الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال مجاهد: كانوا يطرحون في بيت المقدس الأذى، ويمنعون النَّاس أن يصلوا فيه.
قال قتادة: أولئك أعداء الله الرُّوم، حملهم بغض اليهود على أن أعانوا بخت نصر البابلي المجوسي على تخريب بيت المقدس. روى هذه الآثار ابن جرير (1).
86 - ومنها: تشريف المساجد، وزخرفتها وهو مكروه
.
روى ابن ماجه عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَرَاكُمْ سَتُشَرِّفُوْنَ مَسَاجِدَكُمْ كَمَا شَرَّفَتِ اليَهُودُ كَنائِسَها، وَكَما شَرَّفَتِ النَصارَى بِيَعَها"(2).
وهي -كعنب-: جمع بيعة- بالكسر- معبد النصارى، كما في "القاموس"(3).
وروى ابن أبي شيبة عن ابن عباس أيضًا- موقوفًا- قال: لتزخرفن مساجدكم كما زخرفت اليهود والنصارى مساجدهم (4).
وروى ابن ماجه عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: قال
(1) رواه الطبري في "التفسير"(1/ 498 - 499).
(2)
رواه ابن ماجه (740). وضعف النووي إسناده في "خلاصة الأحكام"(1/ 305).
(3)
انظر: "القاموس المحيط" للفيروز آبادي (ص: 911)(مادة: بيع).
(4)
رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"(3152)، وذكره البخاري (1/ 171) معلقاً.
رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا سَاءَ عَمَلُ قَوْمٍ قَطُّ إِلَّا زَخْرَفُوا مَسَاجِدَهُمْ"(1).
وروى ابن أبي شيبة عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: كان يقال: ليأتين على الناس زمان يبنون المساجد يتباهون فيها، ولا يعمرونها إلا قليلًا (2).
وروى هو والطبراني في "الكبير" بإسناد جيد، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: نهينا، أو نهانا أن نصلي في مسجد مشرف (3).
وروى الطَّبراني في "الكبير" أيضًا -بإسناد جيد- عن عبادة بن الصَّامت رضي الله تعالى عنه قال: قالت الأنصار: إلى متى نصلِّي يا رسول الله إلى هذا الجريد؟
فجمعوا دنانير، فأتوا بها النَّبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: نصلح هذا المسجد ونزينه.
فقال: "لَيْسَ لِي رَغْبَةٌ عَنْ أَخِي مُوسى عليه السلام؛ عرشٌ كَعَرِيْشِ مُوسى"(4).
(1) رواه ابن ماجه (741)، وكذا أبو نعيم في "حلية الأولياء"(4/ 152) لكن عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وضعف ابن كثير إسناده في "التفسير"(3/ 293).
(2)
رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"(3146).
(3)
رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"(3154)، والطبراني في "المعجم الكبير" (13499). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (2/ 16): رواه الطبراني في "الكبير" ورجاله رجال الصحيح، غير ليث بن أبي سليم وهو ثقة مدلس، وقد عنعنه.
(4)
رواه الطبراني في "مسند الشاميين"(2153). قال الهيثمي في "مجمع =
وروى تمَّام في "فوائده"، والديلمي، وابن النَّجار عن أبي الدَّرداء رضي الله تعالى عنه: أَنَّ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قال: "عَرْشاً كَعَرْشِ مُوسَى، وَخَشَباتٍ؛ والأَمْرُ أَعْجَلُ مِنْ ذَلِكَ"(1).
وروى الإمام أحمد في "الزهد" عن هارون بن رِئاب قال: قيل لبني إسرائيل: يا بني إسرائيل! زخرفتم مساجدكم، وخربتم قلوبكم، وسمَّنتم أنفسكم كما تسمن البهائم ليوم ذبحها، فنظرت إليكم نظرة ولعنتكم، وإن دعوتموني لم أستجب لكم، وإن سألتموني لم أعطكم.
وعن يزيد بن ميسرة رحمه الله تعالى قال: قال الحواريون: يا مسيح الله! انظر إلى بيت الله ما أحسنه!
قال: آمين آمين، بحق أقول لكم: لا يترك الله تعالى من هذا المسجد حجرًا قائمًا على حجر إلا أهلكه بذنوب أهله.
إن الله لا يصنع بالذهب ولا بالفضة ولا بهذه الحجارة شيئًا.
إن أحب إلى الله منها القلوب الصَّالحة، بها يعمر الله تعالى الأرض، وبها يخرب الأرض إذا كانت على غير ذلك (2).
