الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سَقَطَ؛ لتَكْذِيبِ المُقَرِّ له به. وفى الوَلدِ وَجْهان؛ أحدهما، يكونُ حُرًّا، فيكون كلُّ واحدٍ منهما يَدّعِى على (58) الآخَرِ نِصْفَ قِيمَةِ الوَلَدِ. والوَجْهُ الثانى، نِصْفُه حُرٌّ، فيُقِرُّ بأنَّ نِصْفَ الولدِ مَمْلوكٌ لشَرِيكِه، فيكونُ الولَدَانِ بينَهما من غيرِ يَمِينٍ. وعلى الوَجْهِ الأوَّلِ، يتَقاصَّان إِنْ تساوَتْ قِيمةُ الوَلدَيْنِ، ولا يَمِينَ فى المَوْضِعَيْنِ، وأيُّهما مات، عَتَقَ نَصِيبُه، ووَلاؤُه له. وإِنْ كان أحَدُهُما مُوسِرًا والآخرُ مُعْسِرًا، فالمُوسِرُ يُقِرُّ للمُعْسِرِ بنِصْفِ [قِيمَةِ الأَمَةِ، ونِصْفِ مَهْرِ مِثْلِها](59)، ويَدَّعِى عليه جَمِيعَ المَهْرِ، وقِيمةَ الوَلَدِ، والمُعْسِرُ يُقِرُّ للمُوسِرِ بنِصْفِ المَهْرِ، ونِصْفِ قِيمَةِ الولدِ، فيَسْقُطُ إقْرارُ المُوسِرِ للمُعْسِرِ بنِصْفِ قيمَةِ الجارِيةِ؛ لكَوْنِه لا يَدَّعِيه، ولا يُصَدِّقُه فيه، ويتَقاصَّان بالمَهْرِ؛ لِاسْتِوائِهما فيه، ويَدْفَعُ المُعْسِرُ إلى المُوسِرِ نِصْفَ قِيمَةِ الوَلَدِ؛ لإِقْرارِه به، ويَحْلِفُ على ما يَدَّعِيه عليه مِن الزِّيادةِ؛ لأَنَّه ادَّعَى عليه جميعَ قِيمةِ الوَلدِ، فأقَرَّ له بنِصْفِها، ويَحْلِفُ له المُوسِرُ على نِصْفِ قِيمَةِ الولَدِ الذى ادَّعاه المُعْسِرُ عليه. وأمَّا الجاريةُ، فإِنَّ نَصِيبَ المُوسِرِ منها أُمُّ ولَدٍ، بغيرِ خلافٍ بينَهما فيه، وباقِيَهَا يتَنازَعانِه؛ فإن ماتَ المُوسِرُ أوّلًا، عَتَقَ نَصِيبُه، ووَلاؤُه لوَرَثَتِه، فإذا مات المُعْسِرُ، عَتَقَ باقِيها، وإِنْ مات المعسرُ أوّلًا، لم يَعْتِقْ منها شىءٌ، فإذا مات المُوسِرُ، عَتَقَ جميعُها. ويَجِىءُ على قولِ أبى بكرٍ، أَنْ يُقْرَعَ بينَهما فى النِّصْفِ المُخْتَلَفِ فيه.
فصل:
فإنْ وَطِئاها معًا، فأتَتْ بولَدٍ، لم يَخْلُ من ثلاثةِ أقْسامٍ؛ أحدُها، أَنْ لا يُمْكِنَ أن يكونَ [من واحدٍ](60) منهما، مثل أَنْ تَأْتِىَ به بعدَ اسْتِبْرائِها منهما، أو بعدَ أرْبعِ سِنِينَ منذُ وَطِئَها كلُّ واحدٍ منهما، أو قبلَ مُضِىِّ سِتَّةِ أشْهُرٍ منذُ وَطِئَها كلُّ واحدٍ منهما، فإنَّ الوَلَدَ مَنْفِىٌّ عنهما، وهو مَمْلوكٌ لهما، حُكْمُه حكمُ أُمِّه فى العِتْقِ بأدائِها. وإذا ادَّعَى كلُّ واحدٍ منهما الاسْتِبْراءَ، قُبِلَ منه؛ لأنَّ دَعْوَى الاسْتِبْراءِ فى الأَمَةِ كاللِّعَانِ فى الحُرَّةِ. القسم الثانى، أَنْ يكونَ من أحَدِهِما بعَيْنِه دُونَ صاحِبِه، فالحكمُ فيه كالحكمِ فيما إذا ولَدَتْ من
(58) فى الأصل: "عليه".
(59)
فى ب، م:"المهر ونصف قيمة الولد ونصف مهرها".
