الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال ربيعة الرأي: رمى الله تعالى قوم لوط بحجارة من سجيل، فلا ترفع هذه العقوبة عن من عمل عملَ قوم لوط. أخرجه ابن المنذر (1).
8 - ومن أعمال قوم لوط: إتيان المرأة في دبرها
.
قال الله تعالى حكاية عن لوط عليه السلام: {أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ (165) وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ (166)} [الشعراء: 165، 166].
فإن (من) في قوله تعالى {مِنْ أَزْوَاجِكُمْ} [الشعراء: 166] يجوز أن تكون بيانية، ويجوز أن تكون تبعيضية.
وعليه: فيكون فيه إشارة إلى المحل المباح من الزوجة، فيكون فيه تعريض بأنهم كانوا يفعلون ذلك بنسائهم.
وقوله: {بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ (166)} [الشعراء: 166]؛ أي: متجاوزون عن محل الحرث إلى الدبر.
ويؤيده قول مجاهد في قوله: {وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ} [الشعراء: 166]: تركتم أقبال النساء إلى أدبار الرجال وأدبار النساء. أخرجه ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم (2).
(1) انظر: "الدر المنثور" للسيوطي (4/ 465).
(2)
رواه الطبري في "التفسير"(19/ 105)، وابن أبي حاتم في "التفسير"(9/ 2808)، وكذا الدارمي في "السنن"(1123).
وقول ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في قوله تعالى حكاية عن قوم لوط: {أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (82)} [الأعراف: 82]: من أدبار الرجال، ومن أدبار النساء. أخرجه ابن جرير، وابن المنذر (1).
ونحوه عن مجاهد (2).
وروى البيهقي عن أبي المعتمر قال: سألت عليًا رضي الله تعالى عنه وهو على المنبر عن إتيان النساء في أدبارهن، فقال: سفلت سفل الله بك؛ أما سمعت قوله تعالى: {أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (80)} [الأعراف: 80](3)؟
وروى هو وابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن علي رضي الله تعالى عنه أنه قال على المنبر: سلوني.
فقال ابن الكواء: تؤتى النساء في أعجازهن؟
فقال علي: سفلت سفل الله بك؛ ألم تسمع إلى قوله تعالى: {أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (80)} [الأعراف: 80](4)؟
(1) رواه الطبري في "التفسير"(8/ 235).
(2)
رواه الطبري في "التفسير"(8/ 235)، وابن أبي حاتم في "التفسير"(5/ 1518).
(3)
رواه البيهقي في "السنن الكبرى"(7/ 198).
(4)
رواه البيهقي في "السنن الكبرى"(7/ 198)، وابن أبي شيبة في "المصنف"(16812)، وابن أبي حاتم في "التفسير"(9/ 2904)، واللفظ له.
ففهم أمير المؤمنين علي رضي الله تعالى عنه أن إتيان المرأة في الدبر قبيح، وأنه من أعمال قوم لوط من مسمى الفاحشة.
وإنما كان ذلك ولو من الحليلة فاحشة لأنه محل القذر والأذى، ولذلك حرم إتيان الحائض بنص القرآن العظيم مع أن الدبر ليس محلاً لطلب الولد الذي هو أصل مشروعية النكاح.
وروى الإمام أحمد، والبزار - ورجالهما رجال الصحيح - والنسائي عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده رضي الله تعالى عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم في الذي يأتي المرأة في دبرها قال:"تِلْكَ اللُّوْطِيَّةُ الصُّغْرَى"(1).
قلت: وتسميتها بالصغرى لا يقتضي أنها من الصغائر كما لا يقتضي تسمية الرياء بالشرك الأصغر أنه صغيرة، بل هما من الكبائر، وسميا أصغر وصغرى بالنسبة إلى الشرك الذي هو الكفر، وإلى إتيان أدبار الذكران.
وإنما لم يجب الحد بالتلوط بالحليلة، بل التعزير لشبهة التمتع، والحد يدرأ بالشبهة.
وروى الطبراني - ورواته ثقات - عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أتَى النِّسَاءَ فِي أَعْجَازِهِنَّ فَقَدْ كَفَرَ"(2)؛
(1) تقدم تخريجه.
(2)
رواه الطبراني في "المعجم الأوسط"(9179). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(4/ 299): رجاله ثقات.