الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(6) بَابُ النَّهْيِ عَنِ التَّشَبُّهِ بِالرَّهْطِ التَّسْعَةِ مِنْ ثَمُودَ
(6)
بَابُ النَّهْيِ عَنِ التَّشَبُّهِ بِالرَّهْطِ التَّسْعَةِ مِنْ ثَمُودَ
وهم يشتملون على ما ذكرنا من قبائح ثمود، ويزيدون عليها قبائح أخرى.
قال الله تعالى: {وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ (48)} [النمل: 48]؛ أي: لا يتركون من الفساد شيئًا، ولا يفعلون من الصالحات شيئًا.
قال الضحاك رحمه الله تعالى: كان هؤلاء التسعة عظماء المدينة (1).
وروى عبد الرزاق، وعبد بن حميد عن عطاء بن أبي رباح رحمه الله تعالى قال: كانوا يقرضون الدراهم والدنانير (2).
ويروى مثله عن سعيد بن جبير رحمه الله تعالى (3).
(1) انظر: "إعراب القرآن" للنحاس (3/ 214)، و"تفسير القرطبي"(13/ 215).
(2)
رواه عبد الرزاق في "التفسير"(3/ 83).
(3)
رواه عبد الرزاق في "المصنف"(14595)، وابن أبي حاتم في "المصنف"(9/ 2901).
وهذا سفالة لا تليق بالعظماء والأكابر؛ فلعلهم كانوا يأمرون بذلك من يفعله، كما يفعله الآن في هذه الأمة فسَّاق الحكام، ينهون عن مثل ذلك جهراً ويأمرون به سراً ليختلسوا أموال الناس، كما يفعلون كذلك مع الصاغة والصناع الذين يضربون السكة (1) من مصانعتهم، وموافقتهم على الزَّغَل وزيادة العيار.
وقال زيد بن أسلم رحمهما الله تعالى: كانوا يكسرون الدراهم، وذلك من الفساد في الأرض (2).
وقيل: كانوا يتبعون عورات الناس ولا يسترون عليهم (3).
والظاهر أن الفساد أعم من ذلك، وما ذكر بعض أفراده.
وقال في "القاموس": الفساد: أخذ المال ظلمًا (4).
وقال حكاية عن صالح عليه السلام: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (150) وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ (151) الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ (152)} [الشعراء: 150 - 152].
يعني: التسعة رهط؛ لأن الله تعالى وصفهم بذلك في الآية السابقة، وكان الفساد متمحضًا فيهم لا يخالطه شيء من الصلاح، ولا سهم لهم فيه.
(1) أصل السكة: الحديدة التي تطبع عليها الدراهم، ثم قيل للدراهم المضروبة سكة لأنها ضربت بها.
(2)
انظر: "أحكام القرآن" لابن العربي (3/ 24).
(3)
انظر: " تفسير القرطبي"(13/ 215).
(4)
انظر: "القاموس المحيط" للفيروز آبادي (ص: 391)(مادة: فسد).
قال في "الكشاف": وأسماؤهم عن وهب: الهُديد بن عبد ربه، غَنْم ابن غنم، رئباب بن مُهَرَّج، مِصْدَع بن مُهَرَّج، عُمير بن كُرْدبة، عاصم بن مخرمة، سُبَيط بن صدقة، سمعان بن صفي، قُدار بن سالف (1).
والهديد مصغر.
وغَنْم بن غنم: بفتح المعجمة، وإسكان النون فيهما.
ورئباب: بكسر الراء بعدها همزة.
ابن مهرج: بضم الميم، وفتح الراء مشددة.
ومصدع: بكسر الميم، وفتح الدال المهملة.
وعمير: مصغر.
ابن كردبة: بضم الكاف، وإسكان الراء، والدال المهملة بعدها موحدة.
وسبيط: بضم المهملة، وفتح الموحدة؛ مصغر.
وصفي: فعيل غير مصغر.
وقدار: بضم القاف، وتخفيف الدال المهملة؛ وقيل: بفتح القاف، وتشديد الدال، واقتصر عليه في "القاموس".
وروى ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في التسعة الرهط؛ قال: كان أساميهم: رعمى، ورعيم، وهرمى، وهريم،
(1) انظر: "الكشاف" للزمخشري (3/ 376).
وذات، وهوات، ورباب، ومسطع، وقدار بن سالف عاقر الناقة (1).
وهرمى على وزن حرمى، وهوات مشدَّد.
وقال مجاهد، وغيره: إن ثمود لما عقروا الناقة وَعَدَهم صالح عليه السلام بالعذاب بعد ثلاثة أيام، فاتفق هؤلاء التسعة - وكان منهم عاقر الناقة - وتحالفوا على أن يأتوا دار صالح عليه السلام ليقتلوه وأهلَه، قالوا: فإن كان كاذبًا في وعيده أوقعنا به ما يستحق، وإن كان صادقًا كنا عجلناه قبلنا، وشفينا نفوسنا؛ فذلك قوله تعالى:{قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ} [النمل: 49] أي: ما حضرنا قتلهم {وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (49) وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (50)} [النمل: 49، 50](2).
قال ابن عباس رضي الله عنه: أتى التسعة رهط إلى دار صالح عليه السلام شاهرين سيوفهم، فقتلتهم الملائكة عليهم السلام رضخاً بالحجارة، فكانوا يرون الحجارة ولا يرون من يرميها (3).
وقال قتادة: خرجوا مسرعين إلى صالح عليه السلام، فسلط الله عليهم مَلَكًا بيده صخرة فقتلهم.
وقال السُّدِّي في قوله: {فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ
(1) رواه ابن أبي حاتم في "التفسير"(9/ 2900).
(2)
انظر: "تفسير القرطبي"(13/ 217).
(3)
انظر: "تفسير الثعلبي"(7/ 217).