= الزوائد" (2/ 16): رواه الطبراني في "الكبير" وفيه عيسى بن سنان، ضعفه أحمد وغيره، ووثقه العجلي وابن حبان وابن خراش في رواية.
(1)
رواه الديلمي في "مسند الفردوس"(4136).
ورواه عبد الرزاق في "المصنف"(5135) عن أبي الدرداء وأبي بن كعب رضي الله عنهما.
(2)
رواه الإمام أحمد في "الزهد"(ص: 94).
وروى الدينوري في "المجالسة" عن وهب بن منبه رحمه الله تعالى قال: إن الله تعالى قال لشعياء عليه السلام: قم في قومك، أوحِ على لسانك.
فلما قام شعياء أنطق الله لسانه بالوحي، فقال: يا سماء اسمعي، ويا أرض أنصتي.
قال: فاستمعت السماء، وأنصتت الأرض.
فقال: إن الله تبارك وتعالى يقول لكم: إني استقبلت بني إسرائيل بالكرامة، وهم كالغنم الضائعة لا راعي لها، فأويت شاذها، وجمعت فاذها، وجبرت كسرها، وداويت مريضها، وأسمنت مهزولها، فبطرت فتناطحت، فقتل بعضها بعضًا حتى لم يبقَ منها عظم صحيح.
إن الحمار ربما يذكر رَّيه الذي يشبع عليه فيراجعه، وإن الثور ربما يذكر مرجه الذي سمنَ فيه فينتابه، وإن البعير ربما يذكر وطنه الذي أنيخ فيه فينزع إليه، وإن هؤلاء القوم لا يذكرون من أين جاءهم الخير وهم أهل الألباب والعقول، ليسوا بإبل ولا بقر ولا حمير.
وإني ضارب لهم مثلًا فاسمعوا؛ قل لهم: كيف ترون في أرض كانت زمانًا من زمانها خِرْبة مَواتًا لا زرع فيها ولا حرث، وكان لها رب قوي حكيم، فأقبل عليها بالعمارة، وأحاط عليها سياجاً، وشيَّد فيها قصورًا، وأنبط فيها نهرًا، وصفَّ فيها غراساً من الزَّيتون والرُّمان والنخيل والأعناب وألوان الثِّمار، وولى ذلك ذا رأي وهمَّة، حفيظاً قوياً أميناً، فلما جاء إبان ثمرها أثمرت خروبًا، ما كنتم قائلين له ومشيرين عليه؟
قالوا: كنا نقول له: بئست الأرض أرضك، ونشير عليه أن يقلع سياجها، ويهدم قصرها، ويدفن نهرها، ويحرق غرسها حتى تعود خربة مواتاً لا عمران فيها.
فقال الله تعالى: قل لهم: إن السِّياج ذمتي، وإن القصر شريعتي، وإن النهر كتابي مثل لهم، والخروب أعمالهم الخبيثة، وإني قد قضيت عليهم قضاءهم على أنفسهم، يتقربون إليَّ بذبح البقر والغنم وليس ينالني اللَّحم ولا آكله، ويدَّعون بأنهم يتقربون إليَّ بالتقوى والكف عن ذبح الأنفس التي حرمتها عليهم، ويزوِّقون المساجد، وليس لي إلى تزويقها حاجة، إنما أمرت برفعها لأُذْكَرَ فيها وأُسبَّح، ويقولون: لو كان يقدر على جمع أُلفتنا لجمعها، ولو كان يقدر على أن يفقه قلوبنا لفقهها، فاعمد إلى عودين يابسين، فاكتب فيهما كتاباً: إنَّ الله يأمركما أن تعودا عودًا واحدًا، فقال لهما ذلك، فاختلطا فصارا عودًا واحدًا، وصار الكتاب في طرف العود كتاباً واحدًا.
يا معشر بني إسرائيل! إنَّ الله تعالى يقول لكم: إني قَدِرْتُ على أن أُفقِّهَ العيدان اليابسة، وعلى أن أؤلف بينهما، فكيف لا أقدر أن أجمع ألفتكم إن شئت؟ أم كيف لا أقدر على أن أفقه قلوبكم؟
ويقولون: صمنا فلم يرفع صيامنا، وصلَّينا فلم تنور صلَاّتنا، وزكينا فلم تزك زكوتنا، ودعونا فلم يستجب لنا، فقال الله تعالى: سلهم لم ذلك؟ وما الذي يمنعني أن أجيبهم؟ ألست أسمع السَّامعين، وأبصر الناظرين، وأقرب المجيبين، وأرحم الراحمين؟ ألأن خزائني فنيت،