الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من الذي كتبوه بأيديهم من ذلك الكذب.
{وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ} [البقرة: 79]؛ يقول: مما يأكلون من السفلة، وغيرهم (1).
28 - ومنها: كتمان العلم عند الحاجة إليه
.
قال الله تعالى: {وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ} [البقرة: 146]؛ أي: من أهل الكتاب {لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [البقرة: 146].
قال أبو هريرة رضي الله تعالى عنه: لولا آية في كتاب الله تعالى ما حدَّثت أحداً بشيء أبداً، ثم تلا هذه الآية. رواه البخاري، وابن ماجه، وغيرهما (2).
وروى ابن جرير عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: أن سعد ابن معاذ، ومعاذ بن جبل، وخارجة بن زيد الأنصاري سألوا اليهود عن مسائل في التوراة، فكتموها عنهم، فنزلت هذه الآية (3).
(1) رواه الطبري في "التفسير"(1/ 379 - 380).
(2)
تقدم تخريجه.
(3)
رواه الطبري في "التفسير"(2/ 53)، وكذا ابن أبي حاتم في "التفسير"(1/ 268).
وعن مجاهد، وعن قتادة فى الآية:{إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى} [البقرة: 159] قالا: هم أهل الكتاب.
وأخرجه ابن أبي حاتم عن أبي العالية رضي الله تعالى عنه (1).
روى ابن جرير عن عكرمة: أنها نزلت في اليهود (2).
وهي -وإن نزلت فيهم- فإنها وعيد لمن حذا حذوهم في كتمان العلم عند الحاجة إليه.
وقد روى الخِلَعي في "فوائده" عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا آتَى اللهُ عَالِمًا عِلْمًا إِلَاّ أَخَذَ عَلَيْهِ مِنَ الْمِيْثَاقِ مَا أَخَذَ مِنَ النَبِيِّينَ أَنْ يُبَيِّنَهُ وَلا يَكتُمَهُ"(3).
وروى أبو نعيم في "فضل العالم العفيف" نحوه من حديث ابن مسعود رضي الله تعالى عنه (4).
(1) رواه ابن أبي حاتم في "التفسير"(1/ 268).
(2)
رواه الطبري في "التفسير"(2/ 89).
(3)
ورواه الديلمي في "مسند الفردوس"(6263)، وابن عساكر في "تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى الإمام الأشعري" (ص: 33).
(4)
انظر: "تخريج أحاديث الإحياء" للعراقي (1/ 17).
قال الله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ} [آل عمران: 187].
روى ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: أنها نزلت في اليهود والنصارى؛ كتموا صفة محمد صلى الله عليه وسلم في التوراة والإنجيل ونبذوها (1).
وهذا الميثاق مأخوذ على كل عالم بحكم الله تعالى.
قال أبو هريرة رضي الله تعالى عنه: لولا ما أخذ الله على أهل الكتاب ما حدَّثتكم، وتلا الآية. رواه عبد بن حميد، والثعلبي (2).
وقال الحسن رحمه الله تعالى: لولا الميثاق الذي أخذه الله على أهل العلم ما حدَّثتكم بكثير مما تسألون عنه. رواه ابن سعد (3).
وقال علي رضي الله تعالى عنه: ما أخذ الله على أهل الجهل أن يتعلموا حتى أخذ على أهل العلم أن يعلِّموا. رواه الثعلبي (4).
وأخرجه الديلمي مرفوعاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (5).
(1) رواه ابن أبي حاتم في "التفسير"(3/ 836).
(2)
رواه الثعلبي في "التفسير"(3/ 228)، وكذا الحاكم في "المستدرك"(336).
(3)
رواه ابن سعد في "الطبقات الكبرى"(7/ 158).
(4)
رواه الثعلبي في "التفسير"(3/ 228).
(5)
رواه الديلمي في "مسند الفردوس"(6262).
وروى أبو داود، والترمذي وحسَّنه، وابن ماجه، وابن حبَّان في "صحيحه"، والحاكم وصححه، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ عَلِمَ عِلْمًا فَكَتَمَهُ أُلْجِمَ يَومَ القِيَامَةِ بِلِجَامٍ مِن نَّارٍ"(1).
وأخرجه ابن النجار في "تاريخه" من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما، ولفظه:"ثُمَّ كتَمَهُ"(2).
