الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لمحمد صلى الله عليه وسلم على الأصح في المستثنى، واستدلوا على ذلك بالكتاب والسنة.
وأما المعتزلة فقالوا: الرؤية غير جائزة ولا واقعة لا في الدنيا، ولا في الآخرة، فَهم أقرب الطوائف شبهاً بأهل الكتابين في ذلك كما علمت.
*
لَطِيْفَةٌ:
قال بعض العلماء: جزاء من كذب بالرؤية والشفاعة إذا رأى المؤمنين يشفع لهم يوم القيامة، وينظرون على أرائكهم وجه ربهم، وطلب حظه من ذلك أن يقال له: قد كنت تنكر الشفاعة والرؤية في دار الدنيا، واليوم تعامل بموجب قولك، فلا يشفع لك عند ربك، ولا تراه.
قلت: جاء في الحديث ما يدل على ذلك، فروى الطبراني في "الأوسط" عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ بَلَغَهُ عَنِ اللهِ تَعَالَى فَضِيْلَةَ فَلَمْ يُصَدِّقْهَا لَمْ يَنَلْهَا"(1)؛ نسأل الله تعالى العافية.
11 - ومنها: الاحتجاج بالقدر على المعصية
.
قال الله تعالى: {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا
(1) رواه الطبراني في "المعجم الأوسط"(5129)، وكذا أبو يعلى في "المسند" (3443). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (1/ 149): فيه بزيع أبو الخليل وهو ضعيف.
آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا} [الأنعام: 148].
قال القرطبي: وقد أنِسَت المعتزلة بقوله: {لَوْ شَاءَ اللَّهُ} [الأنعام: 148]، فقالوا: قد ذم هؤلاء الذين جعلوا شركهم بمشيئته.
وتعلقهم بذلك باطل؛ لأن الله تعالى إنما ذمهم على ترك اجتهادهم في طلب الحق، وإنما قالوا ذلك على وجه الهُزء واللعب.
نظيره: {وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ} [الزخرف: 20].
فرد عليهم بقوله: {مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ} [الزخرف: 20] كما رد عليهم مقالتهم هنا بقوله: {قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ (148) قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} [الأنعام: 148 - 149].
قال: ولو قالوا على جهة التعظيم والإجلال والمعرفة لما عابهم لأن الله تعالى يقول: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا} [الأنعام: 107]، و {مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الأنعام: 111]، انتهى (1).
وذكر الثعلبي عن الحسين بن الفضل قال: لو أُخبروا بهذه المقالة تعظيما وإجلالاً لله تعالى ومعرفة منهم به لَمَا عابهم، ذلك لأن الله تعالى قال:{وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا} [الأنعام: 107]، ولكنهم قالوا ذلك تكذيباً، وتحريفاً، وجدلاً من غير معرفة بالله تعالى وبما يقولون،
(1) انظر: "تفسير القرطبي"(7/ 129).