الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
د -
عَرَقُ الْحَيَوَانِ:
20 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ طَهَارَةِ عَرَقِ الْحَيَوَانِ أَوْ نَجَاسَتِهِ.
فَذَهَبُوا إِلَى طَهَارَةِ عَرَقِ مَا يُؤْكَل لَحْمُهُ مِنَ الْحَيَوَانِ، وَاخْتَلَفُوا فِيمَا عَدَا ذَلِكَ.
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (عَرَق ف 4 وَمَا بَعْدَهَا) .
هـ -
اللَّبَن:
21 -
اللَّبَن إِمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ حَيَوَانٍ، فَإِنْ كَانَ مِنْ آدَمِيٍّ حَيٍّ فَهُوَ طَاهِرٌ بِاتِّفَاقٍ.
وَإِنْ كَانَ مِنْ حَيَوَانٍ حَيٍّ مَأْكُول اللَّحْمِ فَهُوَ طَاهِرٌ بِلَا خِلَافٍ.
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ تَبَعًا لاِخْتِلَافِهِمْ فِي حِل أَكْل الْحَيَوَانِ، فَمَا حَل أَكْلُهُ كَانَ لَبَنُهُ طَاهِرًا.
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (لَبَن ف 2 وَمَا بَعْدَهَا) .
و
الإِْنْفَحَةُ:
22 -
الإِْنْفَحَةُ: مَادَّةٌ بَيْضَاءُ صَفْرَاوِيَّةٌ فِي وِعَاءٍ جِلْدِيٍّ يُسْتَخْرَجُ مِنْ بَطْنِ الْجَدْيِ أَوِ الْحَمَل الرَّضِيعِ يُوضَعُ مِنْهَا قَلِيلٌ فِي اللَّبَنِ الْحَلِيبِ فَيَنْعَقِدُ وَيَتَكَاثَفُ وَيَصِيرُ جُبْنًا، وَجِلْدَةُ الإِْنْفَحَةِ هِيَ الَّتِي تُسَمَّى كَرِشًا إِذَا رَعَى الْحَيَوَانُ
الْعُشْبَ (1) .
وَالإِْنْفَحَةُ إِنْ أُخِذَتْ مِنْ مُذَكًّى ذَكَاةً شَرْعِيَّةً فَهِيَ طَاهِرَةٌ مَأْكُولَةٌ بِالاِتِّفَاقِ، وَقَيَّدَ الشَّافِعِيَّةُ ذَلِكَ بِأَلَاّ يُطْعَمَ الْمُذَكَّى غَيْرُ اللَّبَنِ.
وَإِنْ أُخِذَتْ مِنْ مَيِّتٍ، أَوْ مِنْ مُذَكًّى ذَكَاةً غَيْرَ شَرْعِيَّةٍ فَهِيَ نَجِسَةٌ غَيْرُ مَأْكُولَةٍ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَطَاهِرَةٌ مَأْكُولَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ صُلْبَةً أَمْ مَائِعَةً قِيَاسًا عَلَى اللَّبَنِ.
وَقَال الصَّاحِبَانِ: إِنْ كَانَتْ صُلْبَةً يُغْسَل ظَاهِرُهَا وَتُؤْكَل، وَإِنْ كَانَتْ مَائِعَةً فَهِيَ نَجِسَةٌ لِنَجَاسَةِ وِعَائِهَا بِالْمَوْتِ فَلَا تُؤْكَل (2) .
وَلِلتَّفْصِيل (ر: أَطْعِمَة ف 85) .
ز -
الدَّمُ وَالْقَيْحُ وَالصَّدِيدُ:
23 -
ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى نَجَاسَةِ الدَّمِ، لِحَدِيثِ أَسْمَاءَ رضي الله عنها قَالَتْ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: أَرَأَيْتَ إِحْدَانَا تَحِيضُ فِي الثَّوْبِ كَيْفَ تَصْنَعُ؟ قَال: " تَحُتُّهُ ثُمَّ تَقْرُصُهُ بِالْمَاءِ وَتَنْضَحُهُ وَتُصَلِّي فِيهِ (3) ، وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم لِعَمَّارِ بْنِ
(1) الْمِصْبَاح الْمُنِير وَالْقَامُوس الْمُحِيط.
(2)
الْبَدَائِع 5 / 43، وَالْخَرَشِيّ عَلَى خَلِيل 1 / 85، وَنِهَايَة الْمُحْتَاجِ 1 / 227، وَالْمُغْنِي مَعَ الشَّرْحِ الْكَبِيرِ 11 / 89.
(3)
حَدِيث أَسْمَاءٍ رضي الله عنها: " تَحُتُّهُ ثُمَّ تَقْرُصُهُ بِالْمَاءِ وَتَنْضَحُهُ، وَتُصَلِّي فِيهِ ". أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ (فَتْح الْبَارِي 1 / 330 ط السَّلَفِيَّة) وَمُسْلِم (1 / 240 ط عِيسَى الْحَلَبِيّ) وَاللَّفْظ لِلْبُخَارِيِّ.
يَاسِرٍ رضي الله عنهما: إِنَّمَا يُغْسَل الثَّوْبُ مِنَ الْمَنِيِّ وَالْبَوْل وَالدَّمِ (1) وَكَذَلِكَ الْقَيْحُ وَالصَّدِيدُ لأَِنَّهُمَا مِثْلُهُ.
