تتقارَبُ مَنْفعتُهما، بخِلافِ المُتباعِدَتَيْن. [وقال أبو حنيفةَ: إنْ كانت إحْداهما حَجَزَتِ (39) الأُخْرَى (40)، أُجبِرَ الممتنعُ] (41)، وإلَّا فلا؛ لأنَّهما يَجْرِيان مَجْرَى الدارِ الواحدةِ. ولَنا، أنَّه نَقْلُ حَقِّه من عَيْنٍ إلى عَيْنٍ أُخْرَى، فلم يُجْبَرْ عليه، كالمُتَفَرِّقَتَيْن (42) على مِلْكٍ، وكما لو لم تكُنْ حَجَزَتْها (43) مع أبى حنيفةَ، وكما لو كانتا دارًا ودُكَّانًا (44) مع أبي يوسفَ ومحمدٍ، والحكمُ في الدَّكاكينِ كالحُكْمِ في الدُّورِ، وكما لو كانتْ لها عَضائدُ صغارٌ، لا يُمْكِنُ قِسْمةُ كلِّ واحدةٍ منهما (45) مُنْفَرِدةً، لم يُجْبَرِ المُمْتنِعُ من قِسْمَتِها (46) عليها.
فصل:
وإن كانتْ بينهما أرضٌ واحدةٌ يُمْكِنُ قِسْمتُها، وتَتحَقَّقُ (47) فيها الشروطُ التى ذكرْناها، أُجْبِرَ المُمْتنِعُ على قِسْمَتِها (46)، سَواءٌ كانت فارغةً أو ذاتَ شَجَرٍ وبِناءٍ. فإن كان فيها نَخْلٌ، وكَرْمٌ، وشَجَرٌ مُخْتلِفٌ، وبناءٌ، فطلَبَ أحدُهما قِسْمَةَ كلِّ عينٍ على حِدَتِها، وطلَبَ الآخَرُ قِسْمَةَ الجميعِ بالتَّعْديلِ بالقِيمَةِ، فقال أبو الخَطَّابِ: تُقْسَمُ كلُّ عَيْنٍ على حِدَتِها، وكذلك كلُّ مَقْسومٍ، إذا أمْكَنَتِ التَّسْوِيَةُ بين الشَّرِيكيْنِ في جَيِّدِه
(39) في الأصل، م، والشرح الكبير 6/ 226:"أحجزة". وفي ب: "حجرة". ولعل الصواب ما أثتناه.
(40)
في ب: "والأخرى".
(41)
سقط من: الأصل.
(42)
في ب، م:"كالمتفرقين".
(43)
في ب، م:"حجة بها".
(44)
في الأصل: "أو دكانا".
(45)
في ب: "منها".
(46)
في ب، م:"قسمها".
(47)
في الأصل: "أو تتحقق".
ورَدِيئِهِ، كان أوْلَى. ونحوَ هذا قال أصْحابُ الشافعيِّ؛ فإنَّهم قالوا: إذا أمْكَنَتِ التَّسْويَةُ بين الشَّريكَيْنِ في جَيِّدِه ورَدِيئِهِ، بأنْ يكونَ الجَيِّدُ في مُقَدَّمِها والرَّدِىءُ في مُؤَخَّرِها، فإذا قَسمْناها صارَ لكلِّ واحدٍ من (48) الجَيِّدِ والرَّدِىءِ مثلُ ما للآخرِ، وجَبتِ القِسْمةُ، وأُجْبِرَ المُمْتنِعُ عليها، وإن لم تُمْكِنِ القِسْمَةُ هكذا، بأن تكونَ العِمارةُ أو الشجرُ والجيِّدُ لا تُمْكِنُ قِسْمتُه وَحْدَه، وأمْكَنَ التَّعْدِيلُ بالقِيمَةِ، عُدِّلَتْ بالْقِيمةِ، وأُجْبِرَ المُمْتنِعُ [من القِسْمةِ](49) عليها. وقال الشافعيُّ، في أحَدِ القَوْلَيْن: لا يُجْبَرُ المُمْتنِعُ من القِسْمةِ عليها. [وقالوا: إذا كانتِ الأرضُ ثلاثينَ جَرِيبًا (50)، قيمةُ عشرةِ أجْرِبَةٍ منها كقِيمَةِ عِشْرين (51)، لم يُجْبَرِ المُمْتنِعُ من القِسْمةِ عليها](52)؛ لتعذُّرِ التَّساوِى في الزَّرْعِ، ولأنَّه لو كان حَقْلان مُتجاوِران (53) لم يُجْبَرِ المُمْتنعُ من القِسْمةِ، إذا لم تُمْكِنْ إلَّا بأن يُجْعَلَ كلُّ واحدٍ منهما سَهْمًا (54)، كذا هاهُنا. ولَنا، أنَّه مكانٌ واحدٌ، أمْكَنَتْ قِسْمَتُه، وتَعْديلُه، من غيرِ رَدِّ عِوضٍ ولا ضَررٍ، فوجَبتْ قِسْمتُه، كالدُّورِ. ولأنَّ ما ذكَرُوه يُفْضِي إلى مَنْعِ وُجوبِ القِسْمةِ في البَساتِينِ كلِّها (55) والدُّور؛ فإنَّه لا يُمْكِنُ تَساوِى الشَّجرِ وبناءِ الدُّورِ ومَساكنِها إلَّا بالقِيمةِ، ولأنَّه مكانٌ لو بيعَ بعضُه وجَبتْ فيه الشُّفْعةُ لشَرِيكِ البائعِ، فوجَبتْ قِسْمتُه، كما لو أمْكَنَتِ التَّسْوِيَةُ بالزَّرْعِ. وأمَّا إذا كان بُسْتانان، لكلِّ واحدٍ منهما طريقٌ، أو حَقْلان، أو دَارَان، أو دُكَّانان مُتجاوِران أو مُتَباعِدان، فطلبَ أحدُ الشَّرِيكيْنِ قِسْمَتَه، بجَعْلِ كلِّ واحدٍ بينهما، لم يُجْبَرِ الآخَرُ على هذا، سواءٌ كانا مُتَساويَيْنِ أو مُخْتلِفيْنِ. وهذا ظاهرُ مذهبِ الشَّافعىِّ؛ لأنَّهما شيئان مُتَميِّزان، لو بِيعَ أحدُهما، لم تجِبِ الشُّفْعةُ فيه لمالك الآخَرِ، بخلافِ البُسْتانِ الواحدِ، والأرضِ الواحدةِ وإن عظُمَتْ، فإنَّه
(48) في م: "في".
(49)
سقط من: الأصل.
(50)
الجريب من الأرض والطعام: مقدار معلوم. انظر تفصيله في تاج العروس (ج ر ب).
(51)
في النسخ: "عشر". وانظر: الشرح الكبير 6/ 227.
(52)
سقط من: ب. نقل نظر.
(53)
كذا، على أن "كان" بمعنى وجد. وانظر: الشرح الكبير 6/ 227.
(54)
في الأصل: "بينهما".
(55)
سقط من: ب.