المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الأول عناية المحدثين بالسند والمتن معا - الحديث الضعيف وحكم الاحتجاج به

[عبد الكريم الخضير]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌تمهيد

- ‌تعريف الحديث النبوي الشريف

- ‌التعريف اللغوي:

- ‌التعريف الاصطلاحي:

- ‌نقد التعريفات السابقة:

- ‌الحديث القدسي:

- ‌تعريفه:

- ‌صيغ الحديث القدسي:

- ‌أقسام الحديث النبوي

- ‌أولا: تقسيمه باعتبار وصوله إِلينا:

- ‌القسم الأول: المتواتر

- ‌تعريفه:

- ‌شروط المتواتر:

- ‌أقسام التواتر:

- ‌حكم المتواتر:

- ‌القسم الثاني: الآحاد

- ‌أنواعه:

- ‌النوع الأول: المشهور

- ‌تعريفه:

- ‌المشهور عند الحنفية:

- ‌مثال المشهور:

- ‌تنبيه:

- ‌حكم المشهور:

- ‌النوع الثاني: العزيز:

- ‌تعريفه:

- ‌مثاله:

- ‌حكمه:

- ‌النوع الثالث: الغريب:

- ‌تعريفه:

- ‌أقسامه:

- ‌حكمه:

- ‌ثانيًا: تقسيم الحديث من حيث القبول والرد:

- ‌الصحيح لذاته:

- ‌تعريفه:

- ‌شروط الصحيح لذاته:

- ‌حكمه:

- ‌الحسن لذاته:

- ‌تعريفه:

- ‌مثاله:

- ‌حكمه:

- ‌الصحيح لغيره:

- ‌تعريفه:

- ‌مثاله:

- ‌حكمه:

- ‌الحسن لغيره:

- ‌تعريفه:

- ‌مثاله:

- ‌حكمه:

- ‌الباب الأول الحديث الضعيف ومسالك الضعف إِلى الحديث

- ‌التقدمة تعريف الحديث الضعيف

- ‌التعريف اللغوي:

- ‌التعريف الاصطلاحي:

- ‌مسالك الضعف إِلى الحديث:

- ‌الفصل الأول المسلك الأول من مسالك الضعف إِلى الحديث السقط من السند

- ‌تعريف السند:

- ‌أنواع السقط:

- ‌السقط الظاهر:

- ‌النوع الأول: المعلق

- ‌تعريفه:

- ‌صور المعلق:

- ‌حكم المعلق:

- ‌النوع الثاني: المرسل

- ‌تعريفه:

- ‌1 - المرسل عند المحدثين:

- ‌2 - المرسل عند الفقهاء والأصوليين:

- ‌مرسل الصحابي:

- ‌تعريفه:

- ‌مثاله:

- ‌حكم الحديث الرسل:

- ‌وأما مراسيل غير الصحابة:

- ‌النوع الثالث: العضل

- ‌تعريفه:

- ‌واصطلاحا:

- ‌مثاله:

- ‌ومثاله:

- ‌حكمه:

- ‌النوع الرابع: المنقطع

- ‌تعريفه:

- ‌واصطلاحا:

- ‌مثاله:

- ‌حكمه:

- ‌السقط الخفي

- ‌‌‌تعريفه:

- ‌تعريفه:

- ‌أولا: المدلس:

- ‌أقسام التدليس:

- ‌1 - تدليس الإسناد

- ‌تعريفه:

- ‌مثاله:

- ‌حكمه:

- ‌2).2 -تدليس التسوية: تعريفه:

- ‌مثاله:

- ‌حكمه:

- ‌3 - تدليس القطع: تعريفه:

- ‌مثاله:

- ‌4 - تدليس العطف:

- ‌تعريفه:

- ‌مثاله:

- ‌5 - تدليس الشيوخ:

- ‌تعريفه:

- ‌مثاله:

- ‌حكمه:

- ‌تنبيه:

- ‌الأغراض الحاملة على التدليس:

- ‌حكم رواية المدلس:

- ‌الراجح:

- ‌ثانيا: المرسل الخفي:

- ‌تعريفه:

- ‌مثاله:

- ‌الفرق بين الإِرسال الخفي والإِرسال الظاهر:

