الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَعْضَهُمْ قَصَرَ هَذَا الْحُكْمَ عَلَى نَوْعٍ مُعَيَّنٍ مِنَ الْفَاسِقَاتِ هُنَّ الْمُسَاحِقَاتِ، أَوْ مَنْ كَانَ عِنْدَهُنَّ مَيْلٌ إِلَى النِّسَاءِ، وَعَمَّمَهُ آخَرُونَ عَلَى كُل فَاسِقَةٍ سَوَاءٌ أَكَانَ فِسْقُهَا بِسَبَبِ تَعَاطِي السِّحَاقِ أَمْ بِسَبَبِ الزِّنَا أَمْ بِسَبَبِ الْقِيَادَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، لَكِنَّ أَكْثَرَ فُقَهَاءِ الشَّافِعِيَّةِ يَرَوْنَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرُهُ، لأَِنَّ الْفَاسِقَةَ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ، وَالْفِسْقُ لَا يُخْرِجُهَا عَنِ الإِْيمَانِ.
وَدَلِيل أَصْحَابِ هَذَا الْقَوْل مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ هُوَ قِيَاسُ الْفَاجِرَةِ عَلَى الْكَافِرَةِ مِنْ حَيْثُ كَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا مَظِنَّةُ نَقْل مَا تَرَاهُ مِنْ مَحَاسِنِ الْمَرْأَةِ الْعَفِيفَةِ إِلَى زَوْجِهَا أَوْ غَيْرِهِ مِنَ الرِّجَال، فَيَحْرُمُ نَظَرُهَا وَيَحْرُمُ تَمْكِينُهَا مِنَ النَّظَرِ كَالرَّجُل (1) .
النَّظَرُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ:
25 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يُبَاحُ لِكُلٍّ مِنَ الزَّوْجَيْنِ النَّظَرُ إِلَى جَمِيعِ بَدَنِ صَاحِبِهِ بِدُونِ كَرَاهَةٍ سِوَى الْفَرْجِ وَالدُّبُرِ، سَوَاءٌ أَكَانَ النَّظَرُ بِشَهْوَةٍ أَمْ بِغَيْرِهَا، مَادَامَتِ الزَّوْجِيَّةُ قَائِمَةً
(1) الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّة 5 / 327 وَحَاشِيَة ابْن عَابِدِينَ 9 / 534، وَمُغْنِي الْمُحْتَاج 3 / 128 وَمَا بَعْدَهَا، وَحَاشِيَة السُّيُوطِيّ عَلَى الرَّوْضَةِ (مُنْتَقَى الْيَنْبُوع 5 / 371، وَنِهَايَة الْمُحْتَاجِ وَحَاشِيَة الشبراملسي 6 / 195.
بَيْنَهُمَا، وَاخْتَلَفُوا فِي حُكْمِ نَظَرِ الْوَاحِدِ مِنْهُمَا إِلَى فَرْجِ الآْخَرِ أَوْ دُبُرِهِ.
