الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إما بنقل أهل المشرق والمغرب، أو كافة عن كافة، أو ثقة عن ثقة، حتى يبلغ إلى النبي صلى الله عليه وسلم، إلَّا أن في الطريق رجلا مجروحا بكذب أو غفلة أو مجهول الحال، فهذا -أيضًا- يقول به بعض المسلمين، ولا يحل عندنا القول به ولا تصديقه، ولا الأخذ بشيء منه (
1).
11 -
القاضي أبو بكر بن العربي
نعى القاضي أبو بكر بن العربي على الحارث بن أسد المحاسبي
(2)
-بعد أن أشاد به- أخذه بالأحاديث الضعيفة وبناءه الأصول عليها
(3)
. كما أوصى تلاميذه أن لا يشتغلوا من الأحاديث بما لا يصح سنده
(4)
.
وهذا الرأي هو المشهور عنه المذكور في كثير من كتب علوم الحديث
(5)
لكن يشكل على هذا قوله في شرح الترمذي: الصحيح قبول المراسيل
(6)
.
وقوله فيه: والمرسل عندنا حجة في أحكام الدين من التحليل والتحريم في الفضائل وثواب العبادات
(7)
.
(1)
الفصل في الملل والأهواء والنحل لابن حزم 2/ 84.
(2)
هو: الحارث بن أسد المحاسبي البصري أبو عبد الله من علماء مشايخ الصوفية، سمي بالمحاسبي لكثرة محاسبته لنفسه.
له: كتاب الرعاية لحقوق الله، رسالة المسترشدين، وغيرهما، توفى سنة ثلاث وأربعين ومائتين.
انظر: طبقات الصوفية للسلمي ص 56 - 60، جمهرة الأولياء لأبى الفيض النوفي 2/ 191 - 197.
(3)
انظر: عارضة الأحوذي 5/ 201 - 202.
(4)
انظر أحكام القرآن لابن العربي 2/ 580.
(5)
انظر: فتح المغيث 1/ 268، تدريب الراوىِ ص 196.
(6)
عارضة الأحوذي 1/ 13، 2/ 50.
(7)
المرجع السابق 2/ 237.
ومعلوم أن المرسل من أنواع الضعيف كما تقدم.
كما يشكل عليه قوله في الكتاب المذكور: المسألة العاشرة: إذا زاد -أي العاطس- على الثالثة، فقد روى أبو عيسى -يعني الترمذي- حديثا مجهولًا "إِن شئت فشمته، وِإن شئت فلا"
(1)
. وهو وإن كان مجهولا، فإنه يستحب العمل به، لأنه دعاء بخير، وصلة للجليس وتودد له
(2)
.
فمما تقدم يتضح أن له في المسألة قولين:
أحدهما: المنع بالإطلاق، وهذا هو المشهور عنه الذي لم يذكر عنه أحد خلافه.
وثانيهما: التسامح والتساهل في فضائل الأعمال، حيث قبل حديث المجهول في تشميت العاطس، لأنه تودد للجليس.
وإذا أردنا تحرير رأيه في المسألة نجد أن المنع جاء في كتابه "أحكام القرآن"، والتسامح جاء في كتابه الآخر "عارضة الأحوذي"، فإذا قلنا: إن المتأخر يقضي على المتقدم وينسخه، ومن خلال البحث في الكتابين نجد أن الأول منهما هو أحكام القرآن" بدليل ما يلي:
قوله في العارضة: وقد مهدنا هذه المسألة في كتاب "أحكام القرآن"
(3)
.
(1)
الحديث رواه أبو داود رقم 5036، الترمذي رقم 2745، ولفظه:"يشمت العاطس ثلاثًا، فإن زاد فإن شئت فشمته، وإن شئت فلا". وقال الترمذي: هذا حديث غريب وإسناده مجهول.
(2)
عارضة الأحوذي 10/ 205.
(3)
عارضة الأحوذي 1/ 124.