الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عنكم، ففعلوا، واستحكم فيهم ذلك (1).
قال الحسن: وكانوا لا ينكحون إلا الغرباء (2).
وقال آخرون: إنما فعلوا ذلك لطلب اللذة وقضاء الشهوة.
وتقدم عن الكلبي: أن أول من فعل به ذلك إبليس قبحه الله حين أخصبت بلادهم، وكان لوط عليه السلام ينهاهم، ويؤنب عليهم، وهو دائمون على طغيانهم حتى أهلكهم الله تعالى؛ أمر جبريل عليه السلام فرفع مدائنهم حتى سمع أهل السماء صياح الديكة ونباح الكلاب، ثم قلبها بهم، وأتبعوا بحجارة من سجيل منضود مسوَّمة.
وقد اشتملوا على خبائث:
1 - منها: الكفر بالله تعالى
.
- ومنها: عمل الفاحشة المشهورة عنهم؛ أعني: إتيان الذكور، وهي من أكبر الكبائر.
وحد فاعلها عند الشافعي رضي الله تعالى عنه كحد الزنا، وعلى المفعول به الجلد.
وقال مالك، وأحمد رضي الله تعالى عنهما: يرجم اللوطي؛ أُحْصِنَ، أم لا (3).
(1) انظر: "تفسير الثعلبي"(4/ 259).
(2)
انظر: "تفسير البغوي"(2/ 179).
(3)
انظر: "الأم" للشافعي (7/ 183)، و"مسائل الإمام أحمد" للمروزي (2/ 251)، و"الاستذكار" لابن عبد البر (7/ 494).
وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: ينظر أعلى شاهق في القرية فيلقى منه منكسًا، ثم يتبع بالحجارة (1).
وبه قال أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه (2).
ومهما أطلق عمل قوم لوط فالمراد به ذلك، كما في قوله صلى الله عليه وسلم:"مَلْعُوْنٌ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوْطٍ" - ثلاثًا -. رواه الإمام أحمد، وغيره عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وصححه ابن حبان (3).
ولا ينبغي أن يراد به سائر أعمالهم الآتية؛ لأن منها ما هو حرام في شريعتنا.
ولم يسبق قوم لوط إلى هذه الفعلة أحد بنص القرآن العظيم.
وقال عمرو بن دينار رحمه الله تعالى: ما نزا ذكر على ذكر في الدنيا حتى كان قوم لوط. أخرجه ابن أبي شيبة، وابن أبي الدنيا، والبيهقي، وغيرهم (4).
وهذا يدل على أنهم سبقوا البهائم التي سيأتي عنها أنها تعمل
(1) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"(28337).
(2)
انظر: "المبسوط" للسرخسي (9/ 79)، و"حاشية ابن عابدين"(4/ 27).
(3)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(1/ 317)، وابن حبان في "صحيحه"(4417)، وكذا الترمذي (1456).
(4)
رواه البيهقي في "شعب الإيمان"(5400)، وكذا الدارمي في "السنن"(1139)، والطبري في "التفسير"(8/ 234).
عمل قوم لوط كالخنزير، والحمار.
ولقائل أن يقول: إنما سبقوا إليها غيرهم من الناس أو من الثقلين كما يدل عليه قوله تعالى: {مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (80)} [الأعراف: 80] لأن أحداً مخصوص بالعقلاء، وكذلك العالمون.
وذلك من البهائم وإن كان غير المعهود منها إنما يتعجب منه، ولا يطلب فيه الإنكار على سبيل التعييرة؛ لأنها غير مكلفة.
وذهب بعض الملاحدة إلى أن قوم لوط سُبقوا إلى ذلك - أي: من البشر - وهو ضلال ومصادمة للقرآن العظيم.
ولا يقال: إن إبليس سبقهم إلى ذلك حين دعاهم إلى نفسه كما نقلناه عن الكلبي، بل نقول: إن الذي في القرآن أنهم لم يسبقوا إلى ذلك من حيث الفاعلية لا من حيث المفعولية، فهم أول من فعل ذلك، وإبليس أول من فعل به ذلك، وأول ما فعلوا ذلك هم بإبليس لعنه الله وإياهم.
وأمَّا ما رواه أبو أحمد العسكري في كتاب "المواعظ والزواجر" عن خالد بن يزيد قال: سئل وهب بن منبه عن قوله عز وجل: {إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ} [الكهف: 94]: ما فسادهم؟
قال: كانوا يلاوطون الناس (1).
