الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل:
وإِنْ شَرَطَ (12) السَّيِّدُ على المُكاتَبِ أَنْ يَرِثَه دُونَ ورَثَتِه، أو يُزَاحِمَهم (13) فى مَوارِيِثِهم، فهو شَرْطٌ فاسِدٌ. فى قَولِ عامَّةِ العُلَماءِ، منهم، الحسنُ، وعَطاءٌ، وشُرَيحٌ، وعمرُ بنُ عبد العزيز، والنَّخَعِىُّ، وإسْحاقُ. وأجازَ إياسُ بنُ مُعاوِيَةَ أَنْ يَشْتَرِطَ شيئًا من مِيرَاثِه. ولا يَصِحُّ؛ لأنّه يُخالِفُ كتابَ اللَّه عز وجل، كلُّ شَرْطٍ ليس فى كتابِ اللَّه، فهو باطِلٌ، بقَوْلِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم. قال سعيد: حَدَّثَنا هُشَيْمٌ، حَدَّثَنا منصورٌ، عن ابنِ سِيرِينَ، أَنَّ رجُلًا كاتَبَ مَمْلُوكَهُ، واشْتَرَطَ مِيرَاثَه، فلمَّا ماتَ المُكاتَبُ، خَاصَمَ (14) ورَثَتَه إلى شُرَيْحٍ، [فقَضَى شريحٌ](15) بمِيراثِ المُكاتَبِ لوَرَثَتِه، فقال الرجلُ: ما يُغْنِى عنِّى (16) شَرْطِى منذُ عِشْرِينَ سَنَة؟ فقال شُرَيحٌ: كتابُ اللَّه أنْزَلَه على نَبِيِّه قبلَ شَرْطِكَ بخَمْسِينَ سَنَةً (17). ولا تفْسُدُ الكتابةُ بهذا الشَّرْطِ، كالذى قبلَه.
فصل: وإِنْ شَرَطَ عليه خِدْمَةً معلومَةً بعدَ العِتْقَ، جازَ. وبه قال عَطاءٌ، وابنُ شُبْرُمَةَ. وقال مالِكٌ، والزُّهْرِىُّ: لا يصِحُّ؛ لأنَّهُ يُنافِى مُقْتَضَى العَقْدِ، أشْبَهَ ما لو شَرَطَ مِيراثَه. ولَنا، أنَّه رُوِىَ عن عمرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أنَّه أعْتَقَ كلَّ مَن يُصَلِّى مِن سَبْىِ العربِ، وشَرَطَ عليهم، أَنَّكم تخْدُمُونَ الخليفةَ مِن بَعْدِى ثلاثَ سَنَواتٍ (18). ولأنَّه اشْتَرطَ خِدْمَةً فى عَقْدِ الكتابةِ، أشْبَهَ ما لو شَرَطَها قبلَ العِتْقِ، ولأنَّه شَرَطَ نَفْعًا مَعْلُومًا، أشْبَهَ ما لو شَرَطَ عِوَضًا معلومًا، ولا نُسَلِّمُ أنَّه يُنافِى مُقْتَضَى العَقْدِ؛ فإِنَّ مُقْتَضاهُ العِتْقُ عندَ الأداءِ، وهذا لا يُنافِيه.
فصل: وإذا كاتَبَه على أَلْفَيْن، فى رأسِ كُلِّ شَهْرٍ أَلْفٌ، وشَرَطَ أَنْ يَعْتِقَ عندَ أداءِ الأوَّلِ، صَحَّ، فى قِياسِ المذهبِ، ويَعْتِقُ عندَ أدائِه؛ لأنَّ السَّيِّدَ لو أعْتَقَه بغيرِ أدَاءِ شىءٍ،
(12) فى م: "اشترط".
(13)
فى الأصل، أ:"مزاحمتهم".
(14)
فى م: "تخاصم".
(15)
سقط من: الأصل. نقل نظر.
(16)
سقط من: أ، ب.
(17)
وأخرجه عبد الرزاق، فى: باب الشرط على المكاتب، من كتاب المكاتب. المصنف 8/ 378. وذكره وكيع، فى: أخبار القضاة 2/ 356.