- ‌الفرق بين الإِرسال الخفي والتدليس:

- ‌ما يعرف به الإِرسال الخفي:

- ‌الفصل الثاني المسلك الثاني من مسالك الضعف إِلى الحديث النبوي الشريف الطعن في الراوي

- ‌تعريف الطعن:

- ‌تنبيه:

- ‌أولا: العدالة: تعريفها:

- ‌شروط العدالة:

- ‌ثبوت العدالة:

- ‌الوجه الأول من أوجه الطعن في الراوي المتعلقة بالعدالة الكذب

- ‌تعريفه:

- ‌حكم الكذب على رسول الله:

- ‌تعريفه:

- ‌أسباب الوضع:

- ‌ما يعرف به الحديث الموضوع:

- ‌حكم رواية الحديث الوضوع:

- ‌الوجه الثاني: من أوجه الطعن في الراوي المتعلقة بالعدالة تهمة الراوي بالكذب

- ‌التعريف:

- ‌أسباب اتهام الراوي بالكذب:

- ‌المتروك

- ‌تعريفه:

- ‌مثال المتروك:

- ‌رتبته:

- ‌الوجه الثالث من أوجه الطعن في الراوي المتعلقة بالعدالة الفسق

- ‌تعريفه:

- ‌حكم رواية الفاسق:

- ‌الوجه الرابع من أوجه الطعن في الراوي المتعلقة بالعدالة البدعة

- ‌تعريفها:

- ‌أقسام البدعة:

- ‌حكم رواية المبتدع:

- ‌والراجح:

- ‌الوجه الخامس من أوجه الطعن في الراوي المتعلقة بالعدالة الجهالة

- ‌تعريفها:

- ‌أقسام المجهول:

- ‌القسم الأول: مجهول الذات

- ‌أسباب جهالة الذات:

- ‌حكم رواية مجهول الذات:

- ‌القسم الثاني: مجهول العين:

- ‌تعريفه:

- ‌حكم رواية مجهول العين:

- ‌القسم الثالث: مجهول الحال: تعريفه:

- ‌أنواع مجهول الحال:

- ‌حكم رواية النوع الأول:

- ‌حكم رواية النوع الثاني:

- ‌الراجح:

- ‌ثانيا: الضبط

- ‌تعريفه:

- ‌أقسام الضبط:

- ‌الراجح:

- ‌الوجه الأول من أوجه الطعن في الراوي المتعلقة بالضبط: فحش الغلط

- ‌التعريف:

- ‌الوجه الثاني من أوجه الطعن في الراوي المتعلقة بالضبط: كنرة الغفلة

- ‌تعريف الغفلة:

- ‌المنكر

- ‌تعريفه:

- ‌الوجه الثالث من أوجه الطعن في الراوي المتعلقة بالضبط: مخالفة الثقات

- ‌التعريف:

- ‌المدرج

- ‌تعريفه:

- ‌أقسام المدرج:

- ‌أولا: مدرج الإِسناد:

- ‌صوره:

- ‌الصورة الأولى:

- ‌الصورة الثانية:

- ‌الصورة الثالثة:

- ‌الصورة الرابعة:

- ‌ثانيا: مدرج المتن:

- ‌أقسامه:

- ‌منشأ الإِدراج:

- ‌ما يعرف به الإِدراج:

- ‌حكم الإِدراج:

- ‌المقلوب

- ‌تعريفه:

- ‌أنواع القلب:

- ‌النوع الأول: قلب في الإسناد

- ‌النوع الثاني: القلب في المتن

- ‌النوع الثالث: القلب في السند والمتن جميعًا

- ‌حكم القلب:

- ‌المزيد في متصل الأسانيد

- ‌تعريفه:

- ‌وشرطه:

- ‌المضطرب

- ‌تعريفه:

- ‌أقسام الاضطراب:

- ‌حكم الاضطراب:

- ‌المصحف

- ‌تعريفه:

- ‌أقسام التصحيف:

- ‌المحرف

- ‌تعريفه:

- ‌أقسام التحريف:

- ‌حكم تصحيح التصحيف والتحريف:

- ‌الشاذ

- ‌تعريفه:

