الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَعَنِ الْقَبْرِ الشَّرِيفِ (1) وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّ مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ مَوْضِعٌ اخْتَارَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم، وَمَوْضِعٌ كَهَذَا لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ أَفْضَل مِنْ غَيْرِهِ، وَمِنْ ثَمَّ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ مَنْ نَذَرَ الصَّلَاةَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ يُصَلِّيَ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ (2)
الْمَذْهَبُ الثَّالِثُ:
يَرَى أَصْحَابُهُ أَنَّ مَنْ نَذَرَ الصَّلَاةَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ الصَّلَاةُ فِي أَيِّ مَسْجِدٍ، ذَهَبَ إِلَى هَذَا أَبُو حَنِيفَةَ وَصَاحِبَاهُ (3) وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّ الْمَقْصُودَ وَالْمُبْتَغَى مِنَ النَّذْرِ هُوَ التَّقَرُّبُ إِلَى اللَّهِ عز وجل، فَلَا يَدْخُل تَحْتَ النَّذْرِ إِلَاّ مَا هُوَ قُرْبَةٌ، وَلَيْسَتِ الْقُرْبَةُ فِي عَيْنِ الْمَكَانِ، فَإِنَّمَا هُوَ مَوْضِعٌ تُؤَدَّى فِيهِ الْقُرْبَةُ، وَلِهَذَا فَإِنَّهُ لَا يَدْخُل تَحْتَ النَّذْرِ، فَلَا يَتَقَيَّدُ النَّذْرُ بِهِ، فَكَانَ ذِكْرُهُ وَالسُّكُوتُ عَنْهُ بِمَنْزِلَةٍ (4) وَبِأَنَّ الْمَعْرُوفَ مِنَ الشَّرْعِ أَنَّ الْتِزَامَ مَا هُوَ قُرْبَةٌ مُوجِبٌ، وَلَمْ يَثْبُتْ مِنَ الشَّرْعِ اعْتِبَارُ تَخْصِيصِ
(1) مواهب الجليل والتاج والإكليل 3 / 331، 344، 345، وشرح الزرقاني 2 / 105 - 106، وكفاية الطالب الرباني وحاشية العدوي 3 / 72، وحاشية الدسوقي 2 / 173.
(2)
حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني 3 / 72.
(3)
فتح القدير 4 / 26، وبدائع الصنائع 6 / 2889، ورد المحتار 3 / 71.
(4)
بدائع الصنائع 6 / 2889.
الْعَبْدِ الْعِبَادَةَ بِمَكَانٍ، بَل إِنَّمَا عُرْفُ ذَلِكَ لِلَّهِ تَعَالَى، فَلَا يَتَعَدَّى لُزُومُ أَصْل الْقُرْبَةِ بِالْتِزَامِهِ إِلَى لُزُومِ التَّخْصِيصِ بِمَكَانٍ، فَكَانَ تَخْصِيصُ الْمَكَانِ مُلْغًى، وَبَقِيَ لَازِمًا بِمَا هُوَ قُرْبَةٌ (1)
ب - نَذْرُ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ الأَْقْصَى:
61 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ مَنْ نَذَرَ الصَّلَاةَ فِي الْمَسْجِدِ الأَْقْصَى، وَفِيمَا إِذَا كَانَ يَتَعَيَّنُ بِالنَّذْرِ أَوْ لَا يَتَعَيَّنُ عَلَى مَذَاهِبَ ثَلَاثَةٍ:
الْمَذْهَبُ الأَْوَّل:
يَرَى أَصْحَابُهُ أَنَّ مَنْ نَذَرَ الصَّلَاةَ فِي الْمَسْجِدِ الأَْقْصَى أَجْزَأَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ، كَمَا يُجْزِئُهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَوْ مَسْجِدِ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى هَذَا ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ، وَالْقَوْل الأَْظْهَرُ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيَّةِ: أَنَّ مَنْ عَيَّنَ الْمَسْجِدَ الأَْقْصَى لِلصَّلَاةِ فِيهِ، فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ لِذَلِكَ، وَقَطَعَ الْمَرَاوِزَةُ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ بِالتَّعْيِينِ، وَالأَْصَحُّ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَوْ مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ تُجْزِئُ مَنْ نَذَرَ الصَّلَاةَ فِي الْمَسْجِدِ الأَْقْصَى، وَيَخْرُجُ عَنْ نَذْرِهِ بِذَلِكَ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ (2)
(1) فتح القدير 4 / 26، ورد المحتار 2 / 71.
(2)
مواهب الجليل والتاج والإكليل 3 / 344 - 345، وشرح الزرقاني 3 / 105، وروضة الطالبين 3 / 325، ونهاية المحتاج 8 / 233، وزاد المحتاج 4 / 506 - 507، والمغني 9 / 17، والكافي 4 / 424.