الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يُثْبِتونَ بشَهادتِهم شَهادةَ الأَصْلِ، وليست شَهادةُ أحدِهم ظَرْفًا لشَهادةِ الآخَرِ، فعلى قولِ الشَّافعىِّ أن يَثْبُتَ الحقُّ بشَهادةِ رَجلٍ وامرأتيْنِ، وجَبَ أن يكونَ شُهودُ الفَرْعِ سِتَّةً، وإن كان حقٌّ يَثبُ بأربعِ نِسْوةٍ، وجَبَ (37) أن يكونَ شُهودُ الفَرْعِ ثمانيةً، وإن كانَ المشْهودُ به زنًى، خُرِّج فيه خمسةُ أقوالٍ، أحدُها، لا مَدْخلَ لشهادةِ الفَرْعِ فى إثْباتِه. والثانى، يجوزُ، ويَجبُ أن يكونَ شُهودُ الفَرْعِ سِتَّةَ عشرَ، فيَشْهدَ على شَهادةِ كلِّ واحدٍ من شُهودِ الأصلِ أرَبعةٌ. الثالثُ، يَكْفى ثَمانيةٌ. والرابع، يَكونون أربعةً، يَشْهدونَ على كلِّ واحدٍ. والخامس، يَكْفِى شاهدان يَشْهَدان على كلِّ واحدٍ من شُهودِ الأَصْلِ. وهذا إثباتٌ لحدِّ الزنَى بشاهِدَيْنِ، وهو بَعِيدٌ.
فصل:
وإن شهِدَ بالحقِّ شاهدَا أصْلٍ، وشاهِدَا فَرْع، يَشْهدان على شَهادةِ أصلٍ آخَرَ، جازَ. وإن شَهِدَ شاهدُ أصلٍ، وشاهدُ فَرْعٍ، خُرِّجَ فيه من الخلافِ ما ذكرْنا مِن قَبْلُ، وإن شهدَ شاهدُ أصلٍ، ثم شهدَ هو وآخَرُ فَرْعًا على شاهدِ أصْلٍ آخَرَ، لم تُفِدْ شَهادتُه (38) الفَرْعِيَّةُ شيئًا، وكان حُكْمُ ذلك حُكْمَ ما لو شَهِدَ على شَهادتِه (39) شاهِدٌ واحدٌ.
1908 - مسألة؛ قال: (وَيَشْهَدُ عَلَى مَنْ سَمِعَهُ يُقِرُّ بِحَقٍّ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لِلشَّاهِدِ: اشْهَدْ عَلَىَّ)
اخْتلفَتِ الرِّوايةُ عن أحمدَ، فى هذهِ المسألةِ، فالمذهبُ ما ذكرَه الخِرَقىُّ، وبه قال الشَّعْبِىُّ، والشَّافِعىُّ. وعن أحمدَ، رِوايةٌ ثانيةٌ، لا يَشْهَدُ حتى يُقولَ له المُقِرُّ: اشْهَدْ علىَّ. كما أنَّه لا يجوزُ أن يَشْهَدَ على شَهادةِ رجلٍ حتى يَسْترْعِيَه إيَّاها، ويقولَ له: اشْهَدْ على شَهادتِى. وعنه، روايةٌ ثالثَةٌ، إذا سَمِعَه يُقِرُّ بقَرْضٍ، لا يَشْهَدُ، وإذا سمِعَه يُقِرُّ بدَيْنٍ، يَشْهَدُ (1)؛
(37) فى م: "فوجب".
(38)
فى أ، ب:"شهادة".
(39)
فى الأصل: "شهادة".
(1)
والأصل: "شهد".
لأنَّ المقِرَّ بالدَّيْنِ (2) مُعْتَرِفٌ أنَّه عليه، والمُقِرَّ بالقَرْضِ لا يَعْتَرِفُ بذلك، لجَوازِ أن يكونَ اقْتَرَض منه، ثم وَفَّاهُ. وعنه روايةٌ رابعةٌ، إذا سمِعَ شيئًا، فدُعِىَ إلى الشَّهادةِ به (2)، فهو بالخِيارِ، إن شاءَ شَهِدَ، [وإن شاءَ] (3) لم يَشْهَدْ. قال: ولكن يَجِبُ عليه إذا أُشْهِدَ أن يَشْهَدَ إذا دُعِىَ، {وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} (4). قال: إذا أُشْهدُوا. وقال ابنُ أبى موسى: إذا سَمِعَ رجلًا يُقِرُّ لرَجلٍ بحَقٍّ، ولم يَقُل: اشْهَدْ علىَّ بذلك. وَسِعَ (5) الشَّاهدَ (6) أن يَشْهدَ عليه، فيقولَ: أشْهَدُ أنِّى حضَرْتُ إقْرارَ فُلانٍ بكذا. ولا يقولُ: أشْهَدُ على إقْرارِه. وإن سمعَه يقولُ: اقْترَضْتُ من فلانٍ، أو قَبَضْتُ من فُلانٍ. لم يَجُزْ أن يشْهَدَ به. [والصَّحيحُ الأوَّلُ؛ لأنَّ الشاهِدَ يَشْهَدُ بما عَلِمَه، وقد حصَلَ له العلمُ بسَماعِه، فجازَ أن يَشْهَدَ به](7)، كما يجوزُ أن يَشْهَدَ بما رآهُ مِن الأفْعالِ. وذكرَ القاضى أَنَّ فى الأفْعالِ رِوَايَتيْنِ؛ إحداهما، لا يَشْهَدُ به حتى يقولَ المشْهودُ عليه: اشْهَدْ. وهذا إن أرادَ به العُمومَ فى جميعِ الأفْعالِ، فلا يَصِحُّ؛ لأنَّ ذلك يُؤدِّى إلى مَنْعِ الشَّهادةِ عليها بالكُلِّيَّةِ، فإِنَّ الغاصِبَ لا يقولُ لأحدٍ: اشْهَدْ علىَّ أنِّى أغْصِبُ. ولا السَّارِقُ، ولا الزَّانِى، ولا القاتلُ، وأشْباهُ هؤلاء. وقد شهِدَ أبو بَكْرةَ وأصحابُه على المُغِيرةِ بالزِّنَى، فلم يَقُلْ عمرُ: هل أَشْهدَكم أو لا (8). ولا قالَه للذين (9) شَهِدُوا على قُدامَةَ بشُربِ الخَمْرِ (10)، ولا قالَه عثمان (11) للذين شهِدوا بذلك (12) على الوَليدِ بنِ عُقْبَةَ (13).
(2) فى الأصل زيادة: "معه".
(3)
سقط من: الأصل.
(4)
سورة البقرة 282.
(5)
فى أ، ب، م:"وسمع".
(6)
فى أ، م زيادة:"فله".
(7)
سقط من: الأصل. نقل نظر.
(8)
تقدم تخريجه، فى: 11/ 184. وفى م بعد هذا ما سيأتى بعد قوله: "الوليد بن عقبة".
(9)
فى أ، ب، م:"الذين".
(10)
تقدم تخريجه، فى: 12/ 276.
(11)
فى م: "عمر".
(12)
سقط من: أ، ب، م.
(13)
تقدم تخريجه، فى: 12/ 499.