الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خِلافًا. إِلَّا أنَّه حُكِىَ عن ابن شُبْرُمَةَ، أَنَّ لِمُدَّعِى (21) الكُلِّ ثلاثةَ أرْبَاعِها؛ لأنَّ النِّصْفَ له لا يُنازَعُ (22) فيه، والنِّصْفُ الآخَرَ يُقْسَمُ بينهما على حَسَبِ دَعْوَاهما فيه. ولَنا، أَنَّ يَدَ مُدَّعِى النِّصْفِ على ما يَدَّعِيه، فكان القَوْلُ قوْلَه فيه مع يَمِينِه، كسَائرِ الدَّعَاوى. فإنْ كان لكلِّ وَاحِدٍ منهما بَيِّنَةٌ بما يَدَّعِيه، فقد تَعارضتْ بَيِّنَتاهما [فى النِّصْفِ، فيكونُ النِّصْفُ](23) لِمُدَّعِى الكُلِّ، والنَصْفُ الآخَرُ يَنْبَنِى على الخلاف فى أىِّ البَيِّنَتَين تُقَدَّمُ، وظَاهِرُ المذهبِ تَقْدِيمُ بَيِّنةِ المُدَّعِى، فتكونُ الدَّار كُلُّها لِمُدَّعِى الكُلِّ. وهو قَوْلُ أبى حنيفة، وصَاحِبَيْه. فإنْ كانَتِ الدَّارُ فى يَدِ ثالثٍ لا يَدَّعِيها، فالنِّصْفُ لصاحِبِ الكُلِّ، لا مُنازِعَ له فيه، ويُقْرَعُ بينهما فى النِّصْفِ الآخَرِ، فمَنْ خرجتْ له القُرْعَةُ، حلَفَ، وكان له. وإِنْ كان لكُلِّ وَاحِد بَيِّنَةٌ، تعارَضتا وسَقَطَتا، وصارا كمَن لا بَيِّنةَ لهما. وإِنْ قلْنا: تُسْتَعْمَلُ الْبَيِّنتَان. أُقْرِعَ بينهما، وقُدِّمَ مَنْ تقَعُ له القُرْعةُ، فى أحدِ الوَجْهَين. والثانى، يُقْسَمُ النِّصْفُ [المُخْتَلَفُ فيه](24) بينَهما، فيصِيرُ لِمُدَّعِى الكُلِّ ثلاثةُ أرْبَاعِها.
فصل:
فإنْ كانت دارٌ (25) فى يَد ثلاثةٍ، ادَّعَى أحدُهم (26) نِصْفَها، وادَّعَى الآخَرُ ثُلثَها، وادَّعَى الآخَرُ سُدسَها، فهذا اتِّفَاقٌ منهم على كَيْفِيَّة مِلْكِهم، وليس ههُنا اخْتِلافٌ ولا تَجَاحُدٌ، فإِنَّ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ منهم أَنَّ بَاقِىَ الدَّارِ وَدِيعَةٌ، أو عَارِيَّة معى، وكانت لِكُلِّ وَاحِدٍ منهم بما ادَّعَاه من المِلْكِ بَيِّنَةٌ، قُضِىَ له به؛ لأنَّ بَيِّنَتَهُ تَشْهَدُ له بما ادَّعَاه، ولا مُعارِضَ لها، وإِنْ لم تَكُنْ لوَاحِد منهم (27) بَيِّنَةٌ، حلفَ كُلُّ واحِدٍ منهم، وأُقِرَّ فى يدِه ثُلثُها.
فصل: فإن ادَّعَى أحدُهم جَمِيعَها، والآخَرُ (28) نِصْفَها، والآخَرُ ثُلثَها.، فإنْ لم تَكُنْ
(21) فى م: "المدعى".
(22)
فى ب، م:"منازع".
(23)
فى م: "فالنصف".
(24)
سقط من: الأصل، أ، ب.
(25)
فى ب، م:"الدار".
(26)
سقط من: أ.
(27)
فى الأصل، ب، م:"منهما".
(28)
فى م: "وادعى الآخر".