- ‌أقسام الشذوذ:

- ‌الوجه الرابع من أوجه الطعن في الراوي المتعلقة بالضبط: الوهم

- ‌تعريفه:

- ‌المعل

- ‌تعريفه:

- ‌أجناس العلل:

- ‌أقسام المعل:

- ‌الأول: المعل في السند

- ‌الثاني: المعل في المتن

- ‌الثالث: المعل في السند والمتن معا

- ‌ما تعرف به علة الحديث:

- ‌الوجه الخامس من أوجه الطعن في الراوي المتعلقة بالضبط: سوء الحفظ

- ‌تعريفه:

- ‌أقسام سوء الحفظ:

- ‌حكم رواية سيء الحفظ:

- ‌الباب الثاني حكم الاحتجاج بالحديث الضعيف

- ‌التقدمة في الاحتجاج بالسنة النبوية

- ‌الفصل الأول حكم الاحتجاج بالحديث الضعيف في الفضائل والأحكام

- ‌الرأي الأول:

- ‌وجهة هذا الرأي:

- ‌أ - الإِمام أبو حنيفة

- ‌2 - الإِمام مالك بن أنس

- ‌3).3 -الإِمام محمد بن إِدريس الشافعي

- ‌4 - الإِمام أحمد بن حنبل

- ‌5 - أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني

- ‌6 - كمال الدين ابن الهمام

- ‌7 - محمد المعين بن محمد الأمين

- ‌الرأي الثاني:

- ‌1 - يحيى بن معين

- ‌2).2 -الإِمام محمد بن إِسماعيل البخاري

- ‌3).3 -الإِمام مسلم بن الحجاج القشيري

- ‌4 - الحافظ أبو زكريا النيسابوري

- ‌8 - ابن حبان

- ‌9 - الإِمام أبو سليمان الخطابي

- ‌10 - أبو محمد بن حزم

- ‌1).11 -القاضي أبو بكر بن العربي

- ‌12 - شيخ الإِسلام ابن تيمية

- ‌13 - أبو شامة المقدسي

- ‌1)(2).14 -جلال الدين الدواني

- ‌15 - محمد بن علي الشوكاني

- ‌16 - صديق حسن خان

- ‌17 - أحمد محمد شاكر

- ‌18 - محمد ناصر الدين الألباني

- ‌19 - الدكتور صبحي الصالح

- ‌الرأي الثالث:

- ‌وجهة هذا الرأي:

- ‌شروط العمل بالحديث الضعيف في الفضائل:

- ‌أمثلة للحديث الضعيف في فضائل الأعمال:

- ‌من روي عنه هذا الرأي:

- ‌1 - سفيان الثوري

- ‌2 - عبد الله بن المبارك

- ‌3 - عبد الرحمن بن مهدي

- ‌4 - سفيان بن عيينة

- ‌5 - يحيى بن معين

- ‌6 - أحمد بن حنبل

- ‌تحقيق مذهب الإِمام أحمد في هذه المسألة:

- ‌7 - أبو زكريا العنبري

- ‌8 - أبو عمر بن عبد البر

- ‌9 - موفق الدين ابن قدامة

- ‌10 - أبو زكريا النووي

- ‌11 - الحافظ إِسماعيل بن كثير

- ‌1).12 -جلال الدين المحلي

- ‌13 - جلال الدين السيوطي

- ‌14 - الخطيب الشربيني

- ‌15 - تقي الدين الفتوحي

- ‌16 - الملا علي القاري

- ‌1).17 -محمد عبد الحي اللكنوي

- ‌18 - الدكتور نور الدين عتر

- ‌المراد بالضعيف عند هؤلاء الأئمة:

- ‌معنى العمل بالحديث الضعيف:

- ‌معنى التساهل برواية أحاديث الفضائل:

- ‌المناقشات والترجيح:

- ‌الفصل الثاني في حكم الاحتجاج بالحديث الضعيف في قراءة شيء من كتاب الله وتفسيره والمغازي

- ‌ حكم إِثبات القراءة بالحديث الضعيف:

- ‌حكم تفسير القرآن الكريم بالحديث الضعيف:

