الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القوم، فاستثقلوا نوماً، فأتى عليهم وهم نيام، فقضى حاجته، ثم عاد فأتى عليهم، فاستيقظ بعضهم، فقال: من هذا؟
قال: بخت نصَّر.
قال: هذا الذي جن إلينا فيه الليلة.
فضربه فقتله، فأصبح الخبيث قتيلاً. رواه ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وابن جرير عن سعيد بن جبير، وعن السدي، وعن وهب بن منبه (1).
18 - ومن أخلاق فرعون وقومه: حب الدنيا، والاغترار بها
، والافتخار بها، ولبس الحلي لغير النساء، والأعجاب بالنفس، وامتهان الغير واحتقاره خصوصاً الفقراء، واعتياد نوع من الزينة والسمت المخالفَين للشريعة خصوصية لذوي المناصب لتمييزهم عن غيرهم.
قال مجاهد: كانوا إذا سوَّدوا رجلاً سوَّروه وطوَّقوه بطوق من ذهب
(1) رواه ابن جرير في "التفسير"(15/ 35 - 36) عن سعيد بن جبير، وعن السدي، وعن وهب بن منبه. وانظر:"الدر المنثور" للسيوطي (5/ 240 - 244).
يكون ذلك دلالة لسيادته، وعلامة لرياسته. ذكره الثعلبي، وغيره (1).
وروى الإمام أحمد في "الزهد" عن أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه قال: لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح ذباب ما سقى فرعون منها شَربة ماء (2).
وروى الترمذي وصححه، وابن ماجه عن سهل بن سعد رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا تَعْدِلُ عِنْدَ اللهِ جَنَاحَ بَعُوْضةٍ مَا سَقَى كَافِرًا مِنْهَا شَرْبَةَ مَاءٍ"(3).
وقال الله تعالى: {وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} [يونس: 88] الآية.
روى عبد الرزاق، وغيره عن قتادة في الآية قال: بلغني أن زروعهم وأموالهم تحولت حجارة (4).
وقال بعض العارفين في قوله تعالى: {قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا} ؛ أي: على ما أمرتكما به من الزهد في الدنيا، والاكتفاء منها بقدر الحاجة، {ولَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [يونس: 89] في اقتناء
(1) انظر: "تفسير الثعلبي"(8/ 339).
(2)
رواه الإمام أحمد في "الزهد"(ص: 136).
(3)
رواه الترمذي (2320) وصححه، وابن ماجه (4110).
(4)
ورواه الطبري في "التفسير"(11/ 158)، وابن أبي حاتم في "التفسير"(6/ 1979).
الأموال والتعلق بها لئلا تشغلكما عن الله عز وجل كما صار لفرعون وملئه.
وروى أبو الفرج بن الجوزي في "صفة الصفوة" عن أبي عبد الله النباجي رحمه الله تعالى قال: إذا كان عندك ما أعطى الله نوحاً، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمداً صلى الله عليه وسلم لا تراه شيئًا، وإنَّما تريد ما أعطى الله نمرود، وفرعون، وهامان؛ فمتى تفلح؟ (1)
وقال تعالى حكاية عن مؤمن آل فرعون: {وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَاقَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ (38) يَاقَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ} [غافر: 38، 39].
وكان اسم هذا المؤمن حزقيل، كما رواه ابن أبي حاتم عن ابن عباس (2)، أو: حبيب، كما رواه عبد بن حميد عن أبي إسحاق (3).
والقرآن ناطق بأنه من الناجين لقوله تعالى: {فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا} [غافر: 45].
قال قتادة: كان قبطياً من قوم فرعون، فنجا مع موسى وبني إسرائيل حين نجوا. أخرجه عبد الرزاق (4).
وفيه إيماء إلى أنه نجا بزهده وإيمانه، والإيمان يدعو إلى الزهد.
(1) رواه ابن الجوزي في "صفة الصفوة"(4/ 280).
(2)
وذكره الثعلبي في في "التفسير"(7/ 242) عن أكثر أهل التأويل.
(3)
انظر: "الدر المنثور" للسيوطي (7/ 285).
(4)
ورواه الطبري في "التفسير"(24/ 70).