الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يُؤَدِّيَها، ويَبْدَأُ بِما شاءَ منها كالحُرِّ. وإِنْ [لم يف بها ما فى يَدِه، وكلُّها حالَّةٌ، ولم (28) يَحْجُرِ الحاكمُ عليه، فخَصَّ بعضَهم بالقَضاءِ، صَحَّ كالحُرِّ. وإن](29) كان فيها مُؤَجَّلٌ، فعَجَّلَه بغيرِ إذْنِ سَيِّدِه، لم يَجُزْ؛ لأنَّ تَعْجِيلَه تَبَرُّعٌ، فلم يَجُزْ بغيرِ إذْنِ سَيِّدِه، كالهِبَةِ. وإن كان بإذْنِ سَيِّدِه، جاز، كالهِبَةِ. وإِنْ كان التَّعْجِيلُ للسَّيِّدِ، فقبُولُه بمَنْزِلةِ إذْنِه. وإِنْ كان الحاكمُ قد حَجَرَ عليه بسُؤالِ غُرَمائِه، فالنَّظَرُ إلى الحاكِم، وإنَّما يَحْجُرُ عليه بسُؤالِهِم، فإن حَجَرَ عليه بغيرِ سُؤَالِهِم، لم يَصِحَّ؛ لأنَّ الحَقَّ لهم، فلا يُسْتَوْفَى بغيرِ إذْنِهِم. وإن سألَه سَيِّدُه الحَجْرَ عليه، لم يُجِبْه إلى ذلك؛ لأنَّ حَقَّه غيرُ مُسْتَقِرٍّ، فلا (30) يَحْجُرُ عليه من أجْلِه. فإذا حَجَرَ عليه بسُؤالِ الغُرَماءِ، فقال القاضى: عندى أنَّه يَبْدَأُ بقَضاءِ ثمنِ المَبِيعِ، وعِوَضِ الفَرْضِ (31)، يُسَوِّى بينَهما، ويُقَدِّمُهُما على أرْشِ الجِنايةِ ومالِ الكِتابةِ؛ لأنَّ أرْشَ الجِنايةِ مَحَلُّ الرقَبةِ، فإذا لم يَحْصُلْ ممَّا فى يَده، اسْتُوفِىَ من رَقَبَتِه، وهذا مذهبُ الشافعىِّ. واتّفَقَ أصْحابُنا، والشافعىُّ، على تَقْدِيمِ أرْشِ الجِنايةِ على مالِ الكِتابةِ، على ما مَضَى بيانُه.
فصل:
وإذا جَنَى بعضُ عَبِيدِ المُكاتَبِ جِنايةً تُوجِبُ القِصاصٍ، فلِلْمَجْنِىِّ عليه الخِيارُ بين القِصاصِ والمالِ؛ فإن اختارَ المالَ، أو كانت الجنايةُ خطأً، أو شِبْهَ عَمْدٍ، أو إتْلافَ مالٍ، تعَلَّقَ أرْشُها برَقَبَتِه، وللمُكاتَبِ فِداؤُه بأقَلِّ الأمْرينِ؛ من قِيمَتِه، أو أرْشِ جِنايَتِه؛ لأَنَّه بمنزلةِ شِرائِه، وليس له فِداؤُه بأكثرَ من قِيمَتِه، كما لا يجوزُ له أن يَشْتَرِيَه بذلك، إِلَّا أن يَأْذَنَ فيه (32) سَيِّدُه. فإن كان الأرْشُ أقَلَّ من قِيمتِه، لم يكُنْ له تَسْلِيمُه؛ لأَنَّه يتَبَرَّعُ (33) بالزِّيادةِ. وإن زادَ الأرْشُ على قِيمَتِه، فهل يَلْزَمُه تَسْلِيمُه، أو يَفْديه بأقَلِّ الأمرينِ؟ على رِوَايتَيْن.
فصل: فإن مَلَكَ المُكاتَبُ ابْنَه، أو بعضَ ذَوِى رَحِمِه المَحْرَمِ، أو وُلِدَ له ولَدٌ من
(28) سقطت الواو من: أ، م.
(29)
سقط من: الأصل. نقل نظر.
(30)
فى م: "فلم".
(31)
فى أ، ب، م:"القرض".
(32)
سقط من: الأصل، ب.
(33)
فى ب: "فليتبرع". وفى م: "تبرع".