- ‌حكم الاحتجاج بالضعيف في المغازي والسير، وهل يلزم نقد الأخبار التاريخية

- ‌الباب الثالث زمرتان من متعلقات الحديث الضعيف

- ‌الفصل الأول في الزمرة الأولى من متعلقات الحديث الضعيف

- ‌المبحث الأول عناية المحدثين بالسند والمتن معا

- ‌تفنيد هذه الافتراءات:

- ‌الحديث الأول:

- ‌الحديث الثاني:

- ‌الحديث الثالث:

- ‌المبحث الثاني حكم الرواية عن الضعفاء

- ‌الجواب عن رواية كبار الأئمة عن الضعفاء:

- ‌تزييف ورع الموسوسين في المتفق على ضعفه:

- ‌المبحث الثالث أضعف الأسانيد

- ‌فائدة معرفة أضعف الأسانيد:

- ‌الفصل الثاني الزمرة الثانية من متعلقات الحديث الضعيف

- ‌المبحث الأول مظان الحديث الضعيف

- ‌أولًا: من كتب الحنفية

- ‌ثانيا: من كتب المالكية

- ‌ثالثا: من كتب الشافعية

- ‌رابعا: من كتب الحنابلة

- ‌المبحث الثاني الكتب المصنفة في الضعفاء

- ‌المبحث الثالث الكتب المصنفة في أنواع خاصة من الضعيف

- ‌أولا: أهم الكتب المؤلفة في العلل:

- ‌ثانيا: أهم الكتب المؤلفة في الأحاديث الموضوعة:

- ‌ثالثا: أهم الكتب المصنفة في المراسيل:

- ‌رابعا: أهم الكتب المؤلفة في المدرج:

- ‌خامسا: أهم الكتب المصنفة في التدليس والمدلسين:

- ‌سادسا: أهم الكتب المصنفة في الاختلاط والمختلطين:

- ‌سابعا: أهم ما ألف في المضطرب:

- ‌ثامنًا: أهم الكتب المؤلفة في القلوب:

- ‌تاسعا: أهم الكتب المؤلفة في المصحف:

- ‌الخاتمة

- ‌فهرس المراجع

الفصل: ‌المبحث الأول عناية المحدثين بالسند والمتن معا

‌المبحث الأول عناية المحدثين بالسند والمتن معا

دراسة سند الحديث مهمة جدا لتبيين حاله صحة وضعفا، فهي الوسيلة الأولى التي عن طريقها يتم الحكم على أي حديث ما بأنه صحيح أو ضعيف.

ولا غرو فالإِسناد من أبرز خصائص هذه الأمة التي لم يؤتها أحد من الأم قبلها

(1)

، وهو من الدين بموقع عظيم، قال عبد الله بن المبارك: الإِسناد من الدين، ولولا الإِسناد لقال من شاء: ما شاء.

وقال أيضا: بيننا وبين القوم القوائم

(2)

. يعني: الإِسناد.

وقال الإِمام مالك في تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ} الآية

(3)

: هو قول الرجل: حدثني أبي عن جدي

(4)

.

وكلام العلماء في الاهتمام بالسند كثير لا يحصره مثل هذه العجالة.

ومع ذلك كله قرر العلماء أن هذه الدراسة في السند لا تكفي وحدها للحكم النهائي على الحديث، إذ لا يلزم من ضعف السند ضعف المتن، فقد يضعف السند ويصح المتن لوروده من طريق آخر، أو طرق أخرى.

(1)

انظر: منهاج السنة لابن تيمية 4/ 11، شرح شرح النخبة ص 194.

(2)

مقدمة صحيح مسلم 1/ 87 - 88 بشرح النووي، علل الترمذي في آخر سننه 9/ 438، الجرح والتعديل 1/ 1/ 16.

(3)

الآية 44 من سورة الزخرف.

(4)

تفسير القرطبي 16/ 93.

ص: 327

ومثال ذلك: إذا وقف شخص على حديث جابر بن عبد الله الذي رواه ابن ماجة: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يطف هو وأصحابه لعمرتهم وحجتهم حين قدموا إلا طوافا واحدًا"

(1)

.

