الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلَاحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ (1) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
الرُّؤْيَةُ:
2 -
الرُّؤْيَةُ لُغَةً: إِدْرَاكُ الشَّيْءِ بِحَاسَّةِ الْبَصَرِ، وَقَال ابْنُ سِيدَهْ: الرُّؤْيَةُ النَّظَرُ بِالْعَيْنِ وَالْقَلْبِ.
وَفِي الاِصْطِلَاحِ: الْمُشَاهَدَةُ بِالْبَصَرِ حَيْثُ كَانَ فِي الدُّنْيَا وَالآْخِرَةِ (2) .
وَالنَّظَرُ أَعَمُّ مِنَ الرُّؤْيَةِ.
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالنَّظَرِ:
تَتَعَلَّقُ بِالنَّظَرِ أَحْكَامٌ مِنْهَا:
نَظَرُ الرَّجُل إِلَى الْمَرْأَةِ:
يَخْتَلِفُ حُكْمُ نَظَرِ الرَّجُل إِلَى الْمَرْأَةِ بِاخْتِلَافِ حَال كُلٍّ مِنْهُمَا، وَبَيَانُ ذَلِكَ فِيمَا يَأْتِي:
نَظَرُ الرَّجُل إِلَى الْمَرْأَةِ الأَْجْنَبِيَّةِ الشَّابَّةِ:
3 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ نَظَرُ الرَّجُل إِلَى عَوْرَةِ الْمَرْأَةِ الأَْجْنَبِيَّةِ الشَّابَّةِ (3) .
وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِأَدِلَّةٍ مِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى:
(1) القليوبي وعميرة 3 / 207 - 3 / 109
(2)
الكليات، ولسان العرب
(3)
تبيين الحقائق 6 17، 18، وحاشية الدسوقي 1 / 214، وروضة الطالبين 5 / 366، والإنصاف 8 / 30
قُل لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ (1)، وَبِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَا، أَدْرَكَ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ: فَزِنَا الْعَيْنِ النَّظَرُ (2) .
ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي تَحْدِيدِ الْعَوْرَةِ الَّتِي يَحْرُمُ النَّظَرُ إِلَيْهَا عَلَى أَقْوَالٍ:
الْقَوْل الأَْوَّل:
4 -
يَجُوزُ النَّظَرُ إِلَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ مِنَ الأَْجْنَبِيَّةِ، إِنْ لَمْ يَكُنْ بِشَهْوَةٍ، وَلَمْ يَغْلِبْ عَلَى الظَّنِّ وُقُوعُهَا، وَيَحْرُمُ النَّظَرُ إِلَى مَا عَدَا ذَلِكَ بِغَيْرِ عُذْرٍ شَرْعِيٍّ، وَهَذَا الْقَوْل ذَهَبَ إِلَيْهِ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ، وَهُوَ مُقَابِل الصَّحِيحِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ يَقْصِدُ بِالْكَفِّ بَاطِنَهُ فَقَطْ، وَأَمَّا ظَهْرُهُ فَيُعْتَبَرُ عَوْرَةً لَا يَجُوزُ النَّظَرُ إِلَيْهَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ لَا فَرْقَ بَيْنَ ظَاهِرِ الْكَفَّيْنِ وَبَاطِنِهِمَا، فَلَا يَحْرُمُ النَّظَرُ إِلَيْهِمَا بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ بِقَصْدِ اللَّذَّةِ، وَلَمْ تُخْشَ الْفِتْنَةُ بِسَبَبِهِ، وَأَنْ يَكُونَ الرَّجُل مُسْلِمًا إِذَا كَانَتِ الْمَرْأَةُ مُسْلِمَةً، فَأَمَّا الْكَافِرُ فَلَا يَحِل لِلْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ أَنْ تُبْدِيَ لَهُ أَيَّ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهَا، وَيُعْتَبَرُ جَمِيعُ جَسَدِهَا عَوْرَةً
(1) سورة النور / 30
(2)
حديث: إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا. . . أخرجه البخاري (الفتح 11 / 26) ومسلم (4 / 2046) من حديث أبي هريرة.
بِالنِّسْبَةِ لَهُ (1) .
وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَاّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا (2) ، فَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَلِيٍّ وَعَائِشَةَ رضي الله عنهم أَنَّ الْمَقْصُودَ بِمَا ظَهَرَ مِنَ الزِّينَةِ الْوَجْهُ وَالْكَفَّانِ (3) .، قَال الْقُرْطُبِيُّ: لَمَّا كَانَ الْغَالِبُ مِنَ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ ظُهُورُهُمَا عَادَةً وَعِبَادَةً وَذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ وَالْحَجِّ، فَيَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ الاِسْتِثْنَاءُ رَاجِعًا إِلَيْهِمَا (4) .
وَبِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما دَخَلَتْ عَلَى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلَيْهَا ثِيَابٌ رِقَاقٌ، فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَقَال: يَا أَسْمَاءُ إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا بَلَغَتِ الْمَحِيضَ لَمْ تَصْلُحْ أَنْ يُرَى مِنْهَا إِلَاّ هَذَا وَهَذَا، وَأَشَارَ إِلَى وَجْهِهِ وَكَفَّيْهِ (5) .، وَالْحَدِيثُ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ مِنَ الْمَرْأَةِ الأَْجْنَبِيَّةِ لَيْسَا بِعَوْرَةٍ، وَأَنَّ لِلرَّجُل أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهِمَا (6) .
(1) المبسوط 10 / 152، والهداية والعناية وتكملة فتح القدير 10 / 28، وتبيين الحقائق 6 / 17، وحاشية الدسوقي والشرح الكبير 1 / 214، ونهاية المحتاج 6 / 187، ومغني المحتاج 4 / 209.
(2)
سورة النور / 31
(3)
نيل الأوطار للشوكاني 6 / 243
(4)
تفسير القرطبي 12 / 229
(5)
حديث: يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض. . . أخرجه أبو داود (4 / 358 ط حمص) وقال: مرسل، فيه خالد بن دريك لم يدرك عائشة رضي الله عنها.
(6)
عون المعبود 11 / 162
وَبِمَا وَرَدَ عَنْ سَهْل بْنِ سَعْدٍ قَال: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم جُلُوسًا، فَجَاءَتْهُ امْرَأَةٌ تَعْرِضُ نَفْسَهَا عَلَيْهِ، فَخَفَضَ فِيهَا الْبَصَرَ وَرَفَعَهُ، فَلَمْ يُرِدْهَا، فَقَال رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ: زَوِّجْنِيهَا يَا رَسُول اللَّهِ. قَال: أَعِنْدَكَ مِنْ شَيْءٍ؟ قَال: مَا عِنْدِي مِنْ شَيْءٍ. قَال: وَلَا خَاتَمٌ مِنْ حَدِيدٍ، قَال: وَلَا خَاتَمٌ، وَلَكِنْ أَشُقُّ بُرْدَتِي هَذِهِ فَأُعْطِيهَا النِّصْفَ وَآخُذُ النِّصْفَ. قَال: لَا، هَل مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْءٌ؟ قَال: نَعَمْ. قَال: اذْهَبْ فَقَدْ زَوَّجْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ (1) . فَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم نَظَرَ إِلَيْهَا يَدُل عَلَيْهِ قَوْل الرَّاوِي: فَخَفَضَ فِيهَا الْبَصَرَ وَرَفَعَهُ وَفِي رِوَايَةٍ: فَصَعَّدَ النَّظَرَ فِيهَا وَصَوَّبَهُ (2) ، فَدَل ذَلِكَ عَلَى إِبَاحَةِ النَّظَرِ إِلَى الْوَجْهِ (3) .
وَاسْتَدَل السَّرَخْسِيُّ بِمَا وَرَدَ أَنَّهُ لَمَّا قَال عُمَرُ رضي الله عنه فِي خُطْبَتِهِ: أَلَا لَا تُغَالُوا فِي أَصْدِقَةِ النِّسَاءِ، قَالَتِ امْرَأَةٌ سَعْفَاءُ الْخَدَّيْنِ: أَنْتَ تَقُولُهُ
(1) حديث: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم. . . أخرجه البخاري (فتح الباري 9 / 188 ط السلفية) .
(2)
رواية: فصعد النظر إليها وصوبه أخرجها البخاري (الفتح 9 / 78) ومسلم (2 / 1041) .
(3)
المبسوط 10 / 152، والعناية وتكملة فتح القدير 10 / 28، 29