(1) ذكره الزمخشري في "ربيع الأبرار"(1/ 220).
فهو محمول على أن يأجوج ومأجوج كانوا بعدهم، أو في زمانهم لما رواه أبو بكر بن مردويه عن عبيد بن عمير: أن ذا القرنين حج ماشياً، فسمع به إبراهيم عليه السلام، فتلقاه (1).
فهذا الأثر يدل على أنهم كانوا وقوم لوط في زمان واحد؛ فإن إبراهيم عليه السلام بقي زمانًا بعد هلاك قوم لوط.
ولا يَرِدُ على ذلك ما ذكر في الأثر مما يدل على أن يأجوج ومأجوج أمتان قديمتان لأنا نقول: إنهم - وإن تقدموا قوم لوط زمانًا - فإن هذا الفساد لم يكن منهم حتى فعله قوم لوط.
وعلى ما ذكره وهب في تفسير قوله تعالى حكاية عن القوم الذين وجدهم الإسكندر ذو القرنين: {قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا (94)} [الكهف: 94]: هذه إشارة إلى أن من غلب عليه عمل قوم لوط إذا لم يهلكه الحد أو يصلحه فينبغي أن يُهجر، ويطرد، ويحبس عن مخالطة السالمين من ذلك لئلا يفسدهم؛ ألا ترى أن ذلك كان سبباً لسد ذي القرنين على يأجوج ومأجوج؟
ومن هنا قال إمامنا الشافعي رضي الله تعالى عنه بتعذيب اللوطي كالزاني.
(1) رواه الفاكهي في "أخبار مكة"(1/ 394)، وأبو الشيخ في "العظمة"(4/ 1479).
بل روى البيهقي عن عائشة رضي الله تعالى عنها قال: أول من اتهم بالأمر القبيح - يعني: عمل قوم لوط - اتهم به رجل على عهد عمر رضي الله تعالى عنه، فأمر عمر بعض شباب قريش أن لا يجالسوه (1).
وقيل: إن فساد يأجوج ومأجوج أنهم كانوا يأكلون الناس. أخرجه ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن حبيب الأوصابي (2).
وممَّا لم أجده منقولًا، وهو مما يتعين بيانه أنك إذا تأملت القرآن وجدته مصرحًا بذم الفاعلية؛ ألا ترى قوله تعالى:{وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (80) إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (81)} [الأعراف: 80، 81]؟
وقوله تعالى: {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (54) أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (55)} [النمل: 54، 55]؟
(1) رواه البيهقي في "شعب الإيمان"(5393).
(2)
انظر: "الدر المنثور" للسيوطي (5/ 459).
فقد وقع التصريح في كتاب الله تعالى بذم الفاعلية، ولم يقع التصريح بذم المفعولية مع أنها أفحش لِوجوه:
أحدها: أن ذم المفعولية مفهوم بالأولوية؛ فإنه إذا ذم ذلك فاعلية والذكر محل الفاعلية من حيث عدول الفاعل عن المأتي المأذون له فيه فكيف بالمفعولية، والذكر ليس بمحل لها بالكلية؟
الثاني: أن الوجه فيه أنهم إنما كانوا يفعلونه بالغرباء لما سبق عن الحَسَن، ثم فشا فيهم حتى دعتهم الشهوة إلى فعل بعضهم ببعض.
الثالث: أن المفعولية - وإن كانت أقبح - إلا أن الفاعلية أسبق، وهي داعية للمفعولية، فإن اعتياد الذَّكَر أن يفعل به الفاحشة يؤدي به إلى مرض الأُبْنة، فيصير طالباً للمفعولية بعد ما كان مطلوبًا، أو مكرهًا عليها، فكان الفاعل عليه إثم فعله، وإثم ما أدى إليه فعله من انتهاء المفعول فيه إلى طلب المفعولية وانقلاب حاله.
الرابع: أن الفاعلية ربما عدها الجاهل محمودة منه، بل ربما أدى به الجهل إلى التمدح بها والإنكار على من ينكر عليه؛ ألا ترى إلى قوله تعالى:{فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (56)} [النمل: 56]، {وَمَا
كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (82)} [الأعراف: 82]؟
أي: يمتنعون عن إتيان الذُّكران، ويستنكفون منه، ويعدونه طهارة.
وإنما أطلقوا التطهر على امتناعهم منه تهكمًا واستهزاء، فكان ذلك منهم أقبح من فعلهم، فقد أساؤوا عملاً، وقولاً، وأدبًا، واستطالوا على البرآء من فواحشهم، ولذلك امتن الله تعالى على لوط عليه السلام بهلاكهم، فقال تعالى:{وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ (74) وَأَدْخَلْنَاهُ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (75)} [الأنبياء: 74، 75].