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ إِلَى إِبَاحَةِ ذَلِكَ، وَأَنَّهُ يَحِل لِكُلٍّ مِنْهُمَا النَّظَرُ إِلَى جَمِيعِ بَدَنِ الآْخَرِ، وَلَا يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ أَيُّ عُضْوٍ، وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَاّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (1) فَاسْتَثْنَى سُبْحَانَهُ مِنَ الأَْمْرِ بِحِفْظِ الْفُرُوجِ، الزَّوْجَاتِ وَالْمَمْلُوكَاتِ، وَيَدْخُل فِي ذَلِكَ الاِسْتِمْتَاعُ بِجَمِيعِ أَنْوَاعِهِ، وَلَا خِلَافَ فِي دُخُول الْمَسِّ وَالْوَطْءِ فِي هَذَا الاِسْتِثْنَاءِ، فَكَذَلِكَ النَّظَرُ مِنْ بَابِ أَوْلَى (2)، وَاسْتَدَلُّوا بِمَا وَرَدَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ رضي الله عنه قَال: قُلْتُ: يَا رَسُول اللَّهِ، عَوْرَاتُنَا مَا نَأْتِي مِنْهَا وَمَا نَذَرُ؟ قَال: احْفَظْ عَوْرَتَكَ إِلَاّ مِنْ زَوْجَتِكَ أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ (3) ، وَفِيهِ دَلَالَةٌ
(1) سُورَة الْمُؤْمِنُونَ / 5، 6
(2)
الْهِدَايَة وَتَكْمِلَة الْفَتْحِ 10 / 37، 38 وَحَاشِيَة ابْن عَابِدِينَ 9 / 526، وَالْمَبْسُوط 10 / 148، 149، الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّة 5 / 327، وَمَجْمَع الأَْنْهُر 2 / 539، وَتَبْيِين الْحَقَائِقِ 6 / 18، 19، وَكَشَّاف الْقِنَاع 1 / 308، وَالإِْنْصَاف 8 / 32، وَالْمُبْدِع 7 / 12، وَمَطَالِب أُولِي النُّهَى 5 / 17.
(3)
حَدِيث: احْفَظْ عَوْرَتك إِلَاّ مِنْ زَوْجَتك. . أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد (4 / 304 ط حِمْص) وَالتِّرْمِذِيّ (5 / 97 - 98 ط الْحَلَبِيّ) وَقَال التِّرْمِذِيّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ.
عَلَى إِبَاحَةِ النَّظَرِ إِلَى عَوْرَةِ الزَّوْجَةِ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الأَْوْلَى لِلزَّوْجَيْنِ أَنْ لَا يَنْظُرَ أَحَدُهُمَا إِلَى عَوْرَةِ صَاحِبِهِ، وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْل عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: مَا نَظَرْتُ أَوْ مَا رَأَيْتُ فَرْجَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَطُّ (1) .
وَاسْتَثْنَى أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ مِنْ حِل النَّظَرِ إِلَى الْفَرْجِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ النَّظَرَ إِلَى فَرْجِ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا، وَقَالَا: يَحِل لَهُ النَّظَرُ إِلَى الشَّعْرِ وَالظَّهْرِ وَالصَّدْرِ مِنْهَا، وَتَرَدَّدَ صَاحِبُ الدُّرِّ فِي حِل النَّظَرِ إِلَى فَرْجِ الْحَائِضِ مَعَ الْقَطْعِ بِتَحْرِيمِ قُرْبَانِهَا فِيمَا تَحْتَ الإِْزَارِ، وَصَرَّحَ الْحَنَابِلَةُ بِكَرَاهَةِ النَّظَرِ إِلَى الْفَرْجِ حَال الْحَيْضِ (2) .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ فِي نَظَرِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ إِلَى فَرْجِ صَاحِبِهِ إِلَى مِثْل مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، فَيَحِل بِدُونِ كَرَاهَةٍ، وَاخْتَلَفُوا فِي حُكْمِ النَّظَرِ إِلَى الدُّبُرِ، فَقَال الأَْقْفَهَسِيُّ: لَا يَجُوزُ النَّظَرُ إِلَيْهِ لأَِنَّهُ يَحْرُمُ التَّمَتُّعُ بِهِ، فَيَحْرُمُ النَّظَرُ إِلَيْهِ (3) .
(1) حَدِيث عَائِشَة: مَا نَظَرْت أَوْ مَا رَأَيْت. . . أَخْرَجَهُ ابْن مَاجَهْ (1 / 217) وَضَعْف إِسْنَادِهِ الْبُوصَيْرِيّ فِي مِصْبَاحِ الزُّجَاجَةِ (1 / 144 - ط دَارٍ الْجِنَان) لِجَهَالَةِ الرَّاوِي عَنْ عَائِشَة.