أمَتِه، فجَنَى جِنايةً، تعَلَّقَ أرْشُها برَقَبَتِه، وللمُكاتَبِ فِداؤُه بغيرِ إذْنِ سَيِّدِه، كما يَفْدِى غيرَه مِن عَبِيدِه. وقال القاضى، فى "المُجَرَّدِ": ليس له فِداؤُه بغيرِ إذْنِه. وهو مذهبُ الشافعىِّ؛ لأَنَّه إتْلافٌ لمالِه، فإِنَّ ذَوِى رَحِمه ليسوا بمالٍ له، ولا يتَصَرَّفُ فيهم، فلم يَجُزْ له [إخْراجُ مالِه](34) فى مُقابَلَتِهِم، ولا (35) شِراءُهم، كالتّبَرُّعِ، ويُفارِقُ العَبْد الأجْنَبِىَّ؛ فإنَّه يَنْتَفِعُ به، وله (36) صَرْفُه فى كِتابَتِه، فكان له (37) فداؤُه وشِراؤُه، كسائرِ الأمْوالِ. ولكنْ (38) إن كان لهذا الجانى كَسْبٌ، فُدىَ منه، وإن لم يكُنْ له كَسْبٌ، بِيعَ فى الجِنايةِ، إن اسْتَغْرَقَتْ قِيمَتَه، وإن لم تَسْتَغْرِقْها، بِيعَ بعضُه فيها، وما بَقِىَ للمُكاتَبِ. ولَنا، أنَّه عَبْدٌ له جَنَى، فمَلَكَ فِداءَه، كسائرِ عَبِيدِه، ولا نُسَلِّمُ أنَّه لا يَمْلِكُ شِراءَه. وقولُهم: لا يتَصَرَّفُ فيه. قُلْنا: إِلَّا أَنَّ كَسْبَه له، وإن عَجزَ (39) المُكاتبُ، صار رَقِيقًا معه لسَيِّدِه، وإن أدَّى المُكاتبُ، لم يتَضَرَّر السَّيِّدُ بعِتْقِهِم، وانْتَفَعَ به المُكاتَبُ، وإذا دار أمْرُه بين نَفْعِ وانْتِفاءِ ضَرَرٍ، وجَبَ أن لا يُمْنَعَ منه، وفارَقَ التَّبَرُّعَ، فإنَّه يُفَوِّتُ المالَ على السَّيِّدِ. فإن قيل: بل فيه مَضَرّةٌ، وهو مَنْعُه من أداءِ الكِتابةِ، فإنَّه إذا صَرَفَ المالَ فيه، ولم يَقْدِرْ على صَرْفِه فى الكِتابةِ، عَجَزَ عنها. قُلْنا: هذا الضَّرَرُ لا يُمْنَعُ المُكاتَبُ منه؛ بدليلِ ما لو تَرَكَ الكَسْبَ مع إمْكانِه، أو امْتَنَعَ من الأداءِ مع قُدْرَتِه عليه، فإنَّه لا يُمْنَعُ منه، ولا يُجْبَرُ على كَسْب ولا أدَاءٍ، فكذلك لا يُمْنَعُ ممَّا هو فى مَعْناه، ولا ممَّا يُفْضِى إليه، ولأنَّ غايةَ الضَّرَرِ فى هذا، المَنْعُ من (40) إتْمامِ الكِتابةِ، وليس إتْمامُها واجِبًا عليه، فأشْبَهَ تَرْكَ الكَسْبِ، بل هذا أوْلَى لوَجْهَيْنِ؛ أحدهما، أَنَّ هذا فيه نَفْعٌ للسَّيِّدِ؛ لمَصِيرِهم عَبِيدًا له. والثانى، أَنَّ فيه نَفْعًا للمُكاتَبِ، بإعتاقِ ولَدِه، وذَوِى رَحِمِه، [ونَفْعًا لهم](41) بالإِعْتاقِ، على تَقْديرِ الأداءِ، فإذا (40) لم يُمْنَعْ ممَّا (42) يُساوِيه فى المَضَرَّةِ مِن غيرِ نَفْعٍ فيه،
(34) سقط من: الأصل.
(35)
فى م: "ولأن".
(36)
فى ب: "ولو".
(37)
سقط من: م.
(38)
سقطت الواو من: ب، م.
(39)
فى ب، م:"عجزه".
(40)
سقط من: الأصل.
(41)
فى م: "ونفعهم".
(42)
فى ب: "ما".