الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال النَّووي في "شرح مسلم": وأما اتخاذ المرأة القصيرة رجلين من خشب حتى مشت بين الطويلتين فلم تعرف، فحكمه (1) في شرعنا أنها إن قصدت به مقصودًا شرعياً بأن قصدت ستر نفسها لئلا تعرف فتقصد بالأذى، أو نحو ذلك فلا بأس به، وإن قصدت به التعاظم والتشبه بالكاملات تزويرًا على الرِّجال وغيرهم، فهو حرام، انتهى (2).
قلت: وكذلك لو قصدت به التَّبرج والظهور للرجال ليستشرفوها، أو الخيلاء حرم.
ولعل هذا محل سياق الحديث.
وأنت تجد أكثر نساء الزَّمان يسلكن هذا المسلك، وما أقبح ما يبلغنا عنهن من الزهو في كل شيء؛ في اللِّباس، والزي، والعَراقي الصغار جدًا في رؤوس رؤوسهن كأسنمة البخت كما أخبر به صلى الله عليه وسلم (3)، وفي تثخين الأثواب على الأرداف، واتخاذ النَّعل والقبقاب من ذهب أو فضة، واتخاذ الأواني الفضيِّة لماء الورد، والغالية والبخور، وغيرها، وكل ذلك من الزهو والغلو اللذين كانا في اليهود.
48 - ومنها: اتخاذ القبقاب، والنعال لغرض فاسد كالزهو، وتشوف المرأة للرجال كما سبق
.
روى عبد الرزاق عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: كن نساء
(1) في "أ" و"ت": "تجد" بدل "فحكمه"، والتصويب من "شرح مسلم".
(2)
انظر: "شرح مسلم" للنووي (15/ 9).
(3)
تقدم تخريجه.
بني إسرائيل يتخذن رِجْلاً من خشب يتشوفن الرجال في المساجد، فحرم الله عليهن المساجد، وسلَّطت عليهن الحيضة (1).
وعن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: كان الرجال والنساء في بني إسرائيل يصلون جميعًا، وكانت المرأة لها الخليل تلبس القالبين تطول بها لخليلها، فألقي عليهن الحيض (2)؛ يعني: الاستحاضة.
واعلم أن اتخاذ القبقاب إن كان لغرض مما تقدم ونحوه مما لا يجيزه الشرع حرم، وإن كان لغرض النَّظافة والاحتياط عن التَّضمخ بنجاسات الشَّارع وقاذوراته في زمن الشتاء، لا سيما في البلاد المطيرة كدمشق، ونحو ذلك من الأغراض المحبوبة شرعًا فهو حسن؛ فإن الأمور بمقاصدها.
ومن القسم الأول ما بلغني عن بعض جهلة المتعبدين من إيثار القبقاب على النَّعل، والخروج به إلى المزارات البعيدة والجبال؛ فهذا من باب الغلو في الدين، وسيأتي أنه من فعل النَّصارى.
وغلا بعض هؤلاء حتى بلغني أنه حجَّ بالقبقاب ماشيًا، وهذا، وإن تكلَّفنا التأول له فكان عليه تركه لو سلم له أنه من باب الكرامة، أو من الاعتياد على ذلك لئلا يقتدي به من يفقد فيه هذا المعنى فيهلك.
(1) رواه عبد الرزاق في "المصنف"(5114).
(2)
رواه عبد الرزاق في "المصنف"(5115)، وكذا ابن خزيمة في "صحيحه"(1700).