الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل:
وإذا دَفَعَ إليه مالَ كتابتِه (27) ظاهِرًا، فقال له السَّيِّدُ: أنتَ حُرٌّ. [وقال: هذا حُرٌّ](28). ثم بانَ العِوَضُ مُسْتَحَقًّا، لم يعْتِقْ بذلك؛ لأنَّ ظاهِرَه الإِخْبارُ عمَّا حَصَلَ له بالأداءِ. فلو ادَّعَى المُكاتَبُ أَنَّ سَيِّدَه قَصَدَ بذلك عِتْقَه، وأنْكَرَ السَّيِّدُ، فالقولُ قولُ السَّيِّدِ معَ يَمِينِه؛ لأنَّ الظَّاهِرَ معه (29)، وهو أخْبَرُ بما نَوَى.
1994 -
مسألة؛ قال: (وَمَا قَبَضَ مِنْ نُجُومِ كِتَابَتِهِ، اسْتَقْبَلَ بِهِ (1) حَوْلًا)
وجملتُه أَنَّ ما يَأْخُذُه مِن نُجُومِ كِتابتَهِ، كمالٍ أسْتَفادَه بكَسْبٍ أو غيرِه، فيَمْلِكُه بأخْذِه، ويَسْتَقْبِلُ به حَوْلًا؛ لأَنَّه لا يَمْلِكُ ما فى يَدِ مُكاتَبِه، ولهذا جَرَى الرِّبا بينَهما، ولا زَكاةَ عليه فى الدَّيْنِ الذى على المُكاتَبِ؛ لأنَّ مِلْكَه عليه غيرُ تامٍّ، فوَجَبَ أن يسْتَقْبِلَ بما يأخُدُه منه حَوْلًا، كما لو أخَذَه من أجْنَبِىٍّ.
1995 - مسألة؛ قال: (وَإِذَا جَنَى الْمُكَاتَبُ، بُدِئَ بِجِنَايَتِهِ قَبْلَ كِتَابَتِهِ، فَإِنْ عَجَزَ، كَانَ سَيِّدُهُ مُحَيَّرًا بَيْنَ أَنْ يَفْدِيَهُ بِقِيمَتِه إِنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ جِنَايَتِهِ، أَوْ يُسَلِّمَهُ)
وجملةُ ذلك أَنَّ المُكاتَبَ إذا جَنَى جِنايةً مُوجِبةً للمالِ، تَعَلّقَ أرْشُها برَقَبَتِه، ويُؤَدِّى من المالِ الذى فى يَدِه. وبهذا قال الحسنُ، والحَكَمُ، وحَمَّادٌ، والأوْزَاعِىُّ، ومالكٌ، والحسنُ بن صالحٍ، والشافعىُّ، وأبو ثَوْرٍ. وقال عَطاءٌ، والنَّخَعِىُّ، وعمرُو بن دِينارٍ: جِنايَتُه على سَيِّدِه. قال عَطاءٌ: ويَرْجع سَيِّدُه بها عليه. وقال الزُّهْرِىُّ: إذا قَتَلَ رَجُلًا خَطَأً، كانت كِتابَتُه ووَلاؤُه لوَلِىِّ المَقْتُولِ، إِلَّا أَنْ يَفْدِيَه سَيِّدُه. ولَنا، قولُ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم:"لَا يَجْنِى جَانٍ إِلَّا عَلَى نَفْسِهِ"(1). ولأنَّها جِنايةُ عَبْدٍ، فلم تَجِبْ فى ذِمَّةِ سَيِّدِه،
(27) فى ب، م:"الكتابة".
(28)
سقط من: م.
(29)
سقط من: الأصل.
(1)
فى م: "بزكاته".
(1)
أخرجه الترمذى، فى: باب ما جاء: دماؤكم وأموالكم عليكم حرام، من أبواب الفتن، وفى: باب تفسير سورة التوبة، من أبواب التفسير. عارضة الأحوذى 9/ 4، 11/ 228. وابن ماجه، فى: باب: لا يجنى أحد على أحد، من كتاب الديات، وفى: باب الخطبة يوم النحر، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه 2/ 890، 1015. والإِمام أحمد، فى: المسند 4/ 14.