لوَاحِدٍ منهم بَيِّنَةٌ، قُسِمَتْ بينهم أثْلَاثًا، وعلى كُلِّ واحدٍ منهم اليَمِينُ على ما حُكِمَ له به؛ لأنَّ يَدَ كلِّ واحدٍ منهم على ثُلثِها. وإِنْ كانت لأحَدِهم بَيِّنَةٌ، نظَرْتَ، فإنْ كانتْ لِمُدَّعِى الجَمِيع، فهى له، وإِنْ كانت لِمُدَّعِى النِّصْفِ، أخذَه، والبَاقِى بينَ الآخَرَيْن نِصْفَيْن، لِمُدَّعِى الكلِّ السُّدسُ بغيرِ يَمِينٍ، ويَحْلِفُ على نِصْفِ السُّدسِ، ويحْلِفُ الآخَرُ على الرُّبعِ الذى يأخُذُه (29) جميعُه. فإنْ كانتِ الْبَيِّنَةُ لِمُدَّعِى الثُّلثِ، أخذَه، والبَاقِى بين الآخَرَين، لِمُدَّعِى الكلِّ السُّدسُ بغيْر يَمِينٍ، [ويَحْلف على السُّدس الآخَرِ](30)، ويخْلِفُ (31) الآخَرُ على جَمِيعِ ما يأخُذُه. وإِنْ كانتْ لكلِّ واحدٍ بما يَدَّعِيه بَيِّنَةٌ، فإنْ قُلْنَا: تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ صاحِبِ اليَدِ. قُسِمَتْ بينهم أثْلاثًا؛ لأنَّ يَدَ كُلِّ وَاحِدٍ منهم على الثُّلثِ. وإِنْ قُلْنَا: تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الخَارِجِ. فيَنْبَغِى أَنَّ تَسْقُطَ بيَنةُ صاحِبِ الثُّلثِ؛ لأنَّها دَاخِلَةٌ، ولِمُدَّعِى النِّصْفِ السُّدسُ؛ لأنَّ بَيِّنتَهُ خارِجةٌ فيه، ولِمُدَّعِى الكلِّ خَمْسَةُ أسْداسٍ؛ لأنَّ له السُّدسَ بغيرِ بَيِّنَةٍ، لكَوْنِه لا مُنازِعَ له فيه، فإِنَّ أحدًا لا يَدَّعِيه، وله الثُّلثان؛ لكَوْن بَيِّنَتِهِ خارِجَةً عنهما (32). وقيل: بل لِمُدَّعِى الثُّلثِ السُّدسُ؛ لأنَّ بَيِّنَةَ مُدَّعِى الكلِّ ومُدَّعِى النِّصْفِ تَعَارَضَتَا فَيه، فتَسَاقَطَا، وبَقِىَ لمَنْ هو فى يَده، ولا شىءَ لِمُدَّعِى النِّصْفِ؛ لعَدَمِ ذلك فيه، وسَواءٌ كان لِمُدَّعِى الثُّلثِ بَيِّنَةٌ، أو لم تَكنْ. وإِنْ كانتِ العَيْنُ فى يَدِ غيرِهم، واعْتَرَفَ أنَّه لا يَمْلِكها، ولا بَيِّنَةَ لهم، فالنِّصْفُ لِمُدَّعِى الكُلِّ؛ لأنَّه ليس منهم مَنْ يَدَّعِيه، ويُقْرَعُ بينهم فى النِّصْفِ البَافِى، فإنْ خَرَجَتِ القُرْعةُ لصاحِبِ الكُلِّ، أو لِصَاحِبِ النِّصْفِ، حلَفَ وأخَذَه، وإِنْ خَرَجَتْ لصَاحِبِ الثُّلُثِ، حلَفَ وأخَذَ الثلُثَ، ثم يُقْرَعُ بين الآخَرَين فى السُّدسِ، فمَنْ قَرَعَ صَا حبَه، حَلَفَ وأخَذَه. وإِنْ أقام كُلُّ وَاحِدٍ منهم بَيِّنَةً بما ادَّعَاه، فالنِّصْفُ لِمدَّعِى الكُلِّ؛ لما ذَكَرْنا، والسُّدسُ الزَّائِدُ، يتَنَازَعَه مُدَّعِى الكُلِّ ومُدَّعِى النِّصْفِ، والثُّلثُ يَدَّعِيه الثَّلاثةُ، وقد تَعارَضَتِ البَيِّنَاتُ فيه، فإنْ قُلْنا: تَسْقُطُ البَيِّنَاتُ. أقْرَعْنَا بيْن المُتَنَازِعين فيما تنازَعُوا فيه، فمَنْ قرَعَ صاحِبَه، حَلَفَ وأخَذَه، ويكونُ الحُكْمُ فيه كما لو لم تَكُنْ لهم بَيِّنَةٌ. وهذا قَوْل أبى عُبَيْد، وقَوْلُ الشَّافِعِىِّ إذْ
(29) فى الأصل، ب:"أخذه".
(30)
سقط من: الأصل.
(31)
فى الأصل زيادة: "عليه".
