الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1977 - مسألة؛ قال: (وَإِذَا قَتَلَ المُدَبَّرُ سَيِّدَهُ، بَطَلَ تَدْبِيرُهُ)
إنَّما بَطَلَ (1) تَدْبِيرُه بقَتْلِه سَيِّدَه لمَعْنيَيْنِ؛ أحدُهما، أنَّه قَصَدَ اسْتِعْجالَ العِتْقِ بالقَتْلِ المُحَرَّمِ، فعُوقِبَ بنَقِيضِ قَصْدِه، وهو إبْطالُ التَّدْبِيرِ، كمَنْعِ المِيراثِ بقَتْلِ المَوْرُوثِ، ولأنَّ العِتْقَ فائِدةٌ تَحْصُلُ بالموتِ، فتَنْتَفِى بالقَتْلِ، كالإِرْثِ والوَصِيَّةِ. والثانى، أَنَّ التَّدْبيرَ وَصِيَّةٌ، فتَبْطُلُ بالقَتْلِ، كالوَصِيَّةِ بالمالِ. ولا يَلْزَمُ على هذا عِتْقُ أُمِّ الولَدِ؛ لكَوْنِه (2) آكَدَ، فإنَّها صارتْ بالاسْتِيلادِ بحالٍ لا يُمْكِنُ نَقْلُ المِلْكِ فيها بحالٍ، ولذلك لم يَجُزْ بَيْعُها، ولا هِبَتُها، ولا رَهْنُها، ولا الرُّجوعُ عن ذلك بالقَوْلِ، ولا غيرِه، والإِرْثُ نَوعٌ من النَّقْلِ، فلو لم تَعْتِقْ [بمَوْتِ سَيِّدِها](3) لَانْتَقَل المِلْكُ فيها إلى الوارِثِ، ولا سَبِيلَ إليه، بخلافِ المُدَبَّرِ، ولأنَّ سَبَبَ حُرِّيَّةِ أُمِّ الوَلَدِ الفِعْلُ والبَعْضِيَّةُ التى حَصَلَتْ بينها وبينَ سَيِّدِها بوَاسِطَةِ ولَدِها، وهذا آكَدُ من القَولِ، ولهذا انْعَقَدَ اسْتِيلادُ المَجْنُونِ، ولم يَنْفُذْ إعْتاقُه ولا تَدْبِيرُه، وسَرَى حُكْمُ اسْتِيلادِ المُعْسِرِ إلى نَصِيبِ شَرِيكِه، بخلافِ الإِعْتاقِ، وعَتَقَتْ من رأسِ المالِ، والتَّدبِيرُ لا يَنْفُذُ إِلَّا فى الثُّلثِ، ولا يَمْلِكُ الغُرَماءُ إبْطالَ عِتْقِها وإِنْ كان سَيِّدُها مُفْلِسًا، بخلافِ المُدَبَّرِ، ولا يَلْزَمُ من الحُكْمِ فى مَوْضِعٍ، تأكُّدُ الحكمُ فيما دُونَه، كما لم يَلْزَمْ إلْحاقُه به فى هذه المَوِاضِعِ التى افْتَرَقا فيها. إذا ثَبَتَ هذا، فلا فَرْقَ بين كَوْنِ القَتْلِ عَمْدًا، أو خطأً، كما لا فرْقَ بينَ ذلك فى حِرْمانِ الإِرْثِ، وإبْطالِ وَصِيَّةِ القاتلِ.
فصل:
فأمَّا سائرُ جِناياتِه، غيرَ قَتْلِ سَيِّدِه، فلا تُبْطِلُ تَدْبيرَه، لكنْ إِنْ كانت جِنايةً مُوجِبَةً للمالِ، أو مُوجِبةً للقِصاصِ، فعَفَا الوَلِىُّ إلى مالٍ، تعَلَّقَ المالُ برَقَبتِه، فمن جَوّزَ بَيْعَه، جَعَلَ سَيِّدَه بالْخِيارِ بينَ تَسْلِيمِه فيُباعُ فى الجِنايةِ، وبينَ فِدائِه، فإنْ سَلَّمه فى الجنايةِ فبِيعَ فيها، بَطَلَ تَدْبِيرُه، وإن عاد إلى سَيِّدِه، عاد تَدْبِيرُه، وإن اختارَ فِداءَه، وفَدَاهُ بما يُفْدَى به العَبْدُ، فهو مُدَبَّرٌ بحالِه. ومَن لم يُجِزْ بَيْعَه، عَيَّنَ فِداءَه على سَيِّدِه، كأُمِّ الوَلدِ. وإن كانت الجِنايةُ مُوجِبةً للقِصاصِ، فاقْتُصَّ منه فى النَّفسِ، بَطَلَ تَدْبِيرُه، وإن اقْتُصَّ منه
(1) فى ب، م:"يبطل".
