الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَاسْتَدَل أَصْحَابُ هَذَا الاِتِّجَاهِ بِالسُّنَّةِ وَالْمَعْقُول.
أَمَّا السُّنَّةُ النَّبَوِيَّةُ فَبِمَا وَرَدَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّهُ قَال: نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ النَّذْرِ، وَقَال: إِنَّهُ لَا يَرُدُّ شَيْئًا، وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ الْبَخِيل (1) .
وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ: نَهْيُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ النَّذْرِ فِي الْحَدِيثِ، وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَعْنَى النَّهْيِ فِيهِ فَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَهِيَ الْحُرْمَةُ، قَال الْقُرْطُبِيُّ: الَّذِي يَظْهَرُ لِي هُوَ التَّحْرِيمُ فِي حَقِّ مَنْ يُخَافُ عَلَيْهِ اعْتِقَادُ أَنَّ النَّذْرَ يُوجِبُ حُصُول غَرَضٍ مُعَجَّلٍ، أَوْ أَنَّ اللَّهَ يَفْعَل ذَلِكَ الْغَرَضَ لأَِجْل النَّذْرِ فَيَكُونُ الإِْقْدَامُ عَلَى النَّذْرِ - وَالْحَالَةُ هَذِهِ - مُحَرَّمًا. وَتَكُونُ الْكَرَاهَةُ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَعْتَقِدْ ذَلِكَ (2) .
وَأَمَّا الْمَعْقُول فَقَالُوا: إِنَّ النَّذْرَ لَوْ كَانَ مُسْتَحَبًّا لَفَعَلَهُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ، إِلَاّ أَنَّهُمْ لَمْ يَفْعَلُوهُ، وَعَدَمُ فِعْلِهِمْ لَهُ دَلِيلٌ عَلَى كَرَاهَتِهِ (3) .
(1) حَدِيث: " نَهَى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ النَّذْرِ. . . " أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ (فَتْح الْبَارِي 11 / 499 ط السَّلَفِيَّة) ، وَمُسْلِم (3 / 1261 ط عِيسَى الْحَلَبِيّ) وَاللَّفْظ لِلْبُخَارِيِّ.
(2)
مَوَاهِب الْجَلِيل 3 / 319 - 320، وَالْمُغْنِي 9 / 1، وَكَشَّاف الْقِنَاع 6 / 273.
(3)
الْمُغْنِي 9 / 1، وَكَشَّاف الْقِنَاع 6 / 273.
صِيغَةُ النَّذْرِ:
7 -
اعْتَبَرَ الْفُقَهَاءُ فِي صِيغَةِ النَّذْرِ أَنْ تَكُونَ بِاللَّفْظِ مِمَّنْ يَتَأَتَّى مِنْهُمُ التَّعْبِيرُ بِهِ، وَأَنْ يَكُونَ هَذَا اللَّفْظُ مُشْعِرًا بِالاِلْتِزَامِ بِالْمَنْذُورِ، وَذَلِكَ لأَِنَّ الْمُعَوَّل عَلَيْهِ فِي النَّذْرِ هُوَ اللَّفْظُ، إِذْ هُوَ السَّبَبُ الشَّرْعِيُّ النَّاقِل لِذَلِكَ الْمَنْدُوبِ الْمَنْذُورِ إِلَى الْوُجُوبِ بِالنَّذْرِ، فَلَا يَكْفِي فِي ذَلِكَ النِّيَّةُ وَحْدَهَا بِدُونِهِ.
وَيَقُومُ مَقَامَ اللَّفْظِ الْكِتَابَةُ الْمَقْرُونَةُ بِنِيَّةِ النَّذْرِ، أَوْ بِإِشَارَةِ الأَْخْرَسِ الْمُفْهِمَةِ الدَّالَّةِ أَوِ الْمُشْعِرَةِ بِالْتِزَامِ كَيْفِيَّةِ الْعُقُودِ (1) .
وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ مَنْ نَذَرَ فَصَرَّحَ فِي صِيغَتِهِ اللَّفْظِيَّةِ أَوِ الْكِتَابِيَّةِ بِلَفْظِ (النَّذْرِ) أَنَّهُ يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ، وَيَلْزَمُهُ مَا نَذَرَ.
وَإِنَّمَا الْخِلَافُ بَيْنَهُمْ فِي صِيغَةِ النَّذْرِ إِذَا خَلَتْ مِنْ لَفْظِ (النَّذْرِ) كَمَنْ قَال: لِلَّهِ عَلَيَّ كَذَا، وَلَمْ يَقُل نَذْرًا، وَعَمَّا إِذَا كَانَ يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ وَيَلْزَمُهُ مَا نَذَرَ أَمْ لَا؟ عَلَى اتِّجَاهَيْنِ:
الاِتِّجَاهُ الأَْوَّل:
يَرَى أَصْحَابُهُ أَنَّ النَّذْرَ يَنْعَقِدُ وَيَلْزَمُ النَّاذِرَ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ فِي صِيغَتِهِ بِلَفْظِ النَّذْرِ، إِذَا أَتَى بِصِيغَةٍ تُفِيدُ الْتِزَامَهُ بِذَلِكَ، رُوِيَ
(1) رَدّ الْمُحْتَارِ 3 / 66، وَمَوَاهِب الْجَلِيل 3 / 317، وَبِدَايَة الْمُجْتَهِدِ 1 / 422، وَنِهَايَة الْمُحْتَاجِ 8 / 219، وَرَوْضَة الطَّالِبِينَ 3 / 293، وَكَشَّاف الْقِنَاع 6 / 273.