الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يعودُ رَقِيقًا؛ لأنَّ العَقْدَ يبْطُلُ بمَوْتِها، فلم يَبْقَ حُكْمُه فيه. وقد ذَكَرْنا فى هذا خِلافًا فيما تَقَدَّمَ. وإِنْ أعْتَقَ السَّيِّدُ أُمَّ الولدِ، أو المُدَبَّرَةَ، لم (7) يَعْتِقْ ولدُها، لأنّها عَتَقَتْ بغيرِ السَّبَبَ (8) الذى تَبِعَها فيه، ويَبْقَى عِتْقُه مَوْقُوفًا على مَوْتِ سَيِّدِه. كذلك إِنْ أعْتَقَ ولدَهما، لم يَعْتِقَا بعِتْقِه. وإِنْ أعْتَقَ المُكاتَبةَ، فقد قال أحمدُ، وسُفْيانُ، وإسحاقُ: المُكاتَبةُ إذا أدَّتْ أو اعْتِقَتْ، عَتَقَ ولدُها، وأُمُّ الولدِ والمُدَبَّرَةُ إذا أُعْتِقَتْ، لم يَعْتِقْ ولدُها حتَّى يَمُوتَ السَّيِّدُ. فظاهِرُ هذا أَنَّ ولدَ المُكاتبَةِ يتْبَعُها فى العِتْقِ بإعْتاقِ سَيِّدِها؛ لأَنَّه فى حُكْمِ مالِها، يَسْتَحِقُّ كَسْبَه، فيَتْبَعُها إذا أَعْتَقَها كمالِها، ولأنَّ إعْتاقَها يَمْنَعُ أداءَها بسبَبٍ من السَّيِّدِ، فأشْبَهَ ما لو أَبْرَأَها مِن مالِ الكتابَةِ.
فصل:
فأمَّا ولدُ أُمِّ الوَلدِ قبلَ اسْتِيلادِها، وولدُ المُدَبَّرةِ قبلَ تَدْبيرِها، والمُكاتبَةِ قبلَ كتابَتِها، فلا يَتْبَعُها، لوُجودِه قبلَ انْعِقادِ السَّبَبَ فيها، وزَوالِ حُكْمِ التَّبَعَيَّةِ عنه قبلَ تَحقُّقِ السَّبَبَ فى أُمِّه، ولهذا لا يَتْبَعُها فى العِتْقِ المُنْجَزِ، ففى السَّبَبَ أَوْلَى. وذكرَ أبو الخَطَّابِ فى وَلَدِ المُدَبَّرَةِ قبلَ التَّدْبِيرِ رِوايَتَيْن، فيُخَرَّجُ ههُنا مثلُه، وهو بَعِيدٌ؛ لأنَّ الولدَ المُنْفصِلَ لا يَتْبَعُها فى عِتْيقٍ، ولا بَيْعٍ، ولا هِبَةٍ، ولا رَهْنٍ، ولا شىءٍ من الأَحْكامِ، سِوَى الإِسلامِ، بشَرْطِ كَوْنِه صغيرًا، فكيف يَتْبَعُ فى التَّدْبِيرِ! ولأنَّه لا نَصَّ فيه، ولا قِياسَ يَقْتَضِيه، فيَبْقَى بحالِه.
2017 - مسألة؛ قال: (وَإِذَا أَسْلَمَتْ أَمُّ وَلَدِ النَّصْرَانِىِّ، مُنِعِ مِنْ وَطْئِهَا، والتَّلَذُّذِ بِهَا، وأُجْبِرَ عَلَى نَفَقَتِها. فإذَا أسْلَمَ، حَلَّتْ لَهُ، وإِنْ مَاتْ قَبْلَ ذَلِكَ، عَتَقَتْ)
وجملةُ ذلك أَنَّ الكافِرَ يَصِحُّ منه الاستيلادُ لأَمَتِه، كما يَصِحُّ منه عِتْقُها. وإذا اسْتَوْلَدَ الذِّمِّىُّ أمتَهَ، ثمَّ أسْلَمَتْ، لم تَعْتِقْ فى الحالِ. وبهذا قال الشافِعِىُّ وقال مالِكٌ: تَعْتِقُ، إذْ لا سَبِيلَ إلى بَيْعِها، ولا إلى إقْرارِ مِلْكِه عليها؛ لما فيه من إثْباتِ مِلْكِ كافِرٍ على مُسْلِمَةٍ، فلم يَجُزْ، كالأَمَةِ القِنِّ. وعن أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، روايَةٌ أُخْرَى، أنَّها تُسْتَسْعَى، فإنْ أدَّتْ، عَتَقَتْ. وهو قولُ أبى حنيفةَ؛ لأنَّ فيه جَمْعًا بينَ الحَقَّينِ، حَقِّها فى أَنْ لا يَبْقَى مِلْكُ الكافِرِ عليها، وحقِّه فى حُصولِ عِوَضِ مِلْكِه، فأشْبَهَ بَيْعَها إذا لم تكُنْ أُمَّ ولدٍ. ولَنا، أَنَّه إسلامٌ طَرَأَ على مِلْكٍ، فلم يُوجِبْ عِتْقًا، ولا سِعايَةً، كالعبدِ القِنِّ. وما ذَكَرُوه مُجَرَّدُ
(7) فى أ، ب:"لا".
