الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
99 - ومنها: رفع القبر عن الأرض أكثر من شبر، وتسنيمه
.
روى ابن أبي عاصم عن معاوية رضي الله تعالى عنه أنه قال: إن تسوية القبر من السنَّة، وقد رفعت اليهود والنَّصارى فلا تشبهوا بهم (1).
وإنما قيدنا بالرفع بأكثر من شبر؛ لأنَّ هذا قدر ارتفاع قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم كما روى ابن حبَّان في "صحيحه" عن جابر (2).
وأما ما رواه مسلم، وأبو داود، والنسائي عن أبي علي الهمداني قال: كنا مع فضالة بن عبيد رضي الله تعالى عنه بأرض الروم بِرُودَس، فتوفي صاحب لنا، فأمر فضالة بقبر فسُوِّي، ثمَّ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بتسويتها (3).
وعن علي رضي الله تعالى عنه: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا أدع قبرًا مشرفاً إلا سويته، ولا تمثالًا إلا طمسته (4).
فالمراد بالتَّسوية فيهما، وفي كلام معاوية: التسطيح لا التَّسوية
(1) قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(3/ 57): رواه الطبراني في "الكبير" ورجاله رجال الصحيح.
(2)
رواه ابن حبان في "صحيحه"(6635)، وكذا البيهقي في "السنن الكبرى"(3/ 410).
(3)
رواه مسلم (968)، وأبو داود (3219)، والنسائي (2030).
(4)
رواه مسلم (969)، وأبو داود (3218)، والنسائي (2031)، وكذا الترمذي (1049) وحسنه.
بالأرض جمعاً بين الأحاديث كما نقله النَّووي عن الأصحاب (1).
ومذهب الشَّافعي رضي الله عنه: أن تسطيح القبر أفضل من تسنيمه، واحتج بحديث فضالة وعلي رضي الله تعالى عنهما كما نبه عليه الحافظ ابن حجر العسقلاني في "تخريج أحاديث الرافعي"(2).
وعن أبي حنيفة، ومالك، وأحمد رضي الله تعالى عنهم: أن التسنيم أفضل، وعللوه بأن التَّسطيح صار شعارًا للشِّيعة، واحتج له (3).
قلنا: إن السنة لا تترك لموافقة أهل البدع فيها لأنه معارض أيضًا بأن التسنيم من شعار أهل الكتاب.
ثمَّ إن التسطيح هو ما عليه قبر النَّبي صلى الله عليه وسلم وقبر صاحبيه رضي الله تعالى عنهما كما روى أبو داود بإسناد صحيح، عن القاسم بن محمَّد رحمه الله تعالى قال: دخلت على عائشة رضي الله عنها فقلت لها: اكشف لي عن قبر النَّبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه، فكشفت عن ثلاثة قبور لا مشرفة، ولا لاطية، مسطوحة ببطحاء العرصة الحمراء (4).
أي: لا مرتفعة كثيرًا، ولا لاصقة بالأرض.
(1) انظر: "المجموع" للنووي (5/ 259).
(2)
انظر: "التلخيص الحبير" لابن حجر (2/ 134).
(3)
انظر: "الشرح الكبير" للرافعي (5/ 223)، و"المجموع" للنووي (5/ 259).
(4)
رواه أبو داود (3220).