الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(10) بَابُ النَّهْيِ عَنِ التَّشَبُّهِ بِفِرْعَونَ وَقَوْمِهِ
(10)
بَابُ النَّهْيِ عَنِ التَّشَبُّهِ بِفِرْعَونَ وَقَوْمِهِ
وهو أول من خضَّب بالسَّواد، وسخر النَّاس في الأعمال الشَّاقة، وبنأنه بالآجر، وصلب، وقطع الأيدي والأرجل من خِلافٍ ظلماً.
وفرعون في الأصل: اسم لكل من ملك مصر.
وقيصر: لمن ملك الروم.
وكِسْرى: لمن ملك الفرس.
والنَّجاشي: لمن ملك الحبشة.
وتُبَّع: لمن ملك اليمن.
ويقال فرعون لكل عاتٍ متمرد؛ كأنَّه مأخوذ من اسم فرعون.
ومنه قولهم: تفرعن، إن تخلَّق بخلق الفراعنة، كما في "القاموس"(1).
ومنه سُمي أبو جهل: فرعون هذه الأمة، كما في الحديث (2)؛
(1) انظر: "القاموس المحيط" للفيروز آبادي (ص: 1576)(مادة: فرعن).
(2)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(1/ 444)، والنسائي في "السنن الكبرى"(6004) عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
ونبه عليه الجوهري (1).
وقال صاحب "الكشاف": ولعتو الفراعنة اشتقوا: تفرعن فلان: إذا عتى وتجبر (2).
ومن لطائف الإمام عبد الله بن المبارك رحمه الله تعالى، وهو من مشاهير شعره:[من البسيط]
إِنِّي امْرؤٌ ليْسَ في دِيْنِي لغَامِزَةٌ
…
لِينٌ وَلَسْتُ عَلَى الإسْلامِ طَعَّاناً
فَلا أَسُبُّ أَبا بَكرٍ وَلا عُمَراً
…
وَلنْ أَسُبَّ مَعَاذَ الله عُثْمَانَا
ولا الزُّبيرَ حَوَاريَّ الرَّسُولِ ولا
…
أهْدِي لِطَلْحَة شَتْمًا عزَّ أوْ هَانا
ولا أقولُ عَلِيٌّ فِي السَّحَابِ إذاً
…
قَدْ قُلْتُ واللهِ ظُلْماً ثُمَّ عُدْوَانا
ولا أقولُ بِقَولِ الجَهْمِ إنَّ لَه
…
قَولاً يُضَارعُ أَهْلَ الشِّرْكِ أَحْيَانا
(1) انظر: "الصحاح" للجوهري (6/ 2177).
(2)
انظر: "الكشاف" للزمخشري (1/ 166).
ولا أقولُ تَخلَّى عَنْ خَلِيقَتِهِ
…
ربُّ العبادِ وَوَلَّى الأَمْرَ شَيْطَانا
ما قالَ فِرْعَونُ هذا في تَجَبُّرِهِ
…
فِرْعَونُ مُوسَى وَلا هَامَانُ طُغْيَانا (1)
قال وهب بن مُنبِّهٍ رحمه الله تعالى: فرعونُ موسى هو فرعونُ يوسف: عاش حتى بعث الله إليه موسى.
وقال الأكثرون: هو غيره (2).
وتأولوا قوله تعالى: {وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا} [غافر: 34] على نسبة أحوال الآباء إلى الأولاد، وكان اسم فرعون موسى - وهو المراد عند الإطلاق -: مصعب بن الوليد، وكان قصيراً.
روى ابن قتيبة في "مختلف الحديث" عن الحسن رحمه الله تعالى: ما كان طول فرعون إلا ذراعاً، وكانت لحيته ذراعاً (3).
وروى أبو الشيخ بن حيان في كتاب "النتف والنوادر" عن الحسن
(1) انظر: "تاريخ دمشق" لابن عساكر (32/ 451).
(2)
انظر: "تفسير الثعلبي"(8/ 275)، و"تفسير الكشاف" للزمخشري (4/ 170).
(3)
رواه ابن قتيبة في "تأويل مختلف الحديث"(ص: 286).
قال: كان فرعونُ عِلجاً من أهل أصبهان طولُهُ أربعةُ أشبارٍ (1).
وعن أبي حُبابٍ قال: كانت لحية فرعون طولها سبعة أشبار، وكانت خضراء (2).
وروى الطَّبراني في "الأوسط" عن أبي بكر الصِّديق رضي الله تعالى عنه قال: أُخبرتُ أن فرعون كان أثرم (3).
والثرم - بفتح المثلثة، والراء -: سقوطُ الثنيَّةِ؛ يُقال: ثَرِمَ كفَرِحَ.
وعن مجاهدٍ قال: كان فرعون من أهل إصطخر.
وأخرجه ابن أبي حاتم، ولفظه: كان فارسياً من أهل إصطخر (4).
وأخرج عن الحسن قال: كان فرعون علجاً من همدان (5).
وعن ابن لهيعة: أن فرعون كان من أبناء مصر (6).
وعن عليِّ بن أبي طلحة: أن فرعون كانَ قبطياً ولد زنا، طوله سبعة أشبار (7).
وروى هو وأبو الشيخ عن محمَّد بن المنكدر رحمه الله تعالى قال: عاش فرعون ثلاثمئة، منها مئتان وعشرون سنة لم ير فيها ما يُقْذِي عينه،
(1) وانظر: "تفسير السمعاني"(6/ 150)، و"تفسير القرطبي"(19/ 201).
(2)
انظر: "عمدة القاري" للعيني (15/ 287).
(3)
رواه الطبراني في "المعجم الأوسط"(5830).
(4)
رواه ابن أبي حاتم في "التفسير"(5/ 1531).
(5)
رواه ابن أبي حاتم في "التفسير"(9/ 2944).
(6)
رواه ابن أبي حاتم في "التفسير"(6/ 2080).
(7)
انظر: "الدر المنثور" للسيوطي (3/ 905).
ودعاه موسى عليه السلام ثمانين سنة (1).
وروى أبو الشَّيخ عن إبراهيم بن مقسم الهُذلي قال: مكث فرعون أربعمئة سنة لم يصدع له رأس.
وعن أبي الأشرس قال: مكث فرعون أربعمئة سنة في الشباب، يغدو فيه ويروح (2).
وروى ابن أبي حاتم عن عبيد بن عمير رحمه الله تعالى قال: كان يُغْلَقُ دونَ فرعون ثمانون باباً (3).
قال الله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ (96) إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ} [هود: 96، 97].
فانظر كيف ذم الله تعالى فرعون وذم أتباعه، وبين أنَّ أمره غير رشيد، فلا يليق التشبه في أمره حيث ذمه الله تعالى، وأخبر أنه ليس برشيد.
وقال تعالى ناهياً موسى وهارون عليهما السلام عن اتباع طريق فرعون وقومه: {قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [يونس: 89].
وكان من أمر فرعون أنه كفر بالله تعالى، وادَّعى الربوبية لنفسه،
(1) رواه ابن أبي حاتم في "التفسير"(5/ 1531).
(2)
انظر: "الدر المنثور" للسيوطي (3/ 510).
(3)
رواه ابن أبي حاتم في "التفسير"(8/ 2693).