كالقِنِّ. إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّه يَبْدَأُ بأدَاءِ الجِنايةِ قبلَ الكِتابةِ، سَواءٌ حَلَّ عليه نَجْمٌ أو لم يَحِلَّ. وهذا المَنْصُوصُ عليه عن أحمدَ، والمَعْمُولُ به فى المذهبِ. وذكر أبو بكرٍ قولًا آخرَ، أَنَّ السَّيِّدَ يُشارِكُ وَلِىَّ الجِنايةِ، فيَضْرِبُ بقَدْرِ ما حَلَّ من نُجُومِ كِتابَتِه؛ لأنَّهما دَيْنانِ، فيتَحاصَّان، كسائرِ الدُّيُونِ. ولَنا، أَنَّ أرْشَ الجِنَايةِ من العبدِ يُقَدَّمُ على سائرِ الحُقُوق المُتَعَلِّقَةِ به، ولذلك قُدِّمَتْ على حَقِّ المالكِ، وحَقِّ المُرْتَهِنِ، وغيرهما، فوَجَبَ أن يُقَدَّمَ ههُنا، يُحَقِّقُه أَنَّ أرْشَ جِنايَتِه مُقَدَّمٌ (2) على مِلْكِ السِّيِّدِ فى عَبْدِه، فيَجِبُ تقديمُه (3) على عِوَضِه، وهو مالُ الكِتابةِ، بطرَيقِ الأَوْلَى؛ لأنَّ المِلْكَ فيه قبلَ الكِتابةِ كان مُسْتَقِرًّا، ودَيْنَ الكتابةِ غيرُ مُسْتَقِرٍّ، فإذا قُدِّمَ على المُسْتَقِرِّ، فعلى غيرِه أوْلَى، ولأنَّ (4) أرْشَ الجِنايةِ مُسْتقِرٌّ، فيَجبُ تقْديمُه على الكِتابةِ التى ليست مُسْتَقِرَّةً. إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّه يَفْدِى نَفْسَه بأقَلِّ الأَمْرَيْنِ؛ من قِيمَتِه، أو أرْشِ جِنايَتِه؛ لأَنَّه إن كان أرْشُ الجنايةِ أقَلَّ، فلا يَلْزَمُه أكثرُ من مُوجَبِ جِنايَتِه، وهو أرْشُها. وإن كان أكثرَ، لم يكُنْ عليه أكثرُ من قِيمَتِه؛ لأَنَّه لا يَلْزَمُه أكثرُ من بَدَلِ المَحَلِّ الذى تعَلَّقَ به الأرْشُ. فإن بدَأَ بدَفْعِ المالِ إلى وَلىِّ الجِنايةِ، فوَفَّى بما يَلْزَمُه من أرْشِ الجِنايةِ، وإلَّا باعَ الحاكِمُ منه بما بَقِىَ مِن أرْشِ الجنايةِ، وباقِيه باقٍ على كِتابَتِه. وإن اختارَ الفَسْخَ، فله ذلك، ويَعُودُ عبدًا غيرَ مكاتَبٍ، مُشْتَرَكا بين السّيِّدِ وبينَ المُشْتَرِى. وإِنْ أبْقَاه على الكِتابةِ فأدَّى، عَتَقَ بالكِتابةِ، وسَرَى العِتْقُ إلى باقِيه. وإِنْ كان المُكاتَبُ مُوسِرًا، يُقَوَّمُ عليه، وإِنْ كان مُعْسِرًا، عَتَقَ منه ما عَتَقَ، وباقِيه رَقِيقٌ. وإِنْ لم يكُنْ فى يَدِه مالٌ، ولم يَفِ بالجِنايةِ إِلَّا قِيمَتُه كلُّها، بِيعَ كُلُّه عليه (5)، وبَطَلَتْ كِتابَتُه. وإن بَدَا بدَفْعِ المالِ إلى سَيِّدِه، نَظَرْنا؛ فإنْ كان وَلِىُّ الجِنايةِ سأَلَ الحاكمَ، فحَجَرَ [على المُكاتَبِ، ثَبَتَ الحَجْرُ](6) عليه، وكان النَّظَرُ فيه إلى الحاكمِ، فلا يَصِحُّ دَفْعُه إلى سَيِّدِه، ويَرْتَجِعُه الحاكمُ، ويَدْفَعُه إلى وَلِىِّ الجنايةِ، فإن
(2) فى الأصل، أ:"مقدمة".
(3)
فى الأصل، أ، ب:"تقديمها".
(4)
سقطت الواو من: ب، م.
(5)
فى أ، ب، م:"فيها".
(6)
سقط من: الأصل. نقل نظر.