الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إسرائيل خرجوا إلى مخرج لهم فقيل لهم: يا بني إسرائيل! تدعونني بألسنتكم وقلوبكم بعيدة مني؟ باطل ما تذهبون (1).
وروى ابن أبي شيبة، والإمام أحمد في "الزهد" عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أوحى الله عز وجل إلى داود عليه السلام: قل للظَّلمة لا يذكروني؛ فإن حقًا عليَّ أن أذكر من ذكرني، وإن ذكري إياهم أن ألعنهم (2).
وروى ابن أبي حاتم عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنَّه قيل له: أرأيت قاتل النَّفس، وشارب الخمر، والفاسق، والزَّاني يذكر الله تعالى وقد قال تعالى:{فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} [البقرة: 152]؟
قال: إذا ذَكَرَ اللهُ هذا ذَكَرَهُ بلعنته حتى يسكت (3).
42 - ومن أعمال أهل الكتاب: ترك خصال الفطرة
.
وهي: الختان، وقص الشَّارب، وإعفاء اللحية، وفرق الشَّعر، والسِّواك، والمضمضة، والاستنشاق، وغسل البراجم، وتنظيف الرواجب، ونتف الإبط، وحلق العانة، وانتقاص الماء؛ وهو الاستنجاء.
فإن هذه الخصال من ملة إبراهيم عليه السلام، والله تعالى برَّأهم
(1) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(2/ 362)، وكذا الإمام أحمد في "الزهد" (ص: 99).
(2)
رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"(31895)، والإمام أحمد في "الزهد" (ص: 73).
(3)
رواه ابن أبي حاتم في "التفسير"(1/ 260).
منه، وقال:{مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا} [آل عمران: 67].
قال المفسرون: الحنيف الذي يوحِّد، ويحجُّ، ويضحِّي، ويختتن (1).
نعم، اليهود يختتنون، ولكن لا يقع الختان منهم على وفاق إبراهيم عليه السلام.
وكذلك ما فعلوه هم والنصارى من خصال الفطرة كقلم الأظفار فإنه لا يقع منهم على موافقة الحنيفية.
ومن المعلوم بأن النَّصارى لا يختتنون، وإنما يغمسون الولد في المعمودية، ويقولون: قدَّسه ماء المعمودية وصبغه، فصار نصرانيًا حقًا كما يزعمون أن ذلك يغنيهم عن الختان.
ومِثْلُهم في ذلك الروافض في غمسهم لكل شيء يريدون تطهيره في ماء الكر المتخلف المتغير كما هو معروف منهم مشهور عندهم.
وكذلك أحوال أهل الكتاب في الاستنجاء بالماء - وإن اتفق منهم تعاطيه - فلا يتفق الإتيان منهم على بابه؛ فإنهم لا يفرقون بين الماء المطهَّر وغيره، فربما تبقى نجاستهم عليهم وتنتشر منهم.
وقد أثنى الله تعالى على أهل قباء بقوله: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ
(1) انظر: "تفسير البغوي"(1/ 313)، و"زاد المسير" لابن الجوزي (1/ 150).
يَتَطَهَّرُوا} [التوبة: 108]، فسألهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن طهورهم الذي أثنى الله عليهم به، فقالوا: إنا نغسل أثر الغائط والبول بالماء. كما رواه أبو داود عن قتادة، والدارقطني عن أبي أيوب، وجابر، وأنس، وكلهم من الأنصار رضي الله تعالى عنهم (1).
وقد كان أهل قباء مجاورين لليهود، فلو كانوا يشاركونهم في ذلك ما استحقوا هذا الثناء.
وكذلك كانت اليهود يَسْدُلون، فوافقهم النَّبي صلى الله عليه وسلم لمَّا قدم المدينة، ثمَّ خالفهم وفرق كما تقدم أوَّل الباب.
وتقدم في التشبه بالأنبياء عليهم السلام عن ابن عباس: أن الفرق من سنة إبراهيم عليه السلام.
وكذلك السِّواك، والأخذ من الشعور، وإعفاء اللحى ليس من آداب أهل الكتاب، كما روى ابن عساكر عن علي رضي الله عنه، عن النَّبي صلى الله عليه وسلم: أنَّه قال: "اغْسِلُوا ثِيابَكُم، وَخُذُوا مِنْ شُعُورِكُمْ، واسْتاكُوا وَتَزيَّنُوْا؛ فَإِنَّ بَني إِسْرائِيْلَ لَمْ يَكُوْنُوْا يَفْعَلُونَ فَلِكَ فَزَنَتْ نِساؤُهُمْ"(2).
(1) رواه أبو داود (44)، وكذا الترمذي (3100)، وابن ماجه (357) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
ورواه الدارقطني في "السنن"(1/ 62)، وكذا ابن ماجه (355) عن أبي أيوب وجابر وأنس رضي الله عنهم.
(2)
رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(36/ 124). قال الذهبي في "تذكرة الحفاظ"(3/ 1158): حديث لا يصح، وإسناده ظلمة.