المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وأشاد بهم لتساهلهم في الفضائل والثواب والعقاب، ويرى أن ذلك - الحديث الضعيف وحكم الاحتجاج به

[عبد الكريم الخضير]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌تمهيد

- ‌تعريف الحديث النبوي الشريف

- ‌التعريف اللغوي:

- ‌التعريف الاصطلاحي:

- ‌نقد التعريفات السابقة:

- ‌الحديث القدسي:

- ‌تعريفه:

- ‌صيغ الحديث القدسي:

- ‌أقسام الحديث النبوي

- ‌أولا: تقسيمه باعتبار وصوله إِلينا:

- ‌القسم الأول: المتواتر

- ‌تعريفه:

- ‌شروط المتواتر:

- ‌أقسام التواتر:

- ‌حكم المتواتر:

- ‌القسم الثاني: الآحاد

- ‌أنواعه:

- ‌النوع الأول: المشهور

- ‌تعريفه:

- ‌المشهور عند الحنفية:

- ‌مثال المشهور:

- ‌تنبيه:

- ‌حكم المشهور:

- ‌النوع الثاني: العزيز:

- ‌تعريفه:

- ‌مثاله:

- ‌حكمه:

- ‌النوع الثالث: الغريب:

- ‌تعريفه:

- ‌أقسامه:

- ‌حكمه:

- ‌ثانيًا: تقسيم الحديث من حيث القبول والرد:

- ‌الصحيح لذاته:

- ‌تعريفه:

- ‌شروط الصحيح لذاته:

- ‌حكمه:

- ‌الحسن لذاته:

- ‌تعريفه:

- ‌مثاله:

- ‌حكمه:

- ‌الصحيح لغيره:

- ‌تعريفه:

- ‌مثاله:

- ‌حكمه:

- ‌الحسن لغيره:

- ‌تعريفه:

- ‌مثاله:

- ‌حكمه:

- ‌الباب الأول الحديث الضعيف ومسالك الضعف إِلى الحديث

- ‌التقدمة تعريف الحديث الضعيف

- ‌التعريف اللغوي:

- ‌التعريف الاصطلاحي:

- ‌مسالك الضعف إِلى الحديث:

- ‌الفصل الأول المسلك الأول من مسالك الضعف إِلى الحديث السقط من السند

- ‌تعريف السند:

- ‌أنواع السقط:

- ‌السقط الظاهر:

- ‌النوع الأول: المعلق

- ‌تعريفه:

- ‌صور المعلق:

- ‌حكم المعلق:

- ‌النوع الثاني: المرسل

- ‌تعريفه:

- ‌1 - المرسل عند المحدثين:

- ‌2 - المرسل عند الفقهاء والأصوليين:

- ‌مرسل الصحابي:

- ‌تعريفه:

- ‌مثاله:

- ‌حكم الحديث الرسل:

- ‌وأما مراسيل غير الصحابة:

- ‌النوع الثالث: العضل

- ‌تعريفه:

- ‌واصطلاحا:

- ‌مثاله:

- ‌ومثاله:

- ‌حكمه:

- ‌النوع الرابع: المنقطع

- ‌تعريفه:

- ‌واصطلاحا:

- ‌مثاله:

- ‌حكمه:

- ‌السقط الخفي

- ‌‌‌تعريفه:

- ‌تعريفه:

- ‌أولا: المدلس:

- ‌أقسام التدليس:

- ‌1 - تدليس الإسناد

- ‌تعريفه:

- ‌مثاله:

- ‌حكمه:

- ‌2).2 -تدليس التسوية: تعريفه:

- ‌مثاله:

- ‌حكمه:

- ‌3 - تدليس القطع: تعريفه:

- ‌مثاله:

- ‌4 - تدليس العطف:

- ‌تعريفه:

- ‌مثاله:

- ‌5 - تدليس الشيوخ:

- ‌تعريفه:

- ‌مثاله:

- ‌حكمه:

- ‌تنبيه:

- ‌الأغراض الحاملة على التدليس:

- ‌حكم رواية المدلس:

- ‌الراجح:

- ‌ثانيا: المرسل الخفي:

- ‌تعريفه:

- ‌مثاله:

- ‌الفرق بين الإِرسال الخفي والإِرسال الظاهر:

- ‌الفرق بين الإِرسال الخفي والتدليس:

