الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَصْدَقَها إيَّاها، أو باعَها إيَّاها، وأقاما بَيِّنَتَيْنِ، قُدِّمَت بَيِّنةُ المَرْأَةِ؛ لذلك، فإِنْ لم تَكُنْ بَيِّنَةً، فالقَوْلُ قَوْلُ الابْنِ مع يَمِينِهِ. لا نَعْلَمُ فى هذا خِلافًا.
فصل:
إذا ادَّعَى رجلٌ أنَّه أكْرَى (13) بَيْتًا [فى دارِه](14) لرجُلٍ شَهْرًا بعشرةٍ، فادَّعَى الرجلُ أنَّه اكْتَرَى الدَّارَ كُلَّها بعشرةٍ، ذلك الشَّهْرَ، ولا بَيِّنَةَ لِواحِدٍ منهما، فقد اخْتَلَفا فى صِفَةِ الْعَقْدِ، [إِلَّا أنَّهما اخْتلَفا](15) فى قَدْرِ المُكْتَرَى، فَيَتَحالَفانِ، وقد مَضَى حُكْمُ التَّحالُفِ فى البَيْعِ (16). وذَكَرَ أبو الخَطَّاب، فيما إذا ادَّعَى البائِعُ أنَّه باعَه عبْدَه هذا بِعشرةٍ، وقال المُشْتَرِى: بَلْ هو والعَبْدُ الآخَرُ بِعشرةٍ. فالقَوْلُ قول البائِعِ مع يَمِينِه. ولم يَجْعَلْ بينهما تحالُفًا؛ لأنَّ المُشْتَرِىَ يدَّعِى بَيْعًا فى العَبْدِ الزَائِدِ، يُنْكِرُه البائِعُ، والقَوْل قَولُ المُنْكِرِ. وهذا مِثْلُهُ. فعلى هذا يكونُ القَوْلُ قَوْلُ المُكْرِى (17) مع يَمِينِهِ إذا عُدِمَتِ البَيِّنَةُ. فانْ أقامَ أَحدُهما بِدَعْوَاهُ بَيِّنَةً، حُكِم له، وِإنْ كان مع كُلِّ واحِدٍ منهما (18) بَيِّنَةٌ، تعارَضَتا، سواءٌ كانتا مُطْلَقَتَيْنِ، أو مُؤَرَّخَتَيْنِ بتارِيخ واحِدٍ، أو إِحْداهُما مُؤَرَّخَةٌ وَالأُخْرَى مُطْلَقَةٌ؛ لأنَّ العَقْدَ على البَيْتِ مُفْرَدًا، وعلى الدَّارِ كُلِّها، فى زَمَنٍ واحِدٍ، مُحالٌ، فإنْ قُلْنا: تَسْقُطَانِ. فالحُكْمُ فيه كما لو لم يكُنْ بينَهما بَيِّنَةٌ، وإِنْ قُلْنَا: يقْرَعُ بينَهما. قدَّمْنا قَوْلَ مَنْ تَقَعُ له الْقرْعَةُ. وهذا قَوْلُ القاضى، وظاهرُ مذهبِ الشَّافِعِىِّ. وعلى قَوْلِ أبى الخَطَّابِ، تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ المُكْتَرِى؛ لأنَّها تَشْهَدُ بزِيادةٍ. وهو قَوْلُ بعضِ أصْحابِ الشَّافِعِىِّ. فإِنْ قِيلَ: فهَلَّا أوْجَبْتُم الْأُخْرَيَيْنِ معًا على المِّكْتَرِى، كما قُلْتُم فيما إذا قامَتِ الْبَيِّنَةُ أنَّه تَزَوَّجَها يومَ الخَمِيسِ بأَلْفٍ، وقامت [البيِّنَةُ الأُخْرَى] (19) أَنَّهُ تَزَوَّجَها يومَ الجُمعةِ بمائةٍ: يجِبُ المَهْرَانِ؟ قُلْنَا: ثمَّ يجوزُ أَنْ يكونَ المَهْرَانِ مُسْتَقِرَّيْنِ، بِأنْ يَتَزَوَّجَها يومَ الخميسِ، ويَدْخُلَ بها، ثم يُخَالِعَها، ثم يَتَزَوَّجَها يومَ الجُمعةِ. وأمَّا الأُجْرَةُ،
(13) فى م: "اكترى".
(14)
فى م: "من دار".
(15)
سقط من: م.
(16)
تقدم فى: 8/ 141، 142.
