الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد روى ابن أبي الدنيا عن عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما قال: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "نَجَا أَوَّلُ هَذهِ الأُمَّةِ بِالْيَقِيْنِ وَالزُّهْدِ، وَيهْلَكُ آخِرُهَا بِالْبُخْلِ وَالأَمَلِ"(1).
19 - ومنها: الاعتزاز بالملك، والاغترار به، والاعتماد عليه والثقة به، أو بشيء من الدنيا
.
ولقد أحسن القائل: [من الطويل]
وإِنَّ امْرَأً دُنيَاهُ أَكْبَرُ هَمِّه
…
لَمُسْتَمْسِكٌ مِنْهَا بِحَبْلِ غُرُورِ
قال الله تعالى: {وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَاقَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [الزخرف: 51].
قال ابن جريج رحمه الله تعالى: ليس هو المنادي بنفسه، ولكن أمر أن يُنادى. أخرجه ابن المنذر (2).
يعني: إنَّ معنى قوله: {وَنَادَى} : أمر بأن ينادى بذلك في قومه؛ كما يقال: قتل السلطان فلانًا؛ أي: أمر بقتله، وضرب اللص؛ أي: أمر بضربه.
ويحتمل أنه نادى بذلك في عظماء القبط وهم عنده، ثم نشروا
(1) تقدم تخريجه.
(2)
انظر: "الدر المنثور" للسيوطي (7/ 383).
ذلك عنه.
وقوله: {وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي} ؛ يعني: أنهار النيل.
ومعظمها أربعة أنهر: نهر الملك، ونهر طولون، ونهر دمياط، ونهر بلبيس.
وقيل: ذلك عن العساكر التي تحت أمره؛ شبهها بالأنهار كما يقال: عسكر كالسيل.
وذكر الزمخشري في "الكشاف" عن الرشيد: أنَّه لما قرأ هذه الآية قال: لأولينَّها أخس عبيدي، فولاها الخصيب، وكان على وضوئه.
وعن عبد الله بن طاهر: أنَّه وُليها فخرج إليها، فلما شارفها وقع عليها بصره، قال: أهي القرية التي افتخر بها فرعون حتى قال: {أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ} ؟ والله لهي أقل عندي من أن أدخلها، فَثَنَى عنانه (1).
وروى ابن أبي حاتم عن الأسود بن يزيد قال: قلتُ لعائشة رضي الله عنها: ألا تعجبين من رجل من الطُّلقاء ينازع أصحاب محمَّد صلى الله عليه وسلم في الخلافة؟
قالت: وما تعجب من ذلك؟ هو سلطان الله يؤتيه البر والفاجر، وقد ملك فرعون أهل مصر أربعمئة سنة (2).
(1) انظر: "الكشاف" للزمخشري (4/ 260).
(2)
ورواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(59/ 145)، وانظر:"الدر المنثور" للسيوطي (8/ 131).