الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَخْصِيصِ الْعَبْدِ الْعِبَادَةَ بِمَكَانٍ، بَل إِنَّمَا عُرْفُ ذَلِكَ لِلَّهِ تَعَالَى، فَلَا يَتَعَدَّى لُزُومُ أَصْل الْقُرْبَةِ بِالْتِزَامِهِ إِلَى لُزُومِ التَّخْصِيصِ بِمَكَانٍ، فَكَانَ مُلْغًى وَبَقِيَ لَازِمًا بِمَا هُوَ قُرْبَةٌ (1) .
ب - نَذْرُ الاِعْتِكَافِ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:
42 -
مَنْ نَذَرَ الاِعْتِكَافَ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ أَنْ يَعْتَكِفَ فِيهِ، إِلَاّ أَنَّ الْفُقَهَاءَ اخْتَلَفُوا فِي تَعَيُّنِ هَذَا الْمَسْجِدِ لِلاِعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ، أَوْ عَدَمِ تَعَيُّنِهِ، وَذَلِكَ عَلَى ثَلَاثَةِ اتِّجَاهَاتٍ:
الاِتِّجَاهُ الأَْوَّل:
يَرَى أَنَّ مَنْ نَذَرَ الاِعْتِكَافَ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ بِالنَّذْرِ، وَيُجْزِئُ النَّاذِرَ أَنْ يَعْتَكِفَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَلَا يُجْزِيهِ الاِعْتِكَافُ فِي الْمَسْجِدِ الأَْقْصَى؛ لأَِنَّهُ دُونَهُمَا فِي الْفَضْل، وَكَذَا غَيْرُهُ مِنَ الْمَسَاجِدِ. قَال بِهَذَا سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ، وَهُوَ الأَْصَحُّ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيَّةِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ (2) .
وَاسْتَدَلُّوا بِمَا وَرَدَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِي غَيْرِهِ مِنَ الْمَسَاجِدِ إِلَاّ
(1) فتح القدير 4 / 26، ورد المحتار 3 / 71.
(2)
التاج والإكليل 2 / 460، والشرح الكبير وحاشية الدسوقي عليه 1 / 547، والمجموع 6 / 482، والمغني 3 / 215.
الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ (1) وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه بِزِيَادَةٍ: وَصَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَل مِنْ مِائَةِ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ (2) .
وَقَالُوا: إِنَّ مَسْجِدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَرَدَ الشَّرْعُ بِشَدِّ الرِّحَال إِلَيْهِ (3) فَتَعَيَّنَ بِالنَّذْرِ كَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ (4) .
الاِتِّجَاهُ الثَّانِي:
يَرَى أَنَّ مَنْ نَذَرَ الاِعْتِكَافَ فِي الْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ فَإِنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ لِلاِعْتِكَافِ، وَيَجُوزُ لِلنَّاذِرِ أَنْ يَعْتَكِفَ فِي مَسْجِدٍ غَيْرِهِ، وَلَوْ كَانَ دُونَهُ فِي الْفَضْل، ذَهَبَ إِلَى هَذَا الاِتِّجَاهِ الْحَنَفِيَّةُ، وَهُوَ قَوْلٌ فِي الْمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ (5) وَاسْتَدَل أَصْحَابُ هَذَا الاِتِّجَاهِ بِأَنَّ مَسْجِدَ
(1) حديث: وصلاة في مسجدي هذا. . . " أخرجه البخاري (فتح الباري 3 / 63 ط السلفية) ، ومسلم (2 / 1012 ط عيسى الحلبي) واللفظ لمسلم.
(2)
حديث: " صلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة. . . " أخرجه ابن ماجة (1 / 451 ط عيسى الحلبي)، وقال البوصيري: هذا إسناد صحيح رجاله ثقات (1 / 250 ط دار الجنان) .
(3)
دل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا ومسجد الحرام ومسجد الأقصى ". أخرجه البخاري (فتح الباري 3 / 63 ط السلفية) ، ومسلم (2 / 1014 ط عيسى الحلبي) ، واللفظ لمسلم
(4)
المهذب مع المجموع 6 / 479.
(5)
فتح القدير 2 / 104، والفتاوى الهندية 1 / 214، وبدائع الصنائع 6 / 2889، والمجموع 6 / 482، وروضة الطالبين 2 / 398.