الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خرجت من كنيسة؟ يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء ولا أقول به؟ (1).
وروى أبو نعيم في "الحلية" القصة بلفظ آخر (2).
31 - ومنها: الجهل بالله تعالى، وبحقائق الأمور
.
ومن شك في جهل اليهود والنصارى فهو من الجهل على جانب عظيم.
ولمَّا كان قول بني إسرائيل لموسى عليه السلام حين قال لهم: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} [البقرة: 67] مبنياً على الجهل {قَالَ} [البقرة: 67] موسى عليه السلام: {أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ} [البقرة: 67]؛ عَرَّض بجهلهم، وصرَّح لهم به حين قالوا:{اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} [الأعراف: 138] كما قال الله تعالى: {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَامُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (138)} [الأعراف: 138].
قال في "الكشاف": تعحب من قولهم على أثر ما رأوا من الآية العظمى والمعجزة الكبرى، فوصفهم بالجهل المطلق، وأكَّده لأنَّه لا جهل أعظم مما رأى منهم ولا أشنع، انتهى (3).
(1) رواه نصر المقدسي كما في "مختصر الحجة"(1/ 11).
(2)
رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(9/ 106).
(3)
انظر: "الكشاف" للزمخشري (2/ 141).
وقال الله تعالى بعد ذكر عيسى عليه السلام: {وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ} [النساء: 157].
فقد فسر بعض العلماء الشك بالجهل.
والمختلفون في عيسى عليه السلام اليهود والنصارى معاً؛ فإنه عليه السلام لما ألقي شبهه على رجل من اليهود أو من غيرهم على الروايتين، ورفع اختلف اليهود فيه، فمنهم من قال: قتلنا عيسى.
ومنهم من قال: إن كنتم قتلتم عيسى فأين صاحبكم؟
ومنهم من قال: الوجه وجه عيسى، والبدن بدن صاحبكم.
واختلف فيه النصارى فقالوا: المصلوب ناسوت عيسى، وأما لاهوته فرفع.
وقال بعضهم غير ذلك.
فالوصف بالجهل وقع على الطائفتين قبحهما الله تعالى.
قال الدميري في "حياة الحيوان": ولله درُّ أبي منصور موهوب الجواليقي إمام المقتفي لما دخل عليه أول دخلة قال: السلام على أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته.
فقال له الطبيب هبة الله بن صاعد ابن التلميذ النصراني: ما هكذا يُسلم على أمير المؤمنين يا شيخ.
فلم يلتفت إليه ابن الجواليقي، وقال للمقتفي: يا أمير المؤمنين! سلامي ما جاءت به السنة النبوية.
وروى له خبراً في صورة السلام، ثم قال له: يا أمير المؤمنين!
لو حلف حالف أن يهودياً أو نصرانياً لم يصل إلى قلبه نوع من أنواع العلم على الوجه المعتبر لما لزمته كفارة الحنث؛ لأن الله تعالى ختم على قلوبهم، ولن يفك ختمه إلا الإيمان.
فقال: صدقت وأحسنت.
فكأنما ألقم ابن التلميذ بحجر (1).
وفي "الكشاف": عن علي رضي الله عنه: أن يهودياً قال له: اختلفتم بعد نبيكم قبل أن يجف ماؤه.
قال: قلتم: اجعل لنا إلها، ولمَّا تجف أقلامكم (2).
وهذا أورده علي رضي الله تعالى عنه على وجه الجدل تبكيتاً بإليهود، ومقابلة له بمثل ما اعترض به، وليس فيه تسليم لاعتراضه؛ فإنَّ اختلاف هذه الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم رحمة، ومنشأه العلم المقتضي للاهتمام بأمر الخلافة ونحوها من أمور الدين ليقع على السداد.
وأمَّا قول بني إسرائيل: يا موسى اجعل لنا إلهًا وأقلامهم لم تجف من حوض البحر المفروق لهم، وقد شاهدوا انطباق البحر عقبهم على أعدائهم لم يبق بعده من الجهل شيء.
هذا ونبيهم بين ظهرانيهم.
(1) انظر: "حياة الحيوان الكبرى" للدميري (1/ 156).
(2)
انظر: "الكشاف" للزمخشري (2/ 141).