(60)
فى الأصل: "من أحد". وفى ب: "الولد من كل واحد".
أحَدِهما بعَيْنِه؛ مِن وُجُوبِ المَهْرِ لها، وقِيمَةِ نِصْفِها لشَرِيكِه، مع الخِلافِ فى ذلك. وأمَّا الذى لم تَحْبَلْ مِن وَطْئِه، فإنْ كان الأوَّلَ، فعليه المَهْرُ لها، وإن كان (61) هو الثانىَ، فقد وَطِئَ أُمَّ ولَدِ غيرِه، فإن كانت الكِتابةُ باقِيةً، فعليه المَهْرُ لها أيضًا، وإن كانت الكِتابةُ قد فُسِخَتْ، فالمَهْرُ للَّذى اسْتَوْلَدَها، وقد وَجَبَ للثانى على الأوّلِ نِصْفُ قِيمَتِها. وفى [قِيمَةِ نِصْفِ](62) الوَلَدِ رِوَايتان. فإنْ كان المَهْرُ للأَوَّلِ، تَقاصَّا بقَدْرِ أقَلِّ الحَقَّيْنِ، وإن كان المهرُ لها، رَجعَ بحَقِّه على الذى أحْبَلَها. وأمَّا القاضى، فقال فى هذا القِسْمِ: الحكمُ الأوَّلِ، كالحُكْمِ فيه إذا انْفَرَدَ بالوَطْءِ، على ما مَضَى من التَّفْصِيلِ والتَّطْوِيلِ. وأما الثانى، فإنْ وَطِئَها بعدَ وِلادَتِها من الأوّلِ، نَظَرْنا، فإنْ وَطِئَها بعدَ الحُكْمِ بكَوْنِها أُمَّ ولَدٍ للأوَّلِ، فعليه مَهْرُ مِثْلِها، فإنْ كان فَسَخَ الكِتابةَ فى حَقِّ نَفْسِه لعَجْزِها، فالمَهْرُ له؛ لأنَّها أمُّ ولَدِه، وإن كان لم يَفْسخ، فالمهرُ بينه وبينَها نِصْفَيْنِ. وإِنْ وَطِئَها بعدَ زَوَالِ الكِتابةِ فى حَقِّه، وقبلَ الحُكْمِ بأنَّها أمُّ ولَدٍ للأَوَّلِ، سَقَطَ عنه نِصْفُ مَهْرِها؛ لأنَّ نِصْفَها قِنٌّ له، وعليه النِّصْفُ لها إِنْ لم يَكُن الأوَّلُ فَسَخَ الكِتابةَ، أو له إن كان فَسَخَ. وإِنْ كان الأوَّلُ مُعْسِرًا، فنَصِيبُه منها أُمُّ ولَدٍ له، ولها عليهما المَهْرانِ. والحكمُ فيما إذا عَجَزَتْ أو أدَّتْ، قد تَقَدَّمَ. فأمَّا إِنْ كان الولَدُ من الثانى، فالحكمُ فى وَطْءِ الأوَّلَ، كالحكمِ فيه إذا وَطِئَ مُنْفَرِدًا فلم يُحْبلْها. وأمَّا الثانى، فإنْ كان مُوسِرًا، قُوِّمَ عليه نَصِيبُ شَرِيكِه عندَ العَجْزِ؛ فإنْ فَسَخَا الكِتابةَ، قَوَّمْناها عليه، وصارَتْ أمَّ ولَدٍ له، وإن رَضِىَ الثانى بالمُقامِ على الكِتابةِ، قَوَّمْنا عليه نَصمِيبَ الأوَّلِ، وصارَتْ كلُّها أُمَّ ولَدٍ له، ونِصْفُها مُكاتَبٌ، ويَرْجعُ الأوّلُ على الثانى بنِصْفِ المَهْرِ، ونِصْفِ قِيمَةِ الولَدِ. على إحدى الرِّوايتَيْن. ويرجعُ الثانى على الأوَّلِ بنصْفِ المَهْرِ، فيتَقاصَّان به، إِنْ كان باقِيًا عليهما. وإِنْ كان الثانى مُعْسِرًا، فالحكمُ فيه (61) كما لو ولَدَتْ من الأوَّلِ وكان مُعْسِرًا، لا فَضْلَ بين المسْألتَيْن. القسم الثالث، إن (63) أمْكَنَ أَنْ يكونَ الوَلَدُ من كلِّ واحدٍ منهما، فإنَّه يُرَى القَافةَ معهما، فيُلْحَقُ بمَن أَلْحَقُوه به منهما، فمَن أُلْحِقَ به، فحُكْمُه حُكْمُ ما لو عُرِفَ أنَّه منه بغيرِ قَافةٍ.