(8)
فى الأصل: "النسب".
حِكْمَةٍ لم يُعْرَفْ من الشارِعِ اعْتبارُها، ويُقابِلُها (1) ضَرَرٌ، فإِنَّ فى عِتْقِها مَجَّانًا إضْرارًا بالمالِكِ، بإزالَةِ مِلْكِه بغيرِ (2) عِوَضٍ، وفى الاسْتِسْعاءِ إلْزامٌ لها بالكسْبِ بغيرِ رِضَاها، وتَضْييعٌ لحَقِّهِ؛ لأَنَّ فيه إحالَةً على سِعَايةٍ لا نَدْرِى هل يحْصُلُ منها شىءٌ أو (3) لا؟ وإِنْ حصَلَ، فالظَّاهِرُ أَنَّه يكونُ يَسِيرًا، فى أوْقاتٍ مُتَفرِّقَةٍ، وُجُودُه قريبٌ من عَدَمِه، والحقُّ أَنْ يَبْقَى المِلْكُ على ما كان عليه، ويُمْنعَ من وَطْئِها، والتَّلَذذِ بها، كى لا يَطَأَهَا ويَبْتَذِلَها وهو مُشْرِكٌ، ويُحالَ بينَه وبينَها، ويُمْنعَ الخَلْوَةَ بها، لِئَلَّا يُفْضِىَ إلى الوَطْءِ المُحرَّمِ، ويُجْبَرَ على نَفَقَتِها على التَّمامِ؛ لأنَّها مَملوكَتُه، ومَنْعُه من وطْئِها بغيرِ مَعْصِيَةٍ منها، فأشْبَهَتِ الحائِضَ والمريضَةَ، وتُسَلَّمُ إلى امْراة ثِقَةٍ، تكونُ عندَها، لتَحْفَظَها، وَتَقُومَ بأَمْرِها، وإِنْ احْتاجَتْ إلى أَجْرٍ، أو أجْرِ مَسْكَنٍ، فعلى سَيِّدِها. وذكَرَ القاضى أَنَّ نَفَقَتَها فى كَسْبِها، وما فَضَلَ من كَسْبِها فهو لِسَيِّدِها. وإن عَجَزَ عن نَفَقَتِها، فهلْ يَلْزَمُ سَيِّدَها تَمامُ نَفَقَتِها (4)؟ على رِوايَتَيْن. ونحوُ هذا مذهبُ الشافِعِىِّ. والصَّحِيحُ أَنَّ نَفَقَتَها على سَيِّدِها، وكَسْبَها له، يَصْنَعُ به ما شاءَ وعليه نَفَقَتُها [على التَّمامِ، سَواءٌ كان لها كَسْبٌ أو لم يَكُنْ؛ لأنَّها مَمْلوكَةٌ له (5)، ولم يَجْرِ بينَهما عَقْدٌ يُسْقِط نَفَقَتَها](6)، ولا يَمْلِكُ به كَسْبَها، فأَشْبَهَتْ أمَتَه القِنَّ، أو ما قَبْلَ إسْلامِها، ولأنَّ المِلْكَ سَبَبٌ لهذَيْن الحُكْمَيْن، والحادِثُ منهما لا يصْلُحُ مانِعًا؛ لأنَّ الاسْتِيلادَ لا يَمْنعُ منهما، بدليلِ ما قبلَ إِسْلامِها، والإِسْلامُ لا يَمْنعُ، بدليلِ ما لو وُجِدَ قَبْلَ ولادَتِها، واجْتماعُهما لا يَمْنَعُ، لأنَّه لا نَصَّ فيه، ولا هو فى مَعْنَى المنْصُوص عليه، ولأنَّه إذا لم تَلْزَمْه نَفَقَتُها، ولم يكُنْ لها كَسْبٌ، أفْضَى إلى هَلاكِها وضَياعِها، ولأنَّه يَمْلِكُ فاضِلَ كَسْبِها، فيَلْزَمُه فَضْلُ نَفَقَتِها، كسائِرِ مَماليكِهِ.
2018 -
مسألة (1)؛ قال: (وَإِذَا عَتَقَتْ (2) أُمُّ الْوَلَدِ بمَوْتِ سَيِّدِهَا، فَمَا كَانَ فِى
(1) فى م: "وبقاؤها".
(2)
فى الأصل: "من غير".
(3)
فى ب: "أم".
(4)
فى ب: "نقصها".
(5)
سقط من: الأصل.
(6)
سقط من: ب. نقل نظر.
(1)
سقطت هذه المسألة من: ب.
(2)
فى أ: "أعتقت".