وإنما يحرم كتمان العلم إذا كان كتمه لطمع في الدنيا كما تدل عليه هذه الآية، أو إذا سئل عنه سؤال حاجة واستفادة لا سؤال تعنُّت وامتحان، وحينئذ: فالبيان فرض كفاية إن كان في الناحية من يفيد ذلك غيره، وإن لم يكن فيها غيره كان البيان فرض عين عليه، وحرم عليه الكتم حينئذ، إلا إذا كان المسئول عنه مما لا يحتمله عقل السائل، أو كان السائل يريد بما يسأل عنه التوصُّل إلى باطل ليزجر عن السؤال، ومتى ترتب على البيان فتنة أو ضرر على السائل سقط عنه الوجوب.
روى ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله تعالى: {فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا} [آل عمران: 187]؛ قال: كتموا وباعوا،
(1) رواه أبو داود (3658)، والترمذي (2649) وحسنه، وابن ماجه (266)، وابن حبان في "صحيحه"(95)، والحاكم في "المستدرك"(344).
(2)
رواه ابن المبارك في "الزهد"(2/ 119)، وابن حبان في "صحيحه"(96)، والحاكم في "المستدرك" (346) وقال: صحيح لا غبار عليه، على شرط الشيخين، وليس له علة.
فلا يبدون إلا بثمن (1).
وروى أبو داود عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ كَتَمَ عِلْماً يَنْفَعُ اللهُ بِهِ النَّاسَ فِي أَمْرِ الدِّيْنِ أَلْجَمَهُ اللهُ بِلِجَامٍ مِن نارٍ"(2).
وروى أبو يعلى -ورجاله رجال الصحيح- عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ فَكَتَمَهُ جَاءَ يَومَ القِيَامَةِ مُلْجَماً بِلِجَامٍ مِن نَارٍ"(3).
وهو عند الإمام أحمد، وأبي داود، والترمذي وحسنه، وابن ماجه، والحاكم وصححه، من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، ولفظه:"أَلجَمَهُ اللهُ يَومَ القِيَامَةِ بِلِجَامٍ مِن نارٍ"(4).
وعند الطبراني في "الكبير"، والخطيب حديث ابن عباس، وقال:"مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ ناَفِعٍ"(5)؛ أي: في أمر الدين؛ وقع التصريح به في حديث أبي سعيد.
وروى الطبراني في "الكبير"، و"الأوسط" نحو حديث ابن عباس
(1) رواه ابن أبي حاتم في "التفسير"(3/ 837).
(2)
رواه ابن ماجه (265). ولم يعزه العراقي في "تحريج أحاديث الإحياء"(1/ 35) إلا إلى ابن ماجه وضعف إسناده.
(3)
رواه أبو يعلى في "المسند"(2585).
(4)
تقدم تخريجه قريبًا.
(5)
رواه الطبراني في "المعجم الكبير"(11310)، والخطيب البغدادي في "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع"(1/ 323).
عن ابن عمرو رضي الله عنهما، ورجاله رجال الصحيح (1).
وروى في "الكبير" بسند ضعيف، عن ابن عباس: أنه حمل حديث: "من كتم علماً" على كتمان الشهادة (2)؛ وهو من أخلاق اليهود والنصارى أيضاً.
وروى البيهقي عن عكرمة رحمه الله تعالى قال: قال ابن عباس رضي الله عنهما: انطلِقْ فَأفْتِ الناس وأنا لك عون، فمن جاءك يسألك عما يعنيه فَأَفْتِه، ومن سألك عما لا يعنيه فلا تُفْتِه؛ فإنَّك تطرح عن نفسك ثلثي مؤنة الناس (3).
وروى الدارمي عن وهب بن عمرو الجمحي رضي الله تعالى عنه: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "لا تَعْجَلُوا بِالبَلِيَّةِ قَبْلَ نزولِهَا، لا يَنْفَكُّ المُسْلِمُونَ فِيْهِم إِذَا هِيَ نزَلَتْ مَنْ إِذَا قَالَ وُفِّقَ وَسُدِّد، وإنِّكم إِنْ تَعْجَلُوهَا تَخْتَلِفْ بِكُمُ الأَهْوَاء، فَتَأخُذُوا هَكَذَا وَهَكَذَا"(4).
وعن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: أنَّ رجلاً سأل عن شيء فقال له: لا تسأل عما لم يكن؛ فإني سمعت عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه يلعن من يسأل عما لم يكن (5).
(1) رواه الطبراني في "المعجم الأوسط"(5027). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 163): رواه الطبراني في "الكبير" و "الأوسط" ورجاله موثقون.
(2)
رواه الطبراني في "المعجم الكبير"(10845).
(3)
رواه البيهقي في "المدخل إلى السنن الكبرى"(ص: 440).
(4)
رواه الدارمي في "السنن"(116).
(5)
رواه الدارمي في "السنن"(121).