المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حكم الكذب على رسول الله: - الحديث الضعيف وحكم الاحتجاج به

[عبد الكريم الخضير]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌تمهيد

- ‌تعريف الحديث النبوي الشريف

- ‌التعريف اللغوي:

- ‌التعريف الاصطلاحي:

- ‌نقد التعريفات السابقة:

- ‌الحديث القدسي:

- ‌تعريفه:

- ‌صيغ الحديث القدسي:

- ‌أقسام الحديث النبوي

- ‌أولا: تقسيمه باعتبار وصوله إِلينا:

- ‌القسم الأول: المتواتر

- ‌تعريفه:

- ‌شروط المتواتر:

- ‌أقسام التواتر:

- ‌حكم المتواتر:

- ‌القسم الثاني: الآحاد

- ‌أنواعه:

- ‌النوع الأول: المشهور

- ‌تعريفه:

- ‌المشهور عند الحنفية:

- ‌مثال المشهور:

- ‌تنبيه:

- ‌حكم المشهور:

- ‌النوع الثاني: العزيز:

- ‌تعريفه:

- ‌مثاله:

- ‌حكمه:

- ‌النوع الثالث: الغريب:

- ‌تعريفه:

- ‌أقسامه:

- ‌حكمه:

- ‌ثانيًا: تقسيم الحديث من حيث القبول والرد:

- ‌الصحيح لذاته:

- ‌تعريفه:

- ‌شروط الصحيح لذاته:

- ‌حكمه:

- ‌الحسن لذاته:

- ‌تعريفه:

- ‌مثاله:

- ‌حكمه:

- ‌الصحيح لغيره:

- ‌تعريفه:

- ‌مثاله:

- ‌حكمه:

- ‌الحسن لغيره:

- ‌تعريفه:

- ‌مثاله:

- ‌حكمه:

- ‌الباب الأول الحديث الضعيف ومسالك الضعف إِلى الحديث

- ‌التقدمة تعريف الحديث الضعيف

- ‌التعريف اللغوي:

- ‌التعريف الاصطلاحي:

- ‌مسالك الضعف إِلى الحديث:

- ‌الفصل الأول المسلك الأول من مسالك الضعف إِلى الحديث السقط من السند

- ‌تعريف السند:

- ‌أنواع السقط:

- ‌السقط الظاهر:

- ‌النوع الأول: المعلق

- ‌تعريفه:

- ‌صور المعلق:

- ‌حكم المعلق:

- ‌النوع الثاني: المرسل

- ‌تعريفه:

- ‌1 - المرسل عند المحدثين:

- ‌2 - المرسل عند الفقهاء والأصوليين:

- ‌مرسل الصحابي:

- ‌تعريفه:

- ‌مثاله:

- ‌حكم الحديث الرسل:

- ‌وأما مراسيل غير الصحابة:

- ‌النوع الثالث: العضل

- ‌تعريفه:

- ‌واصطلاحا:

- ‌مثاله:

- ‌ومثاله:

- ‌حكمه:

- ‌النوع الرابع: المنقطع

- ‌تعريفه:

- ‌واصطلاحا:

- ‌مثاله:

- ‌حكمه:

- ‌السقط الخفي

- ‌‌‌تعريفه:

- ‌تعريفه:

- ‌أولا: المدلس:

- ‌أقسام التدليس:

- ‌1 - تدليس الإسناد

- ‌تعريفه:

- ‌مثاله:

- ‌حكمه:

- ‌2).2 -تدليس التسوية: تعريفه:

- ‌مثاله:

- ‌حكمه:

- ‌3 - تدليس القطع: تعريفه:

- ‌مثاله:

- ‌4 - تدليس العطف:

- ‌تعريفه:

- ‌مثاله:

- ‌5 - تدليس الشيوخ:

- ‌تعريفه:

- ‌مثاله:

- ‌حكمه:

- ‌تنبيه:

- ‌الأغراض الحاملة على التدليس:

- ‌حكم رواية المدلس:

- ‌الراجح:

- ‌ثانيا: المرسل الخفي:

- ‌تعريفه:

- ‌مثاله:

- ‌الفرق بين الإِرسال الخفي والإِرسال الظاهر:

- ‌الفرق بين الإِرسال الخفي والتدليس:

- ‌ما يعرف به الإِرسال الخفي:

- ‌الفصل الثاني المسلك الثاني من مسالك الضعف إِلى الحديث النبوي الشريف الطعن في الراوي

- ‌تعريف الطعن:

- ‌تنبيه:

- ‌أولا: العدالة: تعريفها:

- ‌شروط العدالة:

- ‌ثبوت العدالة:

- ‌الوجه الأول من أوجه الطعن في الراوي المتعلقة بالعدالة الكذب

- ‌تعريفه:

- ‌حكم الكذب على رسول الله:

- ‌تعريفه:

- ‌أسباب الوضع:

- ‌ما يعرف به الحديث الموضوع:

- ‌حكم رواية الحديث الوضوع:

- ‌الوجه الثاني: من أوجه الطعن في الراوي المتعلقة بالعدالة تهمة الراوي بالكذب

- ‌التعريف:

- ‌أسباب اتهام الراوي بالكذب:

- ‌المتروك

- ‌تعريفه:

- ‌مثال المتروك:

- ‌رتبته:

- ‌الوجه الثالث من أوجه الطعن في الراوي المتعلقة بالعدالة الفسق

- ‌تعريفه:

- ‌حكم رواية الفاسق:

- ‌الوجه الرابع من أوجه الطعن في الراوي المتعلقة بالعدالة البدعة

- ‌تعريفها:

- ‌أقسام البدعة:

- ‌حكم رواية المبتدع:

- ‌والراجح:

- ‌الوجه الخامس من أوجه الطعن في الراوي المتعلقة بالعدالة الجهالة

- ‌تعريفها:

- ‌أقسام المجهول:

- ‌القسم الأول: مجهول الذات

- ‌أسباب جهالة الذات:

- ‌حكم رواية مجهول الذات:

- ‌القسم الثاني: مجهول العين:

- ‌تعريفه:

- ‌حكم رواية مجهول العين:

- ‌القسم الثالث: مجهول الحال: تعريفه:

- ‌أنواع مجهول الحال:

- ‌حكم رواية النوع الأول:

- ‌حكم رواية النوع الثاني:

- ‌الراجح:

- ‌ثانيا: الضبط

- ‌تعريفه:

- ‌أقسام الضبط:

- ‌الراجح:

- ‌الوجه الأول من أوجه الطعن في الراوي المتعلقة بالضبط: فحش الغلط

- ‌التعريف:

- ‌الوجه الثاني من أوجه الطعن في الراوي المتعلقة بالضبط: كنرة الغفلة

- ‌تعريف الغفلة:

- ‌المنكر

- ‌تعريفه:

- ‌الوجه الثالث من أوجه الطعن في الراوي المتعلقة بالضبط: مخالفة الثقات

- ‌التعريف:

- ‌المدرج

- ‌تعريفه:

- ‌أقسام المدرج:

- ‌أولا: مدرج الإِسناد:

- ‌صوره:

- ‌الصورة الأولى:

- ‌الصورة الثانية:

- ‌الصورة الثالثة:

- ‌الصورة الرابعة:

- ‌ثانيا: مدرج المتن:

- ‌أقسامه:

- ‌منشأ الإِدراج:

- ‌ما يعرف به الإِدراج:

- ‌حكم الإِدراج:

- ‌المقلوب

- ‌تعريفه:

- ‌أنواع القلب:

- ‌النوع الأول: قلب في الإسناد

- ‌النوع الثاني: القلب في المتن

- ‌النوع الثالث: القلب في السند والمتن جميعًا

- ‌حكم القلب:

- ‌المزيد في متصل الأسانيد

- ‌تعريفه:

- ‌وشرطه:

- ‌المضطرب

- ‌تعريفه:

- ‌أقسام الاضطراب:

- ‌حكم الاضطراب:

- ‌المصحف

- ‌تعريفه:

- ‌أقسام التصحيف:

- ‌المحرف

- ‌تعريفه:

- ‌أقسام التحريف:

- ‌حكم تصحيح التصحيف والتحريف:

- ‌الشاذ

- ‌تعريفه:

- ‌أقسام الشذوذ:

- ‌الوجه الرابع من أوجه الطعن في الراوي المتعلقة بالضبط: الوهم

- ‌تعريفه:

- ‌المعل

- ‌تعريفه:

- ‌أجناس العلل:

- ‌أقسام المعل:

- ‌الأول: المعل في السند

- ‌الثاني: المعل في المتن

- ‌الثالث: المعل في السند والمتن معا

- ‌ما تعرف به علة الحديث:

- ‌الوجه الخامس من أوجه الطعن في الراوي المتعلقة بالضبط: سوء الحفظ

- ‌تعريفه:

- ‌أقسام سوء الحفظ:

- ‌حكم رواية سيء الحفظ:

- ‌الباب الثاني حكم الاحتجاج بالحديث الضعيف

- ‌التقدمة في الاحتجاج بالسنة النبوية

- ‌الفصل الأول حكم الاحتجاج بالحديث الضعيف في الفضائل والأحكام

- ‌الرأي الأول:

- ‌وجهة هذا الرأي:

- ‌أ - الإِمام أبو حنيفة

- ‌2 - الإِمام مالك بن أنس

- ‌3).3 -الإِمام محمد بن إِدريس الشافعي

- ‌4 - الإِمام أحمد بن حنبل

- ‌5 - أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني

- ‌6 - كمال الدين ابن الهمام

- ‌7 - محمد المعين بن محمد الأمين

- ‌الرأي الثاني:

- ‌1 - يحيى بن معين

- ‌2).2 -الإِمام محمد بن إِسماعيل البخاري

- ‌3).3 -الإِمام مسلم بن الحجاج القشيري

- ‌4 - الحافظ أبو زكريا النيسابوري

- ‌8 - ابن حبان

- ‌9 - الإِمام أبو سليمان الخطابي

- ‌10 - أبو محمد بن حزم

- ‌1).11 -القاضي أبو بكر بن العربي

- ‌12 - شيخ الإِسلام ابن تيمية

- ‌13 - أبو شامة المقدسي

- ‌1)(2).14 -جلال الدين الدواني

- ‌15 - محمد بن علي الشوكاني

- ‌16 - صديق حسن خان

- ‌17 - أحمد محمد شاكر

- ‌18 - محمد ناصر الدين الألباني

- ‌19 - الدكتور صبحي الصالح

- ‌الرأي الثالث:

- ‌وجهة هذا الرأي:

- ‌شروط العمل بالحديث الضعيف في الفضائل:

- ‌أمثلة للحديث الضعيف في فضائل الأعمال:

- ‌من روي عنه هذا الرأي:

- ‌1 - سفيان الثوري

- ‌2 - عبد الله بن المبارك

- ‌3 - عبد الرحمن بن مهدي

- ‌4 - سفيان بن عيينة

- ‌5 - يحيى بن معين

- ‌6 - أحمد بن حنبل

- ‌تحقيق مذهب الإِمام أحمد في هذه المسألة:

- ‌7 - أبو زكريا العنبري

- ‌8 - أبو عمر بن عبد البر

- ‌9 - موفق الدين ابن قدامة

- ‌10 - أبو زكريا النووي

- ‌11 - الحافظ إِسماعيل بن كثير

- ‌1).12 -جلال الدين المحلي

- ‌13 - جلال الدين السيوطي

- ‌14 - الخطيب الشربيني

- ‌15 - تقي الدين الفتوحي

- ‌16 - الملا علي القاري

- ‌1).17 -محمد عبد الحي اللكنوي

- ‌18 - الدكتور نور الدين عتر

- ‌المراد بالضعيف عند هؤلاء الأئمة:

- ‌معنى العمل بالحديث الضعيف:

- ‌معنى التساهل برواية أحاديث الفضائل:

- ‌المناقشات والترجيح:

- ‌الفصل الثاني في حكم الاحتجاج بالحديث الضعيف في قراءة شيء من كتاب الله وتفسيره والمغازي