- ‌ما يعرف به الإِرسال الخفي:

- ‌الفصل الثاني المسلك الثاني من مسالك الضعف إِلى الحديث النبوي الشريف الطعن في الراوي

- ‌تعريف الطعن:

- ‌تنبيه:

- ‌أولا: العدالة: تعريفها:

- ‌شروط العدالة:

- ‌ثبوت العدالة:

- ‌الوجه الأول من أوجه الطعن في الراوي المتعلقة بالعدالة الكذب

- ‌تعريفه:

- ‌حكم الكذب على رسول الله:

- ‌تعريفه:

- ‌أسباب الوضع:

- ‌ما يعرف به الحديث الموضوع:

- ‌حكم رواية الحديث الوضوع:

- ‌الوجه الثاني: من أوجه الطعن في الراوي المتعلقة بالعدالة تهمة الراوي بالكذب

- ‌التعريف:

- ‌أسباب اتهام الراوي بالكذب:

- ‌المتروك

- ‌تعريفه:

- ‌مثال المتروك:

- ‌رتبته:

- ‌الوجه الثالث من أوجه الطعن في الراوي المتعلقة بالعدالة الفسق

- ‌تعريفه:

- ‌حكم رواية الفاسق:

- ‌الوجه الرابع من أوجه الطعن في الراوي المتعلقة بالعدالة البدعة

- ‌تعريفها:

- ‌أقسام البدعة:

- ‌حكم رواية المبتدع:

- ‌والراجح:

- ‌الوجه الخامس من أوجه الطعن في الراوي المتعلقة بالعدالة الجهالة

- ‌تعريفها:

- ‌أقسام المجهول:

- ‌القسم الأول: مجهول الذات

- ‌أسباب جهالة الذات:

- ‌حكم رواية مجهول الذات:

- ‌القسم الثاني: مجهول العين:

- ‌تعريفه:

- ‌حكم رواية مجهول العين:

- ‌القسم الثالث: مجهول الحال: تعريفه:

- ‌أنواع مجهول الحال:

- ‌حكم رواية النوع الأول:

- ‌حكم رواية النوع الثاني:

- ‌الراجح:

- ‌ثانيا: الضبط

- ‌تعريفه:

- ‌أقسام الضبط:

- ‌الراجح:

- ‌الوجه الأول من أوجه الطعن في الراوي المتعلقة بالضبط: فحش الغلط

- ‌التعريف:

- ‌الوجه الثاني من أوجه الطعن في الراوي المتعلقة بالضبط: كنرة الغفلة

- ‌تعريف الغفلة:

- ‌المنكر

- ‌تعريفه:

- ‌الوجه الثالث من أوجه الطعن في الراوي المتعلقة بالضبط: مخالفة الثقات

- ‌التعريف:

- ‌المدرج

- ‌تعريفه:

- ‌أقسام المدرج:

- ‌أولا: مدرج الإِسناد:

- ‌صوره:

- ‌الصورة الأولى:

- ‌الصورة الثانية:

- ‌الصورة الثالثة:

- ‌الصورة الرابعة:

- ‌ثانيا: مدرج المتن:

- ‌أقسامه:

- ‌منشأ الإِدراج:

- ‌ما يعرف به الإِدراج:

- ‌حكم الإِدراج:

- ‌المقلوب

- ‌تعريفه:

- ‌أنواع القلب:

- ‌النوع الأول: قلب في الإسناد

- ‌النوع الثاني: القلب في المتن

- ‌النوع الثالث: القلب في السند والمتن جميعًا

- ‌حكم القلب:

- ‌المزيد في متصل الأسانيد

- ‌تعريفه:

- ‌وشرطه:

- ‌المضطرب

- ‌تعريفه:

- ‌أقسام الاضطراب:

- ‌حكم الاضطراب:

- ‌المصحف

- ‌تعريفه:

- ‌أقسام التصحيف:

- ‌المحرف

- ‌تعريفه:

- ‌أقسام التحريف:

- ‌حكم تصحيح التصحيف والتحريف:

- ‌الشاذ

- ‌تعريفه:

- ‌أقسام الشذوذ:

- ‌الوجه الرابع من أوجه الطعن في الراوي المتعلقة بالضبط: الوهم

- ‌تعريفه:

- ‌المعل

- ‌تعريفه:

- ‌أجناس العلل:

- ‌أقسام المعل:

- ‌الأول: المعل في السند

- ‌الثاني: المعل في المتن

- ‌الثالث: المعل في السند والمتن معا

- ‌ما تعرف به علة الحديث:

- ‌الوجه الخامس من أوجه الطعن في الراوي المتعلقة بالضبط: سوء الحفظ

- ‌تعريفه:

- ‌أقسام سوء الحفظ:

- ‌حكم رواية سيء الحفظ:

- ‌الباب الثاني حكم الاحتجاج بالحديث الضعيف

- ‌التقدمة في الاحتجاج بالسنة النبوية

- ‌الفصل الأول حكم الاحتجاج بالحديث الضعيف في الفضائل والأحكام

- ‌الرأي الأول:

- ‌وجهة هذا الرأي:

- ‌أ - الإِمام أبو حنيفة

- ‌2 - الإِمام مالك بن أنس

- ‌3).3 -الإِمام محمد بن إِدريس الشافعي

- ‌4 - الإِمام أحمد بن حنبل

- ‌5 - أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني

- ‌6 - كمال الدين ابن الهمام

- ‌7 - محمد المعين بن محمد الأمين

- ‌الرأي الثاني:

- ‌1 - يحيى بن معين

- ‌2).2 -الإِمام محمد بن إِسماعيل البخاري

- ‌3).3 -الإِمام مسلم بن الحجاج القشيري

- ‌4 - الحافظ أبو زكريا النيسابوري

- ‌8 - ابن حبان

- ‌9 - الإِمام أبو سليمان الخطابي

- ‌10 - أبو محمد بن حزم

- ‌1).11 -القاضي أبو بكر بن العربي

- ‌12 - شيخ الإِسلام ابن تيمية

- ‌13 - أبو شامة المقدسي

- ‌1)(2).14 -جلال الدين الدواني

- ‌15 - محمد بن علي الشوكاني

- ‌16 - صديق حسن خان

- ‌17 - أحمد محمد شاكر

- ‌18 - محمد ناصر الدين الألباني

- ‌19 - الدكتور صبحي الصالح

- ‌الرأي الثالث:

- ‌وجهة هذا الرأي:

- ‌شروط العمل بالحديث الضعيف في الفضائل:

- ‌أمثلة للحديث الضعيف في فضائل الأعمال:

- ‌من روي عنه هذا الرأي:

- ‌1 - سفيان الثوري

- ‌2 - عبد الله بن المبارك

- ‌3 - عبد الرحمن بن مهدي

- ‌4 - سفيان بن عيينة

- ‌5 - يحيى بن معين

- ‌6 - أحمد بن حنبل

- ‌تحقيق مذهب الإِمام أحمد في هذه المسألة:

- ‌7 - أبو زكريا العنبري

- ‌8 - أبو عمر بن عبد البر

- ‌9 - موفق الدين ابن قدامة

- ‌10 - أبو زكريا النووي

- ‌11 - الحافظ إِسماعيل بن كثير

- ‌1).12 -جلال الدين المحلي

- ‌13 - جلال الدين السيوطي

- ‌14 - الخطيب الشربيني

- ‌15 - تقي الدين الفتوحي

- ‌16 - الملا علي القاري

- ‌1).17 -محمد عبد الحي اللكنوي

- ‌18 - الدكتور نور الدين عتر

- ‌المراد بالضعيف عند هؤلاء الأئمة:

- ‌معنى العمل بالحديث الضعيف:

- ‌معنى التساهل برواية أحاديث الفضائل:

- ‌المناقشات والترجيح:

- ‌الفصل الثاني في حكم الاحتجاج بالحديث الضعيف في قراءة شيء من كتاب الله وتفسيره والمغازي

- ‌ حكم إِثبات القراءة بالحديث الضعيف:

- ‌حكم تفسير القرآن الكريم بالحديث الضعيف:

- ‌حكم الاحتجاج بالضعيف في المغازي والسير، وهل يلزم نقد الأخبار التاريخية

- ‌الباب الثالث زمرتان من متعلقات الحديث الضعيف

- ‌الفصل الأول في الزمرة الأولى من متعلقات الحديث الضعيف

- ‌المبحث الأول عناية المحدثين بالسند والمتن معا

- ‌تفنيد هذه الافتراءات:

- ‌الحديث الأول:

- ‌الحديث الثاني:

- ‌الحديث الثالث:

- ‌المبحث الثاني حكم الرواية عن الضعفاء

- ‌الجواب عن رواية كبار الأئمة عن الضعفاء:

- ‌تزييف ورع الموسوسين في المتفق على ضعفه:

- ‌المبحث الثالث أضعف الأسانيد

- ‌فائدة معرفة أضعف الأسانيد:

- ‌الفصل الثاني الزمرة الثانية من متعلقات الحديث الضعيف

- ‌المبحث الأول مظان الحديث الضعيف

- ‌أولًا: من كتب الحنفية

- ‌ثانيا: من كتب المالكية

- ‌ثالثا: من كتب الشافعية

- ‌رابعا: من كتب الحنابلة

- ‌المبحث الثاني الكتب المصنفة في الضعفاء

- ‌المبحث الثالث الكتب المصنفة في أنواع خاصة من الضعيف

- ‌أولا: أهم الكتب المؤلفة في العلل:

- ‌ثانيا: أهم الكتب المؤلفة في الأحاديث الموضوعة:

- ‌ثالثا: أهم الكتب المصنفة في المراسيل:

- ‌رابعا: أهم الكتب المؤلفة في المدرج:

- ‌خامسا: أهم الكتب المصنفة في التدليس والمدلسين:

- ‌سادسا: أهم الكتب المصنفة في الاختلاط والمختلطين:

- ‌سابعا: أهم ما ألف في المضطرب:

- ‌ثامنًا: أهم الكتب المؤلفة في القلوب:

- ‌تاسعا: أهم الكتب المؤلفة في المصحف:

- ‌الخاتمة

- ‌فهرس المراجع

الفصل: وأشاد بهم لتساهلهم في الفضائل والثواب والعقاب، ويرى أن ذلك

وأشاد بهم لتساهلهم في الفضائل والثواب والعقاب، ويرى أن ذلك من باب حفظ العلم، وعدم التفريط في شيء مما يروي، وقال: ومن شاء تساهل تساهلهم، ومن شاء تعنت، ورد ما تساهلوا فيه، وإذا تبين قدر النقل ووضع كل شيء في المرتبة اللائقة به فأي ضرر منه إلا عند من تعنت

(1)

.

‌المناقشات والترجيح:

بعد عرض الأقوال الثلاثة ومن قال بها، وما احتج به كل فريق، نلاحظ ما يلي: أولا: أن الرأي الأول المروي عن الأئمة الأربعة ليس فيه نصوص من كلامهم إلا مجرد إلزامات، ولازم المذهب ليس بمذهب كما هو مقرر في علم الأصول، اللهم إلا ما روي عن الإمام أحمد وهو -إن صح عنه- كلام مجتهد يحتمل اجتهاده الخطأ والصواب، إذ ليس له دليل يقطع العذر

(2)

، على أنَّه قد روى عنه غيره، وقد حققت رأيه في المسألة جريا على قواعد الحنابلة

(3)

، مع أن شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وابن علان حملوا كلامه على الحسن

(4)

.

ثانيا: ما ذكره الشيخ أحمد بن محمد الصديق أن جميع الأئمة

= انظر: مشاهير علماء نجد، وغيرهم ص 514 - 516.

(1)

ظلمات أبي رية أمام السنة المحمدية ص 101.

(2)

انظر: الاعتصام للشاطبي 1/ 179.

(3)

انظر: ص 281، 282 من هذه الرسالة.

(4)

انظر ما تقدم ص 289، 290.

ص: 295

يحتجون بالحديث الضعيف

(1)

، فيه نظر، إذ تقدم ذكر من لا يرى الاحتجاج بالضعيف في الأحكام فقط، أو مطلقًا وهم كثر.

وأما قوله: وإن من الأحاديث التي أخذ بها الأئمة فيها الضعيف والمنكر والساقط، فحق لا مراء فيه، ومن طالع كتب الفقه عرف ذلك

(2)

، ولم يسلم من هذا حتى كبار فقهاء الأمة، فقد وقع للإمام الجليل محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله في كتابه "الرسالة" مستدلا محتجا بحديث:"أول الوقت رضوان الله، وآخره عفو الله"

(3)

.

قال النووي: أسانيد هذا الحديث ضعيفة

(4)

.

وأما قوله: بأن هذا مذهبهم، فجميعهم يأخذ بالحديث الضعيف فغير صحيح، لأن مجرد استدلالهم بأحاديث ضعيفة لا يلزم منه أنهم يحتجون بها، لأنه يلزم على قوله أنهم يحتجون بالأحاديث الموضوعة لوجودها في كتب الفقه.

فمثلا: هذا الإمام الكمال بن الهمام ذكر في كتابه "شرح فتح القدير"

(5)

حديث: "ناكح اليد ملعون". وقد نص الملا علي القاري بأنه لا أصل

(1)

انظر: ص 260، 261 من هذه الرسالة.

(2)

سوف أذكر بعض الأمثلة على اشتمال كتب الفقه على الأحاديث الضعيفة عند الكلام على مظان الحديت الضعيف في الباب الثالث إن شاء الله.

(3)

انظر: الرسالة للإمام الشافعي ص 286، اختلاف الحديث له المطبوع مع الأم 8/ 522 - 523، والحديث أخرجه الترمذي رقم 172، الحاكم 1/ 189 بلفظ:"خير الأعمال الصلاة في أول وقتها"، الدارقطني 1/ 249، البيهقي 1/ 435.

(4)

المجموع شرح المهذب 3/ 62.

(5)

شرح فتح القدير 2/ 330.

ص: 296

له

(1)

، نقلا عن شرف الدين الرهاوي

(2)

.

ومما يستدل به على أنَّ الفقهاء لا يحتجون بالضعيف وإن أوردوه في كتبهم -من غير بحث وتثبت عن درجته- قولهم حينما يرد بعضهم على بعض ويفند قوله: هذا حديث ضعيف.

قال اللكنوي: فإن قلت: فما بالهم أوردوا في تصانيفهم الأحاديث الموضوعة -مع جلالتهم ونباهتهم- ولِمَ لَمْ ينقدوا الأسانيد مع سعة علمهم؟ قلت: لم يوردوا ما أوردوا مع العلم بكونه موضوعا، بل ظنوه مرويا، وأحالوا نقد الأسانيد على نقاد الحديث، لكونهم أغنوهم عن الكشف الحثيث، إذ ليس من وظيفتهم البحث عن كيفية رواية الأخبار، وإنما هو من وظيفة حملة الآثار، فلكل مقام مقال، ولكل فن رجال

(3)

.

ثالثا: أن الرأي الثالث المروي عن جمهور العلماء، وهو التفريق بين أحاديث الفضائل والترغيب والترهيب وأحاديث الأحكام فيه التفريق بين المتماثلات، وإذ الكل شرع متساوى الأقدام.

ثم إن الاستدلال بالضعيف في الفضائل إن كان المراد به إثبات استحبابها، فالاستحباب حكم شرعي، كما هو معلوم، والأحكام الشرعية لا تثبت إلا بدليل صحيح أو حسن، ولا يجدي فيها الضعيف

(1)

انظر: الأسرار المرفوعة ص 376، المصنوع ص 163.

(2)

هو: الشيخ العلامة شرف الدين يحيى بن قراجا الرهاوي المصري الحنفي.

له: حاشية على شرح المنار لابن الملك، قال النجم الغزى: كان نازلا بدمشق، وسافر مع الشيخ حسن الضيروطي إلى مصر سنة اثنتين وأربعين وتسعمائة ولا أدري متى توفي.

انظر: الكواكب السائرة 2/ 260، كشف الظنون 2/ 1825.

(3)

الأجوبة الفاضلة ص 35.

ص: 297

حتى على رأي هؤلاء.

وإن كان المراد به إثبات ما هو ثابت بدليل صحيح، أو قاعدة من قواعد الشرع، فوجود الضعيف وعدمه سيان.

رابعا: ما ذكره النووي وتبعه ملا علي القاري من الاتفاق على قبول الضعيف في الفضائل دون الأحكام، فيه نظر لأمرين:

1 -

أن غير النووي والقاري نقل الخلاف في المسألة، كالسخاوي

(1)

والسيوطي

(2)

وغيرهما، قال الشبرخيتي

(3)

في شرح الأربعين: في ذكر الاتفاق نظر، لأن ابن العربي قال: إن الحديث الضعيف لا يعمل به مطلقًا

(4)

.

وإذا نقل عالم الإجماع، ونقل آخر النزاع، قدم ناقل النزاع، لأنه مثبت له، وناقل الإجماع: ناف للنزاع، والمثبت مقدم على النافي.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وإذا نقل عالم الإجماع، ونقل آخر النزاع، وإما نقلا سمي قائله؛ وإما نقلا بخلاف مطلقًا، ولم يسم قائله، فليس لقائل أن يقول نقلا لخلاف لم يثبت، فإنه مقابل بأن يقال: ولا يثبت نقل الإجماع، بل ناقل الإجماع ناف للخلاف، وهذا مثبت له،

(1)

انظر: فتح المغيث للسخاوي 1/ 267 - 268.

(2)

انظر: تدريب الراوي ص 196.

(3)

هو: برهان الدين إبراهيم بن مرعي الشبرخيتي المالكىِ.

له: شرح مختصر خليل، شرح العشماوية، شرح ألفية السيرة، وغيرها، مات غريقا بالنيل سنة ست ومائة وألف.

انظر: عجائب الآثار في التراجم والأخبار للجبرتي 1/ 117 - 118.

(4)

الفتوحات الوهبية للشبرخيتي ص 40.

ص: 298

والمثبت مقدم على النافي.

وإذا قيل: يجوز في ناقل النزاع أن يكون قد غلط فيما أثبته من الخلاف، إما لضعف الإسناد، أو لعدم الدلالة، قيل له: ونافي النزاع غلطه أجوز، فإنه قد يكون في المسألة أقوال لم تبلغه، أو بلغته وظن ضعف إسنادها، وكانت صحيحة عند غيره، أو ظن عدم الدلالة وكانت دالة، فكل ما يجوز على المثبت من الغلط يجوز على النافي، مع زيادة عدم العلم بالخلاف

(1)

.

2 -

أن النووي متساهل في نقل الإجماع، فكثيرًا ما ينقل الإجماع على مسألة: الخلاف فيها مشهور، بل قد يكون قد نقله بنفسه، من ذلك ما يلي:

أ - نقل الإجماع على عدم وجوب شيء من رفع اليدين في الصلاة

(2)

، ثم لم يلبث أن نقض هذا الإجماع بعد أسطر، فقال: حكي عن داود إيجابه عند تكبيرة الإحرام، وبهذا قال الإمام أبو الحسن أحمد بن سيار السياري

(3)

من أصحابنا أصحاب الوجوه

(4)

.

ب - نقل الإجماع على أن صلاة الجنازة لا تكره في الأوقات الثلاثة -حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل

(1)

مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 19/ 271.

(2)

انظر: شرح النووي على مسلم 4/ 95، وانظر: شرح المهذب 3/ 305.

(3)

هو: أحمد بن سيار بن أيوب أبو الحسن المروزي الزاهد الحافظ، أحد الأعلام، كان يشبه بابن المبارك في الزهد والورع، توفي سنة ثمان وستين ومائتين.

انظر: طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 2/ 183.

(4)

انظر: شرح مسلم للنووي 4/ 95، تهذيب الأسماء واللغات له 1/ 1/ 113.

ص: 299

الشمس، وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب -

(1)

وقد نقل الخلاف قبل هذا الكلام بورقتين فقط

(2)

، كما نقله بعد ذلك في نفس الكتاب

(3)

، ونقله في شرح المهذب عن العبدري

(4)

في كتاب الجنائز: أن الثوري والأوزاعي وأبا حنيفة وأحمد وإسحاق يقولون: إن صلاة الجنازة منهي عنها عند طلوع الشمس وعند غروبها وعند استوائها

(5)

.

والأمثلة على ذلك كثيرة جدا من كلام النووي وغيره، وهو ما حدا بالشوكاني أن يقول: وأما دعوى الإجماع فهي من الدعاوى التي لا يهابها طالب الحق، ولا تحول بينه وبين مراده منه

(6)

.

خامسا: الشروط التي اشترطها أصحاب الرأي الثالث لقبول الضعيف في الفضائل صعبة التطبيق، لا تكاد تتوافر في مثال واحد، ولذلك نجد كثيرا من العلماء يخرقها، ولا يلقي لها بالا، فمثلا:

الشرط الأول: وهو أن يكون الضعف غير شديد يدل على وجوب معرفة حال الحديث الذي يريد أحدهم أن يعمل به، لكي يتجنب العمل به

(1)

شرح مسلم للنووي 6/ 114.

(2)

المصدر السابق 6/ 110.

(3)

المصدر السابق 7/ 11.

(4)

هو: أبو الحسن علي بن سعيد بن عبد الرَّحمن البغدادي المعروف بالعبدري، منسوب إلى عبد الدار، توفي ببغداد سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة.

انظر: طبقات الشافعية لابن هداية الله ص 183.

(5)

انظر: المجموع شرح المهذب 4/ 172، وانظر: الخلاف في هذه المسألة في كتاب معالم السنن للخطابي 4/ 327.

(6)

نيل الأوطار للشوكاني 1/ 263.

ص: 300

إذا كان شديد الضعف، وهذه المعرفة مما يصعب الوقوف عليها من جماهير الناس، ولذلك نجد الذين يعملون بالأحاديث الضعيفة قد خالفوا هذا الشرط مخالفة صريحة

(1)

.

والشرط الثاني: وهو أن يكون الضعيف مندرجا تحت أصل عام، فاشتراط الأصل للعمل بالضعيف يجعل الحديث الضعيف لا قيمة له، فالعمل في الحقيقة للأصل لا للضعيف.

وأما الشرط الثالث: وهو أن لا يعتقد عند العمل به ثبوته، فكالشرط الاول يتطلب ضرورة معرفة الحديث ومقدار ضعفه لكي لا يعتقد ثبوته.

وأما قولهم: أن لا يعتقد سنية ما يدل عليه، بل يعتقد الاحتياط

(2)

،

فقد تقدم رده نقلا عن الشيخ علوي مالكي

(3)

، والاحتياط في الدين ليس بالعمل فيما لم يثبت، فإن ذلك قول على الله بغير علم، وإنما الاحتياط الابتعاد عن العمل به أصلا.

وأما ما اشترطه الحافظ ابن حجر من أنه لا يشتهر ذلك، لئلا يعمل المرء بحديث ضعيف فيشرع ما ليس بشرع، أو يراه بعض الجهال فيظن أنه سنة صحيحة، فقد قال الشبراملسي

(4)

-وهو ممن يرى الاحتجاج بالضعيف في الفضائل -: يتأكد في حق المقتدى به ليكون فعله سببا لإِفادة

(1)

انظر: مقدمة صحيح الجامع الصغير للألباني 1/ 48 - 49.

(2)

انظر: التحفة المرضية في حل بعض المشكلات الحديثية للشيخ حسين بن محسن الأنصاري اليماني، المطبوع في آخر المعجم الصغير للطبراني 2/ 187.

(3)

انظر: ص 275، 276 من هذه الرسالة، وقارن به حواشي الشرواني على تحفة المحتاج 1/ 240.

(4)

هو: علي بن علي أبو الضياء نور الدين الشبراملسي الشافعي القاهري، قال المحبي: لم =

ص: 301

غيره الحكم المستفاد من ذلك الحديث

(1)

، ويقصد بذلك إظهار العمل به ليتمكن الرائي من الاقتداء.

وبعد هذا كله، لا يستطيع تطبيق هذه الشروط إلا العالم المتمرس المتمكن، وهل كل الناس كذلك؟؟.

فهذا القول ضعيف، ونتائجه سيئة، ومنها: تساهل جمهور المسلمين علماء وخطباء ومدرسين وغيرهم في رواية الأحاديث الضعيفة والعمل بها، وعدم البحث في رجالها ودرجتها، محتجين بأنها في فضائل الأعمال، وهذا أمر خطير جدًا، وفيه مخالفة صريحة للأحاديث الصحيحة التي جاءت تحذر من التحديث إلا بعد التثبت من صحة الحديث، منها: ما رواه مسلم في مقدمة صحيحه: "من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين"

(2)

.

قال ابن العربي: قال العلماء: لا يحدث أحد إلا عن ثقة، فإن حدث عن غير ثقة، فقد حدث بحديث يرى أنه كذب

(3)

.

كما أن التحديث من غير بحث وتثبت يوقع الشخص في الكذب، ويدل عليه حديث أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كفى بالمرء

= يأت مثله في دقة النظر وجودة الفهم، وسرعة استخراج الأحكام من عبارات العلماء. له: حاشية على المواهب اللدنية، وحاشية على شرح الشمائل، وحاشية على شرح الورقات، وغيرها، توفي سنة سبع وثمانين وألف.

انظر: خلاصة الأثر 3/ 174 - 177، الأعلام 5/ 129 - 130.

(1)

حاشية الشبراملسي على نهاية المحتاج 1/ 181.

(2)

تقدم تخريجه ص 269.

(3)

عارضة الأحوذي لابن العربي 10/ 129.

ص: 302

كذبا أن يحدث بكل ما سمع"

(1)

.

وقال الإمام مالك: اعلم أنه ليس يسلم رجل حدث بكل ما سمع، ولا يكون إماما أبدا وهو يحدث بكل ما سمع

(2)

.

وقال ابن حبان في صحيحه: فصل -ذكر إيجاب دخول النار لمن نسب الشيء إلى المصطفى صلى الله عليه وسلم وهو غير عالم بصحته، ثم روى عن أبي هريرة حديثا:"من قال عليَّ ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار"

(3)

.

وأقوال العلماء في هذا الباب كثيرة جدًا، علاوة على ما جرته آراء المتساهلين من إيغال في إيراد الأحاديث الضعيفة، بل الموضوعة التي صارت سببا لوجود كثير من الطوائف المبتدعة، لأن من خلالها يصلون إلى مقاصدهم السيئة، إذ من الطبيعي أن لايجدوا ما يؤيد بدعهم في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم الصحيحة، مع علمهم بعدم رواج هذه البدع مالم تستند إلى أدلة منسوبة إلى الشرع الشريف.

ومن خلال ما تقدم، يترجح الرأي الثاني، وهو عدم الأخذ بالحديث الضعيف مطلقًا، لا في الأحكام، ولا في غيرها، لما يلي:

1 -

لاتفاق علماء الحديث على تسمية الضعيف بالمردود.

2 -

لأن الضعيف لا يفيد إلا الظن المرجوح، والظن لا يغني من الحق شيئًا.

3 -

لما ترتب على تجويز الاحتجاج به من ترك للبحث عن الأحاديث

(1)

تقدم تخريجه ص 273.

(2)

مقدمة صحيح مسلم 1/ 75 مع شرح النووي.

(3)

صحيح ابن حبان 1/ 120 - 121.

ص: 303

الصحيحة، والاكتفاء بالضعيفة.

4 -

لما ترتب عليه من نشوء البدع والخرافات، والبعد عن المنهج الصحيح، لما تتصف به الأحاديث الضعيفة -غالبا- من أساليب التهويل والتشديد بحيث صارت مرتعا خصبا للمتصوفة، فصدتهم عن دين الله الوسط.

وليس معنى هذا رد الحديث الضعيف بالكلية، بل يمكن أن يعمل به في غير مجال الاحتجاج، وذلك بترجيح معنى على غيره، فيما إذا عرض نص يحتمل لفظه معنيين دون ترجيح بينهما، وورد حديث ضعيف يرجح أحدهما، فحينئذ نأخذ بالمعنى الذي رجحه هذا الحديث ولو كان ضعيفا.

ومثال ذلك قوله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا}

(1)

.

فقوله: تعولوا يحتمل معنيين:

أولهما: أن لا تكثر عيالكم، وبه قال الشافعي.

ثانيهما: أن لا تجوروا ولا تميلوا وبه قال جمهور المفسرين.

وروي عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: {ذلك أدنى ألا تعولوا} قال: "أن لا تجوروا". وفي رواية: "أن لا تميلوا"

(2)

.

وهو حديث ضعيف، قال ابن أبي حاتم: قال أبي: هذا خطأ،

(1)

الآية 3 من سورة النساء.

(2)

رواه ابن أبي حاتم وابن مردويه وابن حبان في صحيحه./ انظر: تفسير ابن كثير 2/ 201.

ص: 304

والصحيح عن عائشة موقوف

(1)

.

ومع ضعفه، فقد قال ابن القيم: إنه يصلح للترجيح

(2)

(1)

انظر: تفسير ابن كثير 2/ 201.

(2)

تحفة المودود في أحكام المولود لابن القيم ص 17.

ص: 305