الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
- ومن باب التشبه بأهل الكتاب: أن المرأة الكافرة كالنَّصرانية واليَّهودية تمكن مثلها من النظر إليها إلى ما عدا الوجه والكفين منها، وتدخل معها الحمام متجردتين من الثياب.
فالمسلمة إذا مكنت الكافرة من النظر إليها، ودخلت معها الحمام كانت متشبهة بالكافرات في ذلك، وهذا حرام عليها، إلا أن تكون الناظرة الكافرة رقيقة لها، فلا، أو مَحْرمًا، فلا.
قال الله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ} إلى قوله {أَوْ نِسَائِهِنَّ} [النور: 31]؛ يعني: المسلمات.
وروى سعيد بن منصور، والبيهقي في "سننهما": أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتب إلى أبي عبيدة بن الجرَّاح رضي الله تعالى عنه: أما بعد! فإنه بلغني أن نساء من نساء المسلمات يدخلن الحمام مع نساء أهل الشِّرك؛ فإنه لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تنظر إلى عورتها إلا أهل ملتها، أو ممن يباح له النظر إليها (1).
52 - ومن أخلاق أهل الكتاب: ترك الوضوء للصَّلاة على أحد القولين: هل هو من خصائص هذه الأمة، أو لا
؟
قال الحليمي: يستدل بأن الوضوء من خصائص هذه الأمة بحديث الصحيحين: "إِنَّ أُمَّتِي يُدْعَوْنَ غُرًّا مُحَجَّلِيْنَ مِنْ آثَارِ الوُضُوْءِ"(2).
(1) رواه البيهقي في "السنن الكبرى"(7/ 95)، وكذا عبد الرزاق في "المصنف"(1136).
(2)
رواه البخاري (136)، ومسلم (247).
ورُدَّ: بأن الَّذي اختصَّت به الغرَّة والتَّحجيل لا أصل الوضوء كيف وفي الحديث: "هَذا وُضُوْئِي وَوُضُوءُ الأَنْبِياءِ قَبْلِي"(1).
وأجاب الحافظ ابن حجر بضعف الحديث، وعلى تقدير ثبوته فيحتمل أن يكون الوضوء من خصائص الأنبياء عليهم السلام دون أممهم إلا هذه الأمة (2).
ويؤيد هذا الاحتمال -كما قال الحافظ السَّيوطي رحمه الله تعالى- ما رواه أبو نعيم رحمه الله تعالى في "الدلائل" عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صِفَتِي أَحمَدُ المُتَوَكِّلُ، مَولدُهُ بِمَكَّةَ، وَمُهاجَرُهُ إلَى طَيْبَةَ، لَيْسَ بِفَظِّ وَلا غَلِيْظِ، يَجْزِي بِالحَسَنَةِ وَلا يُكافِئُ بِالسَّيِّئَةِ، أُمَّتُهُ الحَمّادُونَ، يَأتَزِرُونَ عَلَى أَنْصافِهِم، وَيُوَضئِّوْنَ أَطْرافَهُم
…
" الحديث (3).
وروى الدارمي، وابن عساكر عن كعب رحمه الله تعالى في صفة النَّبي صلى الله عليه وسلم في التوراة: أمته الحمَّادون، يحمدون الله في كل سرَّاء وضرَّاء، وُيكَبرون الله على كل نجد، يُوضئون أطرافهم، ويأتزرون في أوساطهم (4).
وروى ابن أبي حاتم، وأبو نعيم عن وهب قال: أوحى الله تعالى
(1) رواه الإمام أحمد في "المسند"(2/ 98) عن ابن عمر رضي الله عنهما.
(2)
انظر: "فتح الباري" لابن حجر (1/ 236).
(3)
ورواه الطبراني في "المعجم الكبير"(10046). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(8/ 271): رواه الطبراني وفيه من لم أعرفهم.
(4)
رواه الدارمي في "السنن"(8)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق"(1/ 186).
إلى شعياء عليه السلام: إنِّي باعث نبيًّا أميًّا؛ فذكر صفة سيدنا ونبيِّنا صلى الله عليه وسلم وصفة أمته، فقال فيهم: يطهرون الوجوه والأطراف، ويشدُّون الثياب إلى الأنصاف، ويهللون على التِّلال والأشراف (1).
فإن قلت: ما تصنع بحديث "الصَّحيحين" عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، عن النَّبي صلى الله عليه وسلم:"كَانَ في بَنِي إِسْرائِيْلَ رَجُلٌ يُقالُ لَهُ: جُرَيْجٌ كَانَ يُصَلِّي، جاءَتْهُ أُمُّهُ فَدَعَتْهُ، فَقالَ: أُجِيْبُها أَوْ أُصَلِّي، فَقَالَتْ: اللهُمَّ لا تُمِتْهُ حَتَّى تُرِيَهُ وُجُوْهَ المُومِسَاتِ، وَكَانَ جُرَيجٌ فِي صَوْمَعَتِهِ فتَعَرَّضَتْ لَهُ امْرَأةٌ، وَكَلَّمَتْهُ فَأَبَى، فَأَتَتْ راعِيًا فَأَمْكَنتهُ مِن نفْسِهَا، فَوَلَدَتْ غُلامًا، فَقالَتْ: مِنْ جُرَيْج، فَأَتَوْهُ وَكَسرُوا صَوْمَعَتَهُ، وَأَنْزَلُوهُ وَسَبُّوهُ، فتَوَضَّأَ وَصَلَّى، ثُمَّ أتىْ الغُلامَ فَقالَ: مَنْ أَبُوكَ يا غُلامُ؟ فَقالَ: الرَّاعِي، فَقالُوا: نَبْنِي صَوْمَعَتَكَ مِنْ ذَهَبٍ، قَالَ: لا إِلَّا مِنْ طِيْنٍ"(2)؟
قلت: لا يلزم من قوله: "فتوضأ وصلَّى" أن يكون فعل كما تفعل هذه الأمة في وضوئها من مراعاة صفته وترتيبه.
على أن إطلاق الوضوء على الغسل ولو في أي عضو كان مما هو واقع في التَّوراة كما روى الإمام أحمد، وأبو داود، والترمذي، والحاكم وصححه، عن سلمان الفارسي رضي الله تعالى عنه قال: قرأتُ في التوراة: إن بركة الطَّعام الوضوء بعده، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم بما قرأتُ
(1) انظر: "الدر المنثور" للسيوطي (3/ 580).
(2)
رواه البخاري (3253)، ومسلم (2550).