- ‌ حكم إِثبات القراءة بالحديث الضعيف:

- ‌حكم تفسير القرآن الكريم بالحديث الضعيف:

- ‌حكم الاحتجاج بالضعيف في المغازي والسير، وهل يلزم نقد الأخبار التاريخية

- ‌الباب الثالث زمرتان من متعلقات الحديث الضعيف

- ‌الفصل الأول في الزمرة الأولى من متعلقات الحديث الضعيف

- ‌المبحث الأول عناية المحدثين بالسند والمتن معا

- ‌تفنيد هذه الافتراءات:

- ‌الحديث الأول:

- ‌الحديث الثاني:

- ‌الحديث الثالث:

- ‌المبحث الثاني حكم الرواية عن الضعفاء

- ‌الجواب عن رواية كبار الأئمة عن الضعفاء:

- ‌تزييف ورع الموسوسين في المتفق على ضعفه:

- ‌المبحث الثالث أضعف الأسانيد

- ‌فائدة معرفة أضعف الأسانيد:

- ‌الفصل الثاني الزمرة الثانية من متعلقات الحديث الضعيف

- ‌المبحث الأول مظان الحديث الضعيف

- ‌أولًا: من كتب الحنفية

- ‌ثانيا: من كتب المالكية

- ‌ثالثا: من كتب الشافعية

- ‌رابعا: من كتب الحنابلة

- ‌المبحث الثاني الكتب المصنفة في الضعفاء

- ‌المبحث الثالث الكتب المصنفة في أنواع خاصة من الضعيف

- ‌أولا: أهم الكتب المؤلفة في العلل:

- ‌ثانيا: أهم الكتب المؤلفة في الأحاديث الموضوعة:

- ‌ثالثا: أهم الكتب المصنفة في المراسيل:

- ‌رابعا: أهم الكتب المؤلفة في المدرج:

- ‌خامسا: أهم الكتب المصنفة في التدليس والمدلسين:

- ‌سادسا: أهم الكتب المصنفة في الاختلاط والمختلطين:

- ‌سابعا: أهم ما ألف في المضطرب:

- ‌ثامنًا: أهم الكتب المؤلفة في القلوب:

- ‌تاسعا: أهم الكتب المؤلفة في المصحف:

- ‌الخاتمة

- ‌فهرس المراجع

الفصل: ‌حكم الكذب على رسول الله:

وعلى ضوء هذا الاختلاف تنازع الحافظ أبو العلاء الهمذاني

(1)

، والشيخ أبو الفرج بن الجوزي، هل في مسند الإمام أحمد بن حنبل حديث موضوع أم لا؟ فأنكر أبو العلاء أن يكون في المسند حديث موضوع، وأثبت ذلك أبو الفرج، وبين أن فيه أحاديث قد علم أنها باطلة.

ولا منافاة بين القولين، فإن اصطلاح ابن الجوزي عدم اشتراط تعمد الكذب بخلاف أبي العلاء الهمداني، فإنه يريد بالموضوع المختلق المصنوع الذي تعمد صاحبه الكذب، ومثل هذا فإن الإمام أحمد لم يروه في مسنده عنه، بخلاف من قد يغلط في الحديث، ولا يتعمد الكذب، فإن هؤلاء توجد الرواية عنهم في السنن، ومسند الإمام أحمد ونحوه

(2)

.

‌حكم الكذب على رسول الله:

أجمع من يعتد بقوله من المسلمين على تحريم الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والحكم بأنه من كبائر الذنوب، لما تواتر عنه صلى الله عليه وسلم من قوله:"من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار"

(3)

.

(1)

هو: الحافظ المقرئ شيخ الإسلام الحسن بن أحمد بن الحسن بن أحمد بن محمد بن مسهل العطار، شيخ همذان، أبو العلاء، قال السمعاني: حافظ متقن ومقرئ فاضل حسن السيرة، مرضي الطريقة، عزيز النفس، سخي بما يملكه، مكرم للغرباء.

له تصانيف، منها: زاد المسافر، مات سنة تسع وستين وخمسمائة.

