الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ونظيره الحديث الآخر: "يَقُوْلُ اللهُ: قَسَمْتُ الصَّلاةَ بَيني وَبَيْنَ عَبْدِي"(1)؛ يعني: الفاتحة.
وقال تعالى: {قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَاشُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا} [الأعراف: 88] الآية.
وقد سبقهم إلى الاستكبار والسخرية بأولياء الله تعالى قوم نوح عليه السلام كما قال تعالى: {وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ} مِنَّا {فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ} [هود: 38 - 39].
12 - ومنها: التعيير بالأمراض ونحوها من بلاء الله تعالى إذا مسَّ المؤمن تمحيصاً لذنوبه يعده الفاجر عيباً للمؤمن ونقصاً، وكذلك التعيير بالفقر وقلة الشر
.
قال الله تعالى: {قَالُوا يَاشُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ} [هود: 91].
روى ابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في قوله:{وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا} قال: كان ضرير البصر (2).
(1) رواه مسلم (395) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(2)
رواه ابن أبي حاتم في "التفسير"(6/ 2076)، والحاكم في "المستدرك"(4072).
وروى أبو الشيخ عن سفيان رحمه الله تعالى في الآية قال: كان أعمى.
وكان يقال: خطيب الأنبياء عليهم السلام (1).
وروى هو وابن عساكر عن سعيد بن جبير رضي الله تعالى عنه قال في الآية: كان أعمى، وإنما عَمِيَ من بكائه من حب الله عز وجل (2).
وروى الواحدي من حديث شدَّاد بن أوس رضي الله تعالى عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"بَكَى شُعَيْبُ عليه السلام مِن حُبِّ اللهِ حَتَّى عَمِيَ، فَردَّ اللهُ عَلَيْهِ بَصَرَهُ"(3).
ولعل تعبير قوله: (كان) قبل ردّ بصره إليه، ويجوز أن يكون بعده، والعدو قد يستصحب من عدوه حالة بلاء تقدمت له فيعيِّره به وإن عوفي منه.
وكذلك قد ينسب العدو ما يراه من عدوه من كمال أو قوة إلى غيره لأنه يريد غيظه كيفما كان، كما قال قوم شعيب له:{وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ} [هود: 91] قال علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه في الآية: فو الله
(1) ورواه الطبري في "التفسير"(12/ 105)، وابن أبي حاتم في "التفسير"(6/ 2076).
(2)
رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(23/ 72).
(3)
ورواه الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد"(6/ 315).