(61) سقط من: الأصل.
(62)
فى ب: "نصف قيمة".
(63)
سقط من: أ، ب، م.
1991 -
مسألة؛ قال: (وَإِذَا كَاتَبَ نِصْفَ عَبْدٍ، فَأَدَّى مَا كُوتِبَ عَلَيْهِ، ومِثْلَهُ لِسَيِّدِه، صَار نِصْفُهُ (1) حُرًّا بِالْكِتَابةِ، إِنْ كَانَ الَّذِى كَاتَبَهُ مُعْسِرًا، وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا، عَتَقَ عَلَيْهِ كُلُّهُ، وصَارَ نِصْف قِيمَتِهِ عَلَى الَّذِى كَاتَبَهُ لِشَرِيكِهِ)
وجملتُه أَنَّ الرجلَ إذا كان له نِصْفُ عَبْدٍ، كانتْ له مُكاتَبَتُه، وتَصِحُّ منه، سَواءٌ كان باقِيه حُرًّا أو مَمْلوكًا لغيرِه، وسَواءٌ أَذنَ فيه الشَّرِيكُ أو لم يَأْذَنْ. هذا ظاهِرُ كلامِ الْخِرَقِىِّ، وأبى بكرٍ، وقولُ الحَكَمِ، وابنِ أبى لَيْلَى. وحُكِىَ ذلك عن الحسنِ البَصْرِىِّ، والحسنِ بن صالحٍ، ومالكٍ، والعَنْبَرِىِّ. وكَرِه الثَّوْرِىُّ، وحَمَّادٌ، كِتابَتَه بغيرِ إذْنِ شَرِيكِه. وقال الثَّوْرِىُّ: إن فَعَلَ رَدَدْتُه، إِلَّا أَنْ يكونَ نَقَدَه، فيَضْمَنُ لشَرِيكِه نِصْفَ ما فى يَدِه. وقال أبو حنيفةَ: تَصِحُّ بإذْنِ الشَّرِيك، ولا تَصِحُّ بغيرِ إذْنِه. وهذا أحَدُ قَوْلَى الشافعىِّ. إِلَّا أَنَّ أبا حنيفةَ قال: إذْنُه [فيما مَضَى](2) فى ذلك، يَقْتَضِى الإِذْنَ فى تَأْدِيَةِ مالِ الكِتابةِ من جَمِيعِ كَسْبِه، ولا يَرْجِعُ الآذِنُ بشىءٍ منه. وقال أبو يوسف، ومحمدٌ: يكونُ جَمِيعُه مُكاتَبًا. وقال الشافعىُّ، فى أحَدِ قَوْلَيْه: إِنْ كان باقِيه حُرًّا، صَحَّتْ كِتابَتُه، وإِنْ كان باقِيه مِلْكًا، لم تَصِحَّ كتابَتُه، سَواءٌ أذِنَ فيه الشَّرِيكُ أم لم يَأْذَن؛ لأنَّ كِتابَتَه تَقْتَضِى إطْلاقَه فى (3) الكَسْبِ والمُسافَرَةِ، ومِلْكُ نِصْفِه يَمْنَعُ ذلك، ويَمْنَعُه أخْذَ نَصِيبِه من الصَّدَقاتِ؛ لئَلَّا يَصِيرَ كَسْبًا له (4)، وَيَسْتَحِقَّ سَيِّدُه نِصْفَه، ولأنَّه إذا أدَّى عَتَقَ جَمِيعُه، فيُؤَدِّى إلى أن يُؤَدِّى نِصْفَ كِتابَتِه، ويَعْتِقَ جَمِيعُه. ولَنا، أنَّه عَقْدُ مُعاوَضةٍ على نَصِيبِه (5)، فصَحَّ كبَيْعِه، ولأنَّه مِلْكٌ له يَصِحُّ بَيْعُه وهِبَتُه، فصَحَتْ كِتابَتُه، كما لو مَلَكَ جَمِيعَه، ولأنَّه يَنْفُذُ إعْتاقُه، فصَحَّتْ كِتابَتُه، كالعبدِ الكاملِ، وكما لو كان باقِيه حُرًّا عندَ الشافعىِّ، أو أذِنَ فيه الشَّرِيكُ عندَ الباقِينَ. وقَوْلُهم: إنَّه يَقْتَضِى المُسافَرَةَ، والكَسْبَ، وأخْذَ الصَّدَقةِ. قُلْنا: أمَّا المُسافَرَةُ فليستْ مِن المُقْتَضَياتِ الأصْلِيّةِ، فوُجُودُ مانعٍ منها لا
(1) سقط من: ب، م.
(2)
سقط من: الأصل، أ، ب.
