الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من المعاصي والمخالفات.
قال رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَوْ أَنَّ اليَهُودَ تَمَنَّوُا المَوْتَ لَمَاتُوا وَرَأَوْا مَقَاعِدَهُمْ مِنَ النَّارِ". رواه البخاري، والترمذي، والنسائي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما (1).
ومن هنا قيل: علامة المؤمن المخلص الصادق في الله تعالى أن يحب الموت شوقاً إلى الله تعالى.
وقال قتادة في الآية: إن سَيِّئَ العمل يكره الموت شديداً. رواه ابن المنذر، وغيره (2).
21 - ومنها: قولهم: سمعنا وعصينا
.
وللعلماء في ذلك قولان.
الأول: أنهم قالوا ذلك بألسنتهم جهراً.
والثاني: أنهم قالوا بلسان قالهم: سمعنا، وبلسان حالهم: عصينا (3).
قلت: ويؤيده قوله تعالى: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ} [الأنفال: 21].
(1) رواه بتمامه النسائي في "السنن الكبرى"(11061)، وروى البخاري (4675)، والترمذي (3348) شطره الأول وهو: عن ابن عباس قال: قال أبو جهل: لئن رأيت محمداً يصلي عند الكعبة لأطأن على عنقه. فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "لو فعله لأخذته الملائكة".
(2)
انظر: "الدر المنثور" للسيوطي (8/ 155).
(3)
انظر: "تفسير القرطبي"(2/ 31)، و"البحر المحيط" لأبي حيان (3/ 274).
واعلم أن المتشبهين باليهود والنصارى في ذلك كثير، فربما نصحت جاهلاً في أمر وعذلته فيه، وعرَّفْتَهُ أنه معصية، أو أمرته بمعروف، وعرَّفْتَهُ أن فيه النجاح والخير، فيقول لك: قد سمعت ما تقول، ولكني لا أفعل، أو يعدك بامتثال نصيحتك وقبول وصيتك، ثم يخالف إلى ما نهيته عنه، وليس هذا من شأن أهل الدين والخير.
وروى الإمام أحمد، ومسلم، وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لما نزلت: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} [البقرة: 284] اشتد ذلك على الصحابة رضي الله تعالى عنهم [فأتوا](1) النبي صلى الله عليه وسلم فجثوا على الركب، قالوا: قد أنزل الله عليك هذه الآية ولا نطيقها.
فقال: "أترِيْدُونَ أَنْ تَقُولُوا كَما قالَ أَهْلُ الْكِتابَيْنِ مِنْ قَبْلِكُمْ: سَمِعْنا وَعَصْينا؟ بَلْ قُولُوا: سَمِعْنا وَأَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيْرُ".
فلما اقترأها القوم وذلت بها ألسنتهم أنزل الله في أثرها: {آمَنَ الرَّسُولُ} [البقرة: 285] الآية.
فلما فعلوا ذلك نسخها الله تعالى فأنزل: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286] إلى آخرها (2).
(1) ما بين معكوفتين ليس في "أ".
(2)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(2/ 412)، ومسلم (125).