الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَدْلٍ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ قَالَهُ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ بَعْدَهُ، فِي مَوْضِعِ الشُّبْهَةِ أَوْ غَيْرِهِ. وَإِنْ كَانَ عَدْلاً قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الشُّبْهَةِ، مِثْل أَنْ يَدَعَ لَفْظَةَ الشَّهَادَةِ وَمَا يَجْرِي مَجْرَاهُ، مِثْل أَنْ يَتْرُكَ ذِكْرَ اسْمِ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوِ الإِْشَارَةَ إِلَى أَحَدِهِمَا، سَوَاءٌ كَانَ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ أَوْ فِي غَيْرِهِ. وَتَدَارُكُ تَرْكِ لَفْظِ الشَّهَادَةِ، إِنَّمَا يُتَصَوَّرُ قَبْل الْقَضَاءِ إِذْ مِنْ شَرْطِ الْقَضَاءِ أَنْ يَتَكَلَّمَ الشَّاهِدُ بِلَفْظِ: أَشْهَدُ، وَالْمَشْرُوطُ لَا يَتَحَقَّقُ بِدُونِ الشَّرْطِ. وَأَمَّا إِذَا كَانَ فِي مَوْضِعِ شُبْهَةِ التَّلْبِيسِ كَمَا إِذَا شَهِدَ بِأَلْفٍ ثُمَّ قَال: غَلِطْتُ بَل هِيَ خَمْسُمِائَةٍ أَوْ بِالْعَكْسِ، فَإِنَّهَا تُقْبَل إِذَا قَال فِي الْمَجْلِسِ بِجَمِيعِ مَا شَهِدَ أَوَّلاً عِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ؛ لأَِنَّ الْمَشْهُودَ لَهُ اسْتَحَقَّ الْقَضَاءَ عَلَى الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِ، وَوَجَبَ قَضَاؤُهُ فَلَا يَسْقُطُ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: أَوْهَمْتُ، وَبِمَا بَقِيَ أَوْ زَادَ عِنْدَ آخَرِينَ؛ لأَِنَّ الْحَادِثَ بَعْدَ الشَّهَادَةِ مِنَ الْعَدْل فِي الْمَجْلِسِ كَالْمَقْرُونِ بِأَصْلِهَا، وَإِلَيْهِ مَال السَّرَخْسِيُّ. وَهَذَا التَّدَارُكُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ قَبْل الْقَضَاءِ بِتِلْكَ الشَّهَادَةِ وَبَعْدَهَا. وَوَجْهُ قَبُولِهِ مِنَ الْعَدْل فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ أَنَّ
الشَّاهِدَ قَدْ يُبْتَلَى بِمِثْلِهِ، لِمَهَابَةِ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ، فَكَانَ الْعُذْرُ وَاضِحًا، إِذْ طَبْعُ الْبَشَرِ النِّسْيَانُ، وَعَدَالَتُهُ مَعَ عَدَمِ التُّهْمَةِ تُوجِبُ قَبُول قَوْلِهِ ذَلِكَ. وَأَمَّا إِنْ كَانَ بَعْدَمَا قَامَ عَنِ الْمَجْلِسِ فَلَا يُقْبَل؛ لأَِنَّهُ يُوهِمُ الزِّيَادَةَ مِنَ الْمُدَّعِي بِإِطْمَاعِهِ الشَّاهِدَ بِحُطَامِ الدُّنْيَا وَالنُّقْصَانِ مِنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمِثْل ذَلِكَ، فَوَجَبَ الاِحْتِيَاطُ. (1)
الْقِسْمُ الثَّانِي: النِّسْيَانُ فِي فِعْلٍ مَنْهِيٍّ عَنْهُ لَيْسَ فِيهِ إِتْلَافٌ:
النِّسْيَانُ فِي فِعْلٍ مَنْهِيٍّ عَنْهُ لَيْسَ مِنْ بَابِ الإِْتْلَافِ لَهُ صُوَرٌ مِنْهَا:
أ - وَطْءُ الرَّجُل امْرَأَتَهُ الْحَائِضَ نِسْيَانًا:
25 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ وَطْءَ الْحَائِضِ كَبِيرَةٌ إِنْ كَانَ عَامِدًا مُخْتَارًا عَالِمًا بِالْحُرْمَةِ، لَا جَاهِلاً أَوْ مُكْرَهًا أَوْ نَاسِيًا، فَتَلْزَمُهُ التَّوْبَةُ، وَيُنْدَبُ تَصَدُّقُهُ بِدِينَارٍ أَوْ نِصْفِهِ، وَمَصْرِفُهُ كَزَكَاةٍ، وَهَل عَلَى الْمَرْأَةِ تَصَدُّقٌ؟ قَال فِي الضِّيَاءِ: الظَّاهِرُ لَا (2) وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: وَطْءُ الْحَائِضِ فِي الْفَرْجِ كَبِيرَةٌ مِنَ الْعَامِدِ الْعَالِمِ بِالتَّحْرِيمِ الْمُخْتَارِ، وَيُكَفَّرُ مُسْتَحِلُّهُ، بِخِلَافِ الْجَاهِل وَالنَّاسِي وَالْمُكْرَهِ (3)
(1) العناية شرح الهداية بهامش فتح القدير 6 / 50.
(2)
الدر المختار 1 / 198 ط بولاق.
(3)
مغني المحتاج 1 / 110.