(17)
فى ب: "المكترى".
(18)
سقط من: م.
(19)
فى أ، ب، م:"بينة أخرى".
فلا تَسْتَقِرُّ إِلَّا بمُضِىِّ الزَّمانِ، فإِذا عَقَدَ عَقْدًا قبلَ مُضِىِّ المُدَّةِ، لم يجزْ أَنْ تَجِبَ الأُجْرَتَانِ.
1942 -
مسألة؛ قال: (وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدانِ على رَجُلٍ، أَنَّهُ أَخَذَ من صَبِىٍّ أَلْفًا، وَشَهِدَ آخَرَانِ على رَجُلٍ آخَرَ، أَنَّهُ أخَذَ مِنَ الصَّبِىِّ ألْفًا، كَانَ على وَلِىِّ الصَّبِىِّ أَنْ يُطَالِبَ أحَدهُمَا بالْأَلْفِ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ كُلُّ بَيِّنَةٍ لَمْ تَشْهَدْ بِالْأَلْفِ الَّتِى (1) شَهِدتْ بِهَا (2) الْأُخْرَى، فَيَأْخَذَ الوَلِىُّ الأَلْفَيْنِ)
أمَّا إذا كانتْ كُلُّ بَيِّنَةٍ شَهِدَتْ بِأَلْفٍ غيرِ مُعَيَّن، فإِنَّ الوَلِىَّ يُطَالِبُ بالأَلفَيْنِ جميعًا؛ لأَنَّ كُلَّ واحِدٍ مِنَ الرَّجُلَيْنِ ثَبَتَ عليه أَحَدُ الْأَلفَيْنِ، فَيَلْزَمُه أداؤُه (3)، وعلى الوَلِىِّ المُطالَبةُ (4) بها، كما لو أَقرَّ كل واحِدٍ منهما بِأَلْفٍ. وأَمَّا إِنْ كان المَشْهُودُ به ألْفًا مُعَيَّنًا، فشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّ هذا الرجلَ هو الآخِذُ لها (5)، لَمْ يَجبْ إلا ألْفٌ واحِدٌ (6)، وللوَلِىِّ مُطَالَبَةُ أيِّهما شاء؛ لأنَّه قد ثَبَتَ أَنَّ كُلَّ واحِدٍ منهما أَخَذَ الْأَلفَ، فإِنْ كان لم يَرُدَّهُ، فقد استَقَرَّ فى ذِمَّتِه، وإِنْ كان رَدَّهُ إلى الصَّبِىِّ، لم تَبْرأْ ذِمَّتُه بِرَدِّه إلَيْه؛ لأنَّه ليس له قَبْضٌ صَحيحٌ. فإِنْ غَرِمَهُ الَّذى لم يَرُدَّه، لم يَرجِعْ على أحَدٍ؛ لأنَّهُ استَقَرَّ علَيْهِ، وإن غَرِمَه الرَّادُّ لَهُ، رَجَعَ على الذى لم يَرُدَّه. فإِنْ غَرِمَهُ أحَدُهما، فادَّعَى أَنَّ الضَّمَانَ استَقَر على صَاحِبِهِ، ليَرْجِعَ عليه، فالقَوْلُ قَوْلُ الآخَرِ مَعَ يَمِينِهِ؛ لأنَّ الأَصْلَ عَدَمُ اسْتِقْرارِهِ عليهِ.
1943 -
مسألة؛ قال: (وَلَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ حَرْبِيَّيْنِ جَاءَانَا (1) من أَرْضِ الْحَرْبِ، فذَكَرَ كُلُّ واحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ أَخُو صَاحِبِهِ، جَعَلْنَاهُمَا أَخَوَيْنِ. وَإِنْ كَانَا سَبْيًا، فَادَّعَيَا ذَلِكَ بَعْد أَنْ أُعْتِقَا (2)، فَمِيرَاثُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِمُعْتِقِهِ، إِذَا لَمْ يُصَدِّقْهُمَا، إِلَّا أَنْ
(1) فى م: "الذى".
(2)
فى م: "به".
(3)
فى م: "أداؤها".
(4)
فى أ، م:"أن يطالب".
(5)
فى الأصل: "لهما". وفى ب: "بها".
(6)
فى ب: "واحدة".
(1)
فى أ، م:"جاءا".
(2)
فى أ: "عتقا".