(32)
فى الأصل: "عنها".
كان بالعِراقِ. وعلى الرِّوَايَة التى تقولُ: إذا تَعارَضَتِ البَيِّنَاتُ، قُسِمَتِ العَيْنُ بين المُتَدَاعِين. فلِمُدَّعِى الكُلِّ النِّصْفُ ونِصْفُ السُّدسِ الزَّائِدِ عن الثُّلثِ وثُلثُ الثُّلثِ، ولمُدَّعِى النِّصْف نِصْفُ السُّدسِ وثُلثُ الثُّلثِ، ولمُدَّعِى الثُّلثِ ثُلثُه وهو التُّسْعُ، فتُخَرَّجُ المَسْأَلة من سِتَّةٍ وثَلَاثِين سَهْمًا؛ لِمُدَّعِى الكُلّ النِّصْفُ ثَمَانِيةَ عشرَ سَهْمًا (33)، ونِصْفُ السُّدسِ ثلاثةٌ، والتُّسْعُ أرْبَعةٌ، فذلك خَمْسَةٌ وعِشْرُون سَهْمًا، ولصَاحِبِ النِّصْفِ سَبْعَةٌ، ولِمُدَّعِى الثُّلث أربعةٌ وهو التُّسْعُ. وهذا قِياسُ قَوْلِ قَتادةَ، والحَارِثِ العُكْلِىِّ، وابنِ شُبْرُمَةَ، وحَمَّادٍ، وأبى حنيفة. وهو قَوْلٌ للشَّافِعِىِّ. وقال أبو ثَوْر: يأْخُذُ مُدَّعِى الكُلِّ النِّصْفَ، ويُوقَفُ الباقِى حتى يَتَبَيَّن. ويُرْوَى هذا عن مَالِكٍ. وهو قَوْلٌ للشَّافِعِىِّ. وقال ابن أبى ليلى، وقَوْمٌ من أهْلِ العراقِ: تُقْسَمُ العَيْنُ بينهم على حَسَبِ عَوْلِ الفَرَائِضِ، لصاحِبِ الكُلِّ سِتَّةٌ، ولصاحِبِ النِّصْفِ ثلاثة، ولصاحِب الثُّلثِ سَهْمَان، فتَصِحُّ من أحدَ عشرَ سَهْمًا. وسُئِلَ سَهْل بن عبد اللَّه بنِ أبى أُويسٍ (34) عن ثلاثةٍ ادَّعَوا كِيسًا رهو بأيْديهِم، ولا بَيِّنَةَ لهم، وحَلَفَ كُلُّ واحِدٍ منهم على ما ادَّعَاه؛ ادَّعَى أحدُهم جَمِيعَه، وادَّعَى آخَرُ ثُلثَيْه، وادَّعَى آخَرُ نِصْفه؟ فأجَابَ فيها (35) بشِعْرٍ (36):
نظرتُ أبا يَعْقوبَ فى الحِسَب التى
…
طَرَتْ فأقامَتْ منهمُ كُلَّ قاعِدِ
فلِلْمُدَّعِى الثُّلْثَيْن ثُلْثٌ ولِلَّذى
…
اسْتَلَاطَ جَمِيعَ المَالِ عند التَّحَاشُدِ
من المَالِ نِصْفٌ غَيْرَ ما سَيَنُوبُهُ
…
وحِصَّتُه من نِصْفِ ذا المالِ زائِدِ
ولِلْمُدَّعِى نِصْفًا من المالِ رُبْعُه
…
ويُؤْخَذُ نِصْفُ السُّدْسِ من كُلِّ وَاحِدِ
وهذا قوْلُ مَنْ قَسَمَ المالَ بينهم على حسَب العَوْلِ، فكَأنَّ المسْأَلَة عالَتْ [من سِتَّةٍ](37) إلى ثَلاثةَ عَشَرَ؛ وذلك أنَّه أخَذَ مَخارِجَ (38) الكُسُورِ، وهى سِتَّةٌ، فجعلها لِمُدَّعِى الكُلِّ، وثُلثاها أرْبَعةٌ لِمُدَّعِى الثُّلثيْن، ونِصْفُها ثلاثةٌ، لِمُدَّعِى النِّصْفِ، صارتْ ثَلاثةَ عَشرَ.
(33) سقط من: أ.
(34)
فى ب، م:"أوس". وفى الشرح الكبير 6/ 322: "ابن أويس".
(35)
فى ب، م:"فيهم".
(36)
فى م زيادة: "يقول".
(37)
سقط من: الأصل، أ، ب.
(38)
فى م: "مخرج".