الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فكان ما فى يَدِه لِسَيِّدِه، كغيرِ المكاتَبِ. والصَّحِيحُ الأوَّلُ، إِنْ شاءَ اللَّهُ تعالى؛ لأَنَّه مُكاتَبٌ بَرِئَ من مالِ الكتابَةِ، فعَتَقَ بذلك، وكان ما فى يَدِه له، كما لو أَبْرَأَه سَيِّدُه. يُحَقِّقُه أَنَّ مِلْكَه كان ثابتًا على ما فى يَدِه، ولم يحْدُثْ ما يُزِيلُه، وإنّما الحادِثُ مُزِيلٌ لمِلْكِ سَيِّدِه عنه، فيَبْقَى مِلكُه، كما لو عَتَقَ بالأداءِ.
فصل:
إذا قال السَّيِّدُ لمُكاتَبِه: متى عَجَزْتَ بعدَ مَوْتِى، فأَنْتَ حُرٌّ. فهذا تَعْليقٌ للحُرِّيَّةِ على صِفَةٍ تَحْدُثُ بعدَ الموتِ. وقد ذَكَرْنا فيه اخْتِلافًا فيما مَضَى. فإنْ قُلْنا (2): لا يَصِحُّ. فلا كلامَ. وإن قُلْنا: يصِحُّ. فمتى عَجَزَ بعدَ المَوْتِ، صارَ حُرًّا بالصِّفَةِ، فإن ادَّعَى العَجْزَ قبلَ حُلولِ النَّجْمِ، لم يَعْتِقْ؛ لأَنَّه لم يجِبْ عليه شىءٌ يَعْجِزُ عنه. وإن ادَّعَى ذلك بعدَ حُلولِ نَجْمِه، ومعه ما يُؤَدِّيه، لم يَصِحَّ قولُه؛ لأَنَّه ليس بعاجِزٍ. وإِنْ لم يَكُنْ معه مالٌ ظاهِرٌ، فصدَّقَه الورثَةُ، عَتَقَ، وإِنْ كَذَّبُوه، فالقولُ قوله مع يَمِينِه؛ لأنَّ الأَصْلَ عَدَمُ المالِ وعَجْزُه، فإذا حَلَفَ عَتَقَ. وإذا عَتَقَ بهذه الصِّفَةِ، كان ما فى يَدِه له، إِنْ لم تكُنْ كتابَتُه فُسِخَتْ؛ لأنَّ العَجْزَ لا تنْفَسِخُ به الكتابَةُ، وإنَّما يَثْبُتُ به اسْتِحقاقُ الفَسْخِ، والحُرِّيَّةُ تحْصُلُ به (3) بأوّلِ وُجُودِه، فتكونُ الحُرِّيَّةُ قد حصَلتْ له فى حالِ كتابَتِه، فيكون ما فى يَدِه له، كما لو عَتَقَ بالإِبْراءِ مِن مالِ الكتابَةِ. ومُقْتَضَى قولِ بعضِ أصْحابِنا، أَنْ تبْطُلَ كتابَتُه، ويكونَ ما بِيَدِه لورَثَةِ سَيِّدِه.
فصل: وإذا كاتَبَ عَبْدًا له (4) فى صِحَّتِه، ثم أعْتَقَه فى مرَضِ مَوْتِه، أو أبْرَأَه من مالَ الكتابةِ، فإنْ كان يخْرُجُ مِن ثُلثِه الأقَلُّ مِن قِيمَتِه، أو مالِ كتابَتِه، عَتَقَ، مثل أَنْ يكونَ له سِوَى المُكاتَبِ مائتان، وقِيمةُ المُكاتَبِ مائةٌ، ومالُ الكتابَةِ مائةٌ وخمسون، فإنَّنا نعْتَبِرُ قِيمتَه دونَ مالِ الكتابةِ، وهى تخْرُجُ من الثُّلثِ. ولو كان مالُ الكتابةِ مائةً، وقِيمَتُه مائةٌ وخمسون، اعْتَبَرْنا مالَ الكتابَةِ، ونَفَذَ العِتْقُ، ويُعْتَبَرُ الباقى من مالِ الكتابةِ دُونَ ما أدَّى منها. وإنَّما اعْتَبَرْنا الأَقَلَّ؛ لأنَّ قِيمَتَه إِنْ كانتْ أقلَّ، فهى قِيمةُ ما أتْلفَ بالإِعْتاقِ، ومالُ
(2) سقط من: ب.