تَقُومَ بِمَا ادَّعَيَاهُ (3) بَيِّنَةٌ مِنَ المُسْلِمِينَ، فَيَثْبُتَ النَّسَبُ، وَيُوَرَّثَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ أَخِيهِ)
وجُملتُه أَنَّ أهلَ الحَرْبِ إذا دَخَلُوا إِلينا مُسْلِمِينَ، أو غير مُسْلِمِينَ، فأَقَرَّ بَعْضُهم بِنَسَبِ بعضٍ، ثَبَتَ نَسَبُهم، كما يَثْبُتُ نَسَبُ أَهلِ دارِ الإِسلام مِن المسلمِين وأَهْلِ الذِّمَّةِ بإِقْرَارِهِمْ، ولأنَّه إِقْرارٌ لا ضَرَرَ على أحدٍ فِيه، فقُبِلَ، كَإِقْرَارِهِمْ بالحُقوقِ المالِيَّةِ، ولا، نَعْلَمُ فى هذا خِلافًا. وِإنْ كانُوا سَبْيًا، فأقَرَّ بَعْضُهم بنَسَبِ بعضٍ، وقامَتْ بذلك بَيِّنَةٌ من المسلمين، ثَبَتَ أيْضًا، سَواءٌ كان الشَّاهِدُ أَسِيرًا عندَهُم، أو غيرَ أَسِيرٍ. وَيُسَمَّى الوَاحِدُ من هؤلاءِ حَمِيلًا، أىْ مَحْمُولًا، كما يقال للْمَقْتُولِ قَتِيلٌ، ولِلْمَجْرُوحِ جَرِيحٌ؛ لأنَّهُ حُمِلَ من دارِ الكُفْرِ. وقِيلَ: سُمِّىَ حَمِيلًا؛ لِأَنَّه حَمَلَ نَسَبَه على غيرِه. وإِنْ شَهِدَ بِنَسَبِهِ الكُفَّارُ، لم تُقْبَلْ. وعَنْ أحمدَ، رِوايَةٌ أُخْرَى، أَنَّ شَهادَتَهم فى ذلك تُقْبَلُ؛ لِتَعَذُّرِ شَهادَةِ المسلمين به فى الْغالِب، فأشْبَهَ شَهادَةَ أَهْلِ الذِّمَّةِ على الوَصِيَّةِ فى السَّفَرِ، إذ لم يكُنْ غَيْرُهم. والمذهبُ الأَوَّلُ؛ لأَنَّنا إذا لم نَقْبَلْ شَهادَةَ الفاسِقِ، فشَهادَةُ الكافِرِ أَوْلَى، وإِنَّما لم يُقْبَلْ إقْرَارُهم؛ لمَا فى ذلك مِن الضَّرَرِ على المُعْتِقِ (4)، بتَفْويتِ إرْثِهِ بِالوَلاءِ، على تَقْدِيرِ العِتْقِ. وِإنْ صَدَّقَهما مُعْتِقُهما، قُبِلَ؛ لأنَّ الحَقَّ له. وإِنْ لم يُصَدِّقْهما، ولم تَقُمْ بَيِّنَةٌ بذلك، لم يَرِثْ بعضُهم مِن بعضٍ، ومِيرَاثُ كُلِّ وَاحِدٍ منهما لِمُعْتِقِهِ. وهذا قَوْلُ الشَّافِعِىِّ، فيما إذا أَقَرَّ بِنَسَبِ أَبٍ، أَوْ أَخٍ، أَوْ جَدٍّ، أو ابْنِ عَمٍّ. وَإِنْ أقَرَّ بِنَسَبِ ولدٍ (5)، ففيه ثَلاثَةُ أَوْجُهٍ؛ أحَدُها، لا يُقْبَلُ. والثانى، يُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ أَنْ يَسْتَوْلِدَ، فَمَلَكَ الإِقْرارَ به. والثَّالِثُ، إِنْ أَمْكَنَ أَنْ يَسْتَوْلِدَ بعدَ عِتْقِه، قُبِلَ؛ لِأنَّه يَمْلِكُ الاسْتِيلادَ بعدَ عِتْقِهِ، وإِلَّا لم يُقْبَلْ؛ لأنَّه لا يَمْلِكُه (6) قَبْلَ عِتْقِهِ (7). وَيُرْوَى عن ابنِ مَسْعُودٍ،
(3) فى الأصل: "ادعيا".
(4)
فى م: "السيد".
(5)
سقط من: أ، م.
(6)
فى م: "يملك".
(7)
فى م زيادة: "أو يستولد قبل عتقه".