(2)
حَاشِيَة ابْن عَابِدِينَ 9 / 326 - 327، الإِْنْصَاف 8 / 33، وَمَطَالِب أُولِي النُّهَى 5 / 17
(3)
مَوَاهِب الْجَلِيل 3 / 405، وَبِلُغَةِ السَّالِكِ 2 / 217، 218، وَحَاشِيَة الدُّسُوقِيّ 2 / 215، وَالْبَيَانِ وَالتَّحْصِيل 5 / 79، 80.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْصَحِّ وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ فِي رِوَايَةٍ إِلَى أَنَّهُ يُكْرَهُ لأَِحَدِ الزَّوْجَيْنِ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى فَرْجِ الآْخَرِ، وَتَشْتَدُّ الْكَرَاهَةُ إِذَا كَانَ النَّظَرُ إِلَى بَاطِنِ الْفَرْجِ (1)، لِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ: مَا نَظَرْتُ إِلَى فَرْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَطُّ أَوْ مَا رَأَيْتُ فَرْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَطُّ.
ثُمَّ اسْتَثْنَى الشَّافِعِيَّةُ مِنْ جَوَازِ النَّظَرِ مَعَ الْكَرَاهَةِ إِلَى فَرْجِ الزَّوْجَةِ النَّظَرَ إِلَى فَرْجِ الزَّوْجَةِ الْمُعْتَدَّةِ عَنْ وَطْءِ أَجْنَبِيٍّ بِشُبْهَةٍ، فَهَذِهِ لَا يَحِل النَّظَرُ مِنْهَا إِلَاّ إِلَى مَا عَدَا مَا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتِهَا، وَذَهَبَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ إِلَى إِبَاحَةِ النَّظَرِ إِلَى الدُّبُرِ وَالتَّلَذُّذِ بِهِ بِمَا سِوَى الإِْيلَاجِ، وَذَهَبَ الدَّارِمِيُّ مِنْهُمْ إِلَى تَحْرِيمِ النَّظَرِ إِلَى الدُّبُرِ، أَيْ إِلَى حَلْقَتِهِ، وَجَمِيعُ ذَلِكَ يَخْتَصُّ بِحَال الْحَيَاةِ.
وَنَصُّوا عَلَى أَنَّ الزَّوْجَةَ لَا يَحِل لَهَا النَّظَرُ إِلَى فَرْجِ زَوْجِهَا إِذَا مَنَعَهَا مِنْ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْعَكْسِ لأَِنَّهُ يَمْلِكُ التَّمَتُّعَ بِهَا بِخِلَافِ الْعَكْسِ نَقَلَهُ الشِّرْبِينِيُّ الْخَطِيبُ عَنِ الزَّرْكَشِيِّ وَاسْتَظْهَرَهُ، وَنُقِل عَنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ التَّوَقُّفُ فِيهِ (2) .
(1) حَاشِيَة الدُّسُوقِيّ 2 / 215، وَزَاد الْمُحْتَاجِ 3 / 176، وَنِهَايَة الْمُحْتَاجِ 6 / 199 - 200، وَرَوْضَة الطَّالِبِينَ مَعَ مُنْتَقَى الْيَنْبُوع لِلسُّيُوطِيِّ 5 / 373، وَمَطَالِب أُولِي النُّهَى 5 / 17، وَالْمُبْدِع 7 / 12 - 13.
(2)
حَاشِيَة الدُّسُوقِيّ 2 / 215، وَزَاد الْمُحْتَاجِ 3 / 176، وَنِهَايَة الْمُحْتَاجِ 6 / 199، 200، وَرَوْضَة الطَّالِبِينَ مَعَ مُنْتَقَى الْيَنْبُوع لِلسُّيُوطِيِّ 5 / 372، 373، وَمُغْنِي الْمُحْتَاج 3 / 128 وَمَا بَعْدَهَا، وَالإِْنْصَاف 8 / 32، وَالْمُبْدِع 7 / 12، 13، وَمَطَالِب أُولِي النُّهَى 5 / 17.