انظر: تذكرة الحفاظ اللذهبي 4/ 1324 - 1328.

(2)

مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 1/ 248 - 249.

(3)

تقدم تخريجه ص 23 من هذه الرسالة، وانظر -أيضًا- ص 124.

ص: 126

بل نقل أبو المعالي الجويني

(1)

عن أبيه

(2)

تكفير من يضع الحديث، لكن أبا المعالي، ضعف هذا القول، وقال: إنه لم يره لأحد من الأصحاب وأنه هفوة عظيمة

(3)

.

وقد نقل الذهبي عن ابن الجوزي قوله: ولا ريب أن الكذب على الله وعلى رسوله في تحليل حرام أو تحريم حلال كفر محض، وإنما الشأن في الكذب عليه فيما سوى ذلك

(4)

.

ولا عبرة بما ذهب إليه محمد بن كرام السجستاني

(5)

من إباحة وضع الأحاديث المتضمنة للترغيب في الطاعة، والتنفير من المعصية، دون ما يتعلق به حكم من أحكام الشريعة، مؤولين حديث: "من كذب

(1)

هو: أبو المعالي عبد الملك بن عبد الله بن يوسف الجويني إمام الحرمين الحبر البحر النظار الأصولي المتكلم.

من تصانيفه: الشامل في أصول الدين، البرهان، الورقات في أصول الفقه، الإرشاد، وغيرها. توفي سنة ثمان وسبعين وأربعمائة.

انظر: الطبقات الكبرى للسبكي 5/ 165 - 222.

(2)

هو: عبد الله بن يوسف بن عبد الله الجويني، الإمام الفقيه الأصولي الأديب، المفسر، أوحد زمانه.

له: التبصرة والتذكرة، ومختصر المختصر، التفسير الكبير، توفي سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة. انظر: تبيين كذب القري لابن عساكر ص 257 - 258، وطبقات الشافعية الكبرى 5/ 73 - 93.

(3)

شرح النووي على صحيح مسلم 1/ 69.

(4)

الكبائر للذهبي ص 70، الزواجر لابن حجر الهيثمي 1/ 97.

(5)

هو: محمد بن كرام السجستاني أبو عبد الله العابد، امام الكرامية، ورد نيسابور، فحبسه طاهر بن عبد الله، ثم ذهب إلى ثغور الشام، ثم عاد إلى نيسابور فحبسه محمد بن طاهر، فطال حبسه، مات سنة خمس وخمسين ومائتين.

انظر: الأنس الجليل في تاريخ القدس والخليل 1/ 296.

ص: 127

عليّ

" الحديث. بقولهم: إنا نكذب له، ولسنا نكذب عليه.

ومستدلين بما ورد في بعض طرق الحديث من زيادة، وهي: "من كذب عليّ ليضل به الناس

" الحديث

(1)

.

ولا شك أن هذا قول متهافت عرضه يكفي عن الرد عليه، لأن تأويلهم للحديث جهل باللغة العربية مع مناقضته لإجماع من يعتد بإجماعه من المسلمين، ومع ذلك فهو في غاية السخف، فإن الدين الإسلامي ليس بحاجة إلى كذابين ودجالين ليروجوه، فقد أكمله الله تعالى قبل وفاة رسوله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى {

الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ

} الآية

(2)

.

وأما الزيادة التي استدلوا بها، فهي غير ثابتة، وعلى تقدير ثبوتها، فليست اللام فيها للعلة، بل للصيرورة، كما فسر قوله تعالى: {

فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ

} الآية

(3)

. والمعنى: أن مآل أمره إلى الإضلال، أو هو من تخصيص بعض أفراد العموم بالذكر، فلا مفهوم له، كقوله تعالى: {

لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً .... } الآية

(4)

. وقوله {

وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ} الآية

(5)

.

فإن قتل الأولاد، ومضاعفة الربا، والإضلال في هذه الآياتِ إنما هو

(1)

أخرجه البزار من حديث ابن مسعود./ انظر كشف الأسَتار من زوائد البزار 1/ 114، مجمع الزوائد 1/ 144.