(2)
فى الأصل: "لأنه".
(3)
سقط من: الأصل، أ، ب.
فى الطَّرَفِ، فهو مُدَبّرٌ بحالِه. وإذا مات سَيِّدُه بعدَ جِنايتِه، وقبلَ اسْتِيفائِها، عَتَقَ، على كلِّ حالٍ، سَواءٌ كانت مُوجِبةً للمالِ أو القِصاصِ؛ لأنَّ صِفَةَ العِتْقِ وُجِدَتْ (4) فيه، فأَشْبَهَ ما لو باشَرَه به. فإن (4) كان الواجبُ قِصاصًا، اسْتُوفِىَ، سَواءٌ كانت جِنايَتُه على عبدٍ أو حُرٍّ؛ لأنَّ القِصاصَ قد اسْتَقَرَّ وُجُوبُه عليه فى حالِ رِقِّه، فلا يَسْقُطُ بحُدُوثِ الحُرِّيَّةِ فيه. وإن كان الواجبُ عليه مالًا فى رَقَبَتِه، فُدِىَ بأقَلِّ الأَمْرَيْنِ؛ من قِيمَتِه، أو أرْشِ جِنَايَتِه. وإن جُنِىَ على المُدَبَّرِ، فأرْشُ الجِنايةِ لسَيِّدِه؛ فإن كانت الجَنايةُ على نَفْسِه، وجَبَتْ قِيمَتُه لسَيِّدِه، وبَطَلَ التَّدْبِيرُ بهَلاكِه. فإن قيل: فهَلَّا جَعَلْتُم قِيمَتَه قائمةً مَقامَه، كالعبدِ المَرْهُونِ والمَوْقُوفِ [إذا جُنِىَ عليه] (5)؟ قُلْنا: الفَرْقُ بينهما من ثلاثةِ أوْجُهٍ؛ أحدها، أَنَّ [كلَّ واحدٍ من الوَقْفِ](6) والرَّهْنِ لازِمٌ، فتعَلَّقَ الحَقُّ بِبَدَلِه، والتَّدْبِيرُ غيرُ لازمٍ؛ لأَنَّه يُمْكِنُ إبْطالُه يالبَيْعِ وغيرِه، فلم يتَعَلَّقِ الحَقُّ بِبَدَلِه. الثانى، أَنَّ الحَقَّ فى التَّدْبِيرِ للمُدَبَّرِ، فبَطَلَ حَقُّه بفَواتِ مُسْتَحِقِّه، والبَدَلُ لا يَقومُ مَقامَه فى الاسْتِحْقاقِ، والحَقُّ [فى الوَقْفِ للمَوْقُوفِ عليه، وفى الرَّهْنِ للمُرْتَهِنِ، وهو باقٍ، فيَثْبُتُ حَقُّه فى بَدَلِ مَحَلِّ حَقِّه](7). الثالث، أَنَّ المُدَبَّرَ إنَّما ثَبَتَ حَقُه بوُجُودِ مَوْتِ سَيِّدِه، فإذا هَلَكَ قبلَ سَيِّدِه، فقد هَلَكَ قبلَ ثُبُوتِ الحَقِّ له، فلم يَكُنْ له بَدَلٌ، بخِلافِ الرَّهْنِ والوَقْفِ، فإِنَّ الحَقَّ ثابتٌ فيهما، فقام بَدَلُهما مَقامَهما، وبينَ الرَّهْنِ والمُدَبَّرِ فَرْقٌ رابعٌ، وهو أَنَّ الواجِبَ القِيمةُ، ولا يُمْكِنُ وجودُ (8) التَّدْبِيرِ فيها، ولا قِيامُها مَقامَ المُدَبَّرِ فيه، وإن أخَذَ عبدًا مَكانَه، فليس هو البَدَلَ، إنَّما هو بَدَلُ القِيمةِ، بخِلافِ الرَّهْنِ، فإِنَّ القِيمةَ يجوزُ أن تكونَ رَهْنًا، فإن قِيلَ: فهذا يَلْزمُ عليه المَوْقُوفُ، فإنَّه إذا قُتِلَ، أُخِذَتْ قِيمَتُه، فاشْتُرِىَ بها عبدٌ يكونُ وَقْفًا مكانَه. قُلْنا: قد حَصَلَ الفَرْقُ بين المُدَبَّرِ والرَّهنِ من الوُجُوهِ
(4) سقط من: الأصل.
(5)
سقط من: الأصل، أ، ب.
(6)
سقط من: الأصل.
(7)
سقط من: الأصل، ثم جاء بعد قوله:"فراق اربع وهو". الآتى، اضطراب فى النسخة.
(8)
فى الأصل: "وجوب".