فإذا درس إسناد هذا الحديث وجد فيه ليث بن أبي سليم

(2)

، وهو ضعيف، فإنه لا يسوغ له الحكم على هذا الحديث بأنه ضعيف، ويقصد متنه، بل يقول: ضعيف بهذا الإِسناد، وإلا فمتنه صحيح عن جابر من غير هذه الطريق بطرق صحيحة، رواها مسلم في صحيحه وأبو داود والنسائي وغيرهم

(3)

.

كما أن الواجب على الباحا إذا وجد حديثا بلفظ ما بسند ضعيف، أو نص على تضعيفه، فليقل بعبارة دقيقة، وليتحاش المجازفة في الحكم، كأن يقول: ضعيف بهذا اللفظ، إذ المجازفة في الألفاظ تنافي ما عليه المحدثون من دقة في التعبير.

ومثال ذلك حديث: "إذا حضر العَشاء والعِشاء -بكسر العين وفتحها - فابدأوا بالعَشاء - بالفتح-"

(4)

.

فالحديث بهذا اللفظ لا أصل له، لكنه صحيح متفق عليه بلفظ: "إِذا

(1)

سنن ابن ماجة رقم 2972.

(2)

هو: ليث بن أبي سليم الكوفي الليثي، أحد العلماء، ضعفه يحيى والنسائي، وقال أحمد: مضطرب الحديث، توفى سنة ثلاث وأربعين ومائة.

انظر: الضعفاء للنسائي ص 90، ميزان الاعتدال للذهبي 3/ 420 - 423.

(3)

انظر: صحيح مسلم 8/ 162 مع النووي، وأبا داود رقم 1895، والنسائي 5/ 179.

(4)

انظر: فتح الباري 2/ 162، تذكرة الموضوعات ص 142: المقاصد الحسنة ص 38.

ص: 328

وضع العشاء وأقيمت الصلاة فابدأوا بالعشاء"

(1)

.

وإذا عرفنا قيمة السند عند المحدثين، فان للمتن قيمة لا تنقص عن قيمة السند، فكما يحكم بضعف الحديث لضعف سنده لوجود انقطاع فيه أو كذب أو فسق أو بدعة في أحد رواته أو غيرها، فإنه يحكم بضعف الحديث أو وضعه لركاكة في لفظه وفساد معناه، أو مخالفته للدليل القطعي أو مخالفته لحقائق التاريخ المعروفة في عصر النبي صلى الله عليه وسلم، أو غير ذلك من العلامات التي جعلها العلماء علامات في متن الحديث للدلالة على وضعه أو ضعفه

(2)

.

وكما يحكم بضعف الحديث لوجود علة أو شذوذ أو إدراج أو قلب أو اضطراب أو تصحيف أو تحريف في سنده، فكذلك يحكم بضعفه لوجود هذه الأشياء في متنه كما تقدم.

ولم يكتف المحدثون بما ذكر، بل جعلوا للذوق الفني مجالا في نقد الأحاديث وردها أو قبولها، فكثيرًا ما يقولون: هذا الحديث عليه ظلمة، أو متنه مظلم، أو ينكره القلب، أو لا تطمئن إليه النفس، وليس ذلك بعجيب، فقد قال الربيع بن خثيم

(3)

: ان للحديث ضوءًا كضوء النهار

(1)

رواه البخاري 9/ 584 مع الفتح، ومسلم 5/ 45 مع النووي.

(2)

انظر: ص 140، 145 من هذه الرسالة.

(3)

هو: الربيع بن خثيم بن عائذ، الإمام القدوة العابد، أبو يزيد الكوفي، أحد الأعلام، أدرك زمن النبي صلى الله عليه وسلم وأرسل عنه، قال له ابن مسعود: يا أبا يزيد لو رآك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحبك، وما رأيتك إلا ذكرت المخبتين، وقال ابن شاهين: كان من معادن الصدق، ومناقبه كثيرة جدا، توفي قبل سنة خمس وستين.

انظر: الثقات لابن شاهين ص 130، سير أعلام النبلاء 4/ 258 - 262.

ص: 329

تعرفه، وظلمة كظلمة الليل تنكره

(1)

.