(2)

الآية 3 من سورة المائدة.

(3)

الآية 944 من سورة الأنعام.

(4)

الآية 130 من سورة آل عمران.

(5)

الآية 151 من سورة الأنعام.

ص: 128

لتأكيد الأمر فيها، لا لاختصاص الحكم

(1)

.

قال الغزالي: وقد ظن ظانون أنه يجوز وضع الأحاديث في فضائل الأعمال، وفي التشديد في المعاصي، وزعموا أن القصد منه صحيح، وهو خطأ محض؛ إذ قال صلى الله عليه وسلم:"من كذب علي متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار". وهذا لا يرتكب إلا لضرورة، ولا ضرورة إذ في الصدق مندوحة عن الكذب، ففيما ورد من الآيات والأخبار كفاية عن غيرها، وقول القائل: إن ذلك قد تكرر على الأسماع، وسقط وقعه، وما هو جديد فوقعه أعظم، فهذا هوس، إذ ليس هذا من الأغراض التي تقاوم محذور الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى الله تعالي، ويؤدي فتح بابه إلى أمور تشوش الشريعة، فلا يقاوم خير هذا شره أصلا، والكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكبائر التي لا يقومها شيء، نسأل الله العفو عنا وعن جميع المسلمين

(2)

.

إذا تقرر هذا، فمن كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم عمدا في حديث واحد فسق، وردت رواياته كلها، وبطل الاحتجاج بها جميعا.

فإن تاب من ذلك فقد اختلف العلماء في قبول روايته على قولين:

الأول: ذهب جماعة من العلماء، منهم الإمام أحمد بن حنبل، وأبو

(1)

انظر: فتح الباري 1/ 200.

(2)

إحياء علوم الدين للغزالي 3/ 136، وانظر: شرحه إتحاف السادة المتقين 7/ 527 - 528.

ص: 129

بكر الحميدي

(1)

-شيخ البخاري-، وأبو بكر الصيرفي

(2)

إلى أن توبته لا تؤثر في ذلك، ولا تقبل روايته أبدا، بل يحتم جرحه دائما

(3)

.

الثاني: يرى آخرون، أن توبته صحيحة، وروايته مقبولة إذا صحت توبته، ورجحه الإمام النووي، وقال: أنه الجاري على قواعد الشرع، وقاسه على رواية الكافر إذا أسلم، وضعف الرأي الأول

(4)

.

إذا كان سبب الطعن في الراوي هو الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن حديثه يسمى: الموضوع المنسوب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم زورا وبهتانا. وقد استنكر العلماء على الخطابي وابن الصلاح قولهما: إنه شر الأحاديث الضعيفة

(5)

، لأن الموضوع ليس من الحديث النبوي

(6)

،

(1)

هو: عبد الله بن الزبير بن عيسى القرشي الحميدي المكي أبو بكر ثقة حافظ فقيه، أجل أصحاب ابن عيينة، كان البخاري إذا وجد حديثا عنده لا يعدوه إلى غيره، مات سنة تسع عشرة ومائتين.

انظر: تقريب التهذيب 1/ 415.

(2)

هو: أبو بكر محمد بن عبد الله البغدادىِ الصيرفي، كان إماما في الفقه والأصول، قال القفال الشاشي: كان الصيرفي أعلم الناس بأصول الفقه بعد الشافعي.

من تصانيفه: شرح الرسالة، كتاب في الإجماع، آخر في الشروط، توفي سنة ثلاثين وثلاثمائة انظر: طبقات الشافعية للسبكي 3/ 186 - 187، ولابن هداية الله ص 63.

(3)

انظر: علوم الحديث لابن الصلاح ص 104.

(4)

شرح النووي على مسلم 1/ 69 - 70.

(5)

انظر: معالم السنن للخطابي 1/ 11، علوم الحديث ص 89.

(6)

بل هو على العكس من ذلك، فإنه أشد خطرا على الدين، وأنكى ضررا بالمسلمين من تعصب أهل المشرقين والمغربين، لأنه يبعث على التطرف الذي يزيح الأمة الإسلامية عن =

ص: 130