وَاسْتَثْنَى الْفُقَهَاءُ دَمَ الشَّهِيدِ عَلَيْهِ فَقَالُوا بِطَهَارَتِهِ مَا دَامَ عَلَيْهِ، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِقَتْلَى أُحُدٍ: زَمِّلُوهُمْ بِدِمَائِهِمْ فَإِنَّهُ لَيْسَ كَلْمٌ يُكْلَمُ فِي اللَّهِ إِلَاّ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَدْمَى، لَوْنُهُ لَوْنُ الدَّمِ وَرِيحُهُ رِيحُ الْمِسْكِ (2) . فَإِنِ انْفَصَل الدَّمُ عَنِ الشَّهِيدِ كَانَ الدَّمُ نَجِسًا.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يُعْفَى عَنْ دَمِ الإِْنْسَانِ الَّذِي لَا يَسِيل عَنْ رَأْسِ جُرْحِهِ، وَيُعْفَى أَيْضًا عَنْ دَمِ الْبَقِّ وَالْبَرَاغِيثِ لأَِنَّهُ لَا يُمْكِنُ الاِحْتِرَازُ عَنْهُ وَفِيهِ حَرَجٌ (3) .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يُعْفَى عَمَّا دُونَ الدِّرْهَمِ مِنَ الدَّمِ الْمَسْفُوحِ إِذَا انْفَصَل عَنِ الْحَيَوَانِ (4) .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يُعْفَى عَنِ الْيَسِيرِ فِي
(1) حَدِيث: " إِنَّمَا يَغْسِل الثَّوْبَ مِنَ الْمَنِيِّ وَالْبَوْل. . . " سَبَقَ تَخْرِيجَهُ ف 17.
(2)
حَدِيث: " زَمَّلُوهُمْ بِدِمَائِهِمْ فَإِنَّهُ لَيْسَ كَلِمٌ يُكَلِّمُ. . " أَخْرَجَهُ النَّسَائِيّ (4 / 78 ط التِّجَارِيَّة الْكُبْرَى) وَأَحْمَد (5 / 431 ط الميمنية) مِنْ حَدِيثِ عَبْد اللَّه بْن ثَعْلَبَة، وَاللَّفْظ لِلنِّسَائِيِّ، وَقَال السُّيُوطِيّ: صَحِيحٌ (فَيْض الْقَدِير 4 / 65 ط التِّجَارِيَّة الْكُبْرَى) .
(3)
الاِخْتِيَار شَرْح الْمُخْتَارِ 1 / 8، 30، 31، وَمَرَاقِي الْفَلَاح 17، 30 ط الْحَلَبِيّ.
(4)
حَاشِيَة الدُّسُوقِيّ 1 / 57، وَالْخَرَشِيّ عَلَى مُخْتَصَر خَلِيل 1 / 87.
الْعُرْفِ مِنَ الدَّمِ وَالْقَيْحِ، سَوَاءٌ كَانَ مِنْ نَفْسِهِ كَأَنِ انْفَصَل مِنْهُ ثُمَّ عَادَ إِلَيْهِ أَوْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِ، إِلَاّ دَمَ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ وَفَرْعَ أَحَدِهِمَا فَلَا يُعْفَى عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ لِغِلَظِ نَجَاسَتِهِ، وَأَمَّا دَمُ الشَّخْصِ نَفْسِهِ الَّذِي لَمْ يَنْفَصِل مِنْهُ كَدَمِ الدَّمَامِيل وَالْقُرُوحِ وَمَوْضِعِ الْفَصْدِ فَيُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ، انْتَشَرَ بِعَرَقٍ أَمْ لَا.
وَيُعْفَى عَنْ دَمِ الْبَرَاغِيثِ وَالْقَمْل وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى وَيَشُقُّ الاِحْتِرَازُ عَنْهُ، وَمَحَل الْعَفْوِ عَنْ سَائِرِ الدِّمَاءِ مَا لَمْ يَخْتَلِطْ بِأَجْنَبِيٍّ، فَإِنِ اخْتَلَطَتْ بِهِ كَأَنْ خَرَجَ مِنْ عَيْنِهِ دَمٌ أَوْ دَمِيَتْ لِثَتُهُ لَمْ يُعْفَ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ.
وَأَمَّا مَا لَا يُدْرِكُهُ الْبَصَرُ مِنَ النَّجَاسَاتِ فَيُعْفَى عَنْهُ وَلَوْ مِنَ النَّجَاسَةِ الْمُغَلَّظَةِ لِمَشَقَّةِ الاِحْتِرَازِ عَنْهُ (1) .
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يُعْفَى عَنْ يَسِيرِ دَمٍ وَمَا تَوَلَّدَ مِنْهُ مِنْ قَيْحٍ وَصَدِيدٍ فِي غَيْرِ مَائِعٍ وَمَطْعُومٍ، أَيْ أَنَّهُ يُعْفَى عَنْهُ فِي الصَّلَاةِ، لأَِنَّ الإِْنْسَانَ غَالِبًا لَا يَسْلَمُ مِنْهُ وَيَشُقُّ التَّحَرُّزُ مِنْهُ، وَقَدْرُ الْيَسِيرِ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ هُوَ مَا لَا يَفْحُشُ فِي النَّفْسِ، وَالْمَعْفُوُّ عَنْهُ مِنَ الْقَيْحِ وَنَحْوِهِ أَكْثَرُ مِمَّا يُعْفَى عَنْ مِثْلِهِ مِنَ الدَّمِ، وَالْمَعْفُوُّ عَنْهُ هُوَ مَا كَانَ مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ حَيَوَانٍ طَاهِرٍ خَارِجًا مِنْ غَيْرِ سَبِيلٍ، فَإِنْ كَانَ مِنْ سَبِيلٍ لَمْ
(1) الإِْقْنَاع لِلشِّرْبِينِيِّ الْخَطِيب 1 / 82، 83.