الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وروى الطَّبراني عن الحارث بن وهب - ولم يذكر الصُّنابحي - ولفظه: "لا تَزالُ أُمَّتِي عَلَى الإِسْلامِ"(1).
59 - ومنها: الإعلام للصلاة بالبوق؛ وهو شأن اليهود، أو بالنّاقوس؛ وهو شأن النصارى
.
وفي معناه كل آلة تصلح للهو كالطبل، والمزمار، والنفير.
والسَّاعات الدقاقات التي تصنعها الفرنج، ويتداولها أكابر النَّاس الآن من الرُّوم وغيرهم هي من جملة النواقيس، والاكتفاء بدقها دون الأذان غير لائق بأهل الإِسلام والإيمان.
روى الشَّيخان، والتِّرمذي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان المسلمون حين قدموا المدينة يتحيَّنون الصَّلاة، وليس ينادي بها أحد، فتكلموا يوماً في ذلك، فقال بعضهم: اتَّخذوا ناقوسًا مثل ناقوس النَّصارى.
وقال بعضهم: مثل قرن اليهود.
فقال عمر رضي الله تعالى عنه: ألا تبعثون رجلًا ينادي بالصلاة؟
فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "يَا بِلالُ! قُمْ فَنَادِ بِالصَّلاةِ"(2).
روى سعيد بن منصور عن أبي عمر بن أنس قال: أخبرني عمومتي من الأنصار قالوا: اهتمَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم بالصلاة؛ كيف يجمع الناس لها، فقيل له: انصب راية عند حضور الصَّلاة، فلم يعجبه ذلك.
(1) رواه الطبراني في "المعجم الكبير"(3264). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 311): فيه مندل بن علي، وفيه ضعف.
(2)
رواه البخاري (579)، ومسلم (377)، والترمذي (190).
فذكروا له القرن، فلم يعجبه ذلك. وقال: هو من أمر اليهود.
فذكروا له النَّاقوس، فلم يعجبه ذلك، وقال: هو من أمر النَّصارى.
فانصرف عبد الله بن زيد رضي الله تعالى عنه وهو مُهْتَمٌّ، فَأُرِيَ الأذان في منامه (1).
وروى ابن ماجه عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم استشار المسلمين فيما يجمعهم على الصَّلاة، فقالوا: البوق، فكرهه من أجل اليهود.
ثمَّ ذُكِرَ النَّاقوس، فكرهه من أجل النَّصارى.
فأُريَ تلك الليلة عبد الله بن زيد [وعمر بن الخطاب] النِّداء، فأخبر النَّبي صلى الله عليه وسلم، فأمر النَبيُّ صلى الله عليه وسلم بلالاً فأذَّن (2).
والمعروف - وبه يجمع بين حديثي ابن عمر - أن عبد الله بن زيد ابن عبد ربه الأنصَّاري رضي الله تعالى عنه رأى الأذان في منامه، وأنَّ عمر رضي الله عنه رأى مثل رُؤياه، فقصَّ ذلك ابن زيد على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له:"إِنَّ هَذهِ لَرُؤْيا حَقِّ، فَقُمْ مَعَ بِلالٍ؛ فإنَّهُ أَنْدَى، أَوْ أَمَدُّ صَوْتاً مِنْكَ، فأَلْقِ عَلَيْهِ مَا قِيْلَ لَكَ، وَلْيُنَادِ بِذَلِكَ".
فلما سمع عمر رضي الله تعالى عنه نداء بلال خرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: يا رسول الله! والذي بعثك بالحق لقد رأيت مثل الَّذي قال.
(1) ورواه أبو داود (498).
(2)
رواه ابن ماجه (707)، وأبو يعلى في "المسند"(5503).
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فَلِلَّهِ الحَمْدُ، فَذَلِكَ أثبَتُ".
وروى الإمام أحمد، وأبو داود، والترمذي عن عبد الله بن زيد بمعناه (1).
قال الشَّيخ أبو الفتح ابن سيِّد الناس اليعمري في "شرح التِّرمذي"، قال: أبو عبيد: وأخبرني أبو بكر الحكم بن عبد الله بن زيد: أنَّ عبد الله قال في ذلك: [من الخفيف]
أَحَمَدُ اللهَ ذا الْجَلالِ وَذا الإِكْـ
…
ـرامِ حَمْداً عَلى الأَذانِ كَثِيرا
إِذْ أَتانِيَ الْبَشِيْرُ حَقًّا مِنَ اللَّـ
…
ـهِ فَأَكْرِمْ بِهِ لَدَيَّ بَشِيرا
في لَيالٍ والَى بِهِنَّ ثلاثٍ
…
كُلَّما جاءَ زادَنِي تَوْقِيراً (2)
ونقل القرطبي عن كتاب "المديح" للدارقطني: أنَّ أبا بكر الصِّديق رضي الله تعالى عنه أُري الأذان، وأنه أخبر النَّبي صلى الله عليه وسلم بذلك، وأنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم أمر بلالًا بالأذان قبل أن يخبره الأنصاري.
(1) رواه الإمام أحمد في "المسند"(4/ 43)، وأبو داود (499)، والترمذي (189) وصححه، وكذا ابن ماجه (706).
(2)
ورواها ابن ماجه (706).