الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي الآية قول آخر: إن ذلك تتصف به في الآخرة. أخرجه ابن جرير عن ابن عباس أيضاً؛ قال: تعمل وتنصب في النار (1).
وقال قتادة: {خَاشِعَةٌ} [الغاشية: 2] ذليلة في النار.
{عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ} [الغاشية: 2]، قال: تكبرت في الدنيا عن طاعة الله عز وجل، فأعملها وأنصبها في النار. أخرجه ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم (2).
[وقول ثالث أخرجه ابن أبي حاتم](3) عن عكرمة؛ قال: عاملة في الدنيا بالمعاصي، تنصب في النار يوم القيامة (4).
2 - ومنها - وهو داخل فيما قبله -: التجسيم، والحلول، والإلحاد، والتشبيه
.
قال الله تعالى: {وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ} [الأعراف: 148].
وقال تعالى: {وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ} [طه: 85].
{فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ
(1) رواه الطبري في "التفسير"(30/ 160).
(2)
رواه الطبري في "التفسير"(30/ 160)، وابن أبي حاتم في "التفسير"(10/ 3420).
(3)
ما بين معكوفتين ليس في "أ".
(4)
رواه ابن أبي حاتم في "التفسير"(10/ 3420).
مُوسَى فَنَسِيَ} [طه: 88] الآية.
وروى الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول"، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رحمه الله تعالى قال: جاء يهودي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أخبرني عن ربك من أي شيء هو، أمن لؤلؤ أم ياقوت؟ فجاءت صاعقة فأخذته، فأنزل الله تعالى:{وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ} [الرعد: 13](1).
وروى ابن جرير، وابن المنذر عن سعيد بن جبير رحمه الله تعالى قال: أتى رهط من اليهود النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا له: يا محمد! هذا الله خلق الخلق؛ فمن خلقه؟
فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتقع لونه، ثم ساورهم غضباً لربه، فجاءه جبريل عليه السلام فسكَّنه، وقال له: خفِّض عليك جناحك، وجاءه من الله تعالى جواب ما سألوه عنه:{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص: 1 - 4].
فلما تلاها عليهم قالوا: صف لنا ربك كيف خَلْقُه؟ وكيف ذراعه؟
فغضب صلى الله عليه وسلم أشد من غضبه الأول، وساورهم غضباً، فأتاه جبريل
(1) رواه الطبري في "التفسير"(13/ 125)، وانظر:"الدر المنثور" للسيوطي (4/ 626).
عليه السلام، فقال له مثل مقالته الأولى، وأتاه بجواب ما سألوه عنه:{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الزمر: 67](1).
وقال تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} [التوبة: 30].
ما حكاه الله تعالى عن النصارى كان مشهوراً فيهم بحيث لا ينكرونه.
وأما ما حكاه عن اليهود، فروى ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم سلام بن مشكم، ونعمان بن أبي أوفى، وشاس بن قيس، ومالك بن الصيف، فقالوا: كيف نتَّبعك وقد تركت قبلتنا، وأنت لا تزعم أنَّ عُزيراً ابن الله؟ فأنزل الله تعالى الآية (2).
وروى ابن المنذر عن ابن جريج: أنَّ قائل ذلك فنحاص بن عازوراء (3).
وكل هؤلاء من مشاهير اليهود.
ونقله الثعلبي عن عبيد بن عمير رحمه الله تعالى (4).
(1) رواه الطبري في "التفسير"(24/ 28).
(2)
رواه ابن أبي حاتم في "التفسير"(6/ 1781).
(3)
انظر: "الدر المنثور" للسيوطي (4/ 171).
(4)
انظر: "تفسير الثعلبي"(5/ 31).
وقال آخرون: فَقَدَ بنو إسرائيلَ التابوتَ، وتقادم عهدهم حتى مات حملة التوراة، ونسخت من صدورهم، وكان عُزير عليه السلام من علمائهم، فابتهل إلى الله في ذلك، فنزل إليه نور، ودخل جوفه، فألهمه الله التوراة، فتعلموها منه زماناً، ثم رجع إليهم التابوت، فنظروا ما فيه، فوجدوه مطابقاً لما أتاهم به عُزير، فقالوا: ما آتى الله عُزيراً هذا إلَاّ لأنَّه ابنه (1).
وقد حُكِيَ أنَّ النصارى افترقوا إلى ثلاث فرق (2):
- يعقوبية: وهم القائلون: المسيح ابن الله، وهم القائلون أيضاً باللاهوت والناسوت.
- ونسطورية: وهم القائلون: إن عيسى وأمه والإله كانوا ثلاثة، وربما قالوا: الأب والابن وروح القدس؛ يعنون بالأب: الذات،
(1) رواه الطبري في "التفسير"(10/ 111)، وابن أبي حاتم في "التفسير"(6/ 1781) عن ابن عباس رضي الله عنه.
(2)
افترقت النصارى اثنتين وسبعين فرقة كما جاء في الحديث، لكن كبار فرقهم ما ذكره المصنف، وعنها تشعبت الفرق الأخرى. انظر:"الملل والنحل" للشهرستاني (1/ 222).