وقال ابن كثير: من الأحاديث المروية ما عليه أنوار النبوة، ومنها ما وقع فيه تغيير لفظ، أو زيادة باطلة، أو مجازفة أو نحو ذلك يدركها البصير من أهل هذه الصناعة

(2)

.

كل ما ذكر وغيره يبين غاية البيان أن المحدثين مع عنايتهم بالسند واهتمامهم به لم يقصروا جهدهم عليه، أو يوجهوا جل عنايتهم إليه دون المتن، بل جعلوا نقدهم منصبا على السند والمتن على السواء.

ومع هذا الاعتناء الشديد بالمتن نجد بعض أعداء الإِسلام يحاول التشكيك في السنة النبوية، مثل: المستشرق غاستون ويت الذي يقول: وقد درس رجال الحديث السنة بإتقان، إلا أن تلك الدراسة كانت موجهة إلى السند ومعرفة الرجال والتقائهم وسماع بعضهم من بعض .. إلى أن قال: لقد نقل لنا الرواة حديث الرسول مشافهة ثم جمعه الحفاظ ودونوه، إلا أن هؤلاء لم ينقدوا المتن، ولذلك لسنا متأكدين من أن الحديث قد وصلنا كما هو عن رسول الله من غير أن يضيف إليه الرواة شيئا عن حسن نية في أثناء روايتهم للحديث

(3)

.

وليس غريبا أن يصدر هذا من عدو يريد التشكيك في ديننا، والدعوة إلى دينه، وإخراج المسلمين عن دينهم، وانسلاخهم عن عقيدتهم، وطرحهم لسنة نبيهم، لكن الغريب والمؤسف أن يصدر هذا ممن ينتسب

(1)

تدريب الراوي ص 179.

(2)

اختصار علوم الحديث لابن كثير ص 53.

(3)

انظر: السنة قبل التدوين للدكتور محمد عجاج الخطيب ص 254 نقلا عن التاريخ العام للديانات "الإسلام" ص 366.

ص: 330

إلى الإِسلام مثل: أحمد أمين

(1)

الذي يقول في كتابه "فجر الإِسلام": ولقد وضع العلماء للجرح والتعديل قواعد ليس هنا محل ذكرها، ولكنهم -والحق يقال- عنوا بنقد الإسناد أكثر مما عنوا بنقد المتن، فقل أن تظفر بنقد من ناحية أن ما نسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم لا يتفق والظروف التي قيلت فيه، أو أن الحوادث التاريخية الثابتة تناقضه، أو أن عبارة الحديث نوع من التعبير الفلسفي يخالف المألوف في تعبير النبي، أو أن الحديث أشبه في شروطه وقيوده بمتون الفقه، وهكذا. ولم نظفر منهم في هذا الباب بعشر معشار ما عنوا به من جرح الرجال وتعديلهم حتى نرى البخاري نفسه على جليل قدره ودقيق بحثه يثبت أحاديث دلت الحوادث الزمنية والمشاهدة التجريبية على أنها غير صحيحة لاقتصاره على نقد الرجال، كحديث:"لا يبقى على ظهر الأرض بعد مائة سنة نفس منفوسة". حديث: "من اصطبح كل يوم سبع تمرات من عجوة لم يضره سم ولا سحر ذلك اليوم إِلى الليل"

(2)

.

وقال أيضا كلاما نحو هذا في كتابه "ضحى الإِسلام" ومثل له بحديث: "الكمأة من المن، وماؤها شفاء للعين، والعجوة من الجنة، وهي شفاء من السم". ثم قال: فهل اتجهوا في نقد الحديث إلى امتحان

(1)

هو: أحمد أمين عضو المجامع اللغوية بالقاهرة ودمشق وبغداد، تولى القضاء بمصر، ودرس بكلية الآداب بجامعة القاهرة، ثم انتخب عميدا لها، ثم شغل منصب مدير الإدارة الثقافية بالجامعة العربية.

من مؤلفاته: فجر الإسلام، ضحى الإسلام، ظهر الإسلام، فيض الخاطر، وغيرها، توفى سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة وألف.

انظر: معجم المؤلفين 1/ 168.

(2)

فجر الإسلام لأحمد أمين ص 217 - 218.

ص: 331