(3)
فى ب، م زيادة:"رد".
(4)
سقط من: الأصل، أ، ب.
(5)
فى ب، م:"نصفه".
يَمْنَعُ أصْلَ العَقْدِ، وأمَّا الكَسْبُ وأخْذُ الصَّدَقةِ، فإنَّه لا يَمْتَنِعُ (6) كَسْبُه وأخْذُه الصَّدقَةَ بِجُزْئِه المُكاتَبِ (7)، ولا يَسْتَحِقُّ الشَّرِيكُ شيئًا منه؛ لأَنَّه إنَّما اسْتَحَقَّ ذلك بالجُزْءِ المُكاتَبِ، ولا حَقَّ للشَّرِيكِ فيه، فكذلك فيما حَصَلَ به، كما لو وَرِثَ شيئًا بِجُزْئِه الحُرِّ. وأمَّا الكَسْبُ، فإنْ هَايَأَه مالِكُ نِصْفِه، فكَسَبَ فى نَوْبَتِه شيئًا، لم يُشارِكْه فيه أيضًا، وإِنْ لم يُهايِئْه، فكَسَبَ بجُمْلَتِه شيئًا، كان بينَهما له بقَدْرِ ما فيه من الجُزْءِ المُكاتَبِ، ولسَيِّدِه الباقِى؛ لأَنَّه كَسَبَه بِجُزْئِه المَمْلوكِ فيه، فأشْبَهَ ما لو كَسَبَ قبلَ كِتابَتِه، فيُقْسَمُ بينَ سَيِّدَيْه. وقَوْلُهم: إنَّه يُفْضِى إلى أن يُؤَدِّىَ بعضَ الكِتابةِ، فيَعْتِقَ جَمِيعُه. قُلْنا: يَبْطُلُ هذا بما لو عَلَّقَ عِتْقَ نَصِيبِه على أداءِ مالٍ، فإنَّه يُؤَدِّى عِوَضَ (8) البَعْضِ، ويَعْتِقُ الجميعُ. على أنَّنا نقولُ: لا يَعْتِقُ حتى يُؤَدِّىَ جميعَ الكِتابةِ، فإِنَّ جَمِيعَ الكِتابةِ هو الذى كاتَبَه عليه مالِكُ نِصْفِه (9)، ولم يَبْقَ منها شىءٌ، فلا يَعْتِقُ حتى يُؤَدِّىَ جَمِيعَها، ولأنَّه لا يَعْتِقُ الجميعُ بالأدَاءِ، وإنَّما يَعْتِقُ الجُزءُ المُكاتَبُ لا غيرُ، وباقِيه إِنْ كان المُكاتَبُ مُعْسِرًا، لم يَعْتِقْ باقِيه (10)، وإِنْ كان مُوسِرًا، عَتَقَ بالسِّرايةِ، لا بالكِتابةِ، ولا يَمْتَنِعُ (11) هذا، كما لو أعْتَقَ بعضَه عَتَقَ جَمِيعُه، وإذا جاز عِتْقُ (10) جَمِيعِهِ بإعْتاقِ بعضِه بطرِيقِ السِّرايةِ، جاز ذلك فيما يَجْرِى مَجْرَى العِتْقِ. إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّه إذا كاتَبَ نَصِيبَه، لم تَسْرِ الكتابةُ، ولم يَتَعَدَّ الجُزْءَ الذى كاتَبَه؛ لأنَّ الكِتابةَ عَقْدُ مُعاوَضةٍ، فلم يَسْرِ، كالبَيْعِ، وليس للعبدِ أَنْ يُؤدِّىَ إلى مُكاتِبِه شيئًا حتى يُؤَدِّىَ إلى شَرِيكه مثلَه، سَواءٌ أذِنَ الشَّرِيكُ فى كِتابَتِه أو لم يَأْذَنْ (12)؛ لأَنَّه إنَّما أذِنَ فى كِتابةِ نَصِيبِه، وذلك يقتَضِى أَنْ يكونَ نَصِيبُه باقيًا له، ولا يَقْتَضِى أن يكونَ معروفًا فى الكِتابةِ. هذا إذا كان الكَسْبُ بجَمِيعِه، فإن أدَّى الكِتابةَ مِن جميعِ كَسْبِه، لم يَعْتِقْ؛ لأنَّ الكِتابةَ الصَّحِيحةَ تَقْتَضِى العِتْقَ ببَراءَتِه مِن
(6) فى ب، م:"يمنع".
(7)
فى ب، م:"بالمكاتبة".
(8)
سقط من: ب.
(9)
سقط من: الأصل.
(10)
سقط من: م.
(11)
فى أ، ب، م:"يمنع".
(12)
فى ب زيادة: "له".