(18)
أخرجه عبد الرزاق، فى: باب الشرط على المكاتب، من كتاب المكاتب. المصنف 8/ 380، 381.
صَحَّ، فكذلك إذا أعْتَقَه عندَ أداءِ البَعْضِ، ويَبْقَى الآخَرُ دَيْنًا عليه بعدَ عِتْقِه، كما لو باعَه نَفْسَه به (19).
2011 -
مسألة؛ قال: (وَإِذَا أسَرَ الْعَدُوُّ الْمُكَاتَبَ، فَاشتَرَاهُ رَجُلٌ، فَأَخْرَجَهُ إِلَى سَيِّدهِ، فَأحَبَّ أخْذَه، أخذَهُ بِمَا اشتَرَاهُ، فَهُوَ عَلَى كتابَتِهِ. وإِنْ لَمْ يُحِبَّ أخذَهُ، فَهُوَ عَلَى (1) مِلْكِ مُشْتَرِيه، مُبْقًى عَلَى مَا بَقِىَ مِنْ كِتابَتِهِ، يَعْتِقُ بِالْأَدَاءِ، ووَلَاؤُهُ لِمَنْ يُؤدِّى إلَيْهِ)
وجُمْلَتُه أَنَّ الكُفَّارَ إذا أسَرُوا مُكاتَبًا، ثم اسْتَنْقَذَه المسلمون، فالكتابةُ بحالِها؛ فإنْ أُخِذَ فى الغَنائِم، فعُلِمَ بحالِه، أو أدْرَكَه سَيِّدُه قبلَ قَسْمِه، أخَذَه بغيرِ شىءٍ، وكان على كتابتِه، كمَنْ لم يُؤْسَرْ، وإِنْ لم يُدْرِكه حتى قُسِمَ، وصارَ فى سَهْمِ بعضِ الغانِمين، أو اشْتَراهُ رجُلٌ مِن الغَنِيمَةِ قبلَ قَسْمِه، أو مِن المشركين، وأخْرَجَه إلى سَيِّدِه، فإِنَّ سَيِّدَه أحَقُّ به بالثَّمَنِ الذى ابْتاعَه به. وفيما إذا كان غَنِيمَةً، رِوايَةٌ أُخْرَى، أنَّه إذا قُسِمَ، فلا حَقَّ لسَيِّدِه فيه بحالٍ. فيُخَرَّجُ فى المُشْتَرَى (2) مثلُ ذلك. وعلى كُلِّ تَقْديرٍ، فإِنَّ سَيِّدَه إِنْ أخَذَه، فهو مُبْقًى على ما بَقِىَ مِن كتابَتِهِ، وإِنْ تَرَكَه، فهو فى يَدِ مُشْتَرِيه، مُبْقًى على ما بَقِىَ مِن كِتابَتِه، يعْتِقُ (3) بالأداءِ فى المَوْضِعَيْن، وَلاؤُه لمَن يُؤدِّى إليه، كما لو اشْتَراهُ مِن سَيِّدِه. وقال أبو حنيفةَ، والشافِعِىُّ، [رَضِىَ اللَّهُ عنهما: لا يَثْبُتُ عليه مِلْكُ الكُفَّارِ، ويُرَدُّ إلى سَيِّدِه بكلِّ حالٍ. ووافَقَ أبو حنيفةَ الشافِعِىَّ] (4)، فى المُكاتَبِ والمُدَبَّرِ خاصَّةً؛ لأنَّهما عندَه لا يجوزُ بَيْعُهما، ولا نَقْلُ (5) المِلْكِ فيهما، فأشْبها أُمَّ الوَلدِ. وقَدْ تَقَدَّمَ الكلامُ فى الدَّلالةِ على أَنَّ ما أدْرَكَه صاحِبُه مَقْسُومًا، لا يَسْتَحِقُّ صاحِبُه أخْذَه بغيرِ شىءٍ، وكذلك ما اشْتَراهُ مُسْلِمٌ من
(19) سقط من: الأصل.
(1)
سقط من: ب.
(2)
فى الأصل: "المستولى".
(3)
فى م: "فيعتق".
(4)
سقط من: ب. نقل نظر.
(5)
فى الأصل: "ينقل".