الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بينَه وبينَه، فلَزِمَهما الضَّمانُ، كما لو شَهِدَا بعِتْقِه، ولأنَّهما أزالا يَدَ السَّيِّدِ عن عبدِه بشَهادتِهما المَرْجوعِ عنها، فأشْبَهَ (3) مَا لو شَهِدَا بحُرِّيَّتِه؛ ولأنَّهما تسَبَّبا إلى إتْلافِ حَقِّه بشهادتِهما بالزُّورِ عليه، فلَزمَهما الضَّمانُ، كشَاهِدَى القِصاص. يُحَقِّقُ هذا، أنَّه إذا ألْزَمَهما القِصاصَ الذى يُدْرَأُ بالشُّبُهاتِ، فوُجوبُ المالِ أوْلَى. وقولُهم: إنَّهما ما أتْلَفا المالَ. يَبْطُلُ بما إذا شَهِدَا بعِتْقِه، فإِنَّ الرِّقَّ فى الحقيقةِ لا يزُولُ بشهادةِ الزُّورِ، وإنَّما حالَا بين سيِّدِه وبينَه، وفى مَوْضعِ إتْلافِ المالِ، فهُما تسبَّبا إلى تَلَفِه، فيَلْزَمُهما ضَمانُ ما تَلِفَ بسَبَبِهما، كشاهِدَىِ القِصاص، وشُهودِ الزِّنَى، وحافرِ البئْرِ، وناصبِ السِّكِّينِ.
1920 - مسألة؛ قال: (وَإِنْ كَانَ الْمَحْكُومُ بِهِ عَبْدًا أَوْ أَمَةً، غَرِمَا قِيمَتَهُ)
أمَّا إذا شَهِدَا بالعَبْدِ أو الأَمَةِ لغَيرِ مالِكِهما (1)، فالحُكْمُ فى ذلك كالحُكْمِ فى الشَّهادةِ بالمالِ، على ما ذكرْنا مِن الخِلافِ فيه؛ لأنَّهما (2) من جُمْلةِ المالِ. وإن شَهِدَا بحُرِّيَّتِهما، ثم رجَعا عن الشَّهادةِ، لزِمَهُما غَرامةُ قِيمَتِهما لسَيِّدِهما، بغيرِ خلافٍ بينهما فيه، فإِنَّ المُخالِفَ فى التى قبلَها هو الشافعىُّ، وقد وافَقَ ههُنا، وهو حُجَّةٌ عليه فيما خالفَ فيه، فإِنَّ إخْراجَ العبدِ عنَ يد سيِّدِه بالشَّهادةِ بحُرِّيَّتِه، كإخْراجه عنها بالشَّهادةِ به لغيرِ مالكِه، فإذا لزِمَه الضَّمانُ ثَمَّ، لَزِمَه ههُنا، وغَرِما القِيمةَ؛ لأنَّ العَبْدَ (3) من المُتَقَوَّماتِ (4)، لا مِن ذَواتِ الأمْثالَ.
فصل:
وإن شهِدَا بطلاقِ امرأةٍ تَبِينُ به، فحَكَمَ الحاكمُ بالفُرْقةِ، ثم رَجَعا عن الشَّهادةِ، وكان قبلَ الدُّخُولِ، فالواجبُ عليهما نصفُ المُسَمَّى. وبهذا قال أبو حنيفةَ. وقال الشَّافعىُّ، فى أحدِ قَوْلَيْه: يجبُ مَهْرُ المِثْلِ؛ لأنَّهما أتْلَفا عليه البُضْعَ،
(3) فى الأصل: "فأشبها".
(1)
فى أ، ب، م:"مالكه".
(2)
فى أ، م:"لأنها".
(3)
فى ب، م:"العبيد".
(4)
فى الأصل: "المقومات".
فلَزِمَهما عِوضُه، وهو مهرُ المِثْلِ. وفى القولِ الآخَرِ، يَلْزمُهما (5) نصفُ مَهْرِ المِثْلِ؛ لأنَّه إنَّما ملَكَ نِصْفَ البُضْعِ، بدليل أنَّه إنَّما يجبُ عليه نِصْفُ المَهْرِ. ولَنا، أَنَّ خُروجَ البُضْعِ من مِلْكِ الزَّوجِ غيرُ مُتقَوَّمٍ؛ بدليلِ ما لو أخْرجَتْه من مِلْكِه برِدَّتِها، أو إسْلامِها، أو قَتْلِها نفسَها، فإنَّها لا تَضْمَنُ شيئًا. ولو فَسَخَت نكاحَها قبلَ الدُّخولِ، برَضاعِ مَن يَنْفَسِخُ به نِكاحُها، لم يَغْرَمْ شيئًا، وإنَّما يجبُ (6) عليهما (7) نصفُ المُسَمَّى؛ لأنَّهما ألزْمَاه للزَّوجِ بشهادتِهما، وقَررَّاهُ عليه، [فرجَعَ عنيهما](8)، كما يَرْجِعُ به على من فَسَخ نِكاحَه برَضاع أو غيرِه. وقولُه: إنَّه ملكَ نِصْفَ البُضْعِ. غيرُ صحيحٍ؛ فإِنَّ البُضْعَ لا يجوزُ تَمْليكُ (9) نِصْفِه، ولأنَّ العَقْدَ ورَدَ على جميعِه، والصَّداقَ واجبٌ جميعُه، ولهذا تَمْلِكُه المرأةُ إذا قَبَضتْه، ونَماؤُه لها، وتَمْلِكُ طَلَبَه إذا لم تَقْبِضْه، وإنَّما يَسْقُطُ نِصْفُه بالطلاقِ. وأمَّا إن كان الحُكْم بالفُرْقةِ بعدَ الدُّخولِ، فلا ضَمانَ عليهما. وبه قال أبو حنيفةَ. [وعن أحمدَ، روايةٌ أُخْرَى، عليهما ضَمانُ المُسَمَّى فى الصَّداقِ؛ لأنَّهما فَوَّتا عليه نِكاحًا وجَبَ عليه به عِوَضٌ، فكانَ عليهما ضَمانُ ما وجَبَ به، كما لو شَهِدَا بذلك قبلَ الدُّخولِ](10). وقال الشافعىُّ: يَلَزْمُهما له مَهْرُ المِثْلِ؛ لأنَّهما أتْلَفا البُضْعَ عليه. وقد سبقَ الكلامُ معه فى هذا، ولا يصِحُّ القياسُ على ما قبلَ الدُّخولِ؛ لأنَّهما قَرَّرَا عليه نِصْفَ المُسَمَّى، وكان بعَرَض (11) السُّقوطِ، وههُنا قد تقَرَّر المهْر كلُّه (12) بالدُّخولِ، فلم يُقَرِّرَا عليه شيئًا ولم يُخْرِجا عن (13) مِلْكِه مُتَقوَّمًا، فأشْبَهَ ما لو أخْرَجاه من مِلْكِه بقَتْلِها، أو أخرَجتْه هى برِدَّتِها.
(5) فى ب، م:"لزمهما".
(6)
فى م: "وجب".
(7)
سقط من: أ.
(8)
سقط من: الأصل، أ، ب.
(9)
فى أ: "أن يملك".
(10)
ورد هذا فى الأصل، بعد قوله:"وبهذا قال أبو حنيفة". السابق فى أول الفصل.
(11)
فى ب: "يعوض". وفى م: "يعرض".
(12)
سقط من: م.
(13)
فى أ، ب، م:"من".