(3)
سقط من: ب، م.
(4)
سقط من: الأصل، أ، م.
الكتابَةِ ما اسْتَقَرَّ عليه، فإِنَّ للعبدِ إسْقاطَه بتَعْجيزِ نَفْسِه، أو يَمْتَنِعُ من أدائِه، فلا يُجْبَرُ عليه، فلم يُحْتَسَبْ له به. وإِنْ كان عِوَضُ الكتابةِ أقلَّ، اعْتَبَرْناه؛ لأَنَّه يعْتِقُ بأدائِه، ولا يسْتَحِقُّ السَّيِّدُ عليه سِواهُ، وقد ضَعُفَ مِلْكُه فيه، وصار عِوَضَه. وإِنْ كان كُلُّ واحدٍ منهما لا يخْرُجُ مِن الثُّلثِ، مثل أَنْ يكونَ مالُه (5) سِوَى المكاتبِ (6) مائةً، فإنَّنا نضُمُّ الأقَلَّ مِن قِيمَتِه أو مالِ كِتابتِهِ إلى مالِه، ونَعْمَلُ بحسابِه، فيَعْتِقُ منه ثُلثاهُ، ويَبْقَى ثُلثُه بثلثِ مالِ الكتابَةِ، فإنْ أدَّاهُ، عَتَقَ، وإلَّا رَقَّ منه ثُلثُه. ويحْتَمِلُ أنَّه إذا كان مالُ الكتابةِ مائةً وخمسين، فيَبْقَى (7) ثُلثُه بخَمْسِين (8)، فأدَّاها، أَنْ يقولَ: قد زادَ مالُ المَيِّتِ. لأَنَّه حُسِبَ على الورَثَةِ بمائةٍ، وقد (9) حصلَ لهم بثُلثِه خَمْسون، فقد زادَ مالُ (10) الميِّتِ، فيَنْبَغِى أَنْ يَزِيدَ بما يَعْتِقُ (11) منه؛ لأنَّ هذا المالَ يحْصُل لهم بعَقْدِ السَّيِّدِ، والإِرْثِ عنه. ويجبُ أَنْ يكونَ المُعْتبَرُ من مالِ الكتابةِ ثلاثةَ أرْباعِه؛ لأنَّ ربعَهُ يجِبُ إيتاؤُه للمُكاتَب، فلا يُحْسَبُ من مالِ المَيِّتِ. فعلى هذا، إذا كان ثلاثةُ أرْباعِ مالِ المُكاتَبِ (12) مائةً وخمسين، وقِيمةُ العبدِ مائةً، وللمَيِّتِ مائةٌ أُخْرَى، عَتَقَ مِن العبدِ ثلثاهُ، وحصَلَ للورَثَةِ مِن كتابةِ العبدِ خَمْسون، عن ثُلثِ العبدِ المَحْسُوبِ عليهم بثُلثِ المائةِ، فقد زادَ لهم ثُلثُ الخَمْسين، فيَعْتِقَ من العبدِ قَدْرُ ثُلثِها، وهو تُسْعُ الخَمْسِين، وذلك نِصْفُ تُسْعِه، فصارَ العِتْقُ ثابِتًا فى ثُلثِهُ (13)، ونِصْفِ تُسْعِه، وحصلَ للورَثَةِ المائةُ، وثمانِيَةُ أَتْساعِ الخَمْسين، وهو مِثْلَا ما عَتَقَ منه. فإنْ قيلَ: لِمَ أعْتَقْتُم بَعْضَه، وقد بَقِىَ عليه بعضُ مالِ الكتابةِ، وقد قُلتُم: إِنَّ المُكاتَبَ لا يَعْتِقُ منه شىءٌ حتى يؤدِّىَ جميعَ مالِ الكتابةِ؟ قُلْنا:
(5) فى ب: "مال".
(6)
فى م زيادة: "قيمته".
(7)
فى الأصل، أ:"فبقى".
(8)
فى الأصل: "وبخمسين".
(9)
سقطت: "قد" من: أ، ب، م.
(10)
فى ب: "على".
(11)
فى م: "عتق".
(12)
فى أ، ب:"الكتابة".
(13)
فى الأصل، أ:"ثلثيه".