ونسب عمل الخبائث إلى القرية، وأراد أهلها مجازاً مبالغة في
التنفير عن الخبائث من حيث إن المكان الذي تعمل فيه صار مذموماً، تُعَدُّ النجاة منه والبعد عنه نعمة ومنة، فكيف بالفاعل؟ !
وقال تعالى: {فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ (83)} [الأعراف: 83]؛ أي: الباقين حتى هلكت معهم لأنها كانت ترضى عملهم، وتدلهم على الغرباء، ودلتهم على أضياف لوط، ولذلك قال تعالى للوط عليه السلام:{إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ} [هود: 81].
ولقد كانت نجاته بطلب منه إلى الله تعالى، ولجأ إليه حين واجهوه بالسوء كما قال تعالى:{لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَالُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ (167) قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقَالِينَ (168)} [الشعراء: 167، 168]؛ أي: المبغضين غاية البغض {رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا
يَعْمَلُونَ (169)} [الشعراء: 169]؛ أي: من شؤمه وعذابه.
قال تعالى: {فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ (170) إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ (171) ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ (172) وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ (173)} [الشعراء: 170 - 173]. أي: مطرًا عظيمًا هائلاً فظيعاً، وهو الحجارة كما قال تعالى:{فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ (82) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ (83)} [هود: 82، 83]؛ أي: من الظالمين بمثل جريرتهم، أو مطلقًا من هذه الآية ببعيد.
وفيه إيماء إلى أن من يعمل عملهم حري بمثل هلاكهم، وهو وعيد شديد للمتلوطين.
والآثار والنصوص المشيرة إلى النهي عن ذلك، والتنفير منه كثيرة.
ومن غُرر الأخبار ما روى الإمام أحمد، والترمذي، وابن ماجه، والحاكم عن جابر رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي مِن بَعْدِي عَمَلَ قَوْمِ لُوْطٍ "(1).
وروى أبو داود الطيالسي، والطبراني، والبيهقي عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا أتى الرَّجُلُ الرَّجُلَ فَهُمَا زَانِيَانِ "(2).
(1) رواه الإمام أحمد في "المسند"(3/ 382)، والترمذي (1457) وحسنه، وابن ماجه (2563)، والحاكم في "المستدرك "(8057).
(2)
رواه والطبراني في "المعجم الأوسط"(4157)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (8/ 233). وقال: منكر بهذا الإسناد.
وروى الخطيب عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ مَاتَ مِن أُمَّتِي يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوْط نقَلَهُ اللهُ إِلَيْهِمْ حَتَّى يُحْشَرَ مَعَهُمْ"(1).
وروى الطبراني في "الأوسط" بإسناد حسن، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لَعَنَ اللهُ سَبْعَة مِنْ خَلْقِهِ مِنْ فَوْقِ سَبع سَمَاوَاتِهِ، وَرَدَّدَ اللَّعْنَةَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثَلاثًا، وَلَعَنَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لَعْنَةً تَكْفِيهِ، فَقَالَ: مَلْعُون مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ، مَلْعُونٌ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ، مَلْعُونٌ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ، مَلْعُون مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللَّهِ، مَلْعُونٌ مَنْ أتَى شَيْئًا مِنَ الْبَهَائِمِ، مَلْعُونٌ مَنْ عَقَّ وَالِدَيْهِ، مَلْعُونٌ مَنْ جَمَعَ بَيْنَ امْرَأةٍ وابْنَتِهَا، مَلْعُونٌ مَنْ غَيَّرَ حُدُودَ الأَرْضِ، مَلْعُون مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ مَوَالِيهِ"(2).
وروى ابن الجوزي في كتاب "ذم الهوى" عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَبَّلَ غُلامًا بِشَهْوَةٍ عَذَّبَهُ اللهُ بِالنَّارِ ألفَ سَنَةٍ، وَمَنْ جَامَعَهُ لَمْ يَجِدْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ - وَريحُهَا يُوْجَدُ مِنْ
(1) رواه الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد"(11/ 160) عن عيسى بن مسلم الصفار، وقال: روى أحاديث منكرة.
(2)
رواه الطبراني في "المعجم الأوسط"(8497). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(6/ 272): فيه محرز بن هارون، ويقال: محرر، وقد ضعفه الجمهور، وحسن الترمذي حديثه، وبقية رجاله رجال الصحيح.
مَسِيْرَةِ خَمْسِمئَةِ عَامٍ - إِلَاّ أَنْ يَتُوْبَ" (1).
وقال ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: يحشر اللوطيون يوم القيامة في صورة القردة والخنازير (2).
وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: من خرج من الدنيا على حالٍ خرج من قبره على تلك الحال؛ حتى إن اللوطي يخرج يعلق دبره على دبر صاحبه مفتضحين على رؤوس الخلائق يوم القيامة (3).
وقال فضيل بن عياض رضي الله عنه: لو أن لوطيًا اغتسل بكل قطرة من السماء لقي الله تعالى غير طاهر (4).
وقال مجاهد رحمه الله تعالى: لو أنه اغتسل بكل قطرة في السماء وكل قطرة في الأرض لم يزل نجسًا (5). رواهما ابن الجوزي في "ذم الهوى ".
وروى فيه عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لَمْ يَعْلُ فَحْلٌ فَحْلاً حَتَّىْ كَانَ قَوْمُ لُوْطٍ؛ فَإِذَا عَلا الفَحْلُ الْفَحْلَ
(1) رواه ابن الجوزي في "الموضوعات"(2/ 302). وقال: هذا حديث موضوع. قال أبو حاتم بن حبان: داود بن عفان شيخ كان يدور بخراسان ويزعم أنه سمع من أنس بن مالك ويضع عليه، روى نسخة موضوعة.
(2)
رواه ابن الجوزي في "ذم الهوى"(ص: 209).
(3)
رواه ابن الجوزي في "ذم الهوى"(ص: 209).
(4)
رواه ابن الجوزي في "ذم الهوى"(ص: 208).
(5)
رواه ابن الجوزي في "ذم الهوى"(ص: 208)، وكذا البيهقي في "شعب الإيمان"(5403).
ارْتَجَّ أَوْ اهْتَزَّ عَرْشُ الرَّحْمَنِ عز وجل، فَاطَّلَعْتِ الْمَلائِكَةُ تَعْظِيْمَا لفِعْلِهِمَا؛ قَالُوا: يَا رَبِّ! أَلا تَأمُرُ الأَرْضَ أَنْ تُعَزِّرَهُما، وَتَأْمُرُ السّمَاءَ أَنْ تَحْصِبَهُمَا؟ فَيَقُوْلُ: إِنِّي حَلِيْمٌ لا يَفُوْتَنِي شَيْءٌ" (1).
وروى الطبراني عن جابر رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إِذَا كَثُرَتِ اللّوْطِيَّةُ رَفَعَ اللهُ تَعَالَى يَدَهُ عَنِ الْخَلْقِ فَلا يُبَالِي فِي أَيِّ وَادٍ أَهْلَكَهُمْ"(2).
وقلت ملمِّحاً بالحديثين ذامًّا للوطية: [من الرمل]
يا لِقَوْمِ هَلَكوا إِذْ سَلَكُوا
…
طُرقًا ضَلُّوا بِها وَارْتَبَكُوا
أَخَذُوا فِي سُوْءِ أَفْعالٍ بِها
…
حُرماتُ الدِّيْنِ مِنْها انتهَكوا
إسْتَباحُوا الْمُرْدَ لَمَّا أَنَّهُم
…
لِمُباحاتِ الْعَذارى تَرَكُوا
وَتَفاشَوا بَيْنَهُم أَسْرارَ ما
…
كانَ حَتْماً سَتْرُهُ وَانْهَتَكُوا
وَعَصَوْا رَبَّهُمُ مَعْصِيَةً
…
عَرْشُهُ مِنْ قُبْحِها يَحْتَرِكُ
فَاسْتَحَقُّوا الْمَقْتَ لَمَّا اقْتَحَمُوا
…
لُجَّةَ الإِثْمِ وَفِيها اعْتَرَكُوا
قالَ خَيْرُ الْخَلْقِ: مَهْما كَثُرَتْ
…
فِي الْوَرى اللَاّطَةُ مِنْهُمُ أَفِكُوا
رُفِعَتْ عَنْهُمُ يَدُ اللهِ إِذاً
…
لا يُبالِي أَيَّ وادٍ هَلَكُوا
(1) رواه ابن الجوزي في "ذم الهوى"(ص: 199).
(2)
رواه الطبراني في "المعجم الكبير"(1752). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(6/ 255): فيه عبد الخالق بن زيد بن واقد، وهو ضعيف.