الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال الشاعر:
ومن يلق خيرا يغمز الدهر عظمه
…
علي ضعف من حاله وفتور
(1)
والمراد بالضعف في هذا البيت ضعف الجسد.
التعريف الاصطلاحي:
تقدم في التمهيد أن الحديث الصحيح ما استكمل خمسة شروط.
وهي:-
1 -
عدالة الرواة.
2 -
تمام ضبطهم.
3 -
اتصال سنده.
4 -
سلامته من الشذوذ.
5 -
سلامته من العلة القادحة.
كما أنه لابد من توافر هذه الشروط للحديث الحسن؛ إلا أن ضبط رواته أو أحدهم أخف من ضبط رواة الحديث الصحيح.
فما اشتمل علي هذه الشروط، فهو الحديث المقبول.
أما الحديث الذي لم تجتمع فيه صفات الحديث الصحيح، ولا صفات الحديث الحسن، فهو الضعيف.
(1)
البيت في المحكم لابن سيده 1/ 254، لسان العرب، وتاج العروس مادة "ضعف" عن ابن الأعرابي ولم يذكروا قائله.
بهذا عرفه الحافظ ابن الصلاح، وتبعه كل من النووي، وابن كثير
(1)
. لكن الحافظ العراقي
(2)
اعترض علي هذا التعريف، وقال: إن ذكر الصحيح غير محتاج إليه، لأن ما قصر عن الحسن؛ فهو عن الصحيح أقصر
(3)
.
ولهذا اقتصر عليه في ألفيته
(4)
، وتبعه علي ذلك السيوطي
(5)
، والبيقوني
(6)
(7)
وقبلهم ابن دقيق العيد
(8)
في
(1)
علوم الحديث ص 37، التقريب للنووي مع التدريب ص 105، اختصار علوم الحديث لابن كثير ص 37.
(2)
العراقي: هو عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن إبراهيم المهراني العراقي، زين الدين، حافظ العصر.
صنف كتبا كثيرة، منها: تخريج أحاديث الإحياء للغزالي، ونظم علوم الحديث لابن الصلاح في ألفية، وشرحها، وشرع في إكمال شرح الترمذي لابن سيد الناس. قال ابن حجر: لم نر في هذا الفن أتقن منه، وعليه تخرج غالب أهل عصره. توفي سنة ست وثمانمائة.
انظر: أنباء الغمر بأبناء العمر لابن حجر 5/ 170 - 176.
(3)
انظر شرح: ألفية العراقي له 1/ 111 - 112.
(4)
حيث يقول: أما الضعيف فهو ما لم يبلغ مرتبة الحسن
…
البيت.
(5)
انظر: ألفية السيوطى ص 19 مع شرح أحمد شاكر.
(6)
البيقوني: هو عمر بن الشيخ محمد بن فتوح الدمشقي الشافعي البيقوني، وسماه في معجم المؤلفين"طه" بدل "عمر"، وقال.: إنه محدث أصولي. وذكر أنه كان حيا فبل منة ئمانين وألف. له: البيقونية في مصطلح الحديث.
انظر: حاشية الأجهوري على شرح الزرقاني على منظومة البيقوني ص 6، معجم المؤلفين 5/ 44
(7)
حيث يقول في منظومته ص 30 مع شرح الزرقاني، وحاشية الأجهوري:
وكل ماعن رتبة الحسن قصر فهو الضعيف
…
البيت.
(8)
ابن دقيق العيد: هو تقي الدين أبو الفتح محمد بن علي بن وهب بن مطيع القشيري،=
الاقتراح
(1)
.
لكن أجاب بعض معاصري ابن حجر
(2)
: بأن مقام التعريف يقتضي الإيضاح، وذلك لأنه لا يلزم من عدم وجود وصف الحسن عدم وجود وصف الصحيح، إذ الصحيح -بشرطه السابق- لا يسمى حسنا، فالترديد متعين.
ونظير ذلك، قول النحوي إذا عرف الحرف بعد تعريف الاسم والفعل، قال: الحرف: ما لا يقبل شيئا من علامات الاسم والفعل
(3)
.
لكن هذا التنظير غير مطابق، لأنه ليس بين الاسم والفعل عموم ولا خصوص، بخلاف الصحيح والحسن، فبينهما عموم وخصوص، ويمكن اجتماعهما، وانفراد كل منهما، بخلاف الاسم والفعل والحرف.
والحق: أن كلام ابن الصلاح معترض، وذلك أن كلامه يقتضي أن
=المعروف بابن دقيق العيد، التقي لقبًا ونعتا، والولي سمة وسمتا.
من مصنفاته: "الإمام" وهو كتاب عظيم، ومختصره "الإلمام"، والاقتراح في علوم الحديث، وشرح العنوان في أصول الفقه، وغيرها.
توفي سنة اثنتين وسبعمائة.
انظر: طبقات الشافعية للأسنوي 2/ 227 - 233.
(1)
الاقتراح لابن دقيق العيد ورقة (5) مخطوط.
(2)
ذكر بهامش النكت على ابن الصلاح لابن حجر المخطوط المحفوظ بجامعة الملك سعود ورقة 63/ ب: أنه الزركشي.
(3)
النكت عل ابن الصلاح لابن حجر ورقة 63/ ب من مخطوطة جامعة الملك سعود، و 285 - 286 من النكت المطبوع بالآلة الكاتبة بتحقيق: الشيخ ربيع بن هادي، وانظر: توضيح الأفكار للصنعاني 1/ 246 - 247، وشرح الأذكار لابن علان 1/ 24.
الحديث حيث تنعدم فيه صفة من صفات الصحيح يسمى ضعيفا، وليس كذلك، لأن تمام الضبط مثلا إذا تخلف صدق أن صفات الصحيح لم تجتمع، ويسمى الحديث الذي اجتمعت فيه الصفات سواه حسنا لاضعيفا، وإذا انعدمت أية صفة من صفات الحسن كان الحديث ضعيفا
(1)
.
وأجاب ابن الوزير اليماني
(2)
عن هذا: بأن ابن الصلاح لا يلزمه أن يحد الضعيف علي رأي غيره، وإنما كان يلزمه لو كان يرى أن كل صحيح حسن، أوكان الدليل علي أن كل صحيح حسن قاطعا ملتزما لكل مكلف أن يسميه بذلك، وليس كذلك وإنما هذا الكلام في اصطلاح أهل الأثر، ولم يصطلحوا كلهم علي أن كل صحيح حسن
(3)
.
لكن الذي تفيده عبارة ابن الصلاح أنه يقول: بان الصحيح أخص من الحسن، فإنه قسم الحسن إلي قسمين، وأفاد فيما ذكره أخصية الصحيح، ثم قال في آخر كلامه: ومن أهل الحديث من لا يفرد نوع الحسن، ويجعله مندرجا في أنواع الصحيح لا ندراجه في أنواع ما يحتج به
(4)
.
واختار الحافظ ابن حجر أن تعريف الضعيف:
(1)
انظر: المراجع السابقة.
(2)
ابن الوزير: هو محمد بن إبراهيم بن علي بن المرتضى الإمام الكبير، المجتهد المطلق، صاحب المؤلفات البديعة، مثل: العواصم والقواصم، والروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم، وإيثار الحق على الخلق، وغيرها. توفي سنة أربعين وثمانمائة.
انظر: البدر الطالع للشوكاني 2/ 81 - 93.
(3)
تنقيح الأنظار لابن الوزير مع شرحه تلإضيح الأفكار 1/ 247.
(4)
علوم الحديث ص 27 - 28، 36، وانظر: توضيح الأفكار 1/ 247.
حديث لم تجتمع فيه صفات القبول.
وعلل اختياره بأنه أسلم من الاعتراض وأخصر
(1)
.
قلت: وهو كذلك، فإنه أسلم من الاعتراضات الواردة على تعريف ابن الصلاح في جمعه بين صفتي الحسن والصحة.
كما أنه أخصر؛ إذ جمع اللفظين في لفظ واحد، وأسلم من تعريف العراقي ومن تبعه في اقتصاره على صفة الحسن، إذ قد يكون الحديث صحيحا وليس بحسن كما ذكر ذلك جماعة.
وتبعا لتخلف أية صفة من صفات القبول يتنوع الضعيف، فهو أنواع كثيرة، أوصلها ابن حبان
(2)
إلى خمسين قسما إلا واحدا، والعراقي إلى اثنين وأربعين قسما
(3)
، كما أوصلها بعضهم إلى ثلاثة وستين قسما
(4)
وأوصلها آخر إلى مائة وتسعة وعشرين قسما باعتبار العقل، وإلى واحد وثمانين باعتبار إمكان الوجود، وإن لم يتحقق وجودها
(5)
.
(1)
النكت على ابن الصلاح ص 286 من المطبوع بالآلة الكاتبة بتحقيق: الدكتور ربيع بن هادي.
(2)
ابن حبان: هو الإمام الحافظ العلامة أبو حاتم محمد بن حبان بن أحمد بن حبان التميمي البستي، قال الحاكم: كان ابن حبان من أوعية العلم في الفقه واللغة والحديث والوعظ، وكان من عقلاء الرجال.
من مصنفاته: المسند الصحيح، التاريخ، المجروحين، الثقات، وغيرها. توفي مسنة أربع وخمسين وثلاثماثة.
انظر: تذكرة الحفاظ للذهبي 3/ 920 - 924.
(3)
انظر: شرح ألفية العراقي له 1/ 112 - 116، توضيح الأفكار 1/ 249 - 253.
(4)
هو الشيخ محمد بن علي المجد ولي المالكي الأزهري في رسالة له سماها "فتح اللطيف في قسم الضعيف" المخطوط المحفوظ بمكتبة الأوقاف العامة ببغداد رقم 3/ (مجاميع).
(5)
انظر: تدريب الراوي للسيوطي ص 105.
وبلغت في إحصاء بعضهم إلى خمسمائة وإحدى عشرة صورة
(1)
.
وذكر ابن الصلاح طريقة استخراج هذه الصور، بقوله: وسبيل من أراد البسط أن يعمد إلى صفة معينة منها، فيجعل ما عدمت فيه من غير أن يخلفها جابر قسما واحدا، ثم ما عدمت فيه تلك الصفة مع صفة أخرى معينة قسمًا ثانيًا، ثم ما عدمت فيه مع صفتين معينتين قسمًا ثالثًا، وهكذا إلى أن يستوفي الصفات المذكورات جمع، ثم يعود ويعين من الابتداء صفة غير التي عينها أولا، ويجعل ما عدمت فيه وحدها قسما، ثم القسم الآخر ما عدمت فيه مع صفة أخرى، ولتكن الصفة الأخرى غير الصفة الأولى المبدوء بها، لكون ذلك سبق في أقسام عدم الصفة الأولى، وهكذا هلم جرا إلى آخر الصفات
(2)
.
وذكر السيوطي أنه أراد بسطها في التدريب، لكنه رأى شيخ الإسلام ابن حجر، قال: إن ذلك تعب ليس وراءه أرب.
ثم وجه ذلك بأنه لا يخلو إما أن يكون لأجل معرفة مراتب الضعيف، وما كان منها أضعف أولا، فإن كان الأول، فلا يخلو من أن يكون لأجل أن يعرف أن ما فقد من الشرط أكثر، أضعف أو لا.
فإن كان الأول، فليس كذلك، لأن منها ما يفقد شرطا واحدا، ويكون أضعف مما فقد الشروط الخمسة الباقية، وهو ما فقد الصدق، وإن
(1)
هو الشيخ محمد بن خليفة المرحومي الشوبري الشافعي في رسالة له في بيان أقسام الحديث الضعيف، مخطوط محفوظ بمكتبة الأوقات العامة ببغداد رقم 4/ 1129 (مجاميع).
وذكر الشيخ محمد محمد السماحي في كتابه "غيث المستغيث" ص 70 أنها: خمسمائة وعشرة أقسام.
(2)
علوم الحديث